إملاءات المطر   إملاءات المطر


معطف [ الكاتب : مصطفى معروفي - آخر الردود : مصطفى معروفي - ]       »     مراحب [ الكاتب : فتحية الشبلي - آخر الردود : فتحية الشبلي - ]       »     آخر الأنقياء العابرين.! [ الكاتب : رداد السلامي - آخر الردود : رداد السلامي - ]       »     قصة حزن نوف [ الكاتب : خالد العمري - آخر الردود : خالد العمري - ]       »     مطر.. مطر [ الكاتب : أحمد بدر - آخر الردود : أحمد بدر - ]       »     حنانيــ .. آت ! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : عبد العزيز الجرّاح - ]       »     ما أجمل أن..! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     ركن خافت و [ أَشياء لن تهم أَحَداً ، ... [ الكاتب : ريم عبد الرحمن - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     .. وَ .. [ الكاتب : أسامة بن محمد السَّطائفي - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     افتقــــد !! [ الكاتب : ضحية حرمان - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »    


العودة   إملاءات المطر > الإملاءات الأدبيـة > جدائـل الغيـم
التعليمـــات التقويم

جدائـل الغيـم للغتنا العربية الفصحى رائحةُ المطر .. وهذا المكان.


جحا والحمار الذي يغني

للغتنا العربية الفصحى رائحةُ المطر .. وهذا المكان.


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24/05/2009, 12:29 PM
علي الصيرفي علي الصيرفي غير متواجد حالياً
ناقد سوري
 


علي الصيرفي is on a distinguished road
افتراضي جحا والحمار الذي يغني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة
جحا والحمار الذي يغني
بقلم :علي الصيرفي

ما كنتَ إلا دمية في يد المخفي من الأوجاع ، ظل الزمن يقلب أوراقه عندك ، وأنت المنسي بين غبار الأشياء ونافذة الغرفة التي احتكرتك لمدة خمس وعشرين سنة ،زارتك كل الأطيار التي تغرد عند صباحات الوقت ، وأنت تتجمد خلف جدار الوهم، عندما أغلق عليك نوافذ صوتك ، وأخرج يده من بين الأوراق التي كتبها ،خرجت مثل النمر الجريح إلى شارع البلدة ، ورحت تلتقط أنفاسك التي تعثرتْ في الخروج من رئتيك.
رفعت يدك مؤشراً إلى سيارة أجرة أردت أن تركب فيها علك ترحم نفسك من مشقة الطريق الطويل الذي لا يمكنك قطعه دون وسيلة نقل تقلك إلى مقر عملك ، مرت عدة سيارات دون أن تتوقف إحداهن لك ، نظرت حولك فلم تجد سوى بائع الجرائد وعلب السجائر ، اشتريت جريدة ، قرأت عناوينها ازداد قلبك رعباً مما ورد فيها ، في الصفحة الأولى من الجريدة وفي زاوية قريبة من نهاية الصفحة، كتب عنوان بلون مغاير " كلب يغني ويعزف الموسيقى "؟ قلت في سرك وهل هذا يستحق الذكر في مثل هذه الصحيفة الهامة ،بعد الدقائق الخمسة التي انقضت وأنت تراقب كل السيارات والحافلات علك تتمكن من الذهاب إلى مقر عملك ولكن لم تتحقق أمنيتك، نظرت خلفك فوجدت عيسى بن هشام يركض بأقصى سرعته وخلفه دورية من مكافحة الشغب والمتنبي مكبل اليدين في داخل سيارة الدورية ،وإلى جانبه جحا وأشعب والأصفاد تتدلى فيما بينهم في تلك اللحظة اختبأ عيسى بن هشام خلف كشك الصحف ،وبسرعة أعطيته الصحيفة من يديك لأنك شعرت بأنه المطلوب الذي تبحث عنه الدورية ليتخفى خلفها ريثما يمرون من المكان ويظهر هو كمن يقرأ الجريدة دون اكتراث وليس هو الذي تلاحقه الدورية .
وقفت السيارة واقتلعتك من مكانك وزجت بك في داخل السيارة إلى جانب المتنبي وجحا ، الذي كان يضحك من أشعب وهو يتحدث عن آخر وليمة سمع بها وحديثه عن الأطايب التي ستقدم خلالها ، نظرتَ من نافذة السيارة ،وشاهدتَ عيسى بن هشام يقرأ الجريدة بنهم واهتمام والعرق يتصبب من وجهه دهشة وتوجساً من العبارات التي قرأها ، صاح عيسى بن هشام العرب استنسخوا جملاً !!! لكنهم لم يتمكنوا من استنساخ قنبلة ذكية أو قمر صناعي أو سلاح يدفعون به الشر عن أنفسهم .
كان الشرطي ينظر إليك وما لبث أن رفع صوته بوجهك :
وأنت ما سبب وجودك هنا يا أستاذ !!! نظرتَ حولك علك تعرف على من طرح الشرطي السؤال ؟ عرفتَ بأنه وجهه لك
هل تسألني
نعم أسألك يا أفندي ، هؤلاء كلهم مشتبه بهم ، لأن علاقاتهم فيها الكثير من الشبهات والتهم التي ستودي بحياتهم ، سيقبعون سنين في السجن ، خفتَ من تلك الكلمات التي قالها الشرطي ، قلتَ له بصوت مرعوب .
أنا موظف كنت أنتظر سيارة تقلني إلى عملي ، وفجأة ألقى رجال دوريتكم القبض علي دون سبب
ها .... وهل تريد إقناعي بهذا الكلام وتلك المنشورات التي وزعتها .
حرام عليك يا رجل والله بحياتي كلها لم أفعل مثل هذا الأمر ، ولا أعرف شيئاً عما تذكر ، ضحك الشرطي وقال :
قل هذا الكلام للمحقق الذي سينظر في مشكلتك وهو الذي يقرر ، وصلت السيارة إلى باب كبير ودرج رخامي عريض ،ولوحة كبيرة كتب عليها بالخط الديواني " قصر العدل" وعند الباب من الداخل لوحة أخرى كتب عليها "العدل أساس الملك " وسهم كتب عليه من هنا ـــــــــ> باتجاه المحاكم ....... أدخلنا الشرطي إلى غرفة صغيرة ذات باب حديدي أغلقه خلفنا بإحكام ، جلست مقابل الثلاثة وقد أنهكني الخوف والتعب وعدم الاستقرار كان المتنبي منشغلاً بقصيدة يقرّع بها كافور الأخشيدي يريد نشرها في الجريدة الصباحية ، أما جحا فكان يضحك مقهقهاً من حديث أشعب وتخيلاته التي تدل على ولعه بالطعام ، بعد ساعة من تواجدنا في هذا الغرفة البائسة ساقنا الشرطي باتجاه قاضي التحقيق ،دخلنا إلى جوف غرفة واسعة كان في وسط الغرفة طاولة فخمة جلس رجل وراءها بهي الطلعة يلبس طقماً جديداً وربطة عنق رائعة الألوان ويضع نظارة تدل على كثرة اهتمامه بالقراءة والكتابة ، قال بصوت عال :
أين المتنبي !!! ليتقدم نحو القوس
تحرك المتنبي واقترب من الطاولة نظر إليه القاضي وقال له ضع يدك على الكتاب المقدس واحلف :
أقسم بالله العظيم أن أقول الحق ، ردد المتنبي الكلمات وهو شارد الفكر متسائلاً عن السبب الذي يقسم من أجله تلك الأيمان
اسمك
أبو الطيب
عمرك يقال بأنني في الخامسة والأربعين
عملك
شاعر ووال وربما سأصبح أميراً .... اجلس وأجب عن كل سؤال يطرح عليك
في العد السابق من الجريدة ، شتمت الديوان الأميري والحاشية وشبهتهم بالنواطير النائمة ولم تكتفي بذلك بل تحدثت عن الغلاء وقطع الكهرباء وأنت المشهور بقصائدك التي تمدح بها الأمير والحاشية النبيلة وكأنك غيرت اتجاه البوصلة فما هو السبب
وجدت الناس دائمي الحديث عن تلك المنغصات يجلسون في المقاهي ويكيلون الشتائم للحاشية وحتى الجالسين في الحدائق العامة يسبون الحاشية ، كما قال لي الوراق بأن الناس ملوا من حديث السلطان عن التطور والمنتجعات لأن الغلاء لم يعد الكلام ينفع فيه فالكهرباء أغلى من كل الأشياء ( لقد اشتعلت الدنيا بالغلاء) نظر القاضي بوجه المتنبي نظرة اندهاش من كلامه
وأين قصائدك التي تحدثّنا فيها عن مروءتك وخيلك وسيفك وقرطاسك وأقلامك فهل كسرتها !! وسلكت طريق الهلاك
لا يا سيدي الغلاء والفساد هما اللذان دفعاني لخوض تلك القضايا قال القاضي
انتظر حتى نهاية التحقيق وبصوت عال ليتقدم جحا :
لقد سخرت من الحكومة واستهزأت بالوفود التي زارت البلاد فما بالك يا رجل وأنت الذي طلب منك الحاكم أن تعلم حماره ورضيت فهل تعلم ّ حماره يا جحا
نعم نعم يا سيدي لقد قطع شوطاً كبيراً في التعلم وصار يقرأ الصحف ويغني ويسر بمشاهدة التلفزيون وصور الفنانين والفنانات وهو يناقش أمور أصحابه الحمير في جمعية حقوق الإنسان والحيوان بكل ما يضايق زملاءه الحمير وبأمور تطوير حياتهم وتلبية حاجاتهم الحيوانية ، قال القاضي ومن يصدق هذا الكلام
اسألوا الحمار ياسيدي وسترى صدق كلامي وتسمع وجهة نظره في كل الأمور التي تريد أن تعرفها ، قال القاضي انتظر حتى نهاية التحقيق يا جحا ، ثم طلب من أشعب أن يتقدم ويقسم على قول الحقيقة ،وعندما انتهى، قال له القاضي:
مابالك تتحدث عن الأقمار الصناعية وتسويق المأكولات السريعة وتبيع التبغ المهرب والأسلحة وتدخل أسواق الرهونات غير الشرعية وتساعد تجار اللحم الفاسد
قال أشعب متعجباً
هناك التباس في الأمر وما نسب لي من تهم غير صحيح فأنا لا زلت أتتبع أخبار الولائم والموائد ،وأين تقام الحفلات ولست بصدد ما تقوله يا سيدي ؟فأنا لا أعرف أسرار التهريب ،ولا أرقام البورصة والدجيتال بل أعرف طعم اللحم وأنواع الرز والطيور المشوية والمحمرة
انتظر يا أشعب المحكمة
نظر القاضي إلى المكان الذي أقف فيه وقال :
تقدم أنت أقسم اليمين بأن تقول الحقيقة ... أقسمت اليمين
ما اسمك .... ولماذا كنت تقف في الشارع عندما جاءت الدورية ،قالوا :إنك كنت ترسم أشكالاً غريبة على الحيطان ، وتتبول فوق المروج الخضراء وتكثر من البصاق عندما تقرأ أخبار المدينة في صحف الصباح ،والأكثر خطورة يقال بأنك تمشي وأنت نائم ،وهناك توصية تقول بأنك الأخطر بين هؤلاء الموقفين ويجب إرسالك إلى مشفى للأمراض العصبية والنفسية .ساقني الشرطي نحو سيارة إسعاف كتب عليها مستشفى الأمراض النفسية والعصبية وانطلقت بي .
 
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:49 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها