عرض مشاركة واحدة
قديم 01/06/2008, 04:11 AM   #2
فراس عمران
شـاعـر
 
الصورة الرمزية فراس عمران
Exclamation هلوسةُ مشاعر !!

لم أعرف هذا الصوت لم أحدثه على الهاتف ولا حتى على الطبيعة
وبعملية بحث سريعة في خزانة الذاكرة حيث كنت أخبئ الأصوات لكي لا تُنسى فأنا من النوع الذي يهوى السباحة في صوت المرأة ويعشق السفر مع النبرات الخافتة والغاضبة
يأتي صوتها ليشق صمت أفكاري: آسفة إذا اتصلت في وقت غير مناسب...
أقول لها : لا عليكِ ليست مشكلة ,,و قبل أن ألفظ لحروف الأولى من سؤالي من المتحدث
يأتي الجواب / أنت لا تعرفني, أنا أعمل معك في الشركة لكني في قسم مختلف
الآن تذكرتها هذه الفتاة تربِطني مَعها كَلمة صباح الخير لا أكثر ولا أقل, فهي في أحد أقسام الشركة التي أعمل بها
ولكن لما تتصل بي ؟ و من أين أتت برقمي
تتابع كلامها قائلة : قد أحضرت رقمك من سجلات الشركة
و كنت أود أن أكلمك بشأن مشكلة في بعض الأمور في العمل
لم تقنعني هذه الحجة الركيكة... لأنه لم يسبق لي أن أتصل أحد بي إلى البيت بعد الساعة التاسعة مساءً
ليسألني عن العمل و عن خلل أو مشكلة في عملي
ولم أرد أن أحرج هذه الفتاة بأن أقول لها مثلاً: عفواً أنا الآن في استراحتي ويمكننا تأجيل الكلام في موضوع العمل للعمل...
لأنه كان من الواضح أن هذا العذر مختلق ببساطة و دون حبكة خبث ثم إن هذه الفتاة أتت في الوقت الأكثر من مناسب وكأنها تعرف ما أعانيه في وحدتي, هل هي هدية القدر ؟ هل هي المصادفة؟ لا يهم كل ما يهمني الآن
أنها أتت بنفسها لتخرجني من صراعي مع مشاعري.
فكرت للحظة كيف يمكن أن يعتمد كل شيء في علاقاتنا عن استعدادنا لتلقي الأمور و جاهزية مشاعرنا,
فهذه الفتاة التي مررت من جانبها كثيراً و ألقيت عليها الصباح لم أفكر يوماً أن أزيد معها بكلمة عن (صباح الخير)
ولكنها في مرحلة من الزمن أتت وأحدثت ضجة وجلبة لم تحدث لمن هي أكثر منها جمالاً و فتنة.
نعم من الممكن أحياناً أن نستمع إلى بيانو موزارت أو إلى سيمفونيات بيتهوفن دون أن تتحرك فينا العروق وتنسجم المشاعر.
ومن الممكن أن ندخل في حالة إعجاب بسيطة الحدوث فإذا استمعنا إلى طقطوقة من أغاني فيروز مثل (كان عنا طاحون على نبع المي وقدامو الساحات مزروعة في)فنشعر أننا نسافر مع كل حرف فيها و نطرب لكل كلمة و لكل قفزة موسيقى.
و من هنا لم أفكر بشرعية التحدث مع هذه الفتاة و لم أعبأ بما قد يحدث فقد كنت أريد أن الخوض في حديث مع هذه الفتاة يخدر مشاعري, فما كانَ إلا أن أخذتُ هذِا الاتصال وبدأتُ أنسُجُ مِنه قِصةً معَ هذه الفتاة ولم أتوانى لَحظة واحدةً ولم أُفكر إلا بنجاحي في حربي مع مشاعِري.
فَرُحتُ أنسُج و أنسُج كما العنكبوت السّاعي نحوَ الفريسة عندما يلفها ليقتُلها
ولكن من المعروف أن المسكن يفقد تأثيره بعد أن يعتاد الجسم عليه, و هذه القاعدة الطبية تنطبق أيضاً على الحواس إذا تعاملنا مع بعض الأمور أو بعض الأشخاص على أنهم مراحل من الحياة وستنتهي في وقت محدد
وأنا في رغبتي للحديث مع تلك الفتاة طبقت هذه القاعدة الطبية بحذافيرها
و من مشكلاتي مع نفسي أنَّ جَسدي كانَ أذكى مني فقد كان يعلمُ أنهُ سيعتاد على الُمسكن بِشكلٍ كبير ثُمّ لا يعود لهُ أيُّ تأثير على آلامي وذلك فقط بعد بضعة أيام.
***
حتى أن تلك الفتاة لم تسد جوعي للحب لمدة شهر واحد على الأقل.لماذا ؟
كيف يمكن أن يتحول كلامنا مع أحد ما لفترة زمنية ننتظرها بفارغ الصبر و نعد لها العدة..إلى جزاء و سكوت وحوارٍ بارد قاتل لا نصدق كيف نتخلص منه, و عادَ جسدي و وجداني ليطلُبَا دواءَهماُ القديم
وقفتُ مع الأنا بعض الوقت تبادلنا نظرات الاحتِقار أيهُا الفتى الأرعن قد كُنت في واحدة تحاولُ الابتعادَ عنها لكنكَ الآن في اثنتين, واحدة قررت أن تبتعد عنها بملء أرادتك و بجوامع تصميمك
و واحدة معك... فَتَحت لكَ أبواب علاقةٍ معها إلا إنك محتار في طريقة هجرها......كان إحساسي في أحطِ دَركات السّاديةَ, فكيفَ أعودُ للأولى مهزوماً بعد انكساري.
أعذريني.ولُ لِلثانية: أنا آسف.. أعذريني .. كنتِ مُجرد مُسّكن أو أني قد استهلكتكِ
يا إلهي كم هي صَعبة.......أيعقلُ أينَ أخذتني نرجسيتي..........!!!!!
فوضى عارمة في حواسي..تكادُ تحمِلُني فوقَ نعشي.
اتخذتُ خُطواتي بِاتجاه الرحيل الغَبي فقد كُنتُ أتراجعُ كما المُدمن المصر على ترك المخدِرات
ولكن بِطريقة أن يُدخِن خمسة آلاف سيجارة في اليوم الواحد.
ولست أذكر كيف وضعت البرود التعاملي حاجزاً بيني وبين تلك الفتاة التي عرفت من طريقتي الجديدة أني أنهي التواصل القريب رويداً رويدا ولست أذكر كيفَ هَربت وأنا امُسكُ بعضَ ما بقي من ماء وجهي
ولكن.. بعدَ إصراري على ترك الإدمان ظَهر لي ضابطٌ جديد من حدسٍ لم يَكن لهُ أيُ وجود ناطق بينَ حواسي
أزاحَ قيادة ذاتي القَديمة واستَلمَ القيادة بِنفسه وبِسرعةٍ خَطيرة سيطرَ على المشاعِر بغُلوُّها و قضى على الثورة فيها بِمُنتهى البَساطة و كأنهُ النازيُ الثاني.
استَعمرني هذا الإحساس فإذا بي أُقيل جيشيَ التقليدي و أُلغي حُدودي و أُطلق كُلَّ أشكالِ الإحباطِ في عيني
و أصنعُ قلباً جَديداً مِن الرّصاص المُصفح
و أرتدي وجهاً ينضحُ بالجماد, وجهاً يمتازُ بالموتِ لا بِالحياة.
وأمرُ مِن جانبِ تِلك المرأة التي لا طالما فَشلتُ في البُعدِ عنها
أمرُ من جانبها وحدي
تستغرب !!
تراني دونَ حُراسي, و دونَ أسلحتي, ودونَ خُطواتي المُستعجلة ونظراتي التي لا تُفارق الأرض
أمرُ وحدي مُختالاً فَخورا...
فإذا بِها تجري نَحوي, قد ظنت أني أتيتُها معَ عَلمي الأبيض مُستسلِماً عائِداً كَطفل أنهَكَهُ البردُ والتَعب
فما كانَ أن: أوقَفتُها كما يوقفُ السّدُ العالي السّيلَ الجارف وبِكُل أدب و جُمود أقول: لو سَمحت....
و أبعدها عن طريقي بأفضلِ أنواع اللامُبالاة و دون أن أقف برهةً واحدة عند شُعورها أو ما سَيحدثُ لها
فقد كانت نرجِسيتي في أقصى قُواها و ذاتي في حالةِ صُلحٍ لم أشهدها مِن قبل.
وكأن تلك التجربة القصيرة مع تلك الفتاة قد صنعت مني رجلاً خبيراً في التعامل مع اضطرا بات الحواس.
***
و بمرورِ الأيام, لا بل الأسابيع...كانت تصلني بعض الهدايا منها
وأنا جالسٌ خلفَ جداري القوي دونَ أن آبه لأحد و دون أن أعطي قاعدة الاهتمام بشعور الآخرين لحظة واحدة من تفكيري.
و كُنت اسمعُ بعضَ أخبارِها معَ المُهدئات العصبية التي قيل أنها بِسببي و كل هذا لم يزن عندي مِثقال ذرة
قوة وغرور تملكني بحيث أني كنت أتقصد أن أمر من جانبها دون أن أنظر إليها فأسمع صوت خطوات الدمع تجري كعادتها ولكن الآن أشعر بلذة القوة فالقوة لذيذة وتمنح صاحبها جرعة هائلة من النشوة التي قد تعمي عن كل شيء وقد يصحو القوي بعد فوات الأوان وذلك لأن الانتصار على المشاعر ليس له مقياس
وقد أكون مهزوم أكثر مما أنا مهزوم وأظن أني منتصر
أو لأن من يحاول أن يبقي شعوره تجاه أمر معين شعوراً واحداً دون تغيير كمثل من يحاول الإمساك بالهواء
التحكم بالمشاعر كلام سخيف وحدها مشاعرنا هي التي تقودنا وتلهو بنا
وكأنها اتفقت علينا مع القدر.أو كأنها خططت لكل عثراتنا قبل أن نقع بها.
***
شهران قد مَضيا
و تسربٌ خَفيفٌ خَفيف من شق صَغير جداً في جدار طمس الشّعور هذا الجدار الذي كان حاجزي الوحيد الذي اعتمدت عليه في التصدي لصواعق الهوى
طفيف كانَ التَسرب من هذا الجدار لكنِّ المُتسرب كانَ خَطيراً.............كان الفراغ...........
و يمتازُ هذا النوع من الأسلحة الفتاكة للقدر بأنهُ يحملك على الاستسلام دونَ أن يتيح لك فرصة المواجهة
فهو ذكي و سريع الانتشار و يَحمل صاحبه على الاستسلام لأي شيء بسرعة مُذهلة بغي التخلص منه و من دَرناته الفََظيعة.
فأنت عندما تحاول أن تواجه الفراغ تكون قد قررت أن تحارب اللاشيء...باللاشيء
وأن تدق الماء لتصنع منه ماء.
وعندها قد تجد نفسك صرت دونكيشوت و لكن بطريقة مختلفة قليلاً
غافلني الفَراغ وسريعاً ما ملأ رأسي بِالدّوار فبدأتُ أتقيأُ كُلَّ صبري وكل كلماتي وأفكاري النرجسية
وهكذا هُو برج السَرطان عندما يَملُ يبدأُ بالنيل من نفسه أولاً.
ومع ضياع وتلاشي بعض أحاسيسي وظهور أحاسيس أخرى بدلاً منها اختلفت نظرتي للأمور واختلف إحساسي بها, وهذا لأن لعبة المشاعر كما عرفت من التجربة أنه ليس لها قواعد ثابتة ولا يحكمها روتين زمني
فلم يأخُذني قلبي إلى تِلك الفتاة هذهِ المرة ولم يسحبني فؤادي نحوها كما كان يفعل عند كل محاولة للبعد
هذه المرة سمعت صوتاً خَفيفاً هَمسَ في أُذنِ إحساسي:ألا ترى كُلّ هؤلاء الناس!!.. ألا تُريد تجديد علاقاتك!؟
ألا ترى أن العالم كبير فلماذا تضع نفسك في قائمة احتمالات قليلة ولماذا تطبق قول ألبرتو مورافيا:أنا سمكة وحشية داخل زجاجة حبر.
بَدأت حَدقة عيني تتوَسع وتتوَسع لِأرى الكثير من الفتيات حولي فتلك التي تُسلم علي بحرارةٍ مُلفتةَ
و تِلكَ التي تراسلني على بريدي الخاص شَعرت بِنشوة غُرور تحقن في وريدي
أيُعقل..!!أنا مليكٌ على شُعور الكَثيرينَ حولي
ويمكنني أن أتمشى على مبدأ خطوات النحل (من كل زهرة سأستنشق بعض الرحيق)
ولِم لا أفتحُ عقلي و قلبي....................... ألسنا في عَصرِ الانفتاح.!!!
فقد أصبحتُ أُسلمُ على هذه بوردة حمراءَ في الصباح, و أركض عند تلك بقصيدةِ غزل من العيار الَثقيل لجميل بُثينة
و ألاغي تلك المغرورةُ التي لا يُسعدها إلا سماع كلمات الإعجاب بها وبثوبها الجَديد و لون شعرها الفريد
أعجَبتني خبرتي في التعامل مَع النساء وكنت أتجول في رياض الحسناوات وأشعر بنشوة في أحاسيسي
فَأخذت أزيد وأزيد في تنميق كلماتي حتى أني لم أعد أكتفي بمجرد أن أختلط وأكون اجتماعياً من الدرجة ما قبل الأولى, بل إني أصبحت أشعر بحلاوة عندما أتعمد بعض الكلمات ذات المستوى العالي من التأثير والتي لا تقال إلا لمن هي على درجة من القرب, فتلك التي رأيتها أولَ مرة البارحة أُناديها اليومَ عَزيزتي, و تلك التي سّلمت عليها مصادفةً أُسميها غاليتي.
حتى تلك الفتاة البريئةَ التي تعمل في نفس القسم والتي لم أراها تكلم شاباً قط والتي مَددت لها يدي بالسلام عدة مرات في العمل (((طبعاً كنت وقتها لا أقصد شيئاً))) ولكن كانت تعَتذر بقولها إنها لا تصافح الرجال, فحتى هذه البسيطة لم تسلم مني, فقد مَررت من جانبها ألقيت عليها السّلام و وَضعت يدي على كتفها
فذابت خَجلاً و تغير لونها و اختفى صوتها,,,,,,,,,,,,,,,لا أستطيعُ وصفَ الشّعور في تلكَ اللحظة
كنت أُحس أني انتصرتُ ولا أعرف على ماذا انتصرت....و كأني أتمطى ظهر الشيطان
.................................................. .........................................
توقيع :  فراس عمران

 هذا أنا بينَ السُّطورْ
في كُلِّ حرفٍ بَعضُ بَعضي
فالقصائِدُ ذاتُ روحٍ
تنتشي يوماً.. تَثور

فراس عمران غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس