عرض مشاركة واحدة
قديم 18/04/2010, 12:43 PM   #11
جهاد خالد
[ . مَلائِكيّـة . ]
 
الصورة الرمزية جهاد خالد
افتراضي

وكنت مــارّةً ذاتَ صيفٍ حينَ عصرْ..
وإن لهذا الوقت في نفسي لحكايا أبثها في الشمس والزرع فتأتيني صوراً من حياةٍ غيرَ الحياة!
ولمحتُ بيتاً لا كتلك البيوتِ التي تصنعها المدنية من حجرٍ وطلاءٍ وزيفْ ، لكنه بيتٌ صنعته الأرضُ من طينٍ وقشٍّ وفقرْ!
كان البيتُ في وسط حقل امتزجتْ فيهِ الخضرةُ بالصفرة فكأنما تؤازر الصفرة البيتَ وتشاركه وتبعثُ الخُضرة فيه الأمل.
وأرسلتُ خيالي خلف عيني فلمحتُني هناكَ حيثُ باب البيت،وأسرفتُ في الخيال فتصورته بيتي، ثم أني بالغتُ فصنعتُ بخيالي قصة حياتي هناكْ!
***
كنت في تلكَ الحكايةِ طفلة لم تتجاوز السابعة
لها ضفيرتان ذهبيتان لا تدري أولِدتْ بهما أم أن الشمس لفحتهما فبخّرتْ سوادهما!
ولها مقلتان نابضتان بالحياة ، وثغر يتكلم بالفرح ، وجسد نحيل كأعواد القمح الأصفر التي تُحيط البيت.
كانت تلهو وتلعب هنا وهناك ، وكأنّها على أرضٍ في خيالها هي وتحت سماءٍ من صنعها هي، وفي حياةٍ ترسم فيها بأقلامها ما تريدُ من أحداثٍ وتمحو ما لا تُريدْ.
ونادتها أمها لتناول الغداء فأبت قائلة: لقد أكلتْ
فتعجبت الأم وتساءلت : أينَ يا فتاة وأنا لم أطعمكِ ولم يُطعمكِ أحد
فأجابتها وهي تركض في قفزاتِ لاهية: لقد أكلت مع أسماء
- ومن هي أسماء ؟ وأينها؟ أنا لا أرى احداً
فأشارت بإصبعها حيث بقعة خضراء من الحقل:
- هناك يا أمي
-أنا لا أرى أحداً يا بنيتي
فضحكتْ مجلجلة بشكل طفولي وركضت إلى حيث البقعة ونظرتْ كأنها تنظر لشخص وتحدثه
ثم قالت:
-أنا فقط من أرى أسماءَ يا أمي ، لن تريها أنتِ
ذهلتْ الأم وراحتْ بها الفكرة وجاءتْ وركضتْ إلى حيثُ ابنتها
وهزتها بخوف قائلة:
-ماهذا الذي تقولين ، هل ترين أحداً !! تكلمي
أخذتِ الرجفة فرحة الفتاةِ إلى ذهول وخوف فارتعشتْ
وسمرتْ عينيها مقابل مقلتي أمها وبدأتْ عيناها ترقرق بالدمع
فكررت الأم في فزع :
-أجيبيني يا بنت ما هذا.!!
بكت الفتاة بألم شديد وانفلتت من بين يدي أمها وتكورت على الأرض تبكي
-كانتْ لعبة يا أمي ، كانت لعبة ،
لقد رحلتْ أسماء خوفاً ، لقد رحلت!
***

وعدتُ إلى حيث كنت ،
وياليت أن الكبار يتركون للصغار أحلامهم دون فرض سُلطة الواقع المُفزعِ من أجلْ .. غداءْ!
توقيع :  جهاد خالد

 

جهاد خالد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس