منفى روحي

[مريم الخالد]

صوتُ ديك ٍ مزعج ْ ... يوقظ ُ غفلتي لصباح ٍ عابس ٍ عــُنوه ...! تستيقظ ُذاكرتي غاضبة ً تريد ُنحرَ صوتـِه ...! لكنه هرعَ طائرا ً ...! طائرا ً ...! ديك يطير ...! سحقا ً ...! لا ضير ْ ...! فكل ُّ شيءٍ ببلاد ِالمنفى ممكنْ ....! أخطو خطواتٍ مثقلة ٍ بالهموم ْ ..... ونـَـفـَــسٌ متقطع ْ وكابوسٌ آخرَ مشئومــ...! أختلسُ النظرَ مرة ً أخرى لنافذة ٍ تطلُّ على شوارع ِ البعــــدْ ... شوارعٌ منسية ...! أرى سياراتٍ كثيرة ً تسير ْ.... أكيد إنها تسيرْ ... وهل ستطيرُ كذاك الديك ْ...! لـِـم ِ لا ...! فكل ُّ شيء ٍ بالمنفى ممكنْ ...!

 

[مريم الخالد]

و شمس ٌ حارقة ٌ تزيد من حمَّى روحي ... وحرارة ُ شوقي ... وعطشُ قلمي اليتيمَ للكتابة ِ يجذبـُـني صوتُ الأطفالْ ... صدى ضحكاتـِهمـــْ يخترقُ نافذتي المغلقة أمامــَ تيارات ِ الوصالْ ... عصافير ٌ تعتزلُ التغريدَ على أطلال ِ شرفة ِهجراني الموحشة َ نظرات ٌ تخترقُ المسافاتْ .. وتخترقُ خصوصيتي ... شعاعــُـ نور ٍ برتقاليا ً يخترقُ عتمتي من جديدْ ... لا أريد نورا ً فالشمسُ تعلنُ انسحابها بخجل ٍ أمامــَ حضور ِالقمر ِ ليستحلَّ عرشَ الظلامــْ سأكتفي العيشَ بعهد ِالظلام .....! . . . . أتسامرُ كثيرا ً معَ الظلامــْ .... سنذهبُ لنحتسيَ قهوة ًمرة ً كمرارة ِ أيامي زوبعة ٌ داخلَ ذاكَ الفنجان القاتمـــْ ومعركة ٌ تدورُ رحاها بين ذكرياتِ الأمس ِ وحاضر ِاليومــْ اضمحلال الأمل ْ ألمٌ ... حزن ٌ فشلٌ ... فشل ْ أرى أناملَ الفشل ِ تتسلقُ أسوارَ الفنجان ِ ويحاولُ إنقاذ َ نفسـِهِ والهربُ من الغرق بأغوار ِ الظلامــْ قد فات الأوان ....! سأحتسيه كالعادة وأتلذذُ بمرارتـِه ِ سألعقُ بأصابعي بقايا البنِّ في قعر ِ الفنجان ِ كي لا يبقَ أيُّ ملامحَ لفشلي وكي لا يختلط ُ مع الماء ِ فيتكاثرُ ويتسللُ عبرَ مواسير ِالمدينة ِ فيشار علي َّببنان الشفقة ويهمهمون .... ها هي تلك الحزينه ... حينها يذاعُ أمري ويعلو صيتي ويأتي إليكَ أحد المدركينَ عن بأسي ويخبركَ عن فشلي الذي أبعدني عنكْ...! . . . .

[مريم الخالد]

قررتُ الخروجَ اليومــْ علـَّـني أرى ملامحكَ عبرَ عيون ِالناس ِ الضالة ِلدربِ الرجوعْ ماذا أرتدي ...! فستاني التركوازي اللون قد فقد ملامحه وفستاني الأرجواني قد تحلل وظهرت تلك الثغور التي أحدثتها تلك الجراح أثناء هروبي من أحد الدروب ، كان هنالك الكثير من الورود التي ضممتها بين ذراعي لأكتشف بأنها مليئة بالشوك أما فستاني الوردي فقد مزقته قبل رحيلي عنك اذن ! سأرتدي عباءة ً تخفي ملامح َ كل ألواني القديمة المهترئة مشيتُ وسط َالزحام ِ عبرَ شوارع ٍ ضيقة ٍ لا تتسع ُ لمرور ِ الكثير من الألمــْ ... عيونٌ كزخاتِ المطر ِ تلاحقني... أهربُ منها وأدَّعي انشغالي بنفض ِتلك الجراحات السابقة الملتصقة على عباءتي القاتمة كي أستقبل جراح َ تلك النظراتْ .... كما ينفض ُ العصفورُ المبللُ عن جناحية حبات المطرْ وهروبي من نظراتهمـ ... هروب متعب ٌ هو محبوبي ... هروب ٌكالسفرْ

[مريم الخالد]

عمــَّ الظلام ... ولمــْ تشتعل بعدُ فوانيسُ الشوارعْ وأصبحَ المارون من دربيَ الضائع ْ يتخبطوني ... ويطأونَ على أحلامي بأقدامهمـ وينفونَ خرائطي بأقلامهمـ ويدَّعونَ عدم وجودي ألأنني أصبحت ُ جزءا ً من الظلامـــْ ! . . . !!!!

[مريم الخالد]

هنا وهناك وفي كل شارعــْ وعند كل تقاطعــْ أرى ح اجتي إليكَ في عيون ِ كلِّ طفل ٍ جائعـــْ ........! ليتك معي ~ ~ ~ لا بأس كــ حلمـ ٍ ضائعـــْ .....! و....ليتك لحزني تعي ....!

[مريم الخالد]

يلاحقونني يا نجمي يلاحقونني يا حلمي يقولون بأنني ارهابيــَّة وسيحللونَ سفكَ دمي إن مازلت َ كالنبض ِ ...تسكنُ بي َّ! تصورْ أن تـُجلدَ أحلامي .... سيجددون بالألمــ ِ إلامي...! .... وَســـ يعلقونَ قلبي على عتبات جرمــِ العشق وأقتلُ بسهامــ ِ عيون ِ الحاقدينَ والحاسدين َ والغافلين عن طهر الهوى ..... وتأتي العاشقات من بعدي ويلملمن َ قطرات حنيني ويرسلونها إليك وعبر تراشق حبات المطر..... تتناثر خطواتها عنك..... نعمــْ ....مرة ً أخرى..........! نعمـــْ سأرحل عنك مرة أخرى سأفعلها وأفعلها وسأرحل ولن أبق َ لوقت ٍ طويل ...... فالرحيل أصبح يسير ْ على قلبي العليل ...

[مريم الخالد]

تخيلْ !!



حفنة ٌ آخرى



من عمري



سـ تتأجـَّـلْ !



هنا بالمنفى !

[مريم الخالد]

قلت لهم بأن الحب يغيرُ الأشياء َ ويحول الطلاسمــ ْ إلى معالمــْ ويغيرُ الرموزَ الى مفاهمــْ وباستقباله تتزين نيسان ُ بأجملِ البساتين وتتبرجُ ثغرُ الفراشات ِ بأجملِ الألوان وتفوحُ من جسدِ قصائدَ العشق ِ... عبقَ الرياحين وتكتسي لحضوره الأرضُ بأروعِ الفساتين وتدفئ بتفاصيله ِ صقيع ُ تشرينَ قلتُ وقلتُ وقلتْ ..... لا فائدة.......! فشلت ْمحاولاتي الخرقاء وضاعت آمالي كلها بالهواء ضحكوا ضحكة ً صفراء َ سخروا مني ولاحوا بوجوههم عني وأكملوا نحري حتى الإعياءَ

[مريم الخالد]

وهنا بالمنفى
لا يوجد أحمق ٌ لينقذني
لم يعد هنالك عيونٌ
غيرَ عيون ِغفلتي الشمطاء !

[مريم الخالد]

وبقيتُ وحدي هنا أناجي طيفكَ الذي لا ينفكُّ عن مغادرة خيالاتي وأعودُ للتحدثِ معه ومسامرته علني أستشفُّ من بعدك وأهنأ بوصالك أيا غالي وأعودُ لوجع ِ لياليكَ الموحشة في غياهبِ الرحيل وهنا بمنفى روحي تضيعُ لحظات ٍ أمارس فيها نسيانك ليعودَ خنجرُ ذكرياتكَ فينغرسُ في صدر ِ البعد وأتراجع لأشهرَ أمامـ تحدياتِ الألمــْ علمـ السلامـ فيعلن الشوق استسلامه هروب ما بعده هروب وبينما أنتظر الشروق ...... تحتضرُ نفسي على دربِ مساراتنا الفاشلة وتنفي من الخريطة تلك الخطوط السوداء التي سلكناها في منفى أيامنا