عرض مشاركة واحدة
قديم 27/09/2009, 05:37 PM   #127
فتحية الشبلي
فراشة المطر
 
الصورة الرمزية فتحية الشبلي
افتراضي

تحية طيبة للجميع
عوداً حميداً أستاذنا القدير الناقد / سعد الحمرى إلى هذا البراح المتميز
وعذراً على التأخير فقد كانت برامج شهررمضان الكريم قد أخذت منا كل الوقت وهذه عودة إلى البراح النقدى مع ضيفنا المميز / بدر السارى
القارئ المتمعن لنصوص السيد / بدر الساري يجد شفافية رائعة ، تتجلى ماوراء السطور ليس بإمكان اى قارئ أن يستشفها إلا من خلال التمعن والتمحص هذه الشفافية تعكس لنا شخصية شاعرية برغم كم الحزن الذي نلاحظه فى معظم نصوصه ، والذي ربما قد لا يكون حزناً بالمعنى المفهوم للحزن ربما قد يكون فقداً لشئ ما ، ومتأصل بذات الشاعر وهو الذي يُضفي مسحة الحزن هذه على نصوصه المدهشة التى يتحفنا بها بين الفينة والأخرى
فنجده أصبح كـ طوق يطوق كتاباته ، ويعطيها ذلك الطابع المؤثر في المتلقى

ولعل نصه الجميل ( أنثى أخيرة أصدق تعبيراً علي هذه الشفافية المغلفة بنبرة حزن كامن ماوراء السطور
ومع ذلك نجد عذوبة الكلمات ، ورهافة التعابير ، ورقة المشاعر كانت واضحة في هذا المقطع حينما يخاطب أنثاه على هذا النحو )

يـَـا أنثى


تـَغـْتـَالُ صـمـْتَ اليـَاسـَمـِين

وَتـَنـْثـُرُهُ نـَاطِقـَــاً يـُبـَشــِّرُ بـِهـَا

تشـُــق صـَدْرَ الحـُزن وَتـَسـْقـِيهِ الـْمـُزن


بداية أورد السيد الحمرى عدة ملاحظات حول نصوص السيد بدر الساري وأوافقه الرأى فيها من هذه الملاحظات مايتعلق بشمولية النص بحيث انه يأتى شاملاً وكأنه يخاطب القراء فتأتى نصوصه وكأنها ملامسة لشئ ما متأصل فى ذواتهم شخصياً ، او بمعنى ً آخر نجدها قد لامست فيهم وتراً حساساً
بالإضافة إلى غزارة الألفاظ والمفردات اللغوية التى تزين نصوصه بما فيها من دقة فى المعنى وسلاسة ً فى التعبير الذي يبدو أنيقاً و مغرياً بالولوج فى دهاليزها ، بالإضافة إلى المسحةً شاعرية التى تكتنفها ولو ان الحزن يكاد يُخيم علي معظم الكتابات ، إلا انه فى ذات الوقت يُضفى عليها طابعاً متفرداً

ولعل موضوعه الجميل همسات أبلغ تعبير على ذلك
فنجده يقول مثلاً

ســ أهمس لهــــا
أن قـــيد الجـــراح صفـّد الضـــوء في الصـــباحات
ومــــزّق وجـــه الـــريـــح
أســــدل الحــــزن في الشــــوارع وعفــّر الحبــر بالرمـــاد
قبــض على الأحـــــلام
ووزع الحســــرات مثنى وثلاث
غـــاب أعـــــوام ولـــم ينـــدثــر
إندسّ بين النســــيان والذكـــــرى
وعنـــــد إســـتفاقتـــه إســـتفاق مــارد بغيض
يحطـــِّم كل شيء ويـــزرع الأرق والســهر
ويعـــمِّر مـُــدن الألـــم
وينغمــس فيّ حـــد الـــذبــح
فى هذا المقطع تتجلى براعة الكاتب فى التصوير ، والتشبيه ، فضلاً عن ذلك نجد إستخداماً لـ مفردات اللغة ضارب فى العمق ، ولاننسى مسحة الحزن والألم التي تطفو على سطح النص و تجعله أكثر إثارة ٍ وتأثيراً فى المتلقى كما جاء فى هذا المقطع
أســــدل الحــــزن في الشــــوارع وعفــّر الحبــر بالرمـــاد
قبــض على الأحـــــلام
ووزع الحســــرات مثنى وثلاث
غـــاب أعـــــوام ولـــم ينـــدثــر



ونراه تارةً أخرى يقول

ســ أهمس لها
أن وجهــي إمتـــلأ بالصقيــــع
وتناسى الدفء
بهــــتت إبتســـامته فــلم يعــد يملــؤها وجــهٌ مترف بالفرح
لــــم يعـــد يشـــرق إلا من خلف الليـــل
والظــــــلام يحطب الــــروح ويشـــعل جـــذوة البكــــاء
ولايهـــدمه سوى صـــوت الفجـــر المعلــــن تســـلق الوجع
ليــــوم جديــــد
وحــــزن جـــديــــد
وإنتظــــار مســـاء آخــــر أكثــر صخبـــاً وأعمــــق يأســــاً
يا . . فتنة الأشيــــــاء أيــــن وجهك
قتلني غيــــــابــــه



هنا نجد همساً من نوع آخر
همس يكتنفه بعضا من شجن . فنجده يشبه الظلام بالنار التي تجعل من الروح حطباً لها ، ويشعل جذوة البكاء بقبس من نيرانه ، قدرة خارقة على التلاعب بالألفاظ ، وتوظيفها فى موقعها فجاءت مؤثرة للغاية


هناك ملاحظة أوردها السيد الحمري في نصوص بدر فحواها
( أنه لايبكى على اللبن المسكوب أنه يؤجل ادخال أحاسيسه هو ككاتب فى الموضوع يطرح الموضوع برمته دونما نزف من قبله
حتى لكأن الموضوع رغم خصوصيته قد تنتابك للوهلة الاولى انك امام موضوع عمومى لادخل له البتة بكاتبنا.
)


فعلاً فـ بدر حسب ما أعرف انه إنسان يتمتع بقدر ٍ من الثبات والسكينة في حياته بصفة عامة ، وأستطيع القول بإنه إنسان سعيد فى حياته العادية
ولكن القارئ والمتمعن فى كتاباته ، يكاد يجزم بإنه مغمور بحزن عميق من القمة إلى القاع ، وهذا ما خيل إلى انا شخصياً ، فهو بحق قلم قادر على إستنزاف مشاعر الحزن وسكبها فى قالب مؤثر يجعل المتلقى يري فى النص صورة لواقع ربما يكون مشابه لواقع حزين يعيشه
وبطبيعة الحال هذه الميزة ، وهى إغراق الكاتب فى النص دونما نزف ودونما توغل فى أحاسيسه الخاصة ، تعد أمراً قلما نجد فى كتابات الكثيرين من الكتاب وخصوصاً الذين يعتمدون علي أسلوب الكتابة للحاجة التعبيرية
ومكابرة الكاتب هنا علي حد وصف ناقدنا الكبير والمميز سعد الحمرى
أضفت علي نصوصه حسب وجهة نظرى المتواضعة ، نوعاً من التفرد والتميز
فاعطى بذلك التفرد مساحة كبيرة لإشراك القارئ فى سرد النص بطريقة تجعل كل متلقي يشعر بإن النص ماهو إلا محاكاة او تعبيراً لواقع يحياه هو شخصياً

بخصوص هذه الملاحظة

( يقودنا ببطء فى نصوصه ولايدخل بنا عنوة فى اتون النص )

فهى ملاحظة في معظم نصوص بدر
فهو من النوع المتأنى فى الوصول بالقارئ إلي لب النص وجوهره
وربما القصد من وراء هذا التأنى هو تهيئة القارئ قبل الغوص فى غياهب النص والتي تبدو من الأمور التى تٌضقى على النص نوعاً من الإثارة والجاذبية المحببة والغير مملة
بصراحة قد أسهب السيد الحمري فى تناول كتابات بدر الساري ، فقد نظر إلى هذه الكتابات من وجهة نظر تحليلية نقدية مميزة ، جعلتنا نستمتع حقاً بصحبة هذا القلم المميز وجعلته يبدو أمامنا أكثر وضوحاً عن ذى قبل ، وهذا مجرد تعقيب لا أكثر فـ للنقد جهابذته وأساتذته ويكفينا شرفاً أن يكون بيننا فى المطر أحد هؤلاء النقاد المميزين كالأستاذ سعد الحمرى الذى لم يدخر جهداً من أجل أن تعم الفائدة الجميع هنا فكلنا أستفدنا من وجهات نظره وتعليقاته فضلاً عن ذلك ما يتمتع به من أسلوب فى العرض كان بحق راقٍ جداً وسلس وله الوقع الطيب فى نفوسنا

ختاماً تحية مكللة بالرياحين لضيفنا الكريم السيد الكاتب / بدر السارى متمنين له دوام التوفيق
شاكرين له رحابة صدره ، وسعة باله ، وأسلوبه المميز فى عرض المواضيع
والشكر موصول لـ سيد البراح الأستاذ الفاضل الناقد / سعد الحمرى
نلتقى مع المزيد من الأقلام المطرية المميزة بإذن الله
أحترامى للجميع وفيض مودتى ....
/
توقيع :  فتحية الشبلي

 https://www.facebook.com/fathya.alshbly?ref=tn_tnmn

فراشةٌ تلتمسُ النُور ....


فتحية الشبلي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس