عرض مشاركة واحدة
قديم 12/01/2011, 10:39 AM   #22
أريج عبدالله
كاتبـة
 
الصورة الرمزية أريج عبدالله
افتراضي


8/2/1432هـ: روحٌ ترجو الانتماء.


اكتشفتُ ذلكَ مُؤخراً.
أن الغربة اختارت رفقتي منذُ أمدٍ من فرطِ طوله ما عدتُ أحصيه.
منذُ أن كنتُ طفلةً تجمعُ شعرها في جديلتين وأنا لا أعرفُ كنه الانتماء.
لم أكن أنسجم مع فتياتٍ يشاركنني سنوات العمر، وما كنتُ أستطيع الانخراط في عوالم ضخمةٍ يعلو صوتها من حولي.
كانَ إحساسُ الغربة يشدني إلى زاوية العزلة،
وكلما كبرت، كبرت معي عُزلتي.
حتى مرَّ بي زمنٌ ظننتني أفلتُّ فيه مفاتيح الاتصال مع البشر!
التحفتُ الصمت،
وغافلتني الأيام وهي تجري على عشرٍ.
وها أنا اليوم أصارعُ للخروج من هوةٍ مُتخمة برائحة الاغتراب.
لم أشعر يوماً بالانتماء. : )
لم أنتمِ إلى تلك الحارة التي دفنت تحت أرضها طفولتي، ولم تكفل لي أزقتها يوماً بعضَ الأمان.
و ما حصدتُ انتمائي بينَ شوارع جدة الواسعة، ولا داخل منازلها التي ترتدي حلة الازدهار.
لم أنتمِ إلى أهالي الحارات الطائشة، ولم تتصالح معي ضوضاؤهم المُفعمة بالسهرِ والغناء.
و ما وجدتُ نفسي في حاضرٍ أصاب الناسَ فيه وباءَ التكبر و الخواء.
لم يخلق الله ضلعي في صدر عائلة تثبتها جذورٌ فارعة،
وما أسرَّ إلي القدر بحقيقة أرضي الأولى.
لا عائلة، ولا موطن، ولا أصلٌ ثابتٌ
أبني عليه هويتي.
و الناسُ من حولي أفواجٌ تتكاثرُ ، وفي كثرتهم أتيه.
الكل في فلك، وأنا وحدي أسبحُ في فلك.
أكان ذلك وزرَ مجتمعٍ لم يقبل باحتضان فجر طفولتي،
أم كانّ خطئًا ارتكبه والداي حينَ تشاغلا عن ترسيخ ثوابت الانتماء في صدري؟
لطالما أسررتُ بحديثي هذا إلى الله،
و لطالما بعثتُ بتساؤلاتٍ يتيمة إلى صدرِ السماء.
لو أنَّ الله خلقني في عهدٍ آخر، في زمنٍ ماضٍ، أو غدٍ آت،
أ سأجدُ في أركانهم بذور الانتماء؟
ماذا لو أنني أضعفُ من أنتسب لبني البشر،
ماذا لو أنَّ الله وهبني طاقة فكرية ستكونُ أقوى لو أنها تلبَّست آثاراً كونيةً أُخرى؟
ماذا لو خلقني الله في هيئة طيرٍ لا يشغلهُ سوى الغداة والرواح،
أو قطرة في غيمٍ يكونُ في سقوطها حياة؟
ماذا لو كنتُ شيئاً غير محسوس،
فجرٌ يلملم الجراح، أو شمسٌ توزعُ زمر الضوء كلَّ صباح؟
لو كنتُ ليلاً توقظُ فيه المشاعر وُتسدل على إثره الأجفان،
أو مجرد ربيعٍ يقطف الأحزان، أو ربما خريف يحضنُ العشاق؟
أكان الانتماء سيتسلل إلى روحي من خلالهم؟
أم أنَّ الأوانَ قد فات، و لم يلحظ الكون أن خُطى الغُربة كانت تقترب،
حتى بلغت مني حد الالتحام! .
توقيع :  أريج عبدالله

 

و إن طال بي الغياب،
فلتُبقيني "الذكرى الطيّبة" حاضرة بينكم.
آل المطر: أحببتكم، وسأظل.


أريج عبدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس