إملاءات المطر   إملاءات المطر


معطف [ الكاتب : مصطفى معروفي - آخر الردود : مصطفى معروفي - ]       »     مراحب [ الكاتب : فتحية الشبلي - آخر الردود : فتحية الشبلي - ]       »     آخر الأنقياء العابرين.! [ الكاتب : رداد السلامي - آخر الردود : رداد السلامي - ]       »     قصة حزن نوف [ الكاتب : خالد العمري - آخر الردود : خالد العمري - ]       »     مطر.. مطر [ الكاتب : أحمد بدر - آخر الردود : أحمد بدر - ]       »     حنانيــ .. آت ! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : عبد العزيز الجرّاح - ]       »     ما أجمل أن..! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     ركن خافت و [ أَشياء لن تهم أَحَداً ، ... [ الكاتب : ريم عبد الرحمن - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     .. وَ .. [ الكاتب : أسامة بن محمد السَّطائفي - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     افتقــــد !! [ الكاتب : ضحية حرمان - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »    


العودة   إملاءات المطر > الإملاءات الأدبيـة > حرائـر غيمتي
التعليمـــات التقويم

حرائـر غيمتي هنا .. تستأثر أنت بصوت حرفك وأصدائه.


] خ ـبايا الزوايا [

هنا .. تستأثر أنت بصوت حرفك وأصدائه.


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17/04/2007, 12:53 PM   #61
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي


نصيحة لـ متزوجة


كنت في محاضرتي ... لم يدخل الأستاذ بعد أرتب أوراقي حين انتبهت لزميلة تشكو زوجها لأخرى ... وتبدأ تلك الفذة بشرح حماقات لما يجب أن يكون ... حاولت عدم الاستماع ، لكن صوتهن أصرّ على دخول حجرات أذني من الأذن الخارجية ولج إلى الوسطى ليقتحم جدران دماغي الذي أنبئني أن هنالك بيتا وعن قريب سيضاف لبيوت دمرها زلزال النصائح الجاهلة ... أخرجت قرطاسيتي التي لا تفارق حقيبتي وكتبت ..


هل أنت متزوجة ؟؟؟؟
إذا خذي هذه النصيحة لدوام حالك واستمرار راحتك ...
لا تعط زوجك اكثر مما يستحق ... نعم
الرجال طماعون ... وان اعتادوا الكرم الفوه ، ثم استقلوه ثم قالوا هل من مزيد ؟؟؟!!!!
صدقيني ...
لا تجعلي في جيبه إلا مصروف يومه
وان حدث
وزاد الله في الخير له
اطلبي
تطلبي
وارغبي ولا تحرمي ذاتك .... فالرجال أنانيون لأنفسهم ، كرماء على نساء غيرهم بخلاء على أهل دارهم ...
أتعاني من أن زوجك يعشق الجمال ؟؟؟ ....

اعمي له عينيه ...
اعصبيهما على عجل ...
و اقطريهما بظلمة الأنين .....
أيعشق جمال الصوت فيشتهيه ؟؟؟ ....
إذا من السمع سيدتي احرميه ...
ولغيرك لا ينظر ، فلا تجعليه يستنظر ...

إن جاءك مادحا جمالك فاعلمي أن خلفه مطلبا ....
استبردي ...
لا تترددي ...
لا تنتظري مديحه فتدمنيه ....

دوما أطفئي عطشه بالعلقم ... وهل يحق للرجال غيره ...؟؟؟!!!

لا تتزيني .... وما حاجتك للزينة أمامه؟؟؟
لست عبدة له ..
بل اجعليه عبد رغباتك ....
املكي منه ما استطعت وكلما استطعت ....



سيدتي تلك نصيحتي ... لا تريه ما احب ... واجعليه يحب ما تريدين له أن يحب

وإذا في يوم ما ،، جاءك عاشقا سواك ....
أو ممسكا بذراعه امرأة أخرى ،،، لا تلطمي .....

لا تلعني .....
لا تقولي أنى السبب !!
و أن نصحي كان عجب
و أنني أضعت من حياتك زوجا ذهب ...

فلم اطلب منك أن تسمعي
و لا أمرت أن تطبقي
و لا انتظرت منك تنفيذ النصيحة

فقط نصحت
و رأيي قلت !!

آه ... صحيح ...
لا تستغربي ذات يوم ، أن يدخل وفي ذراعه امرأة أخرى اسماها زوجه
و باتت تشارككِ سيدتي نفسه
لا تلطمي سيدتي أن تكون حاضنة ذراعه أنا ....
نعم

أنا ...
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17/04/2007, 12:55 PM   #62
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي ثلاث قصص قصيرة للأطفال

1-

الفراشة الصغيرة



لم تتخيل الفراشة الصغيرة أنها ستبتعد عن منزلها هذه المسافة ... همست لصاحبتها ، يجب أن نعود ، أمي نبهتني ألا نخرج من المزرعة .. تعالت ضحكات الرفيقة : جبانة ، اعلم انك جبانة .. هيا .. تعالي سأريكِ زهرة عذبة العطر

حاولت ألا تستجيب لنداء رفيقتها لكنها لا تحب أن يقال عنها جبانة ، انطلقت مع رفيقتها حتى وصلتا لزهرة تفوح منها رائحة طيبة .. تمايلت الفراشة إعجابا برائحة الزهرة ، وتلك الألوان الجميلة التي تزين صفحاتها ، نعم يبدو عسلها طيب الطعم .. نظرت الفراشتان لبعضهما وانطلقتا كصاروخ موجه لقلب النبتة ، وانغمستا بين ثناياها تلتهمان قطع العسل المتناثرة بين زوايا حبيبات الطلع بنهم وشره ... نسيت الفراشة الصغيرة نصيحة أمها : إياك الابتعاد عن حدود المنزل ، إياك الاقتراب مما لا تعرفين أصله .. نسيت كل شئ إلا طعم حبيبات العسل ..

بينما استغرقتا بالتهام طعامهما المفضل سادت السماء ظلمة غريبة .. رفعت الفراشة الصغيرة رأسها بعد أن انبئتها قرون الاستشعار بخطر قريب ، ورأت الكارثة .. أوراق الزهرة ترتفع بهدوء ، هدوء شديد في محاولة لضم فراشتان حسناوان اكتشفتا انهما ضحية فخ نصبته الزهرة لهما لتكونا وليمة دسمة لمعدة جائعة !!

حاولتا التملص لكن الأوراق تضيّق الخناق عليهما حتى بات الموت وشيكا .. بدأ الاستسلام يدب فيهما إلى أن مُدّت ورقة صغيرة في قلب الزهرة تمسكتا بها جيدا لتنقلهما لجانب بعيد عن الخطر .. بتعب نظرت الفراشة الصغيرة لمنقذها ، كانت أمها ، ابتسمت بتعب شاكرة ، كان آخر ما سمعته من أمها : خبرتني جاراتي الفراشات أنكما ذهبتما باتجاه آكلة الحشرات ، فلحقتكما .. باتت تستسلم للنوم ولسانها يردد بثقل : أخر مرة يا أمي .. آخر مرة



2-

يوم سئ في ذاكرة عمار


عمار صبي في التاسعة من العمر ، مرتب ومنظم ، يستيقظ كل صباح ، يصلي الفجر ، ويتناول إفطاره وكأس الحليب الدافئ ويرتدي ثياب المدرسة ثم يتناول حقيبة الدراسة التي اعد برنامجها في الليلة السابقة ويذهب للمدرسة .. وهو طالب مجتهد ، يحل واجباته المدرسية ، ويحضر دروسه ، ويحرص على زيارة المكتبة العامة آخر الأسبوع واستعارة كتب تساعده في زيادة مداركه ومعرفته .عمار صبي ذكي يتقن لعبة الشطرنج ويفوز على أقرانه فيها ، وهو حارس مرمى ماهر أيضا ، قادر على صد أقوى الركلات حتى تلك التي تضربها قدم همام قلب هجوم المدرسة المنافسة لهم ...

ذات يوم يحضر أبو عمار حاسوبا للبيت مكافأة لولده الذكي لانه تفوق في دراسته ، وشبك الجهاز على ( الإنترنت ) وسمح لعمار باستخدام الجهاز ساعة يوميا بعد أن ينهي دراسته ، فرح عمار بهدية والده ، وكان يتمتع باللعب على الجهاز أوقات فراغه

سافر والد عمار إلى العاصمة لينهي بعض الأعمال المتراكمة وخبر العائلة انه سيتغيب تلك الليلة عن البيت ، في ذلك اليوم شغل عمار جهاز الحاسوب بعد أن عاد من المدرسة وشبك على ( الإنترنت ) بعد أن خبر والدته انه سيبحث عن موضوع لمادة العلوم ، وبدأ بتحميل برامج العاب قدم له صديقه روابطها .. يحمّل اللعبة ، ينزلها على الجهاز ويبدأ اللعب .. ساعة ، فأخرى .. وينتصف الليل وعمار جالس خلف الحاسوب

إنها السابعة إلا ربع ، استيقظ عمار هلعا ، لقد تأخر ، ارتدى ملابس المدرسة ، وخرج قبل أن يصلي الفجر ، ودون أن يغسل وجهه ، وركب باص المدرسة ، حين وصلها دخل صفه ، كم يشعر بالنعاس ، الأستاذ يشرح ، لكن عمار لا يفقه شيئا ، يتثاءب بكسل .. ما أجمل النوم – يهمس لنفسه - ، يفيق على صوت الأستاذ ، هيا يا أولادي اخرجوا الواجب .
الواجب ؟! أخ نسيت ... يقولها عمار في نفسه .. يتنبه الأستاذ للفتى فيقول له : عمار ، هل هناك شئ ؟؟

لالالالا يا أستاذ فقط ابحث عن دفتري ، فتح حقيبته ، فتش بين الكتب .. يا ويلي إنها حقيبة أختي لميس !!! لقد أخذ حقيبة أخته بالخطأ
الأستاذ يقول : من لم يقم بحل الواجب فليخرج عندي

لم يتقدم نحو الأستاذ إلا عمار .. نظر الأستاذ للفتى المجتهد باستنكار .. وبدل أن يوبخه انطلقت منه ضحكة كبيرة طويلة ، ما لبثت أن شاركتها ضحكات بقية الصف ... كلهم ينظرون لعمار ويضحكون ... نظر بهم متشككا ثم تأمل قميصه ، لا شئ خطأ ، بنطاله ، انه مكوي نظيف ، قدماه ... يا الهي ، ما هذا ؟؟ لقد نسي عمار ارتداء نعليه .. غصة متألمة في حلقه وعيناه تحبسان دمعهما بحرقة ، يشعر بالخزي .. لن يتأخر في السهر مرة أخرى ، سينظم وقته .. كم يتمنى لو كان يحلم


3-

التفاحة الأنانية




كانت شجرة التفاح تتمايل مع مداعبة النسيم لأوراقها طربا .. إنها فخورة بحبات التفاح الأحمر التي تزينها كنجوم خجلى ... تنظر لجارتها الزيتونة وتقول بغرور : انظري لي أنا أكثر شبابا منكِ ، أوراقي تتجدد كل عام ليس كأوراقكِ العتيقة التي لا تقبل السقوط في الخريف ولا ترضى التجدد في الربيع .. انظري لثمري انه احمر اللون ، يزين أغصاني ، تشتهيه عين الناظر ، لا كثمرك الصغير الحجم ، مرّ الطعم .. واستمرت تضايق جارتها بكلماتها الجارحة .. اقتربت شاة صغيرة جائعة من التفاحة وطلبت منها بعض الأوراق علها تطفئ صراخ معدتها الجائع .. ثارت التفاحة وصرخت بالشاة المسكينة التي استدارت تريد الذهاب ، نادتها الزيتونة العجوز ، وقدمت لها بعض الوريقات الطرية قائلة : لا تغضبي من التفاحة ، ما تزال صغيرة .. أكلت الشاة الأوراق وشكرت الزيتونة وانطلقت مبتعدة ..

بعد ساعة تقدم مجموعة من الصبية من شجرة التفاح ، قال أحدهم : تبدو الثمرات لذيذة الطعم ، فلنقطف بعض الثمر نأكله ، سمعت الشجرة كلامهم فأبت إسقاط بعض الثمر .. ضمت أغصانها وخبأت الثمرات بين الأغصان والورق .. وكلما حاولت يد أحد الصبية قطف تفاحة منعته الأغصان المتراصة .. غضب الفتية وقال أحدهم : هذه الشجرة بخيلة العطاء أنانية النفس ، كأنها لا تريد إطعامنا من ثمرها .. نظر الفتية لبعضهم وغابوا عن النظر .. تمايلت شجرة التفاح وقالت بفخر : لا أحد يجرؤ على إرغامي على مالا أريد . نظرت الزيتونة العجوز لها بألم ولم تتفوه بكلمة .. لحظات قليلة ويعود الصبية فتعود لتخفي ثمارها بين الغصون ..

يتوقف الصبية تحت ظلها ويخرج بعضهم مجموعة من الحجارة ، بينما كان يحمل الآخرين عصي طويلة ويبدءون بضرب شجرة التفاح فتتساقط الثمرات على الأرض ومعها غصون غضة تحمل أوراقا جميلة .. لحظات صغيرة ويعود كل شئ لحاله وتتضح الصورة ، شجرة محطمة ، مكسرة الغصون ، لا ثمر عليها ولا أوراق ، بدأت شجرة التفاح بالبكاء .. هزت الزيتونة العجوز أغصانها وقالت بألم ، لو فاضت نفسك بحب الخير ، لما حدث لك ما حدث .. أنت من اختار وعليك تحمل نتيجة أنانيتك في الاختيار ....
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17/04/2007, 12:59 PM   #63
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي

بعد الانتظار ...



قال نعم بعد طول رجاء .... تستطيعين الذهاب في هذه الرحلة ، بشرط أن تكون الرحلة الأولى والأخيرة ، قبلته بفرح موافقة ... حملت سعادتها على راحتيها الصغيرتين مع ورقة كتب موافقته عليها ...

كانت هذه أول رحلة مدرسية تقوم بها منذ دراستها ، هي الآن في المرحلة الثانوية وهذه الرحلة بمثابة وداع الصحبة قبل الافتراق ، لقد قاتلت باستماتة ليقبل والدها هذه الرحلة .... و أخيرا قال نعم ، أخيراً وافق بشرط أن تكون هذه الرحلة الأخيرة رغم أنها الأولى أيضا ، تبسمت وما الفرق إنها السنة الدراسية الأخيرة.

فرحت صويحباتها لذهابها معهن ، خططن ماذا سيرتدين ؟ ماذا سيحضرن معهن ؟ كم سيأخذن من مال ؟ أين سيجلسن بالباص ؟ حلمن وشاركتهن الأحلام ...

وكان اليوم الموعود ، لم تنم ليلتها تلك ، بقيت تحادث اختها الصغرى النائمة عن كل ما ستقوم به ، في الصباح كانت اول من افاق ، توضأت وصلت ، ذهبت للمطبخ وحضرت بعض الشطائر ، وحين بدأت بارتداء الثياب التي خططت للبسها منذ ايام ، اخبرتها امها ان والدها اختار لها ثياب الرحلة ، نظرت ، يا ربي انها ثياب المدرسة ؟؟؟ أذهب الرحلة بثياب المدرسة ؟؟؟ علمت ان هذا شرط والدها و الا .... اقنعت نفسها – الرحلة ما اريد ، لا شئ اخر ، تعلم ان تنازلها هذا شيئا تكرهه ولكنها لن تلغي رحلتها ، حتى ولو كانت المسألة مسألة مبدأ...

حين همت بالخروج ناولها والدها مصروفها ، اياكِ اللف والدوران ، هكذا البنات في الرحلات .... بلعت غضبها وشك والدها ولاذت بالصمت ، تريد ان تفرح ولن يعكر خوف ابيها فرحتها ، حتى ولو كانت المسألة مسألة مبدأ ....

وصلت مدرستها ، كان رفيقاتها ينتظرنها ، جلسن ، تحادثن ، وصل الباص ، جلسن في المقعد الخلفي كما اتفقن سابقا ، في الثامنة سيتحرك الباص .
الساعة الان الثامنة والربع ، المعلمة المرافقة لم تحضر بعد ، بدأ القلق يسيطر عليهن ، الساعة الآن التاسعة إلا ربع ، صعدت المعلمة المسؤولة الباص وأعربت عن أسفها عن التأخر، تنفسن الصعداء ، طالبنها بالتحرك لتعويض التأخير ، اعتذرت وأخبرتهن أن التربية قد ألغت الرحلة لأسباب تجهلها ، وطمأنتهن ، الفصل القادم سنحاول الحصول على رحلة أخرى ...
تفرقت البنات بعد أوهام وأحلام دامت لحظات ... حزنت معلمتهن على فرحتهن التي لم تتم ، وحين همت بإغلاق المدرسة والمغادرة وجدتها جالسة على الرصيف وراسها محني مكسور.
توجهت نحوها فعرفتها ، جلست جوارها وسألتها ما يبكيها ؟؟
مسحت دموعها وقالت : الرحلة ألغيت !!!
أخبرتها المعلمة ألا تحزن ، الدنيا لن تنتهي اليوم ، الفصل القادم سنحصل على رحلة - هكذا قالت –

وما الفائدة ؟ حدثت نفسها بعد أن نهضت ، هي وحدها من يعرف أنها لن تتمكن من الذهاب إلى أي رحلة أخرى ، في نظر والدها الرحلة قد تمت بغض النظر عن الواقع ، المسألة مسألة مبدأ ، توجهت نحو منزلها وألف ألف دمعة في عينها ، فكيف لمن أبكاه حظه أن يكون نفسه مسعده ؟؟؟
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17/04/2007, 01:00 PM   #64
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي

عائلة فهيم




فهيم أب لعائلة متماسكة ، يعمل ليوفر أسباب العيش الكريم لها ، يطمح بمستقبل مزهر يفوح منه ابن عظيم يخدم مجتمعه ويبني طموحه فيصعد سلم النجاح بقوة ، وابنة تكمّل رسالة ونهجا ، وتمضي للنجاح بخطى ثابتة ... ترك مسؤوليات البيت لزوجته الحنون ، لها تربية الأولاد ، وتعليمهم حقوقهم وواجباتهم ، وعليه هو توفير أساليب النجاح لهؤلاء الأولاد ...


دخل بيته ذات مساء يحمل كدّ الصباح وأوراقا تحتاج لسهر ليل مضني ... كان الصغار في عالم النوم يهنئون ، جالس زوجته واطمئن منها على وضع أطفاله وهل لهم حاجات يريدون من الأب الحاني توفيرها لهم ، جاءه صوتها ، انظر خلفك يا فهيم ، نظر ، فإذا بلوحة كبيرة معلقة على الجدار ... نهض نحوها ، وفاضت بسمة رقيقة ، تلك خاطرة كتبها ولده ، ياله من أديب كبير ، وهذه قصة كتبتها صغيرته ، ما تزال الطفلة مبتدئة ... وهنا نصيحة ، وهناك رسالة شكوى من أحد الأولاد عن أحد اخوته ... وقف أمام اللوحة قرابة الساعة ، وعاد لمكانه قائلا : دعيهم يخرجون ما في جوفهم ، وسأحرص دوما على الاطلاع على تلك اللوحة لأصل لمكنونات أولادي

وهكذا الحال كل يوم ، ولشهور عديدة ، الأبناء يضعون فكرهم ، وهو يتابع بصمت وهدوء وحذر ، ثم يعطي زوجته الرؤوم رأيه واقتراحاته التي تحتاج منها تنفيذا ، إلى أن جاءته ذات مرة ، وبدءا يتحدثان عن حياتهما ، ومستقبل الأولاد

- فهيم ، أينك من أولادك ؟؟؟
- ماذا تقولين ؟؟؟ أنا معهم دوما ، أراقبهم ، ألحظهم ، وأبني أساسات عائلتنا
- أينك من أولادك ؟؟
- بربك ماذا تريدين ؟؟؟
- ألم تفهم يا زوجي العزيز ؟؟
- أفهم ماذا ؟؟
- تلك اللوحة المعلقة على الجدار
- أراها ، وأنت تعلمين حرصي على متابعتها وفهم عقل و فكر أبنائي
- وبعد ؟؟؟
- ماذا أكثر من أن ألبي لهم حاجاتهم ؟؟؟
- قربك منهم يا فهيم !
- قربي أنا ؟؟؟ وهل أنا بعيد عنهم ؟؟؟
- أكثر مما تعتقد .
- هل شرحت ما تريدين زوجتي ؟؟
- أنت وأنا وأولادك ، تكامل لبناء بدأ ليكمل الطريق
- تابعي .
- لكنك بعيد عنهم ، بعيد عن فكرهم ، بعيد عن عقلهم فهيم .
- بربك ، أعلم ما يريدون ، وافهم ما يحتاجون ، والبي دعواتهم ورغباتهم ضمن امكاناتي
- وماذا يعلمون هم عنك ؟؟
- .....
- أقصد ، أنت عرفتهم ، فهمتهم من خلالي ، رأيت عقولهم بواسطتي أنا ، لكنك لم تكن يوما قريبا منهم ، لغتك يا غالي صعبة عليهم ، انهم يجهلونك ، بينك وبينهم حاجز كبير وسور عالٍ لا أنت قادر على النزول منه ولا هم بمستطيعين الصعود اليك ... أولادك يريدون عقلك ، فكرك ، أحلامك ، يريدون استشعار وجودك الروحي بينهم والمعنوي ... أولادك يهابوك ، أرجوك لا تكن مجرد صورة على جدار بيت أنت تبنيه ، بل كن الروح التي تبنى بها أعمدة البيت فهيم
- كيف ألتقيهم خبريني ، مطالب أنا بأمور كثيرة ، لا وقتي يسمح ، ولا امكاناتي تعطيني القدرة على استنطاق عقولهم وقلوبهم ، فكنتِ أنت وسيلتي ، عينك مرآتي ، ولسانك نصائحي ، ماذا أفعل أكثر بربك خبريني ؟؟؟ لماذا تحملين الاب أكثر من قدراته ، لماذا تضعينني المسؤول ، لماذا ألتمس لكم العذر ولا أجد منكم من يلتمسه لي ، همومكم تقتلني ولكن همومي لا تعنيكم ، ماذا أفعل ، قولي لي ماذا أفعل ؟؟

ابتسمت برقة ، وقالت : ألم تفهم للآن ؟؟؟ إنهم يقدرون غيابك ويفهمون صعوبة تواجدك الجسدي بينهم ، انهم يدركون ، ولأجل ذلك وضعوا تلك اللوحة على الحائط ، إن كان صعبا يا زوجي وجودك بينهم ، فضع فكرك في اللوحة ، انبض ودعهم يلمسون نبضك

قالت حروفها وخرجت ، تركته بين أوراقه وعينه ما انفكت تحدق باللوحة .....
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17/04/2007, 01:02 PM   #65
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي

رحلة قلبت مشاعري



لم اكن قد تجاوزت العاشرة من عمري بعد ... لا اذكر تلك الأيام تماما ولكن لي معها ضبابيات بسيطة ومخنوقة ... كنا في رحلتنا لبلد أمي وركبنا الباص متوجهين إلى هناك أنا وامي ... كنت اشعر بالسعادة حين تختصني الحنونة عن بقية اخوتي وتأخذني معها ،، فمن الجميل أن تشعر بأنك الطفل المدلل لعائلتك ... وأنا كنت اعشق أمي ، أهواها بطريقة مجنونة ... لا أذكر أنني فكرت في أوامرها يوما فقد كانت السلطان والحاكم ... واعلم أن كلامها كله صدق ، ألم تعلمني أن من يكذب يكرهه الله ؟؟؟ ومن يكرهه الله يدخله النار ؟؟؟ إذا فلا بد أنها لا تكذب ... اجل لا بد أنها اطهر واصدق امرأة على وجه الأرض ...
رائحة البحر أيقظت عيناي الناعستان فأفقت على وجه أمي تدندن شيئا ، أنا احب تلك الدندنة لان أمي من يقوم بها!! ...
- أوصلنا يا غالية؟؟؟
- اجل حبيبتي ، لحظات ونصل ...
- أتحبين بلدك ماما؟؟؟
- طبعا أليست مكان ولادتي !
- ماما ... حدثيني عنها ...
- صغيرتي رأسي يؤلمني ... فيما بعد
- لماذا يؤلمك ماما ؟؟؟
- هلا صمتي قليلا ، أنت تزعجين المسافرين
صمت على مضض ، فأنا احب الحديث إلى أمي ،،، وصلنا عند دورية للشرطة ،،، يبدو أن هناك مشكلة ما تعم المكان ، أوقفوا الحافلة وطالبونا بالنزول ،،، امسكتني أمي من يدي ودخلت بي استراحة قديمة البناء وجلسنا ... طلبت لي عصيرا ولها قهوة ،، دائما أحببت أن اشرب من فنجان أمي لكنها ترفض هذا وتقول أن الآنسات الحسناوات الصغيرات يصبح لهن شنبا إن هن شربن القهوة ، أتخيل منظري بشنب ،، مضحك !! ،، ولكن ابنة الجيران تشرب قهوة وليس لها شنب ، لا بد أنها ليست جميلة ،،
شربت من العصير وبدأت انظر للناس حولي ، كلهم في همهم ماضون ، الكل ينتظر الإفراج والرجوع للحافلة ، تقدم شرطي طويل منا .. مسح على رأسي بلطف وتوجه نحو أمي
- سيدتي ، هل احضرتي حقائبكِ لطفا .
- ولماذا ؟؟
- معنا أمر بتفتيش حقائب المسافرين ..
- حسنا سأحضرها دقائق فقط
ذهبت أمي فركع الرجل أمامي ، أتعلمين انك جميلة ؟؟ - ابتسمت له - ، لي ابنة مثل عمرك لم ارها منذ شهرين ، اليوم حين انهي مهمتي سأرجع واراها ... حظا طيبا يا جميلتي الصغيرة
كانت أمي قد عادت ومعها حقيبتين صغيرتين ... فتحتهما ، فتشهما الشرطي ثم أعاد إغلاقهما .. نظر لامي قائلا :
- حقيبة اليد خاصتك سيدتي ...
- أتمزح ؟؟؟ ماذا تريد بحقيبتي ؟؟؟
- أرجوكِ سيدتي إنها الأوامر ..
رفضت أمي ذلك وبشدة ولا اعلم السبب ، فتناول الشرطي حقيبتها رغما عنها وفتحها وهي تسب وتلعن ... أول مرة أرى أمي تسب وتلعن
فتح الشرطي الحقيبة ، عثر على ثلاثة هواتف خلوية ، وآلة تصوير حديثة وأشياء لا أعرف كنهها تماما...
- لمن هذه سيدتي ؟؟
- إنها لي ، استعملها لي
نظرت لامي وقلت : لا يا ماما لقد أوصاكِ جدي بإحضارها ، نظر الشرطي لي ونظر لامي وقال : ما قولك سيدتي ؟
- ابنتي حمقاء تهذي ... إنها لي ... انحنت نحوي وقالت : اخرسي الآن
تناول الشرطي ما في حقيبة أمي وقال : في الغد مري وخذيها من الدائرة ... لم تدفعي جمركها سيدتي ...
- انتظر ، أنت لا تعرف من أكون ... أنا ابنة رئيس الديوان هنا
- اعذريني سيدتي ... القانون قانون
هيا لنفتش العائلة هناك ... غمزني وذهب .. وقفت أمي مقهورة ثم توجهت نحو هاتف موضوع في الاستراحة . ضربت رقما وقالت : العميد حسان رجاء ... ابنته
- أبي ، نعم إنها أنا ... بخير –بدأت بالبكاء- لقد اخذوا الخلويات ... اعلم أنها غير مهمة ولكني أريد تعليم هذا الحقير درسا لقد أحرجني ولم يأبه بمن أكون ... اجل اجل ... بالاستراحة ... الآن أبي ... وداعا
عادت مكانها وخلال ربع ساعة كان هناك رجل اعرفه ... انه خالي بملابس الشرطة والرتب الملصقة على كتفه ... قبل أمي وقبلني ثم توجه نحو الشرطي الذي أشارت أمي له هناك ... قال على مسامعنا : -
- حضرة الملازم
التفت الشرطي لخالي مؤديا التحية العسكرية : نعم سيدي
- اخرج ما أخذته من السيدة واعده لها –مؤشرا لامي –
نظر لها وقال : لا أستطيع سيدي ، لم تدفع الجمرك ...
- حين أقول أعطها ، تعطها
- لا أستطيع ...
- أيها العريف ، مؤشرا لرجل معه
- سيدي
- خذ عهدة الملازم و لينتظر في مكتبي ... اليوم سيحكم رئيس الديوان في أمره لمخالفته الأوامر العسكرية
- حاضر سيدي
اخذوا ما معه واعطوها لخالي ... وقيدوه وحين هموا بسحبه جريت ودون وعي نحو خالي وقلت باكية : دعه يا خالي هو لم يفعل شيئا ... انه يطبق القانون
- قال لي بنعومة : لا تتدخلي حبيبتي انه لم يقدر الناس
- لكنه القانون خالي ..
التفت لامي التي حدجتني وسحبتني وبكاي يعلو
قال خالي للرجل : الناس يا هذا مقامات ، و ليست أختي من يطبق عليها القانون ... شهرين في السجن العسكري كفيلة بان تربيك ...
اخذوا الرجل وخلال دقائق عاد الوضع لما هو عليه ... امسكتني أمي وتوجهنا لسيارة خالي الفخمة ... وكأن شيئا لم يحدث ... عاد كل شئ لحاله ... إلا أنا ... ففي هذه اللحظة عرفت كم اكره أمي !!!...
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17/04/2007, 01:03 PM   #66
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي

مسرح الحياة ...


حياة واسعة مرسومة برأس إبرة ، تكمل اليوم مشهدها الأخير ، كانت هي المسرح والشاطئ والميناء ... وكنا فيها الأبطال و الكومبارس وصائدي المكافئات !!! ، أعطت كل منا دوره في الحياة و طالبتنا بحفظه بإتقان !!! فتعاقب المقصر وتكافئ المجتهد ...


خرجنا على المسرح كل يعيد دوره المرسوم دونما فهم له ، فتخرج الكلمات من ذاكرته حروف نص لترتسم للمشاهدين خيوطا عريضة و أخرى رقيقة وثالثة رفيعة حول الحدث !! ، أشلاء الحكاية شبه مكتملة ، من حدث وعقدة للجريمة ، وحتى الشخوص ، أما الزمان فهو كل وقت منذ بدء الخليقة

والمكان .... مسرح الحياة

شروط الرواية الناجحة

عدا الحل !!!

فهو الباب المفتوح لتضعه أنت

بالطريقة التي تعجبك

على أن تسمع الحل للحياة ، فان أعجبها أعطتك دور البطولة في عملها القادم !!

وإلا كتب عليك أن تحيا مع الكومبارس في دور بسيط ينتهي حتى قبل أن يبدأ ! وتنتهي أنت معه ؟!


أما إن لم تنجح في أي دور أوكل إليك
فان الحياة تحملك لترميك في عرض البحر ، وتجعل الميناء سرابا تراه دون ان تصله !!! وتبقى سابحا ، هذا إن كنت ممن أجادوا السباحة ، وقد تصادفك مكافئات عديدة إن تمسكت بإحداها نجوت ، وإلا ... ستبقى تسبح وتسبح وتسبح حتى ينهكك التعب

فتتوقف يداك عن التجديف مضطرة

وتصبح غير قادر على المقاومة

مقاومة جاذبية عميقة للأسفل

للأسفل

للأسفل

فتحتضنك أمواج البحر وتنقلك في لحظات لمحيط

غاضب

عاصف

يجمع أسماكه حولك

فتنهش لحمك متسلية في تعذيبك

وقد يغرقك الموج دونما رحمة ؟؟؟!!!!


وهكذا هي الحياة ، مسرح نصه مكتوب ، لكل منا دوره

إلى أن ننتهي ونزول

ويبقى المسرح للسفينة ربانا

يدخل فيها من يشاء ، ويرمي منها من يشاء


نفنى وتستمر الحياة ،

بالأمس كنا للماضي ،

واليوم حاضرنا


والغد مستقبل مجهول

ولا يغلق الستار على مسرح الحياة رغم انتهاء المشهد الأخـيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17/04/2007, 01:04 PM   #67
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي

عادي العادي ....



أفاق الأفق على بكاء عائلة عادية ... وحين تجمع البشر ليسألوا عن الحكاية ... قيل مات من الإنس انسياً ... قد كان في الأرض منسياً ،،، مات عادي .... ضربت الاكف بعضها ببعض ، يا حرام ، مات عادي ....
تساءل التاريخ وقد كان أفقا لا تغرب شمسه : مَن عادي ؟؟
أجابت الأرض بحزن ، هو شخص عادي ؟؟
علقت البطولة : ما تاريخه ؟؟؟
أجابت الأيام : تاريخ عادي ؟؟؟
سأل الشرف الرفيع : ما مبدؤه في الحياة ؟؟؟
رد الروتين ببطئه الدائم : مبدأ في الحياة عادي ؟؟؟
قالت الأصول طالبة من دفتر العائلة الشرح : أصله ، فصله ، كنهه ، مكانه ، حياته ، قدره ، إبداعه ، حدثني عنه اكثر !!!
تنهد دفتر العائلة ومن الأرشيف المهمل اخرج حزمة ،، بحث وبحث وبحث ، حتى ظن الجمع انه لا وجود لبشر اسمه عادي .... آهاه ... ها هو ... أنصت الحضور باهتمام فنطق الدفتر :

هو عادي ، انسان عادي ، من عائلة محافظة عادية ، والده عامل كادح عادي ، وامه ربة بيت بسيطة التفكير عادية ، اخوانه شعب من المهملين العاديين ، تعليمه سادتي تعليم عادي ، ووضعه المادي كوضع البائسين عادي ، كبر بشكل عادي ، تزوج بالأسلوب العادي ، لم يبدع في عمله ولم يبتكر ، فقد كان تصرفه في عمله عادي ، انجب بشكل عادي ، وكبر اولاده حسب طريقته القديمة ، عادي ، انسان عادي ....!!!!

سألت المعارضة الحرة : تأقلمه مع متطلبات حياته ، مع ارتفاع الاسعار ، وفرض الضريبة على البسطاء ، وسرقة المال من التعساء ، كيف تقبلها
قالت الحياة : كان بليد المشاعر بشكل غير عادي ، فكلما جاءته نكبة هزّ رأسه وقال عادي ، وكلما سرق مديره من حقه : تحوقل وقال عادي ...

كثر النقاش حول عادي حتى نهض العمل وقال : حتى حين مات ، مات بصمت دون عمل يشهد له ، ودون صدق وهدف يحيط محيط اعماله
... عجبي !!!
قال السلام : كان مسالما اذا ؟؟
رد التحدي : بل احمق عادي

حينها نهضت الحكمة بعد طول صمت ، تثاءبت واستدارت خارجة ...

ناداها البقية : ما بكِ ؟؟؟
ردت بعمقها الطويل ، وصوتها صاحب الصدى المستحيل : لا تصنعوا من عادي إنسانا غير عادي ، أراد أن يخلق من الطين واليه يعود ، مسح شخصيته بإبهام السذاجة ، لم يترك توقيعا للدنيا ، ولم يعلق على جدار التاريخ صورة ، ليس للإبداع لديه خطة ، ولا للتحدي عنده سلم ، والطموح منتحر الأصول لديه ، دعوه ، انه عادي ، فلا تشغلوا وقتكم الثمين بأمر جدا جدا جدا عادي
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17/04/2007, 01:05 PM   #68
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي



عدالة البشر




كانت دائمة السؤال ، تريد أن تعرف كل شئ وأي شئ .... كانت تعشق اكتشاف المجهول و لا تمل السؤال ، عندما أصدها لم تكن تغضب بل تعيد السؤال مرة وثانية وثالثة .... فاستسلم ولا تستسلم ... لم تكن لصغر سنها تدرك أن الإنسان وعقله ما هما إلا ذرة في هذا الكون الفسيح ... كانت تظن أنني قادر على الإجابة على كل تساؤلاتها فقط لأنني ابوها ، يعني مثلها الأعلى ... عندما كنت أقول لها : لا يا بابا هذه خطأ ، أصاب بأمطار ووابل من أسئلتها التي لا تنتهي حول لماذا ؟ وكيف ؟ ومتى ؟؟؟؟

عندما عادت من مدرستها كنت جالسا في مكتبي انهي بعض أعمالي التي لم يتم إنهائها في المكتب ، قبلتني كعادتها و ذهبت لغرفتها ، لحظات وتعود ابنتي لي : بابا ... ماما تقول الغداء جاهز
- لا بابا ... عندي شغل كثير ...
- إذا ؟؟؟
- اذهبي وكلي مع ماما وناصر
- أف ... كالعادة نأكل وكرسيك فارغ .... لماذا أنت أبونا إذا ؟؟؟
- سارا ! – مصطنعا الغضب-
- حسنا ذاهبة لا تغضب ... سأقبلك لاتاكد انك لست غاضب .
تقدمت مني وبدل أن تضع شفتيها على خدي عضت أذني ، وعلى صراخي انطلقت ضاحكة ...

في المساء اجتمعت آسرتنا كاملة – ونادرا ما كانت تجتمع بسبب غيابي ، عندها وقبل أن ارتشف من فنجان قهوتي الذي أعدته سلوى ابتدأ دماغ صغيرتي بالحركة لتسألني :
- ما العدالة يا بابا ؟؟؟
استغربت سؤال طفلتي ابنة الثانية عشر ربيعا ، لكني قلت لها : العدالة ؟؟؟ العدالة !! آآآآآآآآه .... العدالة يا سارا في أن يحيا الضعيف دون خوف ... والفقير دون جوع ... و دون وجود مشردين على الارض ... والإنسان بلا استعباد ...

صمتت وبدا أن صمتها حمل عدم الرضا عن الجواب أو كان ما قد قلته لها لم يقنعها ... لذا وقبل ان ارشف من فنجاني قالت : ضعيف ؟ فقير؟ مشرد ؟ استعباد ؟ .... هل يعني هذا يا بابا ان العدالة لا تبحث الا عن هؤلاء .؟؟؟ لا شأن لها بالأقوياء والأغنياء والظالمين والأحرار ؟؟؟

ابتسمت ومسحت على شعرها وقلت : بلى بلى يا سارا ... فعلى القوي ان يراعي الضعيف ، وعلى الغني مساعدة الفقير ... واما الظالم فلا يحق له الا ان يكون عادلا وطيبا وعندما نقول الحر فنحن نعني الابيض و الاسود دون استثناء لعرق أو دين أو لون أو جنس أو عمر يا صغيرتي ...

حكت شعرها ببراءة وقالت : وان لم يفعلوا يا بابا ؟؟؟
- تنتقم منهم العدالة – اجبتها دون تفكير –
- وان كانوا فوق القانون ؟؟؟ - سألتني بثقة –
- فوق القانون ؟؟ كيف ؟؟ لا اجد احدا فوق القانون يا سارا –متشككا-
- بابا ؟؟ تذكر... وكانها تريد ان تحيرني
- لا افهم .... فعلا يا سارا لا افهم ...
- اصحاب الشبح والليموزين ... اصحاب الفيلل والقصور ... اصحاب الملايين يا بابا والشركات و المؤسسات ... اولئك الذين يدفعون في سهرة واحدة ما تنفقه انت علينا في عام ؟؟؟

عندها نظرت لصغيرتي ... انها ليست سارا الطفلة البريئة ... كيف لعمرها ان يعرف الليموزين و الفيلل ؟؟؟ كيف لعقلها الصغير ان يفهم الحساب ويعرفه ؟؟؟ نظرت اليها ولا اعرف هل افخر بها ام اخشى عليها ... حدقت بي وكانها عرفت ما افكر

- بابا ... لست طفلة يا بابا ... ادرس في مدرسة خاصة ... اجلس على النت .. اعرف اكثر مما تعتقد ... العصر يتقدم يا ابي ...

عندها فتحت فمي دهشا ... ابنتي محللة وقارئة افكار ؟؟! وهنا انطلقت ضحكة ناصر ... ابن الستة اعوام ... يقول : سارا تغلب بابا ... سارا تغلب بابا ... هيه هيه ... سارا تغلب بابا ...

شعرت سلوى بمدى الحرج الذي انا فيه وقالت : سارا ، بابا متعب الان ... لن يستطيع مناقشتك ، أتعلمان اننا سنذهب في الغد الى البحر ... سنقضي اجازة الاسبوع معا

علت ضحكات ولداي ... وخرجا وهما يفكران بالسعادة التي سينعمان بها في الرحلة ، التفتت سلوى لي وقالت : حاتم ؟؟
- نعم يا سلوى
- شعرت للحظة انك عاجز عن مناقشة سارا !!
- لست ادري يا سلوى ... البنت تفكيرها يفوق عمرها !
- انها ابنتي !... ذكية كأمها – بفخر-
- اخشى ان اعجز عن اشباع نهمها للمعرفة
- وماذا في ذلك؟؟
- ساسقط من عينها
- كلا بربك !!! لا تفكر بهذه الطريقة يا حبيبي ، صنعت من السؤال مشكلة ...
- قولي لي سلوى ... هل ميزان العدل متساو لكل الاطراف ؟؟
- لا افهم!
- هل ميزان الرئيس يشبه ميزان المرؤوس ؟؟
- كله ميزان
- هناك فرق يا عزيزتي ...
- وما هو ؟؟
- في ميزان المرؤوس كفة له وكفة عليه وفي ميزان الرئيس كفتان كلتاهما له
- لم افهم
- الرئيس يا سلوى كفتاه لصالحه لانه صاحب المال و القرار
- حسنا والمرؤوس ؟؟؟
- المرؤوس دائما الكفة عليه ما لم يرضى رئيسه عنه ... والا فاللعنة يا سلوى اللعنة...
- حاتم ... لا افهم ، ما افهمه انك زوجي وسارا وناصر ولداي وهذه الحياة عندي

صمتّ لاني اعلم انها لن تفهمني ابدا ... مهما حاولت الشرح ...
صباح اليوم التالي كنا جميعا بالسيارة منطلقين الى البحر بين غناء ومشاكسة ولداي الشقيان ، وحين وصلنا بدأت السعادة الغامرة بيننا ... الكل سعيد ، سلوى تدرب ناصر على السباحة ... اما سارا فقد تسللت الى جواري .. شدتني من يدي وقالت بالحاح
- انت لم تجب على سؤالي يا بابا
- أي سؤال يا سارا ؟؟؟
- العدالة ؟ ما العدالة يا ابي؟؟
- اجبتك ، الا تذكرين ؟!
- اذكر ، واذكر جيدا انك توقفت عند الناس الذين تعطيهم مراكزهم تسهيلات كثيرة..
- سارا ، يا ابنتي الحبيبة ، اريدك ان تعرفي ان العدالة هي الميزان ، القانون ، الانسان ... انها...
- بابا – مقاطعة - ، ومن كان فوق القانون ؟ ، بيأس..
- للمرة الثانية والثالثة والالف والمليون ... يا حبيبتي لا احد فوق القانون ...
- أتعلم يا ابي ، لاول مرة لا تفهمني ... للاسف ، لا تفهمني .
- لا تقولي ذلك ابنتي ، قولي لي من زرع بذهنك فكرة فوق القانون اولا؟؟
- و تصدقني ؟؟؟
- طبعا.
- المدرسة !
- مَن ؟؟ هل قالت المعلمة لكم ان القانون لا يحمل سلطة على الجميع ؟؟
- لا يا ابي هي لم تقل ، هي فعلت
- وكيف حدث هذا ؟؟؟
- اول امس الاربعاء ، ضاعت نقود لطالبة معنا بالصف ، وعندما بلغت المعلمة ، طلبت المعلمة مني ومن صديقتي اخلاص تفتيش حقائب الطالبات ، وعندما فعلنا وجدنا النقود في حقيبة سوزان .. وسوزان يا بابا ابنة مليونير معروف وهو من يقوم بتمويل مدرستنا كل عام ، ويقدم تبرعات باهظة وكبيرة جدا..
- نعم نعم ... وماذا حدث بعد ذلك ؟؟؟
- اجلوا الموضوع حتى الخميس . وفي الامس طلبوا سوزان ولم يخبروا والدها ، وحين استجوبوها انكرت ذلك وقالت انها لا تحتاج لهذه النقود حتى تسرقها ، اتدري ماذا قالت يا ابي ؟؟
- اجل ...
- قالت ان اخلاص التي وجدت النقود في حقيبتها لا بد وان تكون من وضعها حين خشيت من افتضاح امرها ... أتصدق ؟؟؟ واين المشكلة يا ابي ؟؟؟ ان المديرة وافقت على هذا الاقتراح ، ومساء الامس تم فصل اخلاص لانها برأي المديرة هي السارقة ، والملفقة للتهمة لابنة المليونير ... تخيل يا بابا ... صدقوا سوزان ، مع ان الدليل واضح ضدها

لم ادري ما اقول غير : ربما ان هذا ما حدث فما حاجة سوزان بتلك الاموال ؟ مديرتك ادرى منك واعلم يا سارا . اليست اخلاص تلك الفتاة التي قلتِ لي ذات مرة ان والدها لم يدفع قسط المدرسة لها ؟؟؟ واضح ان ما قلته مديرتك هو الصواب

نظرت طفلتي لي بحنق وغضب ، ذهبت ودخلت السيارة ولم تخرج منها رغم نداء أمها المتكرر ، مما اضطرنا للعودة للبيت / وما ان وصلنا حتى دخلت طفلتي غرفتها واغلقت بابها عليها ، بضع ساعات وتبعها ناصر ونام ، اما سلوى فقد حضرت فنجانين من القهوة وجلست قبالتي مستفسرة عما حدث ، وحين اخبرتها قالت : سامحك الله يا حاتم ، الا تعلم ان اخلاص افضل رفيقات ابنتك ؟؟؟ وانها ادمث صويحباتها خلقا؟؟؟
- افهميني يا سلوى ، انا واثق من براءة الفتاة
- اذا ؟؟؟
- لا اريد لابنتي ان تتعلم قاعدة فوق القانون ... لا بأس من ان اشوه صورة صديقتها امامها طالما ان ذلك سيساعد في المحافظة على صورة الحياة امامها
- تقصد انك لا تريدها ان تعتبر سوزان حالة عامة ؟؟
- تماما يا عزيزتي

عندها سمعت صوت نشيج ياتي من خلفي ، وقبل ان التفت كان صوت سارا يقتحم اذني ، لماذا يا بابا ؟؟ ماذا كانت ستكون حجتك؟؟ لو كنت انا من وجد النقود ؟؟ لماذا يا ابتي ؟؟؟

التفت اليها وصرخت : منذ متى وانت هنا ؟؟؟ كيف تتنصتين علينا ؟؟
- - اسفة ابي . لم اكن اقصد ، اتيت لاقول لك ان اخلاص بريئة ، لا تمد يدها لممتلكات غيرها ، امانتها تمنعها من وضع نار في يدها ... اردتك يا ابي – تنشحت – ان تعلم ان لاخلاص الفقيرة قناعة لا تملكها سوزان الغنية التي تعودت ان تحصل على ما تشاء ... اردت اخبارك بكل هذا ... فوجدتك واسفي تعرفه كله... وجدتك تزيف الحقيقة يا ابي ، ان لم تعرف العدالة مع اخلاص ومعي ، فكيف ستعرفها مع الناس ؟؟؟ ان لم تكن عادلا في حكمك على الحق فكيف تجيب معنى العدالة ؟؟؟ كيف تجيب عن معنا انت لم تعرفه ؟؟؟ ساقول ما قد قلته لامي منذ قليل ) لا بأس من ان اشوه صورة صديقتها امامها طالما ان ذلك سيساعد في المحافظة على صورة الحياة امامها ) ولكني ساغير فيه : لا باس من ان امحي صورة ابي القديمة لتحل مكانها صورته الجديدة ... ساحافظ على المنظور الذي تحب يا ابي ... اعدك...

ذهبت ابنتي لغرفتها واغلقت بابها على نفسها وتركتني معقود اللسان ، بينما قالت سلوى : الان فهمت سبب خوفك من عقل صغيرتك الناضج قبل اوانه ...
لم استطع الاجابة على تعليقها ، فجملة ابنتي الاخيرة بقيت تطوف بعقلي وتنزل بعدها لقلبي فتمزقه اربا ... لقد قتلت ابنتي ثقتي بنفسي ... وحطمت شيئا بداخلي وبنت بنيانا قاسيا عندي .
ومنذ ذلك الحين لم يحدث وان جاءتني صغيرتي لتسأل أي سؤال ، تغير كل شئ ... اصبحت تلجا لاي كان عداي ، وكم حاولت الدخول معها في نقاشات لكنها كانت تغلق الطريق امامي ....

ترى ايهما الصواب ، ان نغلف المرار بالسكر لاولادنا ليتذوقوه و يكتشفوا طعمه تدريجا وحين يكبرون ؟ ام نتركهم يتذوقوه مرا منذ البداية ؟؟؟
ايهما الصواب ؟؟؟ ان اخبر ابنتي كل شئ ام احاول تزييف الحقائق لها ؟؟؟
يا ترى لو كنت قلت لا ادري منذ البداية ، هل ستكون علاقتنا على ما هي عليه الان ؟؟؟ ْأشرح لها ام اتركها للايام تفهمها ؟؟؟ لا ادري ... حقا لست ادري ....!!!!!
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17/04/2007, 01:06 PM   #69
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي


سادتي الآباء


سادتي الآباء ... ذاك لكم نداء ... هلّا قرأتموه ، هلّا فهمتموه .. هلّا وجدت منكم من يلبي النداء

آبي الغالي :


اعلم انه وبما أني اسكن تحت سقف بيتك فأنا ملزم بقانون عقلك وأفكارك .
ولكني جزء منك ، اطمئن لن أتمرد في أفكاري ، بيد انك لم تلحظ أبتاه أني لم اعد طفلا يبحث عن دمية يقضي بها وقت فراغه ، لم اعد ذاك الصغير الذي يرجوك فتح صنبور الماء لان يده الناعمة لا تطاله .. !! ، لم تعلم أني احتاجك الآن موجها ورفيقا ومعلما ، لا قائدا عسكريا لا يـُـثنّــــى لك أمرا ، فقد بتُّ يا والدي قادرا على رؤية مستقبلي و أحلامي


أبي العزيز
ألك أن تقرأ مني تلك الكلمات ؟؟
كم تاقت نفسي لنتبادل الأدوار
أكون أنا أنت .. وتكون يا والدي أنا .. لاقول لك ما أريد ...
دعنا نتبادلها الآن ... هذه اللحظة ، فاقول لك

يا ولدي .. لا أريد أن تخافني و أريدك أن تحترمني
لانك إن فعلت الأولى أخطأت بغيابي ، وإن كنت فعلت الأخرى حفظتني بسرك ، وعلمت أن عليك رقيب حسيب

يا ولدي ..
لن يأخذني عملي منك ، ولو كان كل وقتي ، حاول أن تتقرب مني ، تجعلني أفهمك !!
إن أتيتني مستنصحا ، أعدك ، لن اكسر لك جناحا أبدا .. سأدعك تحلق يا ولدي عاليا ، فالدنيا ليست أمام عقلك وحش كاسر لأنك فارس همام ... أثق بك هكذا . لذا جرب أن ترى الدنيا ، بقسوتها ،، وحلوها ، ومرها .. عليك أن تجرب ، فالتجربة ماء المتعلم .. و أستاذ الطالب .
لا تقلق ، لن أرسم طريقك بيدي ، ولو فعلت فلن أجبرك على السير فيه .. لأنني اعلم أن ما أراه مناسبا لك قد لا تراه أنت كذلك ...

اعلم يا ولدي كم تكره أن أشبّهك بفلان ، و أجبرك على أن تكون كفلان ، لذا لن انحت لك صورة وأقول لك تلك وجهك ..
بصمتك يا بني تختلف عن بصمة غيرك ، وهكذا تكون شخصيتك .. لذا تقرّب مني ، اعلم انك تحب أن تتقرب ، دعني اعلم ما تحب ، و أخبرك بما احب .. فنصل معا لطريق مستوية .. واعدك أنني سأوجهك ، أقوّمك . فلا حاجة لان تبحث في نفسك عن رفيق وأنا موجود .. فرفيقك لن تهمه أنت إلا للحظات .. بينما يا بني أنت كل لحظاتي ..

أبي الحبيب :
تلك رسالتي إليك .. اعكسها إن شئت لتعلم مدى حاجتي لما في الأعلى قد ذكرت ..


أستودعك من لا تضيع عنده الودائع ...

واسلم
ابنك المحب
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17/04/2007, 01:07 PM   #70
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي


من يوميات طالبة


لست ممن يحسنّ الجلوس ساعتين متتاليتين في محاضرة دراسية، دخلت محاضرتي واتخذتُ المقعد الأمامي .. فتحت الكتاب ودخل أستاذ المادة ، انه دكتور جديد ، درس في الخارج ، حاصل على أعلى الشهادات .. عرفنا بنفسه ، بأسلوبه ، وقال : ملك القاعة أنا وانتم مواطنوها ، الصمت ما أريده .. كنا كما أراد ، ليس لأنه أراد ، بل لأن الجو و الملل من أراد !!

وبدأ المحاضرة ، موارد بشرية ، اقتصاد على إدارة ، كيف تحافظ على موارد بلدك وتستخدمها الاستخدام الأمثل ...هو يشرح وأنا أحيا مللاً بملل ، معدة تفكر بإفطار لذيذ وطيب خفيف ظريف !!! وعينان تحلمان بسرير ووسادة ، وقلب يدق مع دقات الساعة ويسبقها بدقتين ، دقة تعجل مرور الوقت ، ودقة تتوازن مع عجلة الزمن !! هكذا كنت ، و أظن كل من في القاعة هكذا كان .. والأستاذ مستمر بالشرح ، متعمق التفسير ، عاقد الحاجبين ، رافع الرأس بشموخ ، إلى أن ....

تنهد وقال ، لستم معي أدرك هذا ، قال أحد الزملاء : الدنيا رمضان يا أستاذ ، علينا وعليك خير!،

- ليست المشكلة برمضان .. أتعلمون أين المشكلة ؟؟؟ المشكلة أننا عرب ! ، نعشق البساطة ، لا نفكر ابعد من حدود النظر ، لماذا تقدم الغرب ؟ ولماذا بتنا من واد إلى واد اكثر عمقا ؟؟ لأننا شعب لا يعلم ما يريد ، وإذا علم صعب عليه المشوار ، وإذا مشاه ثقلت الخطى من وزن الغباء الذي يحمله ، وان وصل آخر الطريق رجع لضعف الذاكرة لديه ... نحن أمة فاشلة ، تحيا حياة السيطرة المغلفة بنداءات الحرية ، أمة ابتعدت عن دينها واشترت دنياها ، عبدت القرش والدينار ، وخافت الموت و أقدمت على الانتحار .. أمة همها بطنها ، وهل علت نفس اشترت الشبع !! يا طلابي استعدوا سنبدأ معا طريقا جديد ، طريق بدايته شائك لكنه النجاح ، ثقوا بي

خرجنا من المحاضرة ، وأنا أحلم بعقلية متفتحة عبقرية تعلمني وتزيدني من الشعر بيتا .. وانتظرت محاضرة إدارة الموارد البشرية على نار ، ويدخل الأستاذ ، يغلق الباب خلفه ، ويبدأ بأخذ الحضور والغياب ، يدخل أحد الطلبة بعد أن يطرق الباب يعتذر عن التأخر قائلا : كنت بالمصلى أعتذر ، نظر له وقال : كلكم تجعلون الصلاة حجتكم ، أخرج من المحاضرة ، لم يناقش الفتى ، حمل كتبه وخرج ، ولأنني أتعامل مع أستاذ متحضر قلت : أستاذ ، كان يصلي رأيناه يدخل المصلى حين حضرنا ، وأنت لم تبدأ بعد ، ما المانع ؟ ويبدو أنني كمن يضع الماء فوق زيت يغلي ، كالتنين الغاضب أخرج لهيبا من الألفاظ الإنجليزية تبينت بعضها وجهلت معظمها ...
وأضاف : أتدرون ما عيب العرب ؟؟ ، عيبهم أنهم يقللون من أهمية اللحظة ، ولا يعلمون أن العبقرية وليدة لحظة .. وبدأ المحاضرة ، ساعتان كاملتان ، وهو متعمق بالشرح ، لا يسمح لمشارك أن يقول ، ولا لسائل أن يستفسر ، وفوق كل ذلك ما سمعته ضرب إلا مثلا غربيا ، ولا تحدث عن الوظائف إلا من وجهة نظر غربية ، عربي بشهادة الميلاد ، معتز بسلوكيات الغرب ، بعيد عنا قريب منهم ..

وتتوالى المحاضرات ، يتحدث عن ( الديموقراطية ) ، وحرية الرأي ، لكنه متزمت برأيه !! ، متعصب لأفكاره ، يتحدث عن الاحترام ، ولا أسهل من إهانة كرامة الطالب لديه ، ويحين موعد الامتحان الأول .. نقدم الامتحان وأفجع به يساعد أحد الزملاء بأحد الأسئلة ، المصيبة رآه كل من في القاعة ، والكارثة سكوت كل من في القاعة .. أنهيت الامتحان وصعدت للتسجيل ، لقد قررت إسقاط المادة !! ملأت الاستبيان ، الرقم الجامعي ، التخصص ، السنة الدراسية والفصل الدراسي ، اسم المادة ، ثم وصلت لسبب الإسقاط .. نظرت للكلمة مليّاً وكتبت ، بشري صنعوه ببغاء ، غسل الغرب دماغه فعلموه أن يردد النظريات دون أن يفهمها ، كفة القول لديه تغلب كفة الفعل ، يبيع ولا يعرف الشراء ، يقص ولا يعرف الوصل ، مفرق الجماعة ، و مستقل في العرب البراعة ، باع ثوب الصوف واشترى ثيابا أوروبية مستعملة لفارق السعر .
ناولت مسؤولة التسجيل البيان وخرجت ..

في اليوم التالي ، كان على حائط الإعلانات ورقتين ، مشاركة من طالبة تحاكي فيها النفوس أن افخري يا نفس بقولك عربية ، ما هنت يا نفس لكنها العنصرية ، فينا العقول عقول لا طبول ، فلا تدعي يا نفس صدى العدا يقول ...

وعلى الجانب الآخر إعلان من مساعد العميد للشؤون الطلابية بتوجيه إنذار للطالبة المدعوة بسبب الاستخفاف بقوانين الجامعة !!؟؟ ، واستخدام الدعابة في قوانين محراب العلم !!

عجبي !! .
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:55 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها