إملاءات المطر   إملاءات المطر


معطف [ الكاتب : مصطفى معروفي - آخر الردود : مصطفى معروفي - ]       »     مراحب [ الكاتب : فتحية الشبلي - آخر الردود : فتحية الشبلي - ]       »     آخر الأنقياء العابرين.! [ الكاتب : رداد السلامي - آخر الردود : رداد السلامي - ]       »     قصة حزن نوف [ الكاتب : خالد العمري - آخر الردود : خالد العمري - ]       »     مطر.. مطر [ الكاتب : أحمد بدر - آخر الردود : أحمد بدر - ]       »     حنانيــ .. آت ! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : عبد العزيز الجرّاح - ]       »     ما أجمل أن..! [ الكاتب : عبد العزيز الجرّاح - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     ركن خافت و [ أَشياء لن تهم أَحَداً ، ... [ الكاتب : ريم عبد الرحمن - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     .. وَ .. [ الكاتب : أسامة بن محمد السَّطائفي - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »     افتقــــد !! [ الكاتب : ضحية حرمان - آخر الردود : محمد الفيفي - ]       »    


العودة   إملاءات المطر > الإملاءات الأدبيـة > حرائـر غيمتي
التعليمـــات التقويم

حرائـر غيمتي هنا .. تستأثر أنت بصوت حرفك وأصدائه.


] خ ـبايا الزوايا [

هنا .. تستأثر أنت بصوت حرفك وأصدائه.


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16/06/2007, 04:03 PM
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
إيناس الطاهر إيناس الطاهر غير متواجد حالياً
روح المـطر
 



إيناس الطاهر is on a distinguished road
افتراضي

الغيبوبة



أهلاً بكم على متن طائرتنا ، نتمنى لكم سفراً سعيداً ، ها نحن نستعدّ للإقلاع ، تأكدوا من ربط أحزمة الأمان لكم ولأبنائكم رجاء ، وتأكدوا من إغلاق المحمول . كان صوت المضيفة يأتي عبر المكبّر الصوتي بينما بدأ كلّ الركاب يقومون بالإجراء المطلوب بعد أن تأكد الجميع من إغلاقهم الهواتف الخلوية.

انطلقت الطائرة في السماء ، بدأ كلّ شيء بالتقزّم ، حتى صار يحتاج لمجهرٍ .كان جالساً قرب النافذة ، يقرأ روايةَ الشيخ والبحر لآرنست همنغواي ، حينما مرّت المضيفة جواره تسأله إن كان يرغب في تناول شيئاً فأجابها برغبته بفنجان قهوة دون سكّر ، وعاد لصفحات روايته حين قاطعه صوت صغير يجاوره
- كيف تستسيغ القهوة دون سكّر ؟؟
- كما تستسيغ الشوكولا بالسكر
- الوضع الطبيعي للشوكولا أن تكون بالسكر ، كما هو الحال مع القهوة ، فكيف تستسيغ طعم المرار ؟؟
- خبرني يا صغيري ما لون القهوة ؟؟
- أسود
- أرأيت ؟؟ الأسود من ألوان الحزن لا الفرح ، لذا يليق به ألا يُطعّم بالسكر ، ذاك هو الوضع الطبيعي
- آهاه ، فهمت
- ههههههههههه ، أداعبك يا صغيري ، فقط أنا أعاني من ارتفاع السكر والضغط لذلك لا أقدم على الحلويات
- لكن القهوة تضر أيضاً
- حسناً ضرّ أقل بنسبة ملعقتين سكر
- لم أفهم
- هههههههههههههه ، لا عليك يا صغيري ، خبرني ما اسمك
- أنا ؟؟ جوزيف ، وأنت ؟؟
- فنار
- فنار ؟؟ أهو اسم عربي ؟؟
- طبعاً ، ويعني القنديل الذي يضيء عتم البحر ، من أين أنت يا جوزيف ؟؟
- من لبنان ، وأنت ؟؟
- أنا ، من وطن لم أعثر عليه بعد
- كيف يعني ؟
- لا تهتم يا صغيري إنها فلسفة ، حين تكبر ستفهمها حتماً ، كم عمرك جوزيف ؟
- ثلاثة عشر عاماً وأنت ؟؟
- بعد أربعة أشهر سأبلغ الأربعين
- أهاه ، تقريباً أنت في عمر والدتي
- أينها والدتك ؟؟
- مع أختي لميس هناك هي وأبي
- ولماذا لست معهم ؟؟
- حسناً هكذا جاء رقم مقعدي فقد حجزنا في اللحظات الأخيرة
- نعم ، نعم فهمت ، ومن أكبر أنت أم لميس

وفي هذه الأثناء أحضرت المضيفة فنجان القهوة ، ليطلب منها فنار كوب عصير لصديقه الجديد ، وحين تستدير يكمل جوزيف
- لميس في العاشرة تقريباً ، لكنها تعاني الإعاقة
- أي نوع من الإعاقات ؟؟
- لديها بطؤ نمو في عقلها
- هل نتفق ألا ننعتها بالمعاقة ولنقل فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة
- حسناً لا مشكلة في المسألة
- المشكلة يا جوزيف تكمن في عدم القدرة على منح الحق للآخرين .
- أظنني استوعبت مقصدك ، حاضر عمو فنار
 
توقيع :  إيناس الطاهر

 

رد مع اقتباس
قديم 16/06/2007, 04:04 PM   #2
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي

الغيبوبة - تابِع


كانت الأمور في أحسن أحوالها ، وبدأ فنار يراقب الراكبين ، عجوزان بدا وكأنهما يمنحان نفسيهما راحة بعد عناء عمر طويل ، فتاة منذ إقلاع الطائرة وهي تضع السماعات في أذنيها ، زوجين الرجل نائم والمرأة تداعب طفلها الصغير ، وللأمام قليلاً والدا جوزيف نائمان بينما الأخت تنظر في المحيطين بملامح جامدة
أغمض عينيه ليظفر بلحظات راحة ، فبعد وصوله تنتظره لحظات حافلة ،

زلزال حرّك الطائرة كعصفور صغير وبدا الاضطراب واضح على كلّ من في الطائرة ، صراخ يعلو تتبعه محاولةٌ لاستدراك الوضع من طاقم الطائرة ، لكن المحاولة تبوء بالفشل ، حيث ينفجر الجزء الخلفي للطائرة ، وتتطاير الأجساد كأوراق اللعب الخفيفة ، حينها تسارع الجميع لاستخدام جهاز التنفس ، ثوانٍ فقط ، قبل أن يحل الظلام في وجه جميع الركّاب

فتح عينيه على ظلمةٍ قبل أن يدرك حجم الألم في عظامه ، لحظات وبدأت الظلمة تخف حتى بدا وكأنه في مكان لا سماء فيه ، شعر وكأنه ما يزال يحلم ، لكن اللحظات صارت تمرّ في ذهنه تباعاً ، لقد كان في طائرة ركّاب متوجهاً إلى النصف الآخر للأرض حيث سيحضر مؤتمراً في التركيب النفسي والعقلي للإنسانية ، نعم ، كانت هنالك محاضرة سيلقيها هو في المعالم التركيبية لنزاع الخير والشرّ في الذات الإنسانية وهل هي مكتسبة أم متأصلة في البدن

يتذكر ذلك جيداً ، ويتذكر عائلته ، زوجته أستاذة الفيزياء ، والتي لم يتفق يوماً معها في فكرة من أفكاره وكانت تنعته بالمجنون الأخرق ، بل ويذكر أنهما اتفقا على الانفصال حال عودته من المؤتمر ، ولاحت في ذهنه صورة ولده ، ابن الرابعة ، لقد تأخر حتى تزوج ، وها هو يرزق بابن على كبر

حرّك رأسه متفادياً أفكاره في محاولة لسحق ذلك الظلام ، لحظات من الدهشة انسابت من فمه المفتوح وهو يرى عينيّ ماء تخرجُان من الأرض أمامه ، مدّ يده ولمسهما ، واحدٌ حارٌ يغلي ، والآخر باردٌ زلال ، أين هو بالضبط ؟؟؟

حدّق بالمكان لم تعلو جسده سماء زرقاء ولا سوداء ، بل مجموعةً من الصخور ، ماء وصخور وظلام ، أين هو ؟؟ ينهض جاهداً رغم شعوره بألم في ساقه اليمين وانحناء في كتفه الأيسر إلا أنه جاهد نفسه ، وبدأ يسير على تأوده في أنحاء ذلك المكان المظلم ، حتى وصل لمنطقة تنبثق منها أشعة نور بعيدة نوعاً ما ، حاول الجري نحو النور بكل ما أوتي من جهد ، وحين وصل لبوابة النور ، وجد مساحة ممتدة تنتهي بعد عشرات الأمتار أمامه ، استمرّ بالمشي خارج حدود الكهف حتى وصل لحافة تلك الأمتار فلا يرى إلا وادٍ سحيق تعلوه سماء زرقاء ، وادٍ ممتد للأسفل لا يعرف المرء ما نهايته وأفق متسع ، نظر للظلمة خلفه ، وللنور أمامه ، ليدرك أنه في كهفٍ مظلم ، كيف وصل له ؟؟ بدأ يتذكر حادث الطائرة واللحظات الأخيرة فيه ، ولكن كيف وصل لهذا العمق من الكهف ؟؟ مهما كانت قوّة الدفع بعد تحطم الطائرة فإن وصوله لهذا العمق غريب ، ثم أين هو حطام الطائرة تلك ؟؟ لا بد وأنه في الوادي ؟؟ ولكن إن نجا هو فلا بدّ وأن يكون هنالك غيره من الناجين ، ثم من يدري ربما تكون هنالك فتحة أخرى في مكان ما من هذا الكهف المظلم ؟؟ بدأ ينادي بصوت مرتفع ومتعب في ذات الوقت علّ هنالك من يسمع صدى صوته ، دون فائدة ، أقبل على عين الماء البارد يرتشف منه ويطفئ ظمأه ، كان عذباً لذيذاً ، والآن هو يشعر بالجوع ، بحث في أرجاء الكهف عمّا يلبي للمعدة نداءها وبعد طول بحث عثر على مساحةٍ واسعة مملوءة بالفطر ، حدّق بها ملياً وابتسم ، حتى رحيله سيحيا على الفطر والماء ، ولكن سبحان الله لا يترك عباده ولا ينساهم

قطف بعض الفطر وغسله بالماء وتناوله نيّا كما هو ، وحين لم يستطع أن يستسغ طعمه استلقى على ظهره وفكّر
" إلى أيّ حدٍّ يمكن أن يخلو الكهف من الأفاعي والعقارب والزواحف السامة ؟؟ ثمّ انتقل تفكيره لمرحلة أخرى ، ترى هل كيان الإنسان المستقل الذي لا يشاركه أمثاله الحياة الاجتماعية أمرٌ طبيعيّ ؟؟ إلى أي حدّ يمكن للانسان أن يكتفي بنفسه دون أن يختلط بالمحيط الخارجي ؟؟ وما مدى الاستقلال الذي يحققه وجود فرد دون جماعة ؟؟ وهل وحيد الوجود مستقلّ بذاته ام عبد وحدته ؟؟ وذلك الظلام حوله هل هو ظلمة الكهف أم سواد روحه وسوداوية نظرته ؟؟ لقد آمن أنّ الطهر المسكون بالقلوب المؤمنة قادر على إنارة الحياة ، لحتى يستغني الأعمى عن نعمة البصر بوجود فضيلة البصيرة ، فإلى أي حدّ يمكنه أن يصف نفسه بالفاضل وبصره عاجزٌ عن تكوين دارة من النور المستمدّ من إيمانه وطهره ؟؟! ، بدا متشككاً من إنسانيته ، وتذكر جملته لجوزيف ( الأسود من ألوان الحزن لا الفرح ، لذا يليق به ألا يُطعّم بالسكر ، ذاك هو الوضع الطبيعي ) ، نعم ولكن صار السواد في حالته تلك نقمة وفيض ذنب ، ثم استيقظ من فكره ، جوزيف ، هل يمكن أن يكون قد مات ؟؟ يا الله كان يلمح ذكاء يشتعل في عينيّ الصبي ، حدّق بالمحيط حوله وأغمض عينيه واستسلم للنوم
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:50 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 1
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
3y vBSmart
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات إملاءات المطر الأدبية - الآراء المطروحة في المنتدى تمثل وجهة نظر أصحابها