عرض مشاركة واحدة
قديم 14/05/2010, 02:32 PM   #3
زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
Cold Memories
افتراضي

حين كنتُ في الصف الثاني الإبتدائي ، درسَ معناَ فتىً إسمهُ زياد، كانَ أبيض البشرة ممتلىء الخدّين وعلى وجنتيه حُمرةٌ توحي لأي شخص بأنّ هذا الطفل خجول، عدا عن شعره الأسود الناعم ...

وفي ذلك العُمر الضئيل عرفتُ معنى الإعجاب ، وكنتُ أراقبهُ عن بُعد حين يلعبُ في ساحة المدرسة دون أن يكتشف وجودي ، ذلك الوجود الذي كنتُ على يقين بأنهُ لم يكتشفه أبدًا!

وكانت تدرسُ معناَ فتاةٌ طويلةُ القامة إسمها فاطمة، كانت تكبرناَ جميعًا، وهي الفتاةُ الوحيدة التي يرضى زياد أن يلعبَ معها،
وأنا تنهشني الغيرة في ذلك المكان البعيد عنهما،

مرةً إستوقفني زياد وأنا في طور الخروج من باب المدرسة، وقال لي بصوته الذي لم يسبق أن خاطبني به سابقًا :

"سمعتُ أنّ حديقتك بهاَ ورودٌ جميلة، فهل لي بإحداها؟"

يا الله !
أذكرُ أنّ قلبي إرتفعَ ليجاورَ عقلي ويبثّ به تلك الحمرة / الإرتجاف / الخوف / الفرح الذي شعرتُ به !

وفي اليوم التالي، إستيقظتُ على غير عادتي في وقت مبكّر، وذهبتُ إلى الحديقة لأختار أجمل وردة "صفراء" .. وخبّأتُها بعناية في حقيبتي المدرسية،

ولأوّل مرة تلهّفتُ للذهاب إلى الحصة الصباحية، وأمي لا تعلمُ ما حلّ بي ..
وحين ذهبت ورأيته ، أهديتهُ الوردة بصمت لأنّ الخجل إبتلعَ كل الكلام حينها،

وأثناء الحصة ، كنتُ ألمحه وأقول في نفسي بسعادة غامرة : " أخيرًا أحسَّ بي!" ،
درسناَ حصصًا أخرى والحصة الأخيرة لم يشاركني بها زياد،

وحين غادرتُ المدرسة لمحتُ وردتي الصفراء مُلقاةً على الرصيف المقابل للباب الرئيسي،
وأوراقهاَ مثل جثث الموتى لا تتنفس !

.....

لا أذكر بالتفصيل ما شعرتُ به حينها،
ولكنّ الشيء الوحيد الذي أستطيعُ تشبيه نفسي به هوَ مرآةٌ رغم عظمتهاَ تشظّت حال سقوطها من الأعلى !
توقيع :  زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي

 

لازلتُ مرشومةً على صدر الماء !
زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس