عرض مشاركة واحدة
قديم 12/02/2010, 06:01 AM   #55
عبير محمد الحمد
شـاعـرة و كــاتـبــة
افتراضي


(رسالة الصحْو من الأجواء الغائمة)
.

.
.
إلى أخي العزيز: ( J )
مع خالص الدعوات والصلوات ..
..
..
..
من كوخك الصغير هناك في بريطانيا الباردة
تكتب فوق النوافذ وتهجُرُ الورق!
أعرف أنك تكرهُ تخليدَ تلك اللحظاتِ الرمادية -كما تُسمّيها- في ذاكرتك الحديديةِ
التي لا تترك شيئًا يضيع!
ولكنّ اللحظاتِ تدوّن نفسَها في المسافة التي تفصلُك عن الوطن
وكلِّ الأحبة في الوطن
لتمتدَّ كجسرٍ عملاقٍ
يربط غربَ الكون بالشرقِ الذي تُشرقُ فيه الشمسُ آخِرًا آخِرًا !
.
.
وأنتَ هُناك
تكتبُ فوق ضبابِ النوافذ عن كآبة الناسْ
وكآبة الأشياءْ
وكآبة الكآبةْ!
..
يهطل مطرٌ .. ويسقط ثلجْ
فتتذكرُ حروفي في ومضةٍ خاطفةْ
كتلك التي تجعلنا نتذكر أبعدَ الأشياء عن ذهننا دون إرهاصْ!
(وتبتسمُ ربّما)
للشوارع المبلّلة المُوحِلَةِ المُوحِيَةْ:
" لو كانتْ عبير هُنا لكَتبَتْ على إيقاع الهطْل مئةَ قصيدة "
هكذا كنتَ تقولُ لنفسك
فيما المطر يُلهِمُكَ الومضةَ الخاطفة!
.
.
للغربة مذاقُها المُرّ .. وللأقلامِ حبرُها المُرّ .. وللكلمات وقعُها المرّ
وللمطرِ .. حلاوةُ كلِّ ذلك
يسرقُها منك
ويتركُك مبلّلاً.. باردًا.. حزيناً
.
.
تشجّع فقط
فأنت خير من يتقن عَقْدَ العَلائق الحميمة مع الأشياء التي تتنكّرُ لنفسِها
وتهربُ من أمكنتِها بحثًا عن صديق!
تشجّع فقط ..واحضن صديقتك canon الوفية
واترُكْها تلتقِطُ بِـ صَمْتِها البليغِ
صورةً حقيقيةَ الملامحِ لكلَّ ماملأتَ به أيامَكَ
من كلماتٍ تنسابُ فوقَ سُطوح الضبابِ الباردةِ
كـ أُمْثُولةٍ فيزيائية خالصة!
واسرقْ بِها صورةً لوجهِكَ قبلَ أن تبخِّرهُ الشمس!
..

ولو ملأتَ أشياءَ أخرى بالكلام ( دفاتر/ حيطان/ ملفات word /ذراع شريكك في السكن)
فلا تنسَ صديقةً وعدتَها
أن تكتب عن طريقتِها اللاّمباليةِ
في الدّلوف إلى عُقرِ دارِ السآمة الحقودةْ
بفضلِ الهُراء الذي لا يُعيرُ اهتمامًا للمتاعب
فَتشعر كلُّها بالخِزْي والتهميش
وتهربَ بعيدًا عن مشاريعِكَ تاركةً مكانَها ضِحكة كبيرة!
تذكَّرْها رُجوعًا رُجوعًا
كما في ذكريات المستقبل المتسارعة عكْسًا
أثناءَ سيْرِ الحافلةِ معكوسةِ المَقاعِدْ!
تذكَّرْها
فقد كانت تجوب جادّتَكَ ذهابًا إيابًا
وتدسُّ رأسَها في نوافِذِ الحيِّ المُستّرةِ بالشيفون المتظاهرِ بالخَجَل!
وتتطفل على مِرْآب جيرانك
لتتأكد أن السياراتِ هناكَ مَقاوِدُها إلى الجهة اليمنى من مَقْصُورة القيادة
ثمّ تضحكُ رُغم غُربتِكَ التي تتملّكُها اللحظةُ
مُردّدة في تَغاضٍ: ألله وناسة / الله تَرفْ
يالـَ بْريطانيا العظيمةْ .. يالـَ قُوقل مابز!
.
.
المرسل:
صديقةٌ من الشرقِ الأوسَطِ (غيرِ) البَهيجْ!

.
.
عبير محمد الحمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس