عرض مشاركة واحدة
قديم 14/09/2009, 02:04 AM   #2
فتحية الشبلي
فراشة المطر
 
الصورة الرمزية فتحية الشبلي
افتراضي

وحي
سلاماً مُغلف بالأحترام لهكذا فكر و طرح عميقين
وسلم مِداد قلمك المنير المستنير
موضوع القدوة موضوع من المواضيع التي تهمنا في حياتنا بشكلٍ عام ، فلا غرو ان يكون لكل منا قدوته في هذه الحياة بدايةً من الأسرة ، ثم إلي المدرسة ، ثم إلي دوائر أخري أكثر إتساعاً كدائرة الأصدقاء ، والعمل ، وكل جانب يكون فيه نوع من الإحتكاك الإجتماعي ببنو البشر بصفة عامـة
فالأبوان مثلاً قدوة في البيت يستعير الأبناء منهما أخلاقهما ، وأفعالهما فالطفل يري ويسمع ، ويطبق ما يراه ويسمعه قولاً وفعلا ً وهناك حديث شريف للرسول عليه الصلاة والسلام يقول فيه عندما قال لإمرأة مع طفلها ما أردت ِ أن تعطيه
قالت / أعطيه تمراً ، فقال عليه الصلاة والسلام ( أنك أن لم تعطه شيئاً كُتبت عليك كذبة ) فالوالدين يمثلان القدوة للأطفال بلا شك
وكذلك المعلم قدوة لتلميذه ، والمعلمة قدوة لتلميذتها
فالمعلم الذي يدعم درسه بكلمات التوجيه الصادقة المخلصة ، والمواعظ الأخلاقية الحسنة ، ويقدم خلاصة تجربته العملية النافعة , ويُري من نفسه النموذج الأصلح ، لا يحظى بالوقار والتبجيل فقط ، بل بإتخاذه قدوة وأسوة أيضاً .
كذلك المعلّمة التي تأخذ بأيدي تلميذاتها من الفتيات المراهقات والشابات لتعبر بهنّ إلى شاطئ الأمان ، من خلال النصائح النابعة من القلب ، والفائضة حبّاً ورحمة وحناناً ، والتي تسلك في المدرسة والشارع سلوك المرأة العفيفة الرزينة ، هي أمّ ثانية ، وربّما نسيت بعض الفتيات جوانب من حياتهنّ مع أمّهاتهنّ اللاّئي ولدنهنّ ، لكنهنّ لن ينسين معلّمة قالت بصدق وعملت بصدق
وللأسف نجد الكثير من المعلمين والمعلمات ينجحون في طرق التدريس ، لكنّ هناك قلّة من المعلمين والمعلمات لا ينجحن كقدوة مؤثرة ، بل رحنا نصطدم بهذه القلة التي تقدم من نفسها نموذجاً سيِّئاً للمربّي الفاشل ، ولذا يجب على كل معلم ومعلمة الانتباه لدوره الخطير كقدوة للطلاب , ورسالته العظيمة في بناء الأجيال .
القدوة الحسنة نور يضئ امامنا دروب مجهولة ، ويعبد لنا طرق ممدوة ومستقيمة نسلكها فتكون لنا بمثابة المرشد المنير ، والإتجاه المستقيم

والإنسان بحكم كونه كائن ُ إجتماعي ، لا يستطيع العيش منفرداً عن غيره فهو من الطبيعي ان يحتك بغيره من البشر ، وهؤلاء البشر بلا شك يمثلون مزيجاً بين ماهو صالح وماهو طالح أي بمعني هناك من يكون مثالاً ونموذجاً إجتماعياً جيد وهناك من يكون مثالاً ونموذجاً إجتماعياً سيئاً
وكل إنسان يحرص علي وجود قدوة حسنة في حياته تنير له السبلُ وتكون له بمثابة مرجعية صادقة يُعتمد عليها ، في رحلته الحياتية
لذا فإن القدوة الحسنة تعد ضرورة حتمية ، ومطلباً أساسياً للجميع
فالقدوة الحسنة المتحلية بالأخلاق الفاضلة ، والشمائل الحسنة ، والطباع الجميلة
وأسلوب المعاملات الرفيعة ، والإرادة الجبارة ، والطموحات العالية ، والهمم المشحوذة ، تعطـــي إنطباعاً ، أو لنقل شعوراً بإن بلوغ هذه الفضائل والأخلاقيات يعد من الامور الممكنة ، مادام هناك أُناس يتحلون بمثل هذه الصفات المحمودة
والخِصال المرغوبة .
وطبعاً للقدوة الحسنة عدة مقومات منها الاخلاص لله تعالي في الأقوال والأفعال وهذا في حد ذاته مقوم عظيم من مقومات القدوة الحسنة ، وأساسها الجوهري
فعندما يكون الإنسان أقرب إلي ربه قولاً وفعلاً فإن ذلك أولي بجعله مثالاً نزيهاً ورمزاً منهجياً يُحتذي به
ثم يليه العمل الصالح الذي وفق لسنة الله ورسوله الكريم ، ثم تأتي مطابقة الأقوال للأفعال وذلك نابع من ضرورة إقتران الأقوال بالأفعال
لقوله تعالي ( يأيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون ) سورة الصف الأية ( 2 )
ولن يجني الذين يقولون ما لا يفعلون . . . ويعظون ولا يتعظون ويرشدون ولا يسترشدون إلا سخرية الناس وعدم أحترامهم
بالإضافة إلي علو الهمة ، والعزيمة والإرادة ولا ننسي بالطبع التحلي بالأخلاق الحميدة ، وخاصة الصبر ، والحلم ، والصدق ، والشجاعة ، والوفاء ، والكرم ، والعفو، والحكمة ألخ من الخصال الطيبة
كذلك الوضوح مع النفس بتربية النفس أولاً وتهذيبها ، ومحاسبتها
هذا ما يؤكد عليه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه يقول ، من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تهذيبه لسيرته قبل تهذيبه بلسانه ، فمعلم نفسه ومهذبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومهذبهم "


قد نضحي ونمسي ونحن أسارى ذوات نتوسم فيها أنها تبنينا بيد أنّا لا نستيقظ إلا وقد ذبنا فيها و ذوبنا ذواتنا وميعناها فيها , وأدنا إبداعنا و التميز , و محونا معالمنا البهية بتقليد أعمى وباتت ذواتنا القتيل القاتل في الوقت عينه .وحين الإفاقة لا نردد سوى : قد كنت أخالك تبنيني... ولكني الآن أذوب ..!

نعم يا وحي هناك من لا يستطيع التفريق بين القدوة كنموذج للإقتداء به وليس التحلل والذوبان فيه لدرجة طمس الشخصيات ، فنحن هنا عندما نتخذ نموذجا نقتدي به ، ليس معناه ان نقلد هذا الشخص مهما كان نوعه تقليداً أعمي لأننا عندها نتجاهل ان لكل منا طباعه الخاصة ، وأرؤاءه ، وإتجاهاته ، وميوله ، بحكم طبيعة الفروق الفردية بين بني البشر ، فهما أتفقنا وتمازجنا إلا ان لكل منه من السمات ما يميزه عن الاخري ولا يمكن بأي حالٍ من الاحوال أن نستنسخ نموذجاً لإنسان من إنسان آخر مهما بلغت درجة إنصهار كليهما في الآخر

وللإجابة علي تساؤلاتك المعروضة آدناه أقول وهي إجابة قد تختلف من شخص إلي آخر ، ومحكومة بوجهات النظر المتعددة بالخصوص

ما الأسباب التي تدفع بنا للاختيار الخاطئ للقدوة ؟؟!
/ هل هناك ذوبان محمود في شخصية القدوة وآخر غير محمود وهل تراه التقليد الأعمى في إحدى صوره ؟؟!
/ ما المنهاج الذي تراه لتجنب الوقوع في قدوات قد يخالها البعض تنبي ولكنها تهدم ؟؟!
/// ما المعيار في نظرك للقدوة التي تبني دون أن نذوب معها ذواتنا ؟؟!


بخصوص الأسباب التي قد تدفعنا إلي الإختيار السيئ للقدوة
هناك أسباب عديدة تتمثل في عدم حصول الشخص مثلاً علي القدر الكافي من التوجيه ، فعادة عندما نقتدي بشخص ما نكون نحن أقل خبرة ، ودراية بأمور الحياة وبمجريات الأحداث حولنا ، وقد يكون الجانب أو العامل النفسي له دور آخر فكثير من نجد بعض الناس ينبهرون ببعض الشخصيات عن بعد ويعتبرونهم مثالاً أعلي ، وهناك طبعاً بون شاسع بين الإنبهار ، والإقتداء فكم من شخصية بهرنا بها وأكتشفنا أنها جوفاء بالإضافة إلي الإنبهار السريع بشعارات براقة روجتها أو أعتنقتها تلكم الشخصية

اما بخصوص الذوبان فيما إذا كان هناك ذوبان محمود أم غير محمود
فلا أعتقد ان الذوبان فيه من الإيجابية شئ ، فالذوبان معناه التحلل والإنغماس والإنصهار في الشخصية المقتدي بها وأسمحي لي عزيزتي أن أستعير لفظة إنتهاج نهج الشخصية المقتدي بها في حدود المعقول إنطلاقاً من ان لكل واحد فينا بصمته المميزة في هذه الحياة بدل لفظ ذوبان محمود ، وهو قد يكون محمودا علي النطاق المجتمعي ولكن لن يكون كذلك علي النطاق الفردي للشخص في حد ذاته لان فيه نوع من طمس معالم الشخصية ، وإنحصارها في إطار وحدود الشخصية المقتدي بها ، مما يؤدي إلي بروز التقليد الاعمي ، كما تفضلت بالذكر

المنهاج الوحيد والسليم لتجنب القدوة السيئة حسب وجهة نظري البسيطة
هي أولاً / تحديد ما نريده نحن بالفعل ، ثم رسم خط سير محدد لما ينبغي ان نكون عليه ، ثم تحديد ماهو ملائم لنا لنسير في خطاه وماالذي يمكننا إضافته
وهذه الإضافة تعد نقطة رئيسية ومهمة في موضوع القدوة الحسنة فلكي نكمل المسير ونصبح مشروعاً مستقبلياً للقدوة حسنة علينا إضافة كل ماهو جيد وحسن

ومعيار القدوة التي تبني بدون ان نذوب فيها ، حسب وجهة نظري المتواضعة
هو التفرد والتميز في كل شئ وخصوصا ً في طريقة الإرشاد والتوجيه فالقدوة الحسنة يجب أن تتمتع بقدر ٍ عالٍ من المقدرة علي التوجيه والإرشاد الواعيين للشخصية المقتدية بهم ، ووتوضيح أن لكل منا طبيعته وشخصيته المتفردة والتي تميزه عن الآخر ، وأن أختلاف البشر لا يتوقف علي أختلاف أشكالهم الخارجية ، أنما يتعداه إلي سماتهم الشخصية ، والإجتماعية ، والنفسية ، ومهارتهم ، وقدراتهم ، وميولهم ، وإتجاهاتهم
وهناك بعض من القدوات الحسنة ولكنها تطمس شخصية المقتدي بها وذلك راجع إلي مرض نفسي فهناك من يريد كل من حوله يدورون في فلكه ، ويذوبون في شخصيته كنوع من السيطرة لا اكثر وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلي الهدم لا البناء


موضوع شيق وجميل والحديث فيه يطول
سأترك الفرصة لغيري ، وربما كانت لي عودة للتعقيب
شاكرين لك طرحك الجيد ومواضيعك الهادفة
زادك ربي نوراُ وعلماً

مودتي وأحترامي
توقيع :  فتحية الشبلي

 https://www.facebook.com/fathya.alshbly?ref=tn_tnmn

فراشةٌ تلتمسُ النُور ....


فتحية الشبلي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس