إملاءات المطر   إملاءات المطر


معطف [ الكاتب : مصطفى معروفي - آخر الردود : مصطفى معروفي - ]       »     مراحب [ الكاتب : فتحية الشبلي - آخر الردود : فتحية الشبلي - ]       »     آخر الأنقياء العابرين.! [ الكاتب : رداد السلامي - آخر الردود : رداد السلامي - ]       »     قصة حزن نوف [ الكاتب : خالد العمري - آخر الردود : خالد العمري - ]       »     مطر.. مطر [ الكاتب : أحمد بدر - آخر الردود : أحمد بدر - ]       »     حنانيــ .. آت ! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : عبد العزيز الجرّاح - ]       »     ما أجمل أن..! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     ركن خافت و [ أَشياء لن تهم أَحَداً ، ... [ الكاتب : ريم عبد الرحمن - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     .. وَ .. [ الكاتب : أسامة بن محمد السَّطائفي - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     افتقــــد !! [ الكاتب : ضحية حرمان - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »    


العودة   إملاءات المطر > الإملاءات الأدبيـة > جدائـل الغيـم
التعليمـــات التقويم

جدائـل الغيـم للغتنا العربية الفصحى رائحةُ المطر .. وهذا المكان.


أرانــــي

للغتنا العربية الفصحى رائحةُ المطر .. وهذا المكان.


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 10/06/2007, 08:51 PM
الصورة الرمزية مأمون المغازي
مأمون المغازي مأمون المغازي غير متواجد حالياً
 


مأمون المغازي is on a distinguished road
افتراضي أرانــــي

أَرانــــــــــِي

أَشْعُرُ بِالْجُنونِ يَقْتَرِبُ مِنِّيَ ، أَراهُ يَحومُ حَوْلِيَ ، حَوْلَ رَأْسِيَ ، يَطِنُّ في أُذُنِيَ ، دَوِيُّهُ يَسْري في عِظامِيَ ، لا يَعْرِفُ الرَّحْمَةَ ؛ وَكَيْفَ لَهُ أَنْ يَعْرِفََها وَقَدْ أَلِفَ هذا الْمَلْعَبَ مُنْذُ أَزْمانٍ ، بِهِ انْتَصَرَ انْتِصاراتِهِ الْخالِدَةَ الَّتي سَجَّلَها لَهُ تاريخِيَ ، الَّذي كُنْتُ أَعْتَقِدُ أَنَّهُ تاريخُ الْبَشَرِيَّةِ ، ولكِنَّهُ يَأْتيني وَحْدي ، يَأْتيني بِصِفَتي وَشَخْصِيَ . هُوَ الآنَ يَمْحَقُ خَلايا عِظامِيَ ، يَفُتَُ في مَفاصِلي ، أَشْعُرُ بِرَعْشَةٍ غَريبَةٍ فيها ، تَكادُ أَرْبِِطَتُها تَتَعارَكُ ، تَتَنازَعُ مِنْطَقَةً لا أَلَمَ فيها ـ وَهَيْهاتَ أَنْ تَجِدَ ـ ، تَدْفَعُ خَلَجاتِيَ نَحْوَ الصُّراخِ .
الصُّراخُ مُتَحَفِّزٌ الآنَ ، يُريدُ مُمارَسَةَ مَهاراتِهِ في جِهازِيَ الصَّوْتِي ، أَوْتارُ حَنْجَرَتيَ مَشْدودَةُ ، تَتَأَهَّبُ لإِطْلاقِ لَحْنِها الْمُنْخَنِقِ ، وَعَضَلاتُ فَكِيَ كَأَنَّها أَعْمِدَةُ الرَّفْعِ لِشاحِنَةٍ عِمْلاقَةٍ تَسْتَعِدُّ لِلَفْظِ الزَّلَطِ الثَّقيلِ الْمُحَمَّلِ فيها ، إِنَّها تَدْفَعُ بِقُوَّةٍ لإسْقاطِ فَكِيَ السُّفْلِي لِتُفْرِغَ زَلَطَ الصُّراخِ بِصَوْتِهِ المُتَناقِضِ عِنْدَ الارْتِطامِ مُحْدِثًًا الْجَلَبَةَ وَالْغُبارِ . أَتَصَوَّرُ أَنْ يَخْرُجَ مَعَ صُراخِيَ نَقْعٌ أَثارَتْهُ سَنابِكُ الْخَيْلِ الْمُنْطَلِقَةِ في صَدْريَ عَلى غَيْرِ هُدىً ، تَصْهِلُ هَوْجاءَ .
الرّافِعَةُ ، الصَّهيلُ ، النَّقْعُ ، وَالْكَمِّيّاتُ مِنَ الزَّلَطِ مُسْتَمِرَّةٌ في الدَّفْعِ كُلٌّ ووِجْهَتُهُ وَطاقاتُهُ ، وَسَنابِكُ الْخَيْلِ وَصَهيلُها وَالْجُنونُ ؛ كُلُّ هذا يَحُثُّني ؛ اصْرُخْ . أَطْلِقْ الْجُنونَ الْمُنْطَلِقَ مِنْ دِماغِكَ ، في دِمائِكَ ، إِلى عِظامِكَ ، يَأْخُذُ بِتَلابيبِ عَقْلِكَ .
عَقْلِيَ يَتَوَجَّعُ مِنْ هذا الضَّغْطِ ، لَيْسَ بِمُدَّعٍ ، بَلْ يَحْتَوي الْعالَمَ ، لكِّنَّ الْجُنونَ يَتَأَجَّجُ ، يَنْصَهِرُ الصُراخُ سائِلاً دافِقًا في فَمي ، تَتَكاثَرُ الْحِمَمُ ، تَصِلُ إِلى عَيْنَيَّ ، أَشْعُرُ بِكُلِّ هذا ، أَراهُمْ تَرَكوا الْواقِعَ ، يَحْتَلونَ كُلَّ الْمِساحاتِ في نَفْسِيَ ، في صَمْتِيَ ، في تَأَمُّلاتِيَ ، لَقَدْ احْتَلّوا نَفْسِيَ ، ضَرَبوا في رُبوعِها خَيْماتٍ مِنَ الْوَجَعِ ، يَرْصُدونَ نُجومِيَ ، وَيَقْرَؤونَ الطّالِعَ في فَلَكِيَ ، مَوائِدُهُمُ مِنْ لَحْمِيَ ، وَعَصائِرُهُم مِنْ ثِمارِيَ الَّتي لَمْ تَنْضُجْ بَعْدُ ، يَتَسابَقونَ في أُذُنَيَّ ، أَشْعُرُ بِخَفْقِ أَحْذِيَةِ الدَوْرِيّاتِ عَلى شَفَتَيَّ ( حَظْرُ تِجْوالٍ عَلى حُروفِيَ ) يُراقِبونَ فِكْرِيَ لا يَرْجونَ عَنْهُ حِوَلاً ،إِنَّهُمْ يَسْتَحِلّونَ نَفْسِيَ عابِثينَ بِها .
هَلْ هذا الْحُبَُ زَعْمٌ ، تَوَهَّمْت نَبْتَتَهُ تَرْفَعُ رَأْسَها لِلنّورِ ؟! وَيْحي مِنْ أَمْرِيَ ! أُناسِيُّ كَثيرٌ يَعْبَثونَ بِنَفْسِيَ ، يَنْقُضون أَمَلاً أَمَلاً ، الْجِنُّ يَبْنونَ مَمالِكَهُمُ النّارِيَّةَ ، الْمَلائِكَةُ الَّذينَ أَقاموا دُهورًا يَتَأَهَّبونَ لِلرَّحيلِ . الْمَلائِكَةُ ، الْجِنُّ وَالإنْسُ ، وَسورَةُ الرَّحْمنِ ، الصُّراخُ والْجُنونُ ، أَنا وَهِيَ ، أَنا وَهِيَ وَهُوَ ، وَهِيَ ، وَهُما ، وَهُم ، وَأَنْتُم ، وَالطّينِ ، وَالْوَجَعُ بِالْفَخَارِ الْهَشِّ ، الآهَةُ الْمَحْشورَةُ في الْحَنْجَرَةِ تَسْتَحي إِماطَةَ نِقابِها ، تَسْتَحي أَنْ تَرَوْا وَجْهَها الْبَريءَ ، فَآهاتُكُمْ زائِفَةٌ لَوْ تَعْلَمون ، رُبَّما آهَتي هِيَ الأُخْرى تَخْدَعُني ! ، وَالسَّماءُ تَخْدَعُني ! ، وَالأَرْضُ مادَتْ مُنْذُ أَزْمِنَةٍ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرونْ !
سَقْفُ الْمَكان ِيشَّقَّقُ ، الْوَهْمُ احْتَلَّ بَيْتَ عَنْكَبٍ حَقيرٍ ، يَتَدَلى بِخَيْطِهِ ، يُزْمِعُ الانْقِضاضَ . لَيْسَ في حاجَةٍ للتَّرَبُّصِ في هذه اللَّحْظةِ ، فالْجُنونُ يَطِنُّ في أُذُنَيَّ ، وَالنَّحْلَةُ الَّتي كَانَتْ تَطْبُخُ لِيَ الْعَسَلَ باتَتْ تَطْبُخُ لِيَ عَلْقَمًا مِنْ حَنْظَلٍ في قِدْرِ مُرِّْ .
أَراني الآنَ ، أَقِفُ مُواجِهًا ، أَراني أَتَمَدَّدُ ، أَتَمَدَّدُ ، تَنْتَفِخُ أَوْداجِيَ ، تَجْتَمِعُ الدِّماءُ ما بَيْنَ رَأْسِيَ وَنَحْرِيَ ، أَنْفَجِرُ ؛ لِتَنْطَلِقَ أَرْواحٌ كَثيرَةٌ مِنِّيَ إِلى الْفَضاءِ السَّحيقِ ... أَتَنَفَّسُ .

مأمون المغازي
18 / 5 / 2007

جريدة الراي الكويتية
7 / 6 / 2007  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:38 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها