"لا شيء ...!"

[زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي]

ككلّ الأشياءْ .... كانَ سقوطهُ من الأعلى .... إلى الأسفلْ ... !

مجنونٌ هوَ ...
ظنَّ أن الأرضَ تنتظرُ أمطاره،
وأنّ الشمسَ به وحده، تطرقُ أبوابَ الكسالىَ نومًا كل صبح!

كلُّ شيء حولهُ يذكّرهُ بخيبته الأولى،
تلكَ التي لم تفارقهُ حتى بعدَ أن تجاوزَ محنَ التسلّق وأصبحَ في الأعلى،

كلماَ تجرعَ ماء الحياة،
وارتدىَ ثوبًا يتغيرُ تلقائيًّا بتغير أفعالــه،
وانتظرَ القطار الذي لا يأتيه مساءًا إلاَّ وهوَ ثملٌ ببقاياَ مسافرينْ،

كلماَ نهضَ من فراش الشوك الذي يتوسّده،
وذهب حيثُ تذهبُ القدمُ كل يوم،

يتذكرُ خيبته الأولى،
حينَ رفضتهُ تلكَ العينان والقامة الجميلة على مرأى من زملائــه في قاعة الدرس،
لم يتصرفْ معهاَ بغباء،
ولكنهُ فقطْ أحبهاَ بغباءْ،
ألقىَ على دفترهاَ حينَ مرّ وردةً حمراءْ،

وتوقعَ منهاَ نظرة،
كلمة،
أو حتى بسمةً صفراء،
ولكنهاَ تجاهلــتــه،
وألقتْ بالوردة تحتَ الدفتر، ... لتُشنقَ أكثر، ويختنقَ هوَ عن بُعد !

أحبّهاَ بغباءْ،
ظنَّ أن الحب في الحياة يشبهُ ذلكَ المحكيّ في القصص،
وأنّ الكلامَ وحدهُ يكفي لتذوب القلوب،
ولكنه اكتشفَ أن القصص لو لم تكن خيالية لما احتملتها الأوراقْ،


ظلّ يسيرُ متكئًا على حذائــه اللامع بالغبارْ!
على درب هوَ وحدهُ من يفهمه،
لأنهُ الوحيدُ الذي احتملَ فظاظةَ وجوده!


قهوةُ صباحــه تلك،
لم تكُن حلوةً بالرغم من مكعبات السكّر الكثيرة فيها،
كانت مرَّةً بشكل لا يطاقْ،
ربما هي الأخرى، لم تُطقه،
فهي تنتظرُ رحيلهُ عن فنجــآنهاَ بصبر كل صباحْ،
وتدعوُ أن لا يعودَ إليهاَ من جديدْ،
لأنهَا تعبتْ من خدمته طيلة تلكَ السنواتْ!


*

لم يدركْ تعاستهُ إلى الآنْ....
لأنّ الأيامَ فصلتْ بينهُ وبينَ نفسه بمسافات ضوئيــة كثيرة!
حتى أنهُ لم يعرفْ أيّ الطرفين منفيّ ،
وأيّهما مخفيّ ... !




بقلمــي

(نقــآء. )