عرض مشاركة واحدة
قديم 07/10/2009, 06:48 AM   #6
فتحية الشبلي
فراشة المطر
 
الصورة الرمزية فتحية الشبلي
Smile أهلاً بضيف البراح ..




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة لرواد البراح وسيد البراح وضيف البراح الفاضل / علي عمُر الفسِِـى

بداية ً يسعدنى جداً ويشرفنى أن أغوص فى خِضم القراءة المتواضعة لهذا القلم الباذخ والذي أقف أمامه برهبة ٍ وإجلال .
فاللكاتب رهبته وللقلم قوته ، ولكنى سأحاول وبكل تواضع أن أستقرئ بعضاً من ماورائياته المميزة .
للكاتب نصوص عديدة زين بها مساحات ولكن نصه المميز ما ورائيات يظل أكثرها عمقاً فهى سلسلة تعتمد على فلسفة غائرة في العمق تكاد تنتمي إلى الميتافيزيقا التي تشير إلى ما وراء الطبيعة ، كذلك هذه النصوص تشير إلى ماوراء المعني فالقارئ العادى الغير متمعن لا يستطيع سبر غور المعنى اللاورائي الذي يقصده الكاتب
ولو نظرنا إلى هذه النصوص نجدها فلسفية الي حد ما وربما لكل قارئ منا نظرته ، وإستنباطاته ، وتفسيراته التي قد تختلف عن المعنى الذي يقصده الكاتب وهذا في حد ذاته يحمل بين طياته دلالة ً واصخة علي عمق الكاتب ، وتفرده .
فضلاً عن ذلك فإنى كلما قرأتُ للكاتب أجد نفسى فى عالم ممتد من البلاغة اللُغوية المدهشة .
فهو يستخدم جملاً تعبيرية مؤثرة ومدهشة فى آن واحد أحياناً وبصدق يصعب على إستعيابها فأجد نفسي رهينة الدهشة ، وسبية الإنبهار الآتى من سحر القلم فتقف كلماتى عاجزةً أمام هذا الزخم المتتالى من جماليات اللغة .


فى ماورائيات 6

نجده يقول .....

رأيت فيما يرى النسيان

قصيدة ً تمشي حافيةَ المعاني ..

فوق قممٍ مدبَّبة البلاغة .. والحروف

ومازال هناك مُتسعٌ من الخريف

لأحرثها علي جسدي ..



هنا نجد بلاغة فى التعبير ، وفي ثنايا النص حزن ونحيب صامت .
هل هناك ثمة قصيدة تمشي حافية المعانى فوق قمم مدببة من المعانى والحروف .. أمر صعب بالتاكيد !!
فهذا التناقض المُثير يحمل بين طياته إثارة وتشويق للمتلقى ، ويحفز الرغبة لديه للغوص أكثر للوصول الى المقصود ..!!
وان كان كما يقولون المعنى فى بطن الشاعر ألا أن هذا الجمال يغري بالغوص فيه كمحاولة للوصول إلي المعنى العميق الذي يقصده الشاعر

من خلال قرائتى المتواضعة للمبدع / الفسى لاحظت ان هناك نوع من الحزن القابع فى زوايا النفس مما يضُفى علي نصوصه مسحة حزن ، تكاد تطفو على معظم نصوصه ربما حزن على ماضٍ ما أو فقد ما ، أو واقعا ما ، أو ربما يكون حزنا تراكمياً ، سكن بذات الشاعر ، ولهذا تأتى نصوصه متوشحة برداء الحزن فجاءت أكثر تأثيرا ً فى المتلقى
فالكتابة عند الشاعر هنا تلعب دوراً حيويا فى إخراج مكنوناته والتنفيس عنه ، لذلك نجده يكتب وكأنه يسكبُ أوجاعه علي الورق
هنا نجده يقول
من ما ورائيات 7 ...

ممحوٌّ اسمي من شاهد قبري الرسمي
فأنا ميت من ألف مخاض
هو ذا شرياني المتوحد فيك
مازالت تمتصهُ ياقات بيضاء
في أرخص ليلٍ مجلوَّ النجمات
هي ذي روحي المنخوبة بين فراديس التيه
هو ذا عيشي
هو ذا ملحي
المحشورَين .. بين فضاءِ الإيقاع الهمجي والفوضى
و نافلتين
و لساناً مشقوق النبرات
هي ذي .. رسائل غيم أقرأها
حريرية
فأقرأ عجزي الـــ ...
وتنام رغباتي في الظل
هي ذي رؤياي أنثرها


الله على هذا الإنسكاب ، الذات الموجوعة تتحدث هنا عن أوجاع مصحوبة بخيبات أمل ، ربما ناتج عن فقد ، أو فراق قسري خاضع لظروف قهرية فجاءت الكلمات هنا معبرة ، وموجعة، ومؤثرة إلى حد الألم وربما حلاوة التعابير المنتقاة قد أضفت علي الألم نكهة لذيذة


كلانا .. كان يمشي في خط متواتر
هو ذا عش
هو ذا .. نعش
هي ذي قسمات الرحيل
تتدلى كالبندول في ذهني
رحيلٌ نضطرُّ إليه
لكي نبقى مجرد ساعة من عدم
وأرقام الساعة ممحوّة



هذا المقطع فيه من الحزن والبلاغة التعبيرية الشئ الكثير ، فألم الفراق والرحيل أنسكب وجعاً ، وأهات حرى ، وحسرة وألما ، على الورق ، فجاءت الكلمات على سجيتها وجاء نقل الكاتب لهذا الأحاسيس موفقاً لدرجة الذهول !!!

أيضا نجد الكاتب يغرق فى الرمزية كثيراً ، مما يستعصى على المتلقى العابر سبر غور المعنى ، الذي لا يمكن الوصول إليه ألا من خلال قراءة متأنية ، ومتكررة، وعميقة فكتاباته أشبه ببئر ٍ عميق لا يمكن الوصول إليه ألا بجهد جهيد .
والرمزية التي يعتمدها الكاتب في كتاباته تعد مُحببة ومُغرية فيها نوع من إستثارة ذهن القارئ لفك طلاسمها وفهم معانيها .
وليست تلك الرمزية المُبهمة التي تثير ملل القارئ وتقتل رغبتهُ في الأستمرا ر في القراءة .
والرمزية هنا قد تكون سياسية فيها إشارة إلى رفض ما ، أو إستنكار أو ما شابه ، وقد تكون إجتماعية يرمز من خلالها إلى وضع سيئ أو ظروف قاهرة أو ما شابه .

وكما قال السيد / الحمري فأن ماورائيات هى مسكوبة ومنبثقة من ذات الكاتب


ولعل هذا المقطع من نص ماورائيات 8 دليل على ذلك

زيت قناديلي من ذاتى .. فذاتى ... تُذيب ثرثرتها فى فنجان ... وتسكبهُ فى القناديل
بعضى ينتشى تعباً .. عرقاً ... وبعضى مازال مبهوراً ببقايا حُلم



ففيها إحتراق داخلى بذات الكاتب وما هذه الكلمات سوي تعبير عن هذا الإحتراق ولعل الفنجان هنا هو الورق الذي يحوي هذه الكلمات
فلسفة جمالية مبهرة جداً ..!!!!

ولعل الشاعر هنا يتخذ من الماوراء عباءة يخفي ورائها ما يمكن أخفاؤه من مشاعر ، أو خيبة أمل ، او حزن فيغلفها بتفنن حتي لا تشي به
ولعل هذا المقطع أكبر دليل على ذلك التخفى .

من ما ورائيات 8


قنديلى يخلق لى ظلاً ، وكم تعب ظلي يتبعني ، شفتى يهزها برود الهروب ، وليس بيني وبين اشتهائي سوي وهج لُغتى وليس بيني وبين لُغتى سوي كلمة أو كلمتين ، أخاف ان تشي بي ، فيجبروني ان ألبس بزة المهرج وأقضى ليلتي مع العناكب وأظل حتي الصباح أذرفُ الظلام ، ودموعى تبللني


لُغةً مدهشة ومؤثرة وبليغة إلى حد الترف وفيها من التخفى الشئ الكثير ،
هنا أقف عاجزة عن أى تفسير أو تبرير لما كان عليه حال الكاتب هنا لحظات كتابة هذه الكلمات المعبرة

فضلاً عن سلسلة الماورائيات نجد الكاتب قد كتب عدة نصوص رائعة ومعبرة
وهذا نصه الجميل الذي يشدنى كثيراً لما فيه من تعابير صادقة عن الغياب
فيقول في نصه ( على صفحات الغياب )

كغربتي


هذا البعد مني


كضني كالمسافات الطويلة


كحياة دون مال كالردى كالموت غيلة


هنا يشبه الشاعر البعد والغياب بالمسافات البعيدة ، ثم الحياة بلا مال والتي تكون بالتأكيد صعبة ولا يمكن استمرارها علي اعتبار ان المال وسيلة للعيش فيها .
ثم شبهه بالردى والموت غيلة
تشبيهات وكنايات موفقة كثيراً ومعبرة اكثر
ونجده يقوا ايضاً


أنقذيني .. يا خليلة


عـلَّـني أغدو ملاكاً ..


جاب دنياه بليلة ..


ليقول في هواك شعراً


فانصتي لي كي أقول


كي أقول ..


أنك نارٌ ونور


وأنك ..دنيا جميلة


أنك صمتٌ يثور


في ليالينا الخجولة


لك أيام الحبور
ومسافاتي الطويلة


..


الله على هذا الجمال المسكوب بسخاء ... هنا شبه الحبيبة بأنها نار ونور مزيجان متناقضان
وانها صمت يثور ، بلاغة وإزدواجية مدهشة صمت ويثور !!!


أكتفى بهذا القدر من القراءة لأترك للآخرين المشاركة ، فبقدر خوفى من الولوج إلى هذا المتصفح الثري بقدر سروري وإبتهاجى بهذه القراءة لهكذا كاتب مميز ..
شكراً للكاتب الشاعر / على عُمر الفسِى
وشكراً موصولة للناقد سيد البراح الأستاذ / سعد الحمرى
وشكراً ثالثة لـ كل من ترك بصمته هنا ولكل عابر من هنا

مودة و تقدير و أحترام / للجميع وهذه
توقيع :  فتحية الشبلي

 https://www.facebook.com/fathya.alshbly?ref=tn_tnmn

فراشةٌ تلتمسُ النُور ....


فتحية الشبلي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس