عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03/09/2010, 12:30 AM
الصورة الرمزية زياد محمد
زياد محمد زياد محمد غير متواجد حالياً
إكسير الحياة
 



زياد محمد has a spectacular aura aboutزياد محمد has a spectacular aura about
Cool اللهم بلغنا الأغراض ..!


( مدخل ) .. في هذه الأيام اشتعل فتيل الإيمان في صدورنا , فأنار لنا الطريق الصحيح , فبدأنا نُسابق النفس على الطاعات و نُجالدها على الأخذ بالحسنات ... و هذا هو الإيمان . قال تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . و لكننا مع الأسف الشديد في غفلة تقلبنا نزغات شيطان , و تصرفنا وساوس إنسان . و إلا لو وقفنا مع النفس وقفة جادة , و حاسبناها حساب عسير ... لما بلغ فينا الحال من الضعف . ليس ضعف الأبدان , فأبداننا سبحان من أنشأها , و إنما هو ضعف إيمان .. فالله المستعان ..! ( مخرج )

اللهم بلغنا الأغراض ..!

قبل أيام داهمني التطفل مداهمة لا أظن يُداهمني مثلها إلا الموت - أمد الله بعمري و أعماركم على عمل صالح - , عندما مررت بأحد الأسواق المركزيّة .. فقلت في نفسي : لِمَ لا تقف يا زياد و تتأمل في خلق الله , و تُبصر حرص الناس على دُنياهم و أنت أولهم ... نزلت من السيارة , ثم دخلت هذا السوق العظيم , و وقفتً جانباً و بدأت مكائن التأمل تعمل ... بالصدفة سقط النظر على الأرض , و إذا بورقة خُط عليها عمود من المأكولات و عمود من المشروبات و آخر من المعجنات ... لا يتخيّل أحدكم لو أوقفت هذه الورقة تحت بناية قوامها تسعة أدوار لرفعتها , من ما خط عليها . كيف بها ستكون في جوف أمرء بسيط لا يعلم هل يبلغ الرابع من رمضان أم لا .! و إذا بنهايتها كتب بالحرف الواحد : اللهم بلغنا الأغراض .! إبتسمت إبتسامة أخفت ملامح وجهي . و مررتُ الموقف و كأن شيئاً لم يكن ... لحظتها أيقنت بأن هذا البيت يحرص على دنياه أشد من حرصه على آخرته - و الله - كم أتمنى أن أرى الواحد من أفراد هذا البيت هل هو بشر مثلنا يأكل ما نأكل , و هل أبواب منزلهم كما هي أبواب منازلنا , و هل مضاجعهم كما هي مضاجعنا... و كثير . ولكن لا أقول إلا : سبحان من أوجدهم من العدم ..!

ما مر رجل أو امرأة , إلا و بيده و رقة و قلم يشطب هذا و يكتب هذه ... يمترون المكان بخطاهم طولاً و عرضاً . و يأخذون بجنون أشياء غريبة و عجيبة . و إني على قناعة بأن من صنعها و أوجدها , لم يلهث خلفها كما هو جنون هؤلاء الأحبه .! أمّا عن العربات فالله الله .. مِن ما رأيت من عربات صفت كما هي الصفوف العسكريّة . أتساءل في نفسي : و هل الموت فجأة .! كيف بهذه العربات تصب في بطن إنسان بريء . و إنسان لم يخلق ليأكل و يشرب و إنما خلق ليعبد و يشكر ... كيف بهؤلاء يتأففون عندما يقف فقير أمامهم بعد الصلاة , و يتوسل إليهم فيعرض لهم حاله و يشكو لهم مصابه . فينهضون من مواقع سجودهم بكبرياء .! لا يمدون مالاً يسير لهذا الفقير و إنما يمدون ألسنتهم فينتقدون وقوفه و شكواه . و يعرجون على مؤسسات المجتمع لماذا لم تُصرّف هؤلاء الفقراء من هذه المناظر ... و مناظرهم هذه في حرصهم على دنياهم و صفوف عرباتهم أشد و ألعن بنظري ..! ألا يحق النظر فيهم . أين مداخل عرباتهم و أين مخارجها ... سبحان الله .!

الله أكبر .. لقد لفح ذاكرتي و أنا جوار هذه الأمة قول عائشة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في العشر الأواخر من رمضان : أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره ... و هؤلاء يشدوا بطونهم , و كأنهم مقبلون على صحراء قاحلة , موعودون فيها بعذاب أليم و جوع عظيم , و ليسوا على مشارف رمضان كريم فيه نزل القران و فيه الأجر العظيم ... على ما رأيت ما ظننت بأن هُناك ليل حي بطاعة الله و ذكره و الله أعلم , و إنما رأيت أمة تظن بأن ضارب الموت لا يكون إلا على ضعاف الأبدان و ليس على ضعاف الإيمان ..!

يا كِرام :
لا يكون حالنا كما هو حال الأمةُ السالفةُ , و إنما يكون حالنا كما هو حال رسول الله في رمضان و غيره ... هذا هو المبتغى و المنشود . و إلا هؤلاء فندعوا لنا و لهم بحسن الختام ...


في حفظ الرحمن ..


* كتبته في رمضان الماضي .
 
توقيع :  زياد محمد

 

بين أحضان الأمل ..!
رد مع اقتباس