حـَفـِيـْفٌ و رَفـِيـْفْ

[أحمد بدر]

عَلامَ الخَيط نعْقِدُهُ بِفِيْنا=وحين اجتُثَّ ناجِذُنا ~ بَكِينا؟!
ولوما ضربة صُدّت بترسٍ=تـَزَحـْزَحْنا ~ كأنّ الضرب فينا؟!
نُعاجلُ لـَعنَ ذات الريح لمـّا=تجندلَ بعضُ نخلٍ جاثمينا
ولو ندري لِمَ الأترابُ ظلوا=على ساق المهابة شامخينا
لما أُخِذ الرياحُ بذنب سُوسٍ=وآسفنا خـُويـّا واقفينا!
لكلّ الفعل ردّتهُ بفعلٍ=ويبقى الفوزُ حِكرَ الثابتينا
نقولُ: إلى متى نبقى بعيرًا=على تلِّ المهانة مستكينا؟!
وننسى دولة الأيام طبع=على الأحوال قلـّبـَها سنينا
فنبض العِرق ِمنـّا وهو حيٌ=يذكـّرنا بجَسّ ميتينا
ولو أنـّا شربنا الماء بردا=علِمنا الفرقَ لوما يَصطلينا
فلولا المرّ ما قطْ ميز حلوٌ=ولا شَرِهتْ لسلوى ذائقونا
نَقِيْضُ الشيء نافِرُهُ ولكنْ=إذا اعتدنا النواقض ~ يلتقينا
لأنّ الشمس تشرق بعد ليل=من الإجحاف نزري الآفلينا
كذا ~ ما اللّيل عسعسَ في ربانا=تَنَفَّسنـا صباحُ الواعدينا
وَنَسْنَسَ بعد ما اختنقت صَبَاها=وعندلتِ العَنادِلُ مصبِحينا
غريب الدار.. لكنْ لستُ آلو=لأيّ الأرضِ اُنفى أن أكونا
فأَرضُ الله تُوسعُنا وتكفي=وما ضاقَت لتؤوي ألعالمينا
هجرتُ مرابِع الفَيْحاءِ كرها=وجيت حدايقَ الحَدْباءِ هونا
وجدتُ رجالها للكرّ أُسْد=تُديرُ الحربَ أنواعا فنونا
تَدُكُّ مَواقعَ الأعداءِ دَكّاً=وتسقي العُلجَ كاسات مَنونا
هُمُ الزُّرَاعُ زَرعاً لا كَزَرْعٍ=ولكنْ عُبوة لِلغاصبِينا
إذا انفجرتْ بِرتلهمِ ِ ودَوَّت=تَراهم صُرَّعًا متناثرِينا
قَنَابُلُهُم على الطَّرُقَاتِ تَمشَي=رِجَالا وِسْط صاعقة خِفِينا
تُدَاهِمُ عَقْرَ جُحرِ الجُرذِ نَارًا=فَتتركهم كَعَصفٍ مُوكلينا
ترجُّ الأرضَ بِالأقدام رَجّاً=فما ثبتوا عليها واقفينا
يفطـّر سُمكَهَا (اللهُ أكْبَرْ)=بصيْحاتِ الرِّجالِ الغاضبِينا
فلا التصليبُ عاذ العائِذينا=ولا التُلمُودُ ناصرهم علينا
حمدتُ اللهَ ألفاً تُلوَ ألفٍ=فما ثُكِلَ العِرَاقُ الثَّائرينا
تركتُ الخُنَّع الأرذال خلفي=على كُرسيِّها مُتكالبِينا
تَهَافَتَ كلبُها مِن كُلِّ حَدْبٍ=وَعَاثَوا بالأبُلَّةِ فاسدِينا
بهتكٍ ستر أعراض وحَرْثٍ=رضاعُ الكُرْه ~ سُمُّ الْحَاقِدِيْنا
تَرَاهُم بَبَغَاوَات تُتَعْتِعْ=بِمَا قَالَ الاُصَيفِر لاهِجينا
فَما الأيامُ إلاّ سوف تمضي=وَيُثلم نَابَ قَومٍ مُعتدِينا
.=.
كَفى سَفَهًا بِذيب رَاحَ يَقضي=وَجَمعُ الضَّبعِ صاروا مُدَّعينا
وجاءَ الصِّلُّ يتبعه ابنُ آوى=وخلفهما ابنُ عِرْسٍ ~ شاهِدينا
أبا السِّرْحان: صاحَ الجَمعُ طُرًّا=قصاصَ العَدلِ ~ نبغي القاتلينا
أإفسادا لغابتنا بهَتكٍ=وَحِملان الشِّيَاه الآمنينا!؟
فَرَنَّ الذِّيبُ إذ يَعوِي كثكلى=وينشجُ بِالضِّبَاعِ النَّاحبِينا
يُوَلوِلُ بِالثُّبُورِ وَشَقِّ جَيْبٍ=تَوَسَّطَ حِلقَةً لِلاّطمينا
يَقُولُ: الأمسَ قَد باتُوا بِحجرِي=بُعَيدَ اللِّعبِ هُـدّوا مُتعَبِينا
فَمَن ذا خِلسَةً مِ اللَّيلِ يسري=ويَقتَحِم الحِمَى وَالحَارِسينا؟
تَقَدَّمَ حَانِيَ الرَّأسِ ابنُ آوى=وقَالَ: العُذرَ يا ذا الحاضرِينا
لمحتُ الدِّيكَ بِالأسحارِ صاحي=وكل الخَلق كانوا نائمينا
وكم مِن مَرَّةٍ إذ رَامَ قتلي=بِقرنٍ جرّ حَافِرَه اللَّعينا!
ولوما النَّمل آواني كرِيمًا=وخـباني بمسكنه مُعينا!
لكنتُ اليَومَ في خبرٍ لكانَ=ومتُّ سليمَ سُمّ مُستكينا!
فَمَاجَ الجَمعُ هـَجّوا صائحينا=بِمَوتِ الدِّيكِ ضـَجّوا هَاتِفِينا
وذيل الذِّيب يطرِق في نعالٍ=على خَشَبٍ فصُمّوا أخرسينا
تَنَحنَحَ مُلقِياً للحُكمِ جَهرًا=ويرقبهُ الكَواسِرُ لاهِثينا
ولو أبصَرتَ مَخلَبَهُم لأجلتْ=دِمَاءُ الشَّاةِ دَعوى المُفترِينا
حَكَمنا الدّيكَ بِالإعدامِ شَنطًا=لِيغدو عِبرَةً لِلساهرِينا
فَتَهْنا في سُبَاتِ النوم عَينٌ=وَلا يُصحي صِياحٌ راقدينا
أيا زمن العجائب يا مُرينا=ذئابَ الغاب تفشي العدلَ فينا
لَحَبلُ العُنق أشرَفُ مِن عِقَالٍ=عَلا عَفَنِ الرّؤوسِ الفارغينا
فكَم مِن مِيتَةٍ أحيَت رِجَالاً=وعَاشُوا الدَّهرَ شمسا خَالِدِينا
فما اللإعدامُ تَارِكُنا كِلِيْنا=تـُمَزِّعُنا نُيُوبُ الطَّامِعينا
ولا الإعدامُ جَاعِلُنا حِفِينا=نصيحُ اللهَ يَا ذَا المُحسِنِينا
وما الأرحامُ إذ كَشَّت فغاضَت=بما خُصِيَت فُحُول الأنجبِينا
عراقُ اللهِ مجرى كل عِرْقٍ=بأعراقِ الأصول الثَّابِتينا
عَميق الجَذرِ ضَارِبُهُ بدَهرٍ=سَليل المَجدِ أرض الفاتحينا
ألا لا أصبحَ اللهُ صَباحًا=ذليلاً فوق قوم تابعينا
دَعِ الأذيال في لَعِبٍ ولهوِ=ببيتِ الكُفرِ دُخَّل مُحتمِينا
فلو دامتْ لغيركَ ما استقامت=أليت لوِ اتَّعَظْتَ بِسالفينا
سَنعْدلُ كُوْزَهَا ~ لا شَابَ شَكٌّ=ولو أنَّا على شَرَرٍ مَشِينا
لنا شَمَمُ الحرائر إن تناختْ=ركبنا عنق عنقاء وجينا
صُقُورا حُرَّة لم ترض وَكْرًا=وتانفُ بُرْقِعَ الصُّمِ العِمِينا
كُليبٌ ثارنا, ما طَالَ طلنا=رِقَابَ الغدرِ ~ نقضمها شِهينا

(يتبع)