عرض مشاركة واحدة
قديم 02/12/2011, 11:19 PM   #4
دلال الشبلان
إملائيـة
 





من مواضيعي

دلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud of
افتراضي

مَرَّتِ الشُّهور جَوْفَ السَّنوات
كَبُرتْ
و بلغتُ الخامِسة عشر مِن عمري
و لازالتْ تفاصيل حياتي غامضة !
زميلاتي و معلماتي تتصادم أخبارهم عنّي
أمّا عائشة فكلُّ يومٍ تكشف جُزءاً بسيطاً مِن السِّتار
فـــيزيدني تصرُّفها خوْفاً و حيرة
فــما تبَـطَّـأتْ إلاَّ لِــتُـهـوِّن الفاجعة عليّ , و ما جَزَّأتها صغاراً إلاّ لأنّها كبيرة !
فــفي كُلّ يومٍ يكبُر همِّي و خوفي .


مَرَّتِ الأيَّام و أنا أزدادُ عِلماً و تفوُّقاً في الدَّار
و في شهر شعبان مِن ذلك العام زار عائشة مَرَضاً يُسمُّونهُ ( الخبيث ) !
كانت عائشة في المُستشفى بـرِفقة إحدى المُعلِّمات في الدَّار
حيثُ لاحظتُ عليها منذ أيَّام أثر التعب و المرض مِن خمولٍ و كسلٍ و توجُّع .
تنوَّمَت عندهُم بضعة أيَّام , ثمَّ أخبرتني إحدى المعلِّمات بمرضها
لا أستطيعُ وصف ردَّة فعلي لكم حينما سمعتُ الخبر و لكني أقدِر أنْ أقول لكم
بأنّي فُجِعت و حزنتُ دونَ أيّ دمعة تنهمر علي خدّي .. و لا أعلمُ لماذا ؟!
طَلَـبْـتُهُمْ بأنْ أزورها فـوافقنَ لي
ذهبتُ في أحد الأيَّام مع مُعلِّمتي إلى المُستشفى حيثُ عائشة
وصلنا .. و في أرض فؤادي زِلزالٌ مِن سُرعة النَّبضات
كنتُ أمشي معها في مَمرَّاتِ المُستشفى و أنا أُصبّـرني على ما سأرى مِن منظر حبيبتي مريضةً
طريحة الفِراش , دخلنا غرفة التنويم حيثُ مكان عائشة
سَـبَـقتُ معلِّمتي إلى السَّرير و رأيتُ عائشة .. كانتْ في غاية التَّعب و الأرق
و لكن بشاشتها تُنبئ بالصِّـحة و العافية
أقبلتُ إليها أضمُّها
فــسلَّمتُ عليها و قبَّـلتُ رأسها
مَسَكتني بــيدي تسألني عنِ الحال ؟ فأجبتها بأني بعدها لستُ في خير
تمعَّـرَ وجهها غاضبةً من ردّي !
و ذكّرتني بـخيراتِ الله الكثيرة و أنّهُ مِن الخطأ أنْ أُنكِرها ..
استغفرتُ ربّي , و سألتُها عن حالها
فأثنَــت على الله و حمدته , و بشَّرتني بــتقلُّبها بينَ نِعَــمِـه
تعـجَّــبتُ مِن جوابها ! و شعرتُ بأنّي أنا المريضة
سألتُها عنْ مرضها الخبيث و ما سببه ؟!
فــتمعَّـرَ وجهها ثانية
ثمّ قالت : ( معاذ الله يا أمل ! ما كانَ ربُّنا لــيبتــلينا بالخُبثِ أبدا
مَرضي ليسَ بـخبيث , و ربّي لم يخلق شرّاً محض
هُوَ كأيّ مرضٍ يا صغيرتي و إنْ كان ألمهُ أعظم , و عِلاجهُ لا يعرفهُ البَشَر
فالّذي سمح بأن يـسكنـني السَّرطان قادِرٌ على إخراجه
ما أصابني يا أمل ابتلاءٌ مِن الله ؛ لِـيختبرني أأصبر أم أكون من المُتضجِّرين العجولين ؟!
فــزمِّـليني دعوات بأن أنجح في الاختبار فـالمُكافأة ليست بـهيِّنة يا أمل )
صمَتُّ و لم أستطِع أن أنطق حرفاً واحِدا !
كانت مُعلِّمتي تُحدِّثها و تُصبِّرها , و تنقل لها أخبار أهـلنا في الدَّار
و عائشة على سريرها الأبيض تُوزِّع البَسَمات بــنفسٍ راضيةٍ مُطمئنّـة
بــحقّ مــا أعظمَ عائشــة !


عدتُ و معلِّمتي حينما انتهى موعدُ الزِّيارة إلى الدَّار
كنتُ مُتأثِّـرة مما رأيتْ
أصارعُ تأثُّـري بــسلاحِ الصَّبر .. و لكنِّي عجـزتُ أنْ أكون كــعائشة !
دخلتُ غرفتنا فــسَقَطَتْ عيني على سريرها خالياً مِنها
جلستُ على سريري أتأمَّـل أمتعتها
فــهذا كِتابٌ ينتظرها تُـتِــمَّـه
و هذا قلمها يفقد لمستها الحانِيَة
و هذهِ سُجَّادتها تبكي الخاشعة القوَّامة
و هذهِ " أنا " أشكو الوِحدة و القلق .. و أحِنُّ لـحكايا الليل و دروس النَّهار
أبكي عــــائشة ..


يا غِـطاها .. يا وِسادة
لا تَــدُرُّنَّ الـــــدُّمــوع
ســــتـعـودُ الأُمُّ يــومـاً
ثــمَّ تـسـقـيـنـا الـحـنـان
انـهـضـي فــالـداءُ فيها
ساكِـنـاً بـيـنَ الـضُّـلـوع
فـــلـتـكـونـي بـعدا داها
أمُّــهــا الأمّ الــحَــنــون
و أنـــــا أمَـــةٌ فِــــداهـا
ألـتـقـيـهـا فـي خـضـوع
و هِـيَ الـمَـلِـكُ الـمُـفـدَّى
حُــكــمُــهُ بَـــرُّ الأمـــان






***
دلال الشبلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس