إملاءات المطر   إملاءات المطر


معطف [ الكاتب : مصطفى معروفي - آخر الردود : مصطفى معروفي - ]       »     مراحب [ الكاتب : فتحية الشبلي - آخر الردود : فتحية الشبلي - ]       »     آخر الأنقياء العابرين.! [ الكاتب : رداد السلامي - آخر الردود : رداد السلامي - ]       »     قصة حزن نوف [ الكاتب : خالد العمري - آخر الردود : خالد العمري - ]       »     مطر.. مطر [ الكاتب : أحمد بدر - آخر الردود : أحمد بدر - ]       »     حنانيــ .. آت ! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : عبد العزيز الجرّاح - ]       »     ما أجمل أن..! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     ركن خافت و [ أَشياء لن تهم أَحَداً ، ... [ الكاتب : ريم عبد الرحمن - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     .. وَ .. [ الكاتب : أسامة بن محمد السَّطائفي - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     افتقــــد !! [ الكاتب : ضحية حرمان - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »    


العودة   إملاءات المطر > الإملاءات الأدبيـة > منابرٌ فوق السحاب
التعليمـــات التقويم

منابرٌ فوق السحاب نسمو هنا .. إلى أعالي الفكر وَالحوار والمقال الأدبي.


:: تحتَ المطــرِ ::

نسمو هنا .. إلى أعالي الفكر وَالحوار والمقال الأدبي.


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 23/03/2009, 07:30 PM
الصورة الرمزية خالد المعمري
خالد المعمري خالد المعمري غير متواجد حالياً
شاعر
 



خالد المعمري is a glorious beacon of lightخالد المعمري is a glorious beacon of lightخالد المعمري is a glorious beacon of lightخالد المعمري is a glorious beacon of lightخالد المعمري is a glorious beacon of lightخالد المعمري is a glorious beacon of light
افتراضي :: تحتَ المطــرِ ::

مساءُ المطر

.
.
.

تحت المطر ..



يذكرُ صاحبُ البيانِ والتّبيينِ أنَّ لفظَ "المطرِ في القرآنِ وردَ في مواضعِ الانتقامِ ، والعامةُ وأكثرُ الخاصةِ لا يفصلون بين ذكرِ المطرِ وبين الغيثِ" ، ورغم ذلك فالمطرُ ظلَّ حاضراً في حديثِ الناسِ سواءً كان نعمةً أم نقمةً ، فهو أقربُ إلى عواطفهم وأذهانهم ، فيأتي الاستخدامُ مأهولاً بأسرارِ اللفظةِ الأقربِ إليهم .

ويبقى المطرُ لغةَ الحياةِ ، فهو الماءُ المتدفّقُ في عُروقِ الأرضِ ، الواهبُ اخضرار الكونِ ، يرى فيه الأدباءُ روحاً تجمعُ بين قلوبٍ أنهكها الانتظارُ ، ولغةٍ جافةٍ ترفعُ أكفَّها نحو السّماءِ ، فكانوا – وحدَهم - العينَ التي أبصرته من بعيدٍ ومن قريب ، فانبرتْ أقلامُهم تتحدثُ عن علاقاته الحميميةِ . إنّها لغةُ الأقلامِ المتخيلةِ التي تبني من الصّورة فضاءً ممتداً بين المشرقِ والمغربِ ، فرسمتْ اللوحةَ كما رأتها أولَ مرةٍ ، يعبّرُ نزارُ عن عقدته المطريةِ قائلاً :

أخافُ أنْ تمطرَ الدنيا ولستِ معي
فمنذُ رُحْتِ .. وعندي عقدةُ المطرِ


فربطَ نزارُ عقدته مع المطر بالأنثى ، وهي صورةٌ متشكلةٌ في ذات الشاعرِ نتيجة البعدِ والفراقِ ، ويبني السّيابُ من المطرِ أنشودته الكبرى مازجاً بين الخلود والحرية المتحركة في أفق الحياة :

أتعلمينَ أي حزنٍ يبعثُ المطر ؟
وكيف تنشجُ المزاريبُ إذا انهمر ؟
وكيف يشعرُ الوحيدُ فيه بالضياع ؟
بلا انتهاءٍ – كالدم المراق ، كالجياع ،
كالحب ، كالأطفال ، كالموتى – هو المطر!


فجاء المطرُ معبراً عن أسرارٍ داخليةٍ يترجمُها النّصُ في مشهدٍ ثائرٍ ، متقمصٍ دور الحزنِ والوجعِ ، نازفٍ كل إرهاصاتِ الوجودِ . أما محمود درويش فاكتشف بيروتَ من المطرِ الذي رسمَ لوحةً خلابةً على صفحةِ البحرِ ، فجاء اسمُها مشتقاً من الطبيعةِ والجمالِ ، يقول في رائعته بيروت :

من مطرٍ على البحرِ اكتشفنا الاسمَ ، من طعمِ الخريفِ
وبرتقالِ القادمين من الجنوب ،
كأنّنا أسلافنا نأتي إلى بيروتَ كي نأتي إلى بيروتَ ...
من مطرٍ بنينا كوخنا ، والريحُ لا تجري فلا نجري ، كأنَّ الريحَ
مسمارٌ على الصلصال ، تحفرُ قبونا فننام مثل النملِ في القبوِ الصغيرِ



والواقع أننا اليومَ في أمسِّ الحاجة إلى المطرِ ، لا ليروي صحراءنا القاحلةَ فقط ، بل لنتعرفَ على معنى الحياةِ به ، نحتاجُ للمطرِ كما آمنَ به نزار كي نمزقَ عقدتنا الكبرى مع الآخرِ ، ونهدِّم الجُدُرَ التي بنيناها زمناً طويلاً والتي تشكَّلتْ عنها أوهامٌ حجبتْ عنا نورَ الشَّمسِ ، نحتاجُ لمطرِ السَّيابِ حتى نعلنَ عن ثورةٍ كبرى على تقاليدَ مزيفةٍ ألبستْنا التقوى والصلاحَ ، والانخراطَ في سلكِ الصالحين دون أنْ ندوِّنَ صحيفةَ عبورنا للماءِ المقدَّسِ ، نحتاجُ لمطرٍ درويشيٍّ كي نتعرفَ على ذواتِنا من غيرها ، عن تجربتِنا الحقيقيةِ في الحياةِ ، ودورنا فيها ، كي نتعرَّفَ على مدينتنا الأدبيةِ التي نطوفُ عليها سبعاً دون أن نطلقَ عليها اسماً يجعلُ منها مدينةً عظمى فاضلة ، نحتاجُ لكلِّ أمطارِ الكونِ لكي نفرِّقَ بين معنى القُبلةِ والقِبلةِ .

المطرُ علاقةُ السماءِ بالأرضِ ، وعلاقةُ النفسِ بالبهجةِ والسّرورِ ، وإذا استلقتْ كتاباتُنا تحتَ المطرِ فذلك لأننا نؤمنُ بقداستِهِ في بناءِ زرقةٍ معماريةٍ للنصِ ، وإذا رقصتْ على أنغامه فذلك لأننا على يقينٍ أن آخره اخضرارٌ يفضي إلى المعنى المتخيّل ، فَتَحْتَ المطرِ تسكنُ أقلامُ تجدُ لها مأوى هناك ، جازمةً أنَّ بعد الظّمأ ارتواءً ، وبعد الإبحارِ وصولاً لجزيرةٍ نائيةٍ .

إنها رحلةٌ رائعةٌ أنْ يجدَ الكاتبُ في المطر ثوباً واسعاً يَعْبُرُ من خلاله أجواءَ الحياةِ ، واضعاً نُصْبَ عينيه عاطفة مفقودة ، أو رحلة نسيها في أحد مدنه البعيدة ، أو طفولة خالدة ، حينها لن يترددَ على مسامعه سوى كلماتٍ كان يرددُها في طفولته لحظة صخبٍ : " مطر .. مطر .. مطر "




خالد علي المعمري



" المقال نشر بجريدة عمان ، ملحق شرفات الثقافي "
 
توقيع :  خالد المعمري

 أحتاج زمناً طويلاً كي أثبت أني يتيمٌ

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:35 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها