إملاءات المطر   إملاءات المطر


معطف [ الكاتب : مصطفى معروفي - آخر الردود : مصطفى معروفي - ]       »     مراحب [ الكاتب : فتحية الشبلي - آخر الردود : فتحية الشبلي - ]       »     آخر الأنقياء العابرين.! [ الكاتب : رداد السلامي - آخر الردود : رداد السلامي - ]       »     قصة حزن نوف [ الكاتب : خالد العمري - آخر الردود : خالد العمري - ]       »     مطر.. مطر [ الكاتب : أحمد بدر - آخر الردود : أحمد بدر - ]       »     حنانيــ .. آت ! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : عبد العزيز الجرّاح - ]       »     ما أجمل أن..! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     ركن خافت و [ أَشياء لن تهم أَحَداً ، ... [ الكاتب : ريم عبد الرحمن - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     .. وَ .. [ الكاتب : أسامة بن محمد السَّطائفي - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     افتقــــد !! [ الكاتب : ضحية حرمان - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »    


العودة   إملاءات المطر > الإملاءات الأدبيـة > حرائـر غيمتي
التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

حرائـر غيمتي هنا .. تستأثر أنت بصوت حرفك وأصدائه.


مُدّي ضوءكِ . . حتى تُشرِقَ الحياة . ( قِصة )

هنا .. تستأثر أنت بصوت حرفك وأصدائه.


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17/02/2011, 05:13 PM
مَدى مَدى غير متواجد حالياً
موقوفة
 



مَدى will become famous soon enoughمَدى will become famous soon enough
Smile مُدّي ضوءكِ . . حتى تُشرِقَ الحياة . ( قِصة )






اهداء :

- إلى الحُب ..
الذي يزورنا فيشعِرُنا بِ أنّ الدُنيا حمراء , و أنّ أحلامنا تفيقُ بعدَ دورانِها على صوتِ غنائِهِ .
- إليّها ..
و هيّ تعشقُ فيهِ حتى فوضاه .. و تتقاسمُ معهُ الهوى , حتّى في الشرايين .
- إليّهِ ..
و هوّ يضعُ قلبها على صدرهِ .. و يُغني حتى يغفو الغياب و يضيعُ الرحيل .



تحذير :
السردُ هُنا .. طويل , و مُغرِق : ) !
 
توقيع :  مَدى

 

كيفَ برجلٍ مثلكَ أن يتسلل من حُلمي الى صدري , ليوقظَ برائحتهِ حُباً يَكتُبُني ! *

[/COLOR]
قديم 17/02/2011, 05:15 PM   #2
مَدى
موقوفة
افتراضي (1)

- بدايّة السرد : حنينُ حبيب .

هاتِ يديّكِ , هاتِ قلبكِ , هاتِ روحكِ فمازالت حقيبتي تتسعُ لِـ كُلِّ أشيائِكِ . . هاتِ بقايايّ , فما أنا فاعِلٌ بِ جسدٍ بِلا روحٍ وحدي !
عندما أسيرُ في شوارِعِ برلين , و صوتُكِ يأكُلُ قلبي كُلّه , فلا تتركينَ لي قلباً رطِباً يتجوّلُ في أزقهِ المدينة , في وجوهِ الصبيّات , خلفَ ضحكاتِ الأطفال , و فوقَ حكايا المُسنين , و تجاعيد المباني العريقة !
تأتينَ كـ الماءِ في ذاكِرتي , تغسلينني مِن حُزني و مِن مُخلّفاتِ هذهِ الغُربة , و تقعينَ عليّ كُلّي , فما أعودُ أعلمُ هل يتسربُ الماءُ إلى صدري مِن بكاءِ السماءِ أم من بُكائِكِ خلفَ جفني !
أعلمُ أنّ كُلّ الخرائِطِ لن تفسِرَ حجمَ المسافة الحقيقيّة بينَ قلبكِ و عيني , و أعلمُ جيّداً أنّي أقربُ مِن نبضِكِ لنفسِكِ , و لكنّي مُرهق يا حبيبةَ عُمري , وحيدٌ أقاسِمُ ملامِحَ وجهكِ مع فُنجانِ قهوتي , أشمُ رائِحتكِ في خُبزِ صباحي , و حديثُكِ لا يُغادِرُ صفحاتِ جرائِدي !
و أراكِ تتلونين في فصولِ هذهِ المدينةِ , و تتلوّنُ المدينةُ فرحاً بِكِ , و أنا أقفُ على إحدى الطُرقِ أتمنى لو أنّ المدينة كُلّها تتلوّنُ بِ لونِ عينيّك !
فأشتهي سماءها و أرضها , و أشتهي أزِقتها , و أشتهي النظرَ في سُكانها , كما كنتُ أشتهي تقبيلَ عينيّكِ في خيالي , لأرتسمَ أنا و قُبلتي كما الكُحل في عينيّكِ ,
و أراكِ على وجهِ الشمسِ تظهرين , فتذوبُ الشمسُ و تبكِ المدينة !
فأتمنى لو أنني بِ جناح , لِـ أصلكِ و أخوض عبوراً في ساحاتِ عشقكِ مرّة أخرى , فقط لو أنني أستطيعُ لمسَ كفّكِ , لكنتُ بأفضلِ حالٍ الآن !
كفّكِ تلكَ المُعجزة الإلاهيّة التي خُلِقت لِـ تكونَ منزلي , و وطني , و عُمري , و كُلّ أحلامي , و مُنايّ !!
لا أظنني بِ خيّر , فأنا لم أستردَ رُشدي بعد , مِن عناقِكِ الأخير ,
أبقيّتُ بِ " قُصيّ " كُلّهُ بينَ ذراعيّكِ , و سافرتُ بِ جسدي عنّكِ , ربما ظننتُ أنّي سأروّضُ هذا الجسدَ و أكسِرُ بِهِ حُزنَ الدُنيا , دونَ أن تمدي لي ذراعيّكِ كـ ملجأ ,
و أظنني فشلت .

أحبكِ , و أحبكِ كُلّما سكنت بحةُ صوتُكِ مدينتي !
.. انها تُمطر ,
تعالي إلى قلبي , قبلَ أن تسرِقكِ أماني المَطر , بعيداً عنّي !
أؤمنُ أنّ الأماني ستنطقُ يوماً و لكنّها تحتاجُ لِـ وقفةِ فرحْ , و أنا لستُ مكتظاً بالسعادة مِن بعدكِ , و هذا المَطر يُحرقني ببطء .. لهذا فـ أمنياتي حتماً لن تُصيب و أنا أتقاسمها معَ نفسي !
و كونكِ لستِ معي , فلا شيء يأتي بِ الدفء إلى صدري , و لا شمسَ تُشرِقُ في يومي , و لا مطرَ يبعثُ الفرحَ في نفسي , أشعرٌ بِ وعكة بسببِ غيابِكِ , و هذهِ المدينة تُرشِدني ممراتُها إتجاهَ إحتياجِكِ !
مازلتُ صامِداً أتخيّلُكِ تُطبطبينَ على الرجلِ الذي أحبّكِ و مازالَ يُحبّكِ , و أخافُ أن ينهارَ صمودي أمامَ صوتِكِ , فأنهار بِ بكاءٍ كـ الأطفال دونَ توقف , لهذا أنا لا أجرؤ على تحمّلِ صوتِكِ المسكوبِ مِن أسلاكِ هاتفٍ بارد !
تنامينَ على صدرِ مدينتي القديمة , تتوسدينَ أحلامنا القديمة , تستيقظينَ على صوتي في ذاكِرتكِ , توقظينَ السماءَ عندما تتفتحُ عينيّكِ و أنا في مدينتي هذهِ أتبعُ ظِلَ ظِلّي .. فلا يعبُرني ضوءٌ و لا أقعُ في شَرِّ ضحكتكِ المجنونة , فهل أبدو لكِ أنّي بخيّر !
ضحكتكِ كانت تسرِقُني مِن كُلِ الناسِ , فأتوّجُ ملِكاً في صباحٍ حملَ صوتَكِ . . تعالي و أنظري لِـ حالِ ملككِ , و هوّ يتقاسمُ ذاتَ الرغيفِ على أيامِ الشهرِ كافة , خوفاً من أن ينتهي الرغيفُ و تنتهي معهُ رائحةُ أصابِعكِ . . أنظري إليّ و أنا مريضٌ بِكِ , أشكو غيابكِ لِـ ستائر السهر !
و أخفيكِ في جيوبِ أمتعتي كُلِّها , حتى لا تسرقكِ الرياحُ كُلّما طرقت نوافِذي , حتى لا أنتهي من امتدادكِ داخلي !
و أسجلُ إعرافاتي كُلّها فوقَ نورِ القَمر , مازلتُ أتوجعُ كُلّما تذكرتُكِ و أنتِ تُقبلينَ قلبي , و أتوجعُ كُلّما ذكرتُكِ و أنتِ تُبدلينَ ثيابِكِ بِ دورانكِ بينَ أصابِعي , و أتوجعُ كُلّما ذكرتُكِ و أنتِ تتخذينَ مِن حُضني لكِ سريراً , و أتوجعُ جداً جداً كلّما ذكرتُكِ و أنتِ تُقبلينَ عينيّ بِ شفتين أرقَ مِن دمعِ النَدى !
و ايماني بِ أنّ لا طبيبَ و لا صديق , سيشفيني من هذا الوجع غيّركِ , و لا بشر سيخرِجُني مِن حالتي هذه كما تفعلينَ أنتِ , يزيدُ من وجعي !
منذُ أن وصلتُ لِـ هذهِ المدينة , و أنا لا أكمِلُ إرتشافَ كوبِ قهوتي , خوفاً من أن أبحثَ عنكِ في آخرِ الفنجانِ فلا أجدكِ !
و لا أرفعُ رأسي لأواجهَ السماءَ , خوفاً من أن أنتشي بِكِ حُلماً , فأقع في مصيدةِ عينيّكِ , أتشبثُ بِ رمشِكِ .. فألقي نظرة إلى داخِل عينكِ , و أظنُ أنّي دخلتُ الجنّة , فتسقِطُني دمعهُ شوق , و تُبعثِرني مع رياحِ هذهِ المدينةِ التي لا ترحم !


يتبع
توقيع :  مَدى

 

كيفَ برجلٍ مثلكَ أن يتسلل من حُلمي الى صدري , ليوقظَ برائحتهِ حُباً يَكتُبُني ! *

[/COLOR]
مَدى غير متواجد حالياً  
قديم 18/02/2011, 08:44 PM   #3
مَدى
موقوفة
افتراضي

- دونَ خجل : أخبئ بُكاءً يَخُصّكِ .

من أغبى الحيلِ التي تمسكتُ بِها في هذهِ المدينة : حيلة السعادة !
فكنتُ أكتبُ رسائِلي إليّكِ , و أحدِثُكِ بِ صوتِ الفرحِ الذي عجنتهُ طويلاً في حُنجرتي حتى يظهرَ لكِ في رسالة , بِ أناقة .. تجعلكِ تظنينَ أنّي بِ خيّر , و أنّي ماعدتُ أبحثُ عنّي في صوتِكِ !
لم أكن أنتظِرُ حضوركِ , كنتُ على يقين بِ أنّ صوتَ رسائِلي سيخفي حسرتي بعيداً عنّكِ , و أنكِ ستنامينَ و تطبعينَ على خديّكِ كُلّ الأماني أن يديمَ الله عليّ سعادتي !
و عندما أنتهي من رسائِلي , أحرِقُها , و أحرقُ معها كُلّ الأماني .
في الحقيقة , ما كنتِ تغيبينَ عن خيالاتي , و كنتِ تُباغتينَ أوهامي عندما تحمِلنُي إلى بُكاءٍ عميق , لم أبكِهِ طيلةَ حياتي !
كانت الدموعُ تُحاصِرني كُلّما تذكرتُ وجهكِ و أنتِ تُخيرينني بينَ البقاءِ معكِ , و السَفرِ وحيداً .. !
لا أدري حينها كيفَ ظننتُ أنّي سأتحمّلُ هولَ عبوري لِـ مدينةٍ أخرى و أنتِ لا تُمسكينَ بِ يدي , و لا تقودينني خلفَ خطواتِكِ !
أصبحتُ مؤخراً أظنُ أنّ هذا الحُزنَ تسببتُ بهِ لنفسي , عندما فضلّتُ السعيَّ وراءَ أحلامٍ قديمة , تغيّرت منذُ أن خُلِقتُ مِن جديدِ بِ عمرٍ جديد حملكِ إليّ , و لم أدرِك تغيّرَ سيرَ أحلامي إلا هُنا , و أنا أحاولُ إلتقاطَ أنفاسي خلفها , بِلا جدوى ... وجهكِ فقط ما يتراءى أمامي!

توقفَ المَطر , قررتُ بعدَ ثلاث دقائق من الوقوفِ على عتبةِ بابِ الغُرفة , أن أخرجَ و أتسكعَ في الشوارع , علّ الماء الراكِدَ على تلكَ الشوارع يغسِلُ شيئاً مِن كآبتي .. و كي أغتسِلَ بِ شيءٍ من الشمسِ حتى لا أفقدَ رائِحةَ الشمسِ مِن جلدي !
هذهِ الشوارِع تمتلئ بِ الفتيات , و لكن من منهنّ تستطيعُ أن تُرافِقَ رجُلاً يحمِلُكِ في كُلِ أجزائه !
فكرتُ في تضييع الوقت بِ التنقلِ بينَ المتاجر و البحثِ عن متاجِرَ صغيرة غيّر مكتظة بِ النساءِ , فكرتُ أن أذهبَ إلى متجرِ العمِ مصطفى , هذا الرجل تُركيّ الأصل و يتحدّثُ العربيّة كما لو أنّهُ ولِدَ مِن رحمِ قاصّةٍ عربيّة .. لديّهِ مِن الخِبرة ما تطغى على تجاعيدِ جسدهِ النحيل , شعرهُ أشعث , و ابتسامتهُ كسيرة , هوّ لا يحدثني عن نفسه لهذا أنا لا أعرفُ كيفَ أخذَ الحُزنُ طريقاً لصدرهِ , و لا أعرفُ عنهُ سوى سوء الحَظ .. و لعلّ حظهُ هذا ما دفعني لِـ أظنّ بِ أنّي الآن أشبههُ تماماً .. و أنّي أحتاجُ أن أتحدّثَ معهُ عن حظي الذي ماعادَ يبتسمُ منذُ ابتعدتُ عن دائِرةِ ضوئِكِ !
اشتريتُ بعضَ الكعكِ في طريقي , و سرتُ إليّهِ مُحمّلاً بِ الشكوى , و أنا أراقِبُ خطواتِ الفتياتِ و هنّ يتمايلنَ و يتجملّنَ بِ خطواتِهن .

.. السلامُ عليكم .
.. و عليكَ السلامُ يا قُصي , كيفَ أنت ؟
.. نصفُ مرتاح .
.. و أينَ ذهب النصفُ الآخر ؟ " مُمازِحاً "
.. زارتني في منامي بِ الأمسِ أيضاً . " مُتجاهِلاً دعابته "
.. جميل .
صمتَ كِلانا .. كُنتُ أفكِرُ هل " جميل " تعني أن أكمل , أم أنّهُ مَلّ مِن شكوايّ قبلَ أن تبدأ !
ثُمَ أكملَ مُتسائِلاً :
.. و كيفَ بدت ؟
.. نصفُ مرتاحه .
.. هل تركت لكَ خبراً أو رسالة ما ؟
.. كانت تلفُ سجائِري بِ ورقِ رسائِلي ... و تُدخِنُها !
.. اذاً هيّ مُدمنة .
.. أقسمُ لكَ أنّها ما دخنت سيجارةً مِن قبل ! " بِ إنفعال و كأنّهُ شتمكِ "
.. أقصد , مُدمنة لِـ رسائِلك . . لِـ حديثك ربما .

صمتَ و أنا إبتلعتُ إنفعالي .. ثُمَ قال :
.. أكتب لها رسالة , بما أنّكَ لا تُريدُ الإتصالَ بِها عبرَ الهاتِف .

استأذنتهُ بِ الرحيلِ , و هوّ يُرتِبُ بعضَ الأشرِطة القديمة , فأهداني احداها و همس : هذهِ الموسيقى ستأخذكَ إلى الصواب !

حملتُ الشريطَ بِ كلتا يديّ , و كأنّ حياتي الآن متوقفه على هذهِ الموسيقى .. و سرتُ و أنا أتبعُ ظِلّي إلى غُرفتي و خيبتي مازالت تلحقُ بي !
في طريقي .. توقفتُ أمامَ إحدى المكتباتِ الكبيرة , إبتعتُ ظرفاً و بعضَ الورقِ الأبيض .. و قلمَ حبرٍ جاف .. و كنتُ كُلَ طريقَ عودتي أتمنى أن يكونَ المتجر القريب مِن غُرفتي مازالَ مفتوحاً لِـ أشتري مُسجِلاً , لعلّي اليوم أجدُ طريقَ الصوابِ أو يحمِلُني صوتُ ملاكٍ إليّكِ !
لحِقتُ بِ صاحِبِ المتجر و هوّ يغلقُ أبوابَ متجرهِ , طلبتهُ مُسجِلاً .. كانَ يرفضُ في بادئ الأمر إعداة فتحِ الأبواب , و لكنّ كُلّ اللهفةِ و الخوفِ المجتمعِ في وجهي , و ملامِحِ الموتِ التي بدأت ترتسمُ عليّ جعلتهُ يعيدُ إدارةَ المفتاحِ في قفلِ الباب ., دخلَ متجرهُ ليعود بعد دقيقتين و هوّ يحمِلُ مُسجِلاً .. أعطيه النقودَ و كثيراً مِن الشُكرِ , كما لو أنّهُ وهبني حياتهُ و ليسَ مجرّد علبة بلاستيكيّة بِ أسلاك !
دخلتُ غُرفتي مُسرعاً , على عكسِ عادتي ..
خلعتُ حذائي البنيّ , و المعطف الذي لم ينجح بِ إدخالِ الدفء إلى قلبي . .
أدرتُ الشريط على عجل , و رميتُ بِ جسدي فوقَ السرير , و أغمضتُ عينيّ , كي لا يخاف الصوابُ مِن عُمقِ عينيّ و غرقِهما بِكِ , فلا يأتِ !

بدأت الموسيقى تسرقُ شيئاً من روحي , الوضعُ كانَ يشبهُ الإختناق , كنتُ أشعرُ بِ قشعريرة تنمو على أطرافِ جسدي , أصبحتُ أرى وجهكِ و أنتِ تنظرينَ إليّ بعينيّن متأملتين , و صوتُكِ و كلماتُ الوداعِ أصبحت تطرقُ في رأسي , كـ أجراسِ الكنائِسِ هُنا , وتقرعُ في رأسي حنيني و خوفي و كُلُ لغاتِ العتابِ تجتاحُني , لم أعد أطيقُ هذا الاتساع , هذا العُمق الذي أغرقُ بِهِ وحدي ... أطفأتُ الموسيقى , و خضتُ بكاءً طويل .. طويلٌ جداً !



يتبع
توقيع :  مَدى

 

كيفَ برجلٍ مثلكَ أن يتسلل من حُلمي الى صدري , ليوقظَ برائحتهِ حُباً يَكتُبُني ! *

[/COLOR]
مَدى غير متواجد حالياً  
قديم 19/02/2011, 07:56 PM   #4
مَدى
موقوفة
افتراضي

- لستُ أنا , و لكنني أحاول :

بعدَ أن صارعتُ النومَ طويلاً لِـ يزورني , و ما كادَ يفعل .. فعلَ أخيراً و أخذَ بِ يدي , إلى أرضٍ خضراء لا تُشبهُ أرضَ وطني , منذُ أن أدخلني إلى تلكَ الأرض و قلبي تعلّقَ بِ كُلِّ شيء , كنتِ تقفينَ في الطرفِ الآخر مِن جسرٍ امتدَ مِن صدري إلى تلكَ الأرض , و تحملينَ في كفيّكِ دفتراً قديماً , و تقرأئينَ عليّ بِ صوتِكِ الحاني , و تُذكرينني بِ كُلِ عاداتي القديمة في وطني , و تقاليدِ شعبِنا المُسالم , ثُمَ أخذتي بِ يدي و وضعتِها على قلبكِ و قُلتِ : " حُلمُكَ لا يعني أن تنسى طينَ قلبِكَ و طينَ جسدِكَ و طينَ عينِكَ يا قصي " .
ثُمَ تلاشيّتِ معَ الريح !
استيقظتُ و أنا أشعرُ بِ العطش , ملأتُ كأسَ ماء , و أعطيتُ فِكري نُزهةَ سرحان , أمسكتُ بِ هاتفي النقال , بدأتُ بِ طلبِ رقمكِ , و أصابعي متثاقِله ع أزاريرِ الهاتف , بِ مجرّد إدخالي لِـ مُفتاحِ الوطن , غيّرتُ رأيي و قررتُ مُهاتفةَ أمي ,
فربما صوتُ دُعاءِ أمي , و حِرصِها المليء بِ النصائِح , و كُلُ نصائِحها التي حفظتُها عن ظهرِ قلب , ستخففُ عنّي حُزني هذا اليوم .
.. أمي .
.. قصي ؟ " و أشعرُ في سؤالِها شوقاً و لهفة , يجعلاني أحِنُ إلى العودةِ طِفلاً على صدرِها "
كيفَ أنتَ يا بُني ؟
.. أحببتُ المدينة يا أمي . " أجبتُ قبلَ أن تسأل , كي لا أغرقَ في البكاءِ مِن جراءِ سؤالِها , و أسقِطُ في قلبِها حُزناً لا يُلائِمُ دفءَ وجهِها "
.. الحمدُ لله , و كيفَ هيّ صحتك ؟
.. كالأسد , لا تقلقي .. أخبريني , كيفَ أنتم ؟
.. كُلّنا متلفهونَ لِـ عودتِكَ .. قصي , عِدني أن تتصرّفَ كـ ابني !
.. لا تقلقي يا أمي , لن يخذِلكِ ولدكِ الذي كبرَ على بياضِ قلبكِ .
.. بِ حفظِ الرحمن .
.. مع السلامة .
و أغلقتُ السماعة , ابتسمتُ و تمنيتُ لو أنّي وضعتُ رأسي في ذاكِرة فارِغة , و تركتُ كُلّ الذكرياتِ و الأصواتِ الدافئة على مُدرجاتِ الطائِرة , قبلَ صعودي إلى مصيري الجديد .
لم أكن أتصوّر أن خروجي من قوقعةِ مدينةِ جِدّة , سيغرِقُني في مدى لا أرى فيهِ غيّرَ وجهِكِ الحزين , و أراكِ في أحلامي تُهذبينَ بي تصرفاتي السيئة .. فأيّ وجعٍ أتحمّلهُ كُلّما تذكرتُكِ و أنتِ تُخيرينني بينَ حُلمي و بينكِ !
خرجتُ من غُرفتي مُتأخراً بعدَ أن قضيتُ اليومَ كُلّهُ و أنا أذكركِ و أنتِ تُصوبينَ إصبعكِ بِ إتجاهي كـ المُسدّس و تقولينَ : " سأقتُلكَ إن عاودتَ النظرَ إلى ساقيّ مُجدداً ! " , فأحدّقُ في وجهكِ و أنتِ غاضبة , فتضحكين !
كنتُ كُلّ اليومِ أتخيّلُ ضحكتكِ , و كيفَ أنّها تأتِ في كُلِّ مُحادثاتِنا كما لو أنّكِ تُقبلينني على كُلِّ حرفٍ يخرجُ و أنا بينَ يديّكِ و في حضرةِ نوركِ .
.. تسكعتُ طويلاً و أنا أجرُّ الليلَ خلفي , مشطتُ كُلّ الشوارِعِ و أنا أحاوِلُ الإمساكَ بِكِ في خيالي , و أنتِ تتمايلينَ أمامي في كُلِ الشوارِعِ , تبعتُ طيفكِ حتى اهتديتُ لِـ حانةٍ قريبة من غُرفتي , كانت منعجنة بِ الضحكات , دخلتُها علّ نوبةَ الضحكِ تنتقلُ إليّ !
.. أهلاً سيدي , أتريدُ كأساً ؟
.. نعم , لما لا . " ربما إن أصبحتُ سيئاً ستأتينَ إليّ في حُلمِ اليومِ لتوبيخي , فقد اشتقتُ وجهكِ و أنتِ غاضبة كـ ياسمينة قُطفت قبلَ أوانِ نضجِها ! "
.. ماذا تُفضل ؟
.. أيّ شيء ! " و لم أكن أعلمُ أنّ أيّ شيء تعني أثقلَ أنواعِ الكوؤس و أكثرها تأثيراً على اتزاني "
بدأتُ أشربُ الكأسَ تلوَ الآخر , و هذا الرجلُ البدين يملأ كأسي , و يملأ معهُ صوتُكِ في رأسي , حتى فقدتُ وعيي .. و بدأتُ أرى وجهكِ يقتربُ منّي , و ضحكتُكِ خُلِطت بِ ضحكاتِ الحانةِ و ما عدّتُ أميّزُ شيئاً !


يتبع
توقيع :  مَدى

 

كيفَ برجلٍ مثلكَ أن يتسلل من حُلمي الى صدري , ليوقظَ برائحتهِ حُباً يَكتُبُني ! *

[/COLOR]
مَدى غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:18 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها