عرض مشاركة واحدة
قديم 25/07/2009, 10:40 PM   #50
سعد الحمري
كاتـب و ناقد
 
الصورة الرمزية سعد الحمري
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سودة الكنوي مشاهدة المشاركة
الأستاذ سعد الحمري شكرا على إجاباتك الوافية و حوارك الممتع
و طرحك الثري
و باسم المطر و الماطرين نرحب بالكاتبة الفاضلة (أم صقر)
(صاحبة حكايات قبل الموت) و نشكرك على كرمك و دماثة خلقك
و نبلك فكل قاريء لهذه الأسطر يدرك بجلاء أنك قد حملت همَّ الكتابة
و يستشف من ردودك حرصك على خدمة الأدب و الفن على اختلاف
أشكاله و لا يفوتني أن أحيي فيك سعة اطلاعك و رحابة أفقك..

ضيفنا الكريم:
لقد درجت الشعوب منذ بدايتها على ربط الأدب بالفن بل يعتبر
الفن(ِArt) فرعا من فروع الأدب، الفن بمختلف أصنافه و على اتساع
رقعته، و لكن نجد بعضهم يفصل الفن عن الأدب،
- فما قولك في ذلك؟ و هل ترى أن إقصاء الفنون عن الآداب ضربا من ضروب القصور المنهجي أم التخلف الفكري؟؟
حدثنا عن علاقة هذين المصطلحين ببعضهما البعض الأدب(literature) و الفن (art) ( كالفنون التشكيلية و النحت و غيرها)

- ما مدى اطلاع سعد الحمري على "الميثولوجيا" (علم الأساطير الإغريقية) و هل خدمت المثولوجيا الأدب بشكل عام
و الرواية و المسرح بشكل خاص؟؟

لا شك في أن الايديولوجيا تلعب دورا مهما في الإنتاج الفكري و تؤثر في عمل الشاعر أو الكاتب أو الفنان بصفة عامة
- فهل لها التأثير ذاته في مسار الناقد و منهجه النقدي؟؟





الرائعة سودة وماذا اقول امام هذا التدفق وهذا الفيض من الاسئلة التى تلد الاسئله وتقود الى فضاء لامتناهى من الدهشة
سأبداء من حيث انطلق فى أسئلتك

سنتوقف عند لفظة /((art)) أنها لفظة تطلق على ما يساوى الصنع هاو فلنقل هي تعبير خارجي عما يحدث فى النفس من بواعث وتأثرات التعبير بواسطة الخطوط أو الحركات أو الأصوات أو الألفاظ
من هنا نشاء مذهب (( art for art,s sake)) أو مذهب الفن للفن وهو شعار رفع في أواسط القرن التاسع عشر فى فرنسا وفى أواخره فى انجلترا يري أن الاعتبارات الجمالية يتم تفضيلها عن الاعتبارات الأخلاقية.
أما مصطلح (( literature )) فهو مصلح يسقط على مجموعه من التعاريف التي تدخل ضمن سياق واحد مثلا
• كل ما أنتجه البشر (( مخطوطا أو مطبوعا))
• تراث مخطوط أو مطبوع بلغة ما ولشعب معين
• مجموعه الآثار النثرية والشعرية التي تتميز بسمو الأسلوب وخلود الفكرة الخاصة مثال ذلك الأدب العربي والأدب الفارسي الأدب الانجليزي..الخ

وحقيقة الأمر أننا لا يمكن أن نعزل الفن عن الأدب أو العكس ذلك لأن ما يحكمهما هو الجمال كقيمة أو وهذا في رأيي موضوع يضم كافة فروع الفن والأدب كذلك تطور الأجناس الأدبية والنظرية القائمة عليها في تاريخ الأدب . ونظرية الأجناس الأدبية أول من نادي بها الناقد الفرنسي (( فردييناد برونيتيير)) في كتابه الذي يحمل نفس العنوان (( تطور الأجناس الأدبية في تاريخ الأدب)) وقد تأثر فيها بنظرية التطور في علم الحياة وملخصها أن الجنس الأدبي والفني ليس جامدا أبديا كما قرر القدماء منذ أرسطو ولا هو حالة التعبيرات الجمالية لحالات نفسية كما رأى نقاد الرومنتيكية إنما هو كائن عضوي يولد ويموت وقد يبعث في شكل مختلف من جديد متأثر بجنس فنى أدبي آخر مثله مثل الكائنات الحية
ولابد من أن نضع في اعتبارنا أن الفن نشاء في أحضان الفلسفة
لاحظي أنه وحسب رأيي أن الفن والأدب مرتبطان بنظرية الإلهام والعبقرية ونظرية الجمال وبالتالي فهما لا يفترقان
الفلاسفة الذين تحدثوا عن الفن والأدب في نظرية الإلهام كثيرون
جان جاك روسو مثلا يقول

(( لو تحولت خيالاتي الى حقائق ماأكتفيت بها ولا تقف رغبتى عند حد ..أنها بزوغ من القلب نحو مصدر متعه لاغلم لى بها ..لكننى احس بحااجتى اليها))
بسكال يتحدث عن الفن والفكر فيقول (( كل عظمتنا فيهما تنحصر فى الفكر))
فيما يؤكد هيجل نفس الفكرة(( الفن هو نتاج الفكر وليس ثمة فن وابداع بدون فكر))
شوبهاور يقول (( العمل الفنى لابد أن يكون مسبوقا بالفكرة والارادة ))

اقتباس:
ما مدى اطلاع سعد الحمري على "الميثولوجيا" (علم الأساطير الإغريقية) و هل خدمت المثولوجيا الأدب بشكل عام
و الرواية و المسرح بشكل خاص؟؟
فيما يتعلق بالميثولوجيا ((Mythologies)) // مجموعه الاساطير
فهى وحسب تسلسلها التاريخى حكايات اول مابدأت بظواهر تفسير الكون والاشياء الغيبيه فى حياة الشعوب فى قصص تبين وتجسد معانى القوى الطبيعية وأحداث الحياة من اتصال بالآلهة وأنصاف الآلهة والابطال الخارقين.
وتتضمن الميثيولوجيا الى جانب هذا وظائف اخرى
فقد انبثقت من خلالها وظيفة التعويض فى الادب وهى الوظيفة المحررة لشعور الانسان بالنقص او الضعف
الوظيفة النفسية وهى المرتبطة ارتباطا كاملا بأحلام البشر وتصوراتهم الرمزيه
والمقترنة فى المقاربه بمصطلح (( الخرافة)) الاسطوره
وقد قسم العلماء مناهج تحليل الاسطورة منذ (( يوهيمر)) مرورا ب((مالينوفسكى)) الى (( كلود ليفى شترواس)) الى ستة مناهج
• منهج يوهيمر الذى يرى أنها قصة لأبطال وأمجادهم
• منهج طبيعى يعتبر ابطال الاساطير ظواهر طبيعية تم تشخيصها فى أسطورة
• منهج مجازى بمعنى أنها تخفى معانى عميقة ثقافيا
• منهج عقلى يرى أها ناتجة عن سؤ فهم او أخطاء ارتكبها مجموعه افراد فى تفسيرهم او سردهم لحكاية اقدم
• منهج نفسى ويرى أنها رموزا لرغبات غريزية وانفعالات نفسية

وقد استفاد الادب كثير من الاسطورة كونها وعاء يحتوى كافة التصورات التى اشر تاليها سابقا بل زاد الامر أنه تم استعمال الاسطورة بكافة التصاقاتها فلو ركزن على شخصية ((فاوست)) سنكتشف انها اسطورة شعبية المانية هذه الشخصية صارت مثالا عالميا بفضل ((جوته)) وقديما ارتقى الفردوسى بشخصية (( رستم)) الاسطورية فى ملحمة (( الشاهنامه))

وفى الرواية وفى القصة استعملها اكثر المبدعين كنوع من المواربه امام الرقيب الامنى فى العالم العربى ..
زد على ذلك مايسمى الان بنوع (( أسطرة الواقع )) كما يحدث عند الروائى الراحل ((هانى الراهب)) فى روايته (( رسمت خطا على الرمال )) أنه نوع من التستر لغرض مرور الافكار

قديما كان الحكواتى والراوى الشعبى فى المقاهى الذى يذكر سيرة عنترة الاسطورة وسيرة ذات الهمة وسيرة على الزيبق وسيرة ابوزيد الهلالى ..كانت هنا كنوع من التعويض للمتلقى ان مجرد ذكر الافاعيل التى يفعلها هؤلاء الابطال بعد أن تمت اسطرة حكاياتهم تعد نوع من التعويض البيليغ امام ظلم المستعمر او الحاكم او السلطة من هنا كان للاسطورة نوعها فى الادب المجازى والتعويضى وكذلك النفسى.

اقتباس:
لا شك في أن الايديولوجيا تلعب دورا مهما في الإنتاج الفكري و تؤثر في عمل الشاعر أو الكاتب أو الفنان بصفة عامة
- فهل لها التأثير ذاته في مسار الناقد و منهجه النقدي؟؟
اما عن الايديولوجيا ((ideology)) فقالو عنه الكثير

لكن اقرب التعاريف له اانها علم الافكار وموضوعه دراسة الافكار وعلاقتها بالمعانى وخصائصها والبحث عن اصولها بوجه خاص
وعند ماركس يحدد بأنها جملة من الاأراء والمعتقدات الشائعه فى مجتمع ما
وعند ((التوسر)) يرى أنها انعكاس غير واع لعلاقة الانسان بعالمه و يرى عبدالله العروى بأنها مفهوم يتصل بميدان المناظرة السيا سية
فهى ايجابية للمتكلم وسلبية للمخاطب
والعروى فى كتابه مفهوم الايديولوجيا يقول عنها بمعنى شمولى
(( الإديولوجية قناع لصالح فئوية أذا نظرنا اليها فى إطار مجتمعى آنى وهى نظرة الى العالم والكون إذا نظرنا اليها فى إطار التسلسل التاريخى))
إن مفهوم الايديولوجيا من أكثر المفاهيم صعوبة فى التحديد ورغم أن الادب يعتبر حقلا خصبا له وهو سياق الفكة وسياق الانتباه فيه
بالتالى لايمكن أن يخرج النقد عن هذا الاطار لكنه مهتم بيتبيان نوع الايديولجيا التى مارسها المبدع والتى شكلت نظرته للكون والواقع والحياه والمجتمع من خلال ابداعه.
أريد أن اقول هنا أن الناقد كبشرى له ايديولوجيته الخاصة ولكنه كمبدع وبمعزل عن انتمائه لابد أن يسبر اغوار النص الابداعى باحثا فيه عن الايديولوجيا.

طاب مسائك ياسيدتى وشكرا لكل الروعة النابعة من قلمك
وأعتذر للإطالة
ولكل المارين من هنا سلاما نابعا من اعماق القلب

توقيع :  سعد الحمري
سعد الحمري غير متواجد حالياً