المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " تحدّثوا ... فنحنُ لسناَ بغُرباء! "


زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:31 PM
لمَ لا يضعُ كل واحد منكم الثلج على رأسه ، كي تبرد تلك الأفكار التي تغلي به وينسىَ قليلاً أنهُ عربي وأنّ دماءه في الأصل حارة !
دعوناَ نتحدث عن أشياء أخرى غير مشاكلناَ القومية ، والكروية، والصحية، والسياسية، والأموية، والمعويّة، والكتابية، واللغوية، والحماتية (خاص فقط بالمتزوجين المغضوب عليهم )، والعزوبية (خاص فقطْ بالمنكوبين الذين يدّعون تقديس الحرية وفي أنفسهم بكاءٌ ينتظرُ النصف الآخر كي يمسحهُ بمنديل) !

حدّثوني عنْ أطرف أحزانكم،
وأحزن طرائفكم،
وعن رغبتكم بأنْ تكونوا مثل أمراء وأميرات الأساطير،

حدثوني عن طفولتكم، تفاصيلكم الصغيرة، ألوانكم المفضّلة، ألوان أعينكم، حجم الأمل في تلك الأعين،
حدثوني عن فيروز، وجريدة الصباح، والأبراج، وعن آخر كذبة كذبتموها، وآخر كذبة كُذبَت عليكم وصدّقتموها،

وعن شبح الموت الذي يرافقكم إلى الوسائد دون أن تعلموا متى سيقبض على أرواحكم ويزجّ بهاَ في تلك الدنى التي لا تنتهي،

حدّثوني عن بيوتكم حين تكون خالية، وعن صدى الأبواب حين تغلقونها بعنف ساعة غضب ،
حدثوني عن عُقد الطفولة، وأحلامها، وعن ألاعيب الصبا البسيطة، ولعبة الـ hide and seek !

فقطْ تحدّثوا،
وليكن هذا المكان غرفةً بلا جدران تقيّدها...

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:31 PM
كنّا في حيّنا القديم نسكنُ في بيت أغلبُ مساحته خُصّصت للحديقة ، وكان أبي بحكم خبرته الزراعية يعتني بتلك الحديقة كثيرًا حتى أصبحت شبيهة بحقل به من أصناف الغلال والورود ما يسرّ الناظرين،
وكنتُ حينهاَ طفلةً تدرسُ في الصف الإبتدائي الأول ، وربّما أكثر ما كنتُ محبوبةً لأجله هو ورود الحديقة، فلا بدّ لأي صديقة لي أنْ تطلب مني بأسلوب طفولي مُهذّب أن أجلب لهاَ وردة من الحديقة،
وأنا كنتُ مطيعة لجميعهن، وآتيهنّ بالورد والسعادةُ تملأُ قلبي ...
فمن الجميل أنْ تنعم بشيء رغمَ بساطته يكونُ متفرّدًا في أعين الآخرين !

وكثيرًا ما كنتُ أكتشفُ صبيان وبنات الحيّ وهم يتسلّلون خفيةً إلى الحديقة من بابهاَ الرئيسي كي يسرقوا الورد،
وأنا لم أكُن لأحتمل فكرة خلوّ شجراتناَ الثلاثة من الورود ، وكنتُ أخشى أن تكرهنني صديقاتي حين لا أحضر لهنّ الورد ككل يوم !

إنتقلناَ من البيت وضاعت الصداقة، وذهب الورد أدراج الرياح،
وكبرت دون أن أنسى تلك الزاوية الضيقة في قلبي والتي خصّصتُهاَ لحيّ الطفولة،
لذا طلبتُ من والدي العام الفارط أن يأخذني إلى ذلك الحيّ، وحين عبرناَ الزقاق ال يُفضي إليه كان كلّ شيء مختلفًا ،
البيوت جديدة ، والوجوه جديدة، والسماء مختلفة، ورائحة السواقي لم تعُد موجودة، وعبق الزيتون تلاشى،
وذلك العجوز الأعرج لم أرَه يمرّ كما كان يفعل كلّ يوم ، وذلك الدكّان البسيط أصبحَ محلاًّ لبيع الإلكترونيات،
تجاوزناَ كل هذه التفاصيل، وأنا أسألُ أبي : "أينَ بيتُناَ القديم يا أبي ؟"

ليجيبني ... "لقد تركناهُ خلفنا ... ألم تنتبهي له !"

وحين عاد بالسيارة إلى الخلف .. وبالتحديد إلى أمام البيت الذي أكّدَ لي أنهُ هو ذاتهُ بيتُ الطفولة، لم أعرفه ،
ولم ألمح أشجار الورد التي كانت تتسللُ عبر قضبان السور ، ولا عراجين العنب التي كانت تتدلّى من السقف ....
لمْ أرَ سوىَ سورًا أبيضَ اللون، وبابًا مرتفع الطول خلفه ظلّ إمرأة أنيقة !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:32 PM
حين كنتُ في الصف الثاني الإبتدائي ، درسَ معناَ فتىً إسمهُ زياد، كانَ أبيض البشرة ممتلىء الخدّين وعلى وجنتيه حُمرةٌ توحي لأي شخص بأنّ هذا الطفل خجول، عدا عن شعره الأسود الناعم ...

وفي ذلك العُمر الضئيل عرفتُ معنى الإعجاب ، وكنتُ أراقبهُ عن بُعد حين يلعبُ في ساحة المدرسة دون أن يكتشف وجودي ، ذلك الوجود الذي كنتُ على يقين بأنهُ لم يكتشفه أبدًا!

وكانت تدرسُ معناَ فتاةٌ طويلةُ القامة إسمها فاطمة، كانت تكبرناَ جميعًا، وهي الفتاةُ الوحيدة التي يرضى زياد أن يلعبَ معها،
وأنا تنهشني الغيرة في ذلك المكان البعيد عنهما،

مرةً إستوقفني زياد وأنا في طور الخروج من باب المدرسة، وقال لي بصوته الذي لم يسبق أن خاطبني به سابقًا :

"سمعتُ أنّ حديقتك بهاَ ورودٌ جميلة، فهل لي بإحداها؟"

يا الله !
أذكرُ أنّ قلبي إرتفعَ ليجاورَ عقلي ويبثّ به تلك الحمرة / الإرتجاف / الخوف / الفرح الذي شعرتُ به !

وفي اليوم التالي، إستيقظتُ على غير عادتي في وقت مبكّر، وذهبتُ إلى الحديقة لأختار أجمل وردة "صفراء" .. وخبّأتُها بعناية في حقيبتي المدرسية،

ولأوّل مرة تلهّفتُ للذهاب إلى الحصة الصباحية، وأمي لا تعلمُ ما حلّ بي ..
وحين ذهبت ورأيته ، أهديتهُ الوردة بصمت لأنّ الخجل إبتلعَ كل الكلام حينها،

وأثناء الحصة ، كنتُ ألمحه وأقول في نفسي بسعادة غامرة : " أخيرًا أحسَّ بي!" ،
درسناَ حصصًا أخرى والحصة الأخيرة لم يشاركني بها زياد،

وحين غادرتُ المدرسة لمحتُ وردتي الصفراء مُلقاةً على الرصيف المقابل للباب الرئيسي،
وأوراقهاَ مثل جثث الموتى لا تتنفس !

.....

لا أذكر بالتفصيل ما شعرتُ به حينها،
ولكنّ الشيء الوحيد الذي أستطيعُ تشبيه نفسي به هوَ مرآةٌ رغم عظمتهاَ تشظّت حال سقوطها من الأعلى !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:32 PM
صديقتي جميلة، من التفاصيل التي لا يمكنُ أن أنساها، والتي إنجرفتُ في بعض اللحظات للكتابة عنهاَ وأنا أعلم علم اليقين أنّ ما تعنيه لي ليس سوىَ سماء تدثّرُ ذرّةً صغيرة تُمثّلُ ما أعنيه أنا لها،
عرفتهاَ بالسنة الأولى لي بكلية الآداب، وكانت تدرسُ معي بنفس الفصل،
عرفتُهاَ من خلال صديقة أخرى وكنّا نجلسُ ثلاثتناَ على ثلاث مقاعد جنبًا إلى جنب في كل الحصص ،
لم تكُن جميلة مُقرّبةً إليّ بالبداية، بل كنتُ لا أطمئنّ لها، وأتحاشاهاَ في كثير من الأحيان،

وحدثَ أن هاتفتني تلك الصديقة لتخبرني بأنهاَ لن تكمل في تخصص الأدب الإنجليزي معنا، لأنّها إختارت التخصّص الأمنيّ بمدينتهاَ الأمّ بناءًا على رغبة والدها،
وظلّ مقعدهاَ بينناَ فارغًا ، ولا أدري كيفَ تغلغلتْ جميلة بي وكسبت ودّي إلى أن أصبحتْ هي الصديقة الوحيدة في السكن الجامعي والجامعة على حد سواء،

نجحتُ في تلك السنة بينماَ هي رسبت ، وفي العام الموالي كنتُ أدرس بالسنة الثانية بينماَ هي اضطرّت لإعادة السنة الأولى، ولكنناَ ظللناَ صديقتين، وهي رغم كثرة الصديقات حولهاَ لم أكُن أرى سواها حولي رغم كثرة الصديقات "العاديّات" ..
ومررتُ إلى السنة الثالثة بنجاح، لتجتاز هي السنة الأولى أيضًا بنجاح،
وإستمرّت صداقتناَ في ذلك العام أيضًا ،
لأمرّ إلى السنة الرابعة بنجاح ... بينماَ جميلة رسبت في سنتهاَ الثانية ،

وربما ما حدث كان هو نقطة التحوّل العظيمة في علاقتنا، فجميلة خاضتْ ضدّي مرحلة مقاطعة غريبة، وأوقفت إتصالاتهاَ بي في الإجازة الصيفية، وكلما حاولتُ الإتصال بها كانت تأبى الردّ علي !

ظننتُ أنّ رسوبهاَ هو السبب وقد عذرتهاَ وقلتُ في نفسي : "لابدّ أنها مُحبطة الآن!"

وظلّ السببُ الحقيقي رهين ظنوني التي كنتُ دائما أطردهاَ من رأسي حتى أحافظَ على صورة جميلة في ذهني بذات درجة البياض التي أحببتها بها،

كثيرات قُلن لي أن جميلة لا تشبهني في شيء ، وهي فعلاً لا تشبهني في أي شيء ،
فأناَ أميلُ إلى البساطة والإحتشام في مظهري بينماَ هي تهتمّ بإبراز جمالهاَ،
وهي تحبّ الإستمتاع بوقتهاَ خارج أسوار السكن الجامعي، بينماَ أنا لم أكُن أخوضُ سوى خطّ واحد بين الجامعة والسكن ، وإذا اقتضى الأمر أشتري ما يلزمني من الأغراض وأعود رأسًا إلى السكن ...

إختلافهاَ عنّي لم يكُن يشكّل أي عقبة، بل ربما نحن طبّقنا النظرية المغناطيسية والتي تقول بأنّ قُطبين متضادّين هما اللذان ينجذبان إلى بعضهما، والتشابه سببٌ رئيسي للنفور واللاإنجذاب ...

الآن، مضى على تخرّجي سنتان تقريبًا، وفي فراغي اليوميّ لا أحنُّ سوى إلى تلك الأوقات الجميلة ... وإلى جميلة !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:33 PM
أذكرُ ألاعيب الصغَر جيّدًا، وأذكر تفاصيل كثيرة في الحي القديم، أهمّهاَ الساقية التي تبعدُ 40 مترًا عن بيتنا،
تلك الساقية التي كانت تمدُّ حقل الزيتون خلفهاَ بالماء ،
كنتُ دائمًا أذهبُ بإتجاههاَ أنا وأترابي، وكانوا جميعهم يحبّون وضع أقدامهم في الماء الذي يركضُ إلى التراب،
وحدي كنتُ أخشىَ هذا الامر ودائمًا أقولُ لهم بأنّ الماء سريعٌ جدًّا في جريانه وقد يحملني بعيدًا إلى حيثُ لا أعلم،

وكان في الحيّ محلٌّ صغير يبيعُ به رجل مسنّ إسمه "الأزهر" الخضر والغلال ، وكنتُ أحب المكوثَ في المحلّ لأراقبه وهو يبيعُ ما تيسّرهُ لهُ حظوظهُ اليومية ،
وأكثرُ ما كان يلفتُ إنتباهي هو الميزان الحديديّ التقليدي الذي كانوا يستخدمونه لوزن الخضر ،
كنتُ أحب اللعب به كثيرًا، فأضعُ قطعة الحديد التي كانوا يقيسون بها الوزن في إحدى الكفّتين ، وفي الكفة الأخرى أضعُ تفاحة أو إجاصة أو أي شيء يمكنُ أن أزنه من ذلك المحلّ ،
وأتخيّلُ بنفسي شخصًا يأتي ليشتري بعض الغلال، وأنا أكلّمُ هذا الشخص الوهميّ بلهجة جادة كتلك التي يتحدث بها عمي الأزهر، وأقول له : " بدينارين لو سمحت!'

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:33 PM
أنا وأختي فاطمة - التي تصغرني بسنة - درسناَ مع بعض في الروضة !
وكنا دائما نتشاجر لسبب أو بدونه !
وأذكر أنهاَ في إحدى الحصص إلتهمت لُمجتي وتركتني أتضوّرُ جوعًا، فادّعيتُ إصابتي بالدوار كي أخلد إلى النوم في غرفة صغيرة بالروضة ..
وفي ذلك اليوم رأيتُ حلماً جميلاً إلى الآن لم أنسَه ،
وهو عبارة عن طائرة هليكوبتر تمرّ من فوق الروضة وتُلقي علينا بوابل من الشوكولاطة !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:34 PM
أذكر أنّي في الصف الإبتدائي الثاني ، وفي ليلة شتوية باردة، صحوتُ من النوم دونَ أن أعي ما حولي ،
وكيفَ سأعيه وأنا أمارسُ "المشي أثناء النوم!"

لبستُ الميدعة المدرسية وتأبطتُ حقيبتي ، وخرجت ...
سرتُ أمتارًا قليلة لأُفاجأ بيد أمي وهي تجذبني ببطء وهدوء اتُعيدني إلى سريري !
وأُكملَ ما تبقّى في الليل من ساعات قبل أن يحين الصباح وأذهب "رسميًّا" إلى المدرسة !

كانت هي المرة الوحيدة التي قمتُ بها بهذا الشيء، فأنا لم أعرف أن البشر يسيرون أثناء نومهم إلا من خلال تلك الحادثة !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:35 PM
كنتُ أحب الذهاب إلى بيت عمّي في المدينة الثانية رفقة أهلي حين نقوم بزيارتهم بين فترة وأخرى،
وأكثر ما كنتُ أحبه هو جدتي وكل ما يتعلقُ بها من تفاصيل،
فغرفتهاَ متفرّدة في كل شيء ، ورائحتهاَ الطيبة تُشعرني بأمان عجيب ،
رغم أن بنات عمّي وإبنهم جلال كانوا لا يكبرونني كثيرًا، وكنتُ أستطيعُ التخلّي عن كل شيء للعب معهم، ولكني لم أكُن أبرحُ جدتي وغرفتهاَ التقيّة بالمرة ،
حتى في النوم، كنتُ أنامُ على سرير جدّي رحمهُ الله بينماَ هي تفضّل النوم على وثير يفترشُ الأرض مباشرة،

وقبل أن تحين صلاةُ الفجر، كنتُ أصحُو معهاَ على صوت عبد الباسط عبد الصمد وسورة التكوير التي كانت تتغلغلُ بشرياني مثل الهواء !
وأراقبُ جدتي وهي تتوضّأ في الباحة ... وكنتُ أتمنّى أن تظلّ تلك النعمةُ حولي إلى الأبد !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:36 PM
كثيرًا ما سُئلت عن السبب وراء كُرهي للغة الفرنسية، فأنا لا أكرههاَ لأنها لغةُ بلد حدثَ وأن إستعمرناَ في السابق ،
ولستُ مُجبرةً على أن أحبّهاَ مع أنهاَ لغتُنا الثانية بعد العربية،
ولكني أُصبتُ بعقدة منهاَ حينَ كنتُ أدرس في الصف الإبتدائي الثالث،
وقد طلبت مني المُدرّسة في إحدى الحصص أن أقرأ أحد النصوص في الفصل ،
وحين بدأتُ بالقراءة همدَ الفصل وكل تلك الآذان توجّهت لي حتى تسمعني، وهذا ما زاد في إرتباكي وخجلي، وحين بلغتُ كلمة "femme" نطقتهاَ بالخطأ وانفجر الفصلُ بالضحك !

شعرتُ أنّ السماء قد سكبتْ على رأسي وعاءًا من الماء المغليّ ولم أدرِ كيفَ أمسحُ تلك الحمرة القانية التي علتْ ملامحي من الخجل ..
منذُ ذلك اليوم كرهتُ اللغة الفرنسية والمعلّمات والمرأة ، لأن كلمة femme التي لم أنجح في نطقها تعني بالعربية "المرأة" !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:36 PM
في حيّنا القديم (ليس الأول .. بل الثاني) ، سمعتُ ذات مرة من والدي أنّهم سيشيّدون مدينة ألعاب صغيرة خلف أسوار الحيّ ، وكان خلف تلك الأسوار مكتبة عمومية ومركزًا ثقافيًّا ، ومساحةً أخرى فارغة ... وقلتُ في نفسي أنهم ربّما سيقيمون مدينة الألعاب على ذلك الهامش الفارغ،

وبعد بضعة أيام سمعتُ ضجةً كبيرة خلف الأسوار، فذهبتُ راكضة لأرى ما الأمر، وإذ بالعمّال يجلبون قطعًا بلاستيكية ضخمة وملوّنة بشتّى الألوان، وقاموا بتثبيتهاَ في التراب ، وما إن إكتمل اليوم حتى أنهوا تشييد مدينة الألعاب الصغيرة ،
كانت مُبهرة، مُذهلة، وبها أراجيح كثيرة وألعاب أخرى مختلفة ،
وقد أحاطوا تلك المدينة الجميلة بسياج من الشباك الحديدية ، وكان الدخول إليها والتمتع بألعابهاَ بمائة ملّيم،
وكنتُ في اليوم الواحد أطلبُ من أبي ثمن التذكرة أكثر من مرة فالإقامة في تلك الألعاب قد أصبح عادة يومية لا محيص عنها،

بعد مرور سنة واحدة إختلفت مدينةُ الألعاب كثيرًا، فالألعاب لم تعد جديدة، والبعضُ منها تعطّل ، وذلك السياج ال يُحيطُ بهاَ قد قام الأشقياء بإحداث فجوة به حتى يتمكنوا من التسلل إليه دون أن يضطروا لدفع ثمن للدخول ..

وبعد إنتقالناَ من ذلك الحيّ ومرور أعوام كثيرة ، قررتُ أن أعود وألقي نظرةً عليه ، فوجدتُ أغلب الألعاب مكسورة ، وحدهاَ الريحُ تلعبُ بها .. وكان المكانُ خاليًا ، ميتًا، كئيبًا ... وسألتُ نفسي : "أين ذهب كل أولئك الأطفال ؟ "

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:37 PM
في حيّنا القديم (الأول وليس الثاني) .. كان كل شيء بسيطًا ، مختلفًا، وذو طعم خاص ،
فحتى الطعام كانت له لذّة مختلفة، وكنتُ أحبّ أشياءًا بتُّ اليوم أكرهها فقط لأنّ طعمهاَ قد إختلف .. ومات !

فعلى سبيل المثال، كنتُ أحبّ القرع الأحمر والحلاوة الشامية ، ولكني اليوم لا أقتربُ منهماَ بتاتًا !

والعيد، كانَ جميلاً، دافئًا ، مليئًا بالروح،
وأذكر أنّني كنتُ أساعدُ أمي في تجهيز كعك العيد، وفي الليل أذهبُ مع أبي إلى خبّاز الحيّ ، حاملين أطباق الكعك على أكتافنا كما كان يفعلُ الجميع،
وكنتُ لا أهنأُ بالرقاد إلا بعد أن أُذيب بضع كعكات ساخنة في فمي !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:37 PM
كان لمايكل جاكسون في تونس شعبية عظيمة ، وأنا كنتُ أحبّ الإستماع إلى أغانيه خصوصًا أغنية "الأرض" وأغنية أخرى نسيتُ إسمها،
وقد إشتريتُ كاسيت أغانيه وملأتُ البيت بصوته حتى ضاقت أمي ذرعًا بهذا الأمر،
فاختطفتْ مني الشريط ومزّقتهُ أمامي ... وأنا أسألها بصوت عال والبكاء يُغرقُني : "لماذا؟؟؟ !!"

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:38 PM
في الثانوية العامة درستُ بمعهد آخر غير الذي درستُ فيه الأعوام السابقة،
وقد أحببتُ هذا المعهد بفضل أستاذة اللغة العربية مدام فوزية العلوي، وأستاذي بمادة الفلسفة توفيق السعدي،

كلاهماَ كاناَ بمثابة قدوة ومثل أعلى لي ، خصوصًا الأستاذ توفيق حيثُ كان مختلفًا في أسلوبه بالتدريس ،
إذ أنّ أغلبَ الحصة يقضيهاَ في الحديث عن ذكرياته الجامعية وعن عشقه للفيلسوف بول ريكور ، حيث أنّ هذا الفيلسوف قد أتى إلى تونس عندما كان أستاذي توفيق طالبًا في الجامعة، وأخبرناَ أنهُ لم يكُن يملك ثمن المواصلات إلى العاصمة حتى يحضر ندوة الفيلسوف بول ،
لذا قرّر هو وزملاؤه الذين كانوا يشاركونه ذات الهوس بالفيلسوف أن يذهبوا مشيًا على الأقدام ، وقد قطعوا مسافة طويلة ليدركوا الندوة،

كنّا نشعرُ بحبّه لبول ريكور من خلال النصوص الفلسفية التي كنّا نقوم بتحليلها في الفصل،
مع أنناَ نحنُ الطلبة كنا نحبّ فلسفة نيتشه أكثر ، ولكنّ أ. توفيق لم يكُن يُسهبُ في تحليل نصوص الفلاسفة الآخرين، إذ وحدها نصوص بول ريكور تُجبره على إحضار عُلبتَي سجائر كي يتمتع بتدخينهاَ وهو يحدّثنا عن "الرّجّة" الريكورية !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:38 PM
كنتُ أحب جدتي - أم أبي - رحمها الله كثيرًا، وأعشقُ خُبز الصباح حين تشاركني به في غرفتهاَ، وأحبّ الحكايات التي كانت ترويهاَ لي ،
وكلماَ همّت بالخروج أجذبها من طرف ثوبهاَ راجية : " خُذيني معك!"

وهي لا تملكُ وسيلة للرفض فتقبل بصدر رحب،
وكنّا نذهب إلى السوق القريب من بيت عمّي ، وكنتُ أسير خلفهاَ لأتمتعَ برؤيتها وهي تمشي،
فقد كانت تحني ظهرهاَ إلى الأمام قليلاً ، ويداها مكتوفتان إلى الخلف ...

حدّثتني أمي كثيرًا عن قسوة جدتي معهاَ إبّان زواجهاَ هي ووالدي ،
وقبل سنوات قليلة بلغنا خبرُ إحتضار جدتي بعد إصابتهاَ بجلطة دماغية حادة،
وقد طلبت جدتي من أبي أن يُحضر أمي كي تطلب منها السماح،
وحين ذهبناَ إلى بيت عمي ، وجدنا جدتي طريحة الفراش وحولهاَ عددٌ من النسوة ورائحةُ البخور تملأُ المكان،
وجدتي كانت نائمة على سرير جدي رحمهُ الله ، تقبعُ في صمت وهدوء غريبَيْن ،

لم أكُن لأتخيّلها في تلك الحالة ، لأني إعتدتُ على حيويتهاَ ونشاطهاَ،
هي التي لم تكُن تصمت أبدًا، كانت مُغلقة الفم وكان طرفُ فمهاَ يميل إلى الأسفل لإصابتها بالجلطة ...
ضممتُ يديها الباردتين بين يديّ وراقبتُهاَ بصمت والبكاءُ يعتصرُ قلبي من الداخل ..

فلأوّل مرة ألمحُ الضعف عليها ...

وبعد أسبوعين ، وحين كنتُ في الكُلّية ، إتصل بي والدي وأعلمني بخبر وفاتها ...
خبرٌ لم أقاوم بكائي بسببه ، وتركتُ كل الحصص ، لأركض بإتجاه السكن الجامعي، وأنا أعبر حشود الطلبة والطالبات وكأني ألمحُ إستغرابهم من تلك الدموع التي ملأتْ وجنتيّ ..

وحين بلغتُ غرفتي ، أغلقتُ على نفسي بالمفتاح ... وطفقتُ أبكي ... وأبكي ... وأبكي ...

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:39 PM
أشياء كثيرة في حياتي الجامعية حُفرت بذاكرتي وأصبح من المستحيل نسيانهاَ،
وأذكر أنّي بعد نجاحي في البكالوريا وإختيار الإختصاص الجامعي ، بلغني الرد بأني سأدرس الأدب الإنجليزي في كلية القيروان والتي تبعد عن مدينتناَ حوالي الـ 150 كلم،
طبعًا إتفقت أنا وصديقة الطفولة إيمان على الدراسة معًا في تلك المدينة خصوصًا وأن إيمان أخبرتني بأن النجاح في تلك الكلّية سهل وليس مثل كليّات المدن الأخرى لأنّ مناهجهاَ أصعب،

وذهبتُ قبل الدراسة بأسبوع رفقة والدي إلى القيروان، للتسجيل بالكلية وبالسكن الجامعي، ومن الصدف الجميلة أن إيمان قد سبقتني إلى القيروان بساعات قليلة وضمن لها والدهاَ غرفةً بالسكن الجامعي والتي كنتُ أشاركها بها.
في البدء كان كلّ شيء غريبًا ، في السكن الجامعي، والممراّت متشعّبة وكان من السهل عليّ الضياع بها، عكس إيمان التي كانت تغادر الغرفة وتعود لها بيُسر !
أذكر أني خرجتُ من الغرفة لأقوم بجولة إستطلاعية في ذلك السكن ، حيثُ كانت أبواب الغرف مغلقة لأنّ أغلبها لم يكُن مأهولاً بالطالبات بعد،
وكان لونُ الأبواب موحّدًا حيث تم طلاؤها باللون الأزرق .. والجدران تم طلاؤهاَ باللون الأبيض ،
وغُرفتي كانت ضيقة، بها سريران كل منهماَ إنزوى في ركن ، ونافذتان، وطاولتان صغيرتان، وخزانتان في الحائط على يسار باب الغرفة .. ومرآة نصفها مكسور ، وصنبور وحوض ماء ،
وكانت مُعتمة ولا تشرح الصدر على الإطلاق !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:40 PM
كان جدّي - والد أبي - شيخًا مسنًّا ، هادىء الطباع ، كثير الصمت،
وأذكر أنّ ملامحهُ لم تكُن تشبه ملامح المسنّين الذين يزورون بيت عمّي ، فهو أبيض البشرة ، عيناهُ زرقاوان ، طويل القامة ونحيف ،
و لهُ هيبة مختلفة ولهذا السبب كنتُ أخجل منه كثيرًا ونادرًا ما أكلمه،
أذكر أنهُ كان يقضي أغلب وقته جيئةً وذهابًا من البيت وخارجه دون أن أعلم إلى أين كان يذهب،
وكانت دائما ترافقه علبةٌ صغيرة بها مسحوقٌ أخضر يستنشقه من أنفه .. ولهذا تمت تسميتها "النّفّة" !

كنتُ أحيانًا أقلّدُ طريقته في إستنشاقهاَ فآخذ رشة صغيرة من السكر وأقرّبها من أنفي لتنطلق تلك العملية الصعبة ! :d

وحين بلغتُ التاسعة من العمر ، بلغناَ خبرُ وفاته المفاجىء،
وقصدناَ بيت عمي لنجدهُ مليييئًا بالناس ، والنسوة في أردية بيضاء وكنَّ جالسات جنبًا إلى جنب في الباحة ،
كانت كلّ الباحة بيضاء اللون !

وأنا لم أكُن أفهم بعد السبب وما تعنيه كلمةُ الموت،
وفي الليل قضيتُ بعض الوقت في إحدى غرف البيت حيث كان مليئًا بنساء يبكين ويندبن وكانت جدتي بينهنّ ، والغريب أني لم ألمح في عينهاَ سوى دمعة خفيفة ولم تكُن كالأخريات تبكي،

أضناني مشهدُ البكاء حتّى سقطت من عيني دمعة .. وأنا لازلتُ لم أفهم بعد مالذي يعنيه الموت !

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:40 PM
كنتُ أحلم في صغري أن أصبح طبيبة حين أكبر، وظلّ هذا الحلم في قلبي رغمَ علاماتي السيئة في مادة الرياضيات،
وحين تفاقمَ كرهي لهذه المادة بدأ ذلك الحلم يزولُ شيئًا فشيئًا برغوة اليأس ،
ولكن في المرحلة الثانوية إختلفَ الوضع نوعًا ما ، وجلس اليقينُ مكان الحيرة في رأسي،
لأني إكتشفتُ حبًّا عظيمًا لمادة الإنجليزية ، وهذا الحب جذّرهُ بي أستاذي في المادة، الذي كان متمكّناً جدًّا في أسلوبه التعليمي،
ولم أسقط في مادة الإنجليزية بتاتاً مذ درسني ، بل كانت هي أكثر مادة تميزتُ بها،
ولكني في نفس الوقت كنتُ متعلّقة بمادة العربية ، إلى أن جاءت إختبارات البكالوريا القوميّة ، وكانت الدرجة التي نلتُهاَ في مادة العربية مثل الصعقة ، فقد كانت في منتهى السوء رغمَ يقيني بأني أبليتُ البلاء الحسن في الإختبار الذي كان يدور حول رسالة الغفران لأبي العلاء المعرّي ..
بينما درجتي بالإنجليزية كانت ممتازة،
ولهذا قررت أن أتخذهاَ في الدراسة الجامعية

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
14/05/2010, 02:41 PM
كنتُ كثيرًا ما أشاهد أحلامًا مزعجة لغرابتها، البعضُ منهاَ أتذكّره والبعضُ يندثر في الذاكرة حال إستيقاظي من النوم،
أكثرُ حلم تكرّر به نفس المشهد ولكن بطرق مختلفة، هو حلم الطيران ثم الوقوع ،
حمدًا لله أنّ فكرة الوقوع بالأحلام كانت ترعبني بما يكفي لأستيقظ وفمي يلهج باسم الله....

أحياناً أرى نفسي بسيقان طويييلة ، وأعبر المزارع مشيًا ورأسي ينظر إلى الأسفل ليرى الفلاّحين وسنابل القمح، والفزّاعة التي أصبحَ يتخذها الغربان ملجأً للقيلولة !
ثمّ فجأةً أجدُ نفسي على حافة هاوية مظلمة ، وتنزلقُ قدمي .. وَ ..... أستيقظ !

يبدُو أنني إلى الآن لازلتُ متأثرة بفيلم تابعتهُ في صغري ، وبالتحديد مشهدُ سقوط سيارة أجرة في فوهة عظيمة ...
أذكرُ أني حين شاهدتُ تلك اللقطة صرختُ وبكيت !

ريم عبد الرحمن
14/05/2010, 06:09 PM
زينب

إنها أحاديث تحمل ندي المطر في غابات الروح ..

قلم رائع أجبرني على المتابعة والتأمل ..


دمت في حفظ المولى أينما كنت يا حبيبة

و flwr2

ريم عبد الرحمن
14/05/2010, 06:14 PM
كنتُ أحلم في صغري أن أصبح طبيبة حين أكبر، وظلّ هذا الحلم في قلبي رغمَ علاماتي السيئة في مادة الرياضيات،
وحين تفاقمَ كرهي لهذه المادة بدأ ذلك الحلم يزولُ شيئًا فشيئًا برغوة اليأس ،
ولكن في المرحلة الثانوية إختلفَ الوضع نوعًا ما ، وجلس اليقينُ مكان الحيرة في رأسي،
لأني إكتشفتُ حبًّا عظيمًا لمادة الإنجليزية ، وهذا الحب جذّرهُ بي أستاذي في المادة، الذي كان متمكّناً جدًّا في أسلوبه التعليمي،
ولم أسقط في مادة الإنجليزية بتاتاً مذ درسني ، بل كانت هي أكثر مادة تميزتُ بها،
ولكني في نفس الوقت كنتُ متعلّقة بمادة العربية ، إلى أن جاءت إختبارات البكالوريا القوميّة ، وكانت الدرجة التي نلتُهاَ في مادة العربية مثل الصعقة ، فقد كانت في منتهى السوء رغمَ يقيني بأني أبليتُ البلاء الحسن في الإختبار الذي كان يدور حول رسالة الغفران لأبي العلاء المعرّي ..
بينما درجتي بالإنجليزية كانت ممتازة،
ولهذا قررت أن أتخذهاَ في الدراسة الجامعية


هل تعلمين يا زينب إنه كان لي ذات الحلم
وقد حققت علامات عالية في الرياضيات وتابعت دراستها في الجامعة :p

إلا أنني عانيت مع الأطباء كثيراً منذ طفولتي وحتى الآن ولكن الحمد لله على كل شيء
لدرجة كان الطبيب بالنسبة لي مثل ( شرشبيل في برنامج السنافر ,, :vectory: هل تذكرينه يا صديقتي )

لذلك تم تشييع هذه الأمنية إلى منفى الأحلام :(
وتابعت دراسة الرياضيات والمعلوماتية :)


مودتي
وأهلا أهلا أهلا بك بعد غياب :kisses:

زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
15/05/2010, 07:45 PM
مُمتنَّة يا ريم لأن إسمك ملأَ المكَان من بَعد فراغْ : )

ليلى العيسى
16/05/2010, 11:45 PM
تدريـن هذا الموضوع عرّفني بكِ أولاً فقد حسبتك يوما من الخليجْ
فإذا بكِ من بلدٍ شقيق "تونس الخضراءْ" و هذه أجملُ مفاجأةٍ على الإطلاقْ
ثم ماذَا .. ذكرتني بطفولتي قليلاً
أطرف واقعةٍ حدثَت لي أني كنتُ أسوق دراجتي و أنا أرتدي تنورتي القصيرة
و إذا بي أسقط "أنا محترفة السواقة" سقطة لازالت محفورةً في ذاكرتي .. لأني منذها نسيت كيفَ تُرتدى التنانير
زينب لك حدائقُ ياسمين أبيضْ
و كثيفُ مودّة ،

ليلى العيسى
27/05/2010, 10:24 PM
يحيَ مرّ وقتٌ طويل على هذا الصّديقِ الغريبْ
لستُ أدري إن أفلتَ من قبضةِ أبيهِ و أمهِ مغادرًا إياهما لذلك البلد "حلمه" الكبير
كانَ صديقَ عجلة .. لا أظنني عرفتُ اسمه منهْ لكني عرِفت حكاياته الصّغيرة و عرِفَ حكاياتي جميعها
و كأني أشبِه مقولةَ غادة في رسائلِ الحنين إلى الياسمين "كلّ الّذين يكتمون عواطفهم .. ينفجرون كالسيل إذا باحوا" .. هكذا كنتُ مع يحيَ انفجرتُ شلالاً و ضحكتُ في الأخير أتأسفُ له "هبالي" غير المتوقع لكنهُ كان صدرًا كبيرًا .. كان الحديثُ معه طِبابةً لنفسي .. كنتُ ألِجُ بيته الافتراضيّ أحيانا كي أرسلَ بعض التحيّات لكنني فُجِعت قبلَ عامينِ ربما بإغلاقه معللين ذلك بفسادِ التّفكير فيه .. لقد أدركتُ حينها أن صراحتنا أن لاءاتنا الكبيرة "قضيّة غير أخلاقيّة" .. تذكرتكَ في خضم هذا الفراغِ الكبير .. تذكرتُ أني خبأتكَ ككلّ الأشياءِ الجميلة في ذاكرتي التي لا تتسعُ إلا الأنقياء .. تساءلتُ أتراكَ تعود أم أن الأشياء الجميلة تمضِي بلا عودة؟!

:rose:

ليلى العيسى
28/05/2010, 09:00 PM
لي صديقةٌ أتجاذبُ و إياها أطرافَ الحديث .. ساعةٌ من القيل و القال .. ساعةٌ أخرَى من الذكريات .. ساعةٌ من البكاءِ على الأطلال
ثمَ ننتهي لأمرٍ واحدٍ دائمًا هو أننا "تيسة لا نتعلّم" تيسة يا صديقتي فالطّيبة التي تسكنُ كلّ نُقطةٍ في القلبِ لا تتعلّم أن تكونَ لئيمةً أمامَ الآخرين و إن كان "الآخرون هم الجحيم" كما قال سارتر .. صديقتي تعالي نبكي قليلاً تعالي نرفعُ راياتنا البيضاء نقول "شُكرًا للآخرين .. شُكرًا للجحيم"!

ريم عبد الرحمن
04/06/2010, 02:14 AM
لي صديقةٌ أتجاذبُ و إياها أطرافَ الحديث .. ساعةٌ من القيل و القال .. ساعةٌ أخرَى من الذكريات .. ساعةٌ من البكاءِ على الأطلال
ثمَ ننتهي لأمرٍ واحدٍ دائمًا هو أننا "تيسة لا نتعلّم" تيسة يا صديقتي فالطّيبة التي تسكنُ كلّ نُقطةٍ في القلبِ لا تتعلّم أن تكونَ لئيمةً أمامَ الآخرين و إن كان "الآخرون هم الجحيم" كما قال سارتر .. صديقتي تعالي نبكي قليلاً تعالي نرفعُ راياتنا البيضاء نقول "شُكرًا للآخرين .. شُكرًا للجحيم"!



كم تسحرني أحاديثك يا لولو :)

مودتي و flwr2

زياد محمد
28/06/2010, 12:38 AM
مطل جميل بكل شيء يا زينب ..

لي عودة عليه ، و إكمال القراءة لما راق لي من قلمكِ ..

تحيتي لكِ

مجد الأمة
29/06/2010, 08:36 PM
كنتُ أحلم في صغري أن أصبح طبيبة حين أكبر، وظلّ هذا الحلم في قلبي رغمَ علاماتي السيئة في مادة الرياضيات،
وحين تفاقمَ كرهي لهذه المادة بدأ ذلك الحلم يزولُ شيئًا فشيئًا برغوة اليأس ،
ولكن في المرحلة الثانوية إختلفَ الوضع نوعًا ما ، وجلس اليقينُ مكان الحيرة في رأسي،
لأني إكتشفتُ حبًّا عظيمًا لمادة الإنجليزية ، وهذا الحب جذّرهُ بي أستاذي في المادة، الذي كان متمكّناً جدًّا في أسلوبه التعليمي،
ولم أسقط في مادة الإنجليزية بتاتاً مذ درسني ، بل كانت هي أكثر مادة تميزتُ بها،
ولكني في نفس الوقت كنتُ متعلّقة بمادة العربية ، إلى أن جاءت إختبارات البكالوريا القوميّة ، وكانت الدرجة التي نلتُهاَ في مادة العربية مثل الصعقة ، فقد كانت في منتهى السوء رغمَ يقيني بأني أبليتُ البلاء الحسن في الإختبار الذي كان يدور حول رسالة الغفران لأبي العلاء المعرّي ..
بينما درجتي بالإنجليزية كانت ممتازة،
ولهذا قررت أن أتخذهاَ في الدراسة الجامعية

وأنَا كَان لِي نفس الحُلم، وقضيْتُ طُفولتِي أحلمُ أن أصبحَ جرَّاحةَ أعْصَاب:D
ومِثْلُكِ تمَامًا، ففي المرْحَلة الثانوية تعلَّقتُ جدًّا بالعربيَّة وكُنتُ أرسُب في مَادة الفِيزياء ( وهي مهمَّة لأحصل على معدل يؤهلني لدراسة الطّب )، والآن، أشعر بقلقٍ شدِيد وخوْفٍ منَ النَّتائِج التِي ستظهر بعد أيَّام، حتَّى إني بتُّ أدعو الله كُلّ يوم أنْ لا أحصُلَ على مُعدل جيّد فقطْ كي لا يُجبرنِي والدِي الطّبيب على دِراسة الطّب :(

أحْبَبْتُ جدًّا حَدِيثَكِ ..
لرُوحِكِ :rose: