عرض مشاركة واحدة
قديم 05/04/2009, 07:06 PM   #28
أسامة بن محمد السَّطائفي
مشرف رَتْلُ المزن
 
الصورة الرمزية أسامة بن محمد السَّطائفي
افتراضي ~ أرشِيــف ~

*

سَـلامٌ عليكم وَ رحمةُ اللهِ وَ بركاتهُ

/

طلبَ منِّي صَديقٌ عزيزٌ على قلبِي قبلَ عامينِ على ما أظنُّ ، أن أعودَ للخلفِ وَ أستذكرَ لهُ بعضَ أوقاتِ الطُّفولة الشقيَّة الشيِّقة ، فأجبتهُ بالحرفِ الواحدِ :

السُّؤال /

" اخي اسامة لنعد للخلف فنتنذكر طفولتك بحلوها ومرها بشقاوتها وعقلها وهل اخذت نصيبك من اللعب في طفولتك وحدثنا عن الذين اخرجاك لهذه الدنيا وذكرياتك معهما .

نحن في شوق ان نسمعك

وتقبل احترامي وتقديري "

الجَواب /

" كانت معظم أوقاتي لعباً في لعبْ و لكنهُ ليس اللعب الهاديء الوديع ، بل كان بالشغب و المشاكسة و كنا نستمتع بذلك كثيراً لا نهتم بسوء العواقب و لا بالتوبيخ العنيف الذي كنا نتلقاه من والدينا ، حقيقة لقد أتعبناهم و ربما كانوا يستمتعون بذلكَ الجهدِ الذي كانوا يبذلونه في سبيل إصلاحنا و تقويمنا . المهم ، لم نعرف راحةً و لم نكلَّ أبدا في الجولات التي كنا نقوم بها - طبعاً بعد أوقات الدراسة ، و سأرجع لها لاحقاً - بين الأحياء الشعبية كنا نحس أننا نقوم باستكتشفاتٍ و استطلاعاتْ ، إذ كل يومٍ نتعرف على شيءٍ جديد حول محيط حيِّنا الذي كان من مخلَّفاتِ الإستعمار - و لكن رغم هذا ما زال محافضاً على شكله المعماري المتين - و كنا نظن أننا غطَّينا مساحةً كبيرة و مشينا مسافة طويلة و لكن عندما كبرنا علمنا أننا لم نبعد عن مركز الحيِّ إلاَّ بمسافةٍ لا تتعدَّى 1 كلم !!!

كان عندي الكثير من الأصدقاء و من أبرزهم عبد القادر فمنذ نعومة أظافري و أنا معه ، ندرس مع بعض و نلعب مع بعض ، و كم كنا نحب كرة القدم و وقتها كان يبثُ الفلم الكرتوني المعروف " الكابتن ماجد " فازداد تعلقنا بها و كانت تحتل النصيب الأوفر من وقتنا بالرغم من كثرة الألعاب التي كنا نقضي بها جُلَّ يومنا و التي كنا نبتكر الأغلبَ منها ، كم كانت أياماً جميلة أحنُّ لها بين الحين و الحينْ .

أما الدراسة فما أدراكَ ما الدراسة ، رغم حبنا للهو فإننا كنا ندرس بجد و أكبر دليل على ذلكَ أنه في امتحان الإنتقال من الطور الإبتدائي إلى الطور الإكمالي ، كنتُ أنا و عبد القادر من الخمسة الأوائل في المدرسة ، و لكن حين صعدنا للطور الإكمالي افترقنا و ذهب كل واحدٍ منَّا إلى متوسِّطة ، و عُدنا التقينا في الثانوية و لكن في السنة الثانية و كنا في شعبة : علوم الطبيعة و الحياة ، و لكن للأسف عندما أجرينا امتحان شهادة البكالوريا نجحتُ أنا و أخفقَ هو ، و عدنا مرةً أخرى التقينا على نفس التخصص في الجامعة بعدَ أن أعاد السنة و تحصل على البكالوريا و أخفقتُ أنا في اجتياز السنة أولى جامعي إلى أن تخرجنا بنفس الشهادة الجامعية ، فلله قَدَرٌ محكم جمعنا به في جُلِّ مراحل حياتنا إلى الآنْ .

أما الوالدان العزيزانْ - أسأل الله العليَّ القديرْ أن يحفظها و يحفظَ جميع أباء و أمَّهات المسلمين ، و يرحم الميت منهم إنه وليُّ ذلكَ و القادر عليه سبحانه - فلهما الفضل العظيمُ عليَّ بعد الله - عزَّ و جل - في تنشأتي و تربيتي و تعليمي و لم يبخلا عليَّ بأيِّ شيء سواءاً كان ماديًّا أو معنوياَ ، و خاصة في مجال التعليم فكانا يسهرانِ لكي يوفرا لي الجو الملائم للتحصيل العلمي . فأمِّي بصبرها معي و بإيقاظي في الليالي الباردة الطويلة لأذاكر و تظلُّ معي لتتأكدَّ من أنني أفعل ذلكَ و لاتنام حتَّى تطمأن أني فعلتُ ما ينبغي عليَّ فعلهْ ، و لا يكفي المقام لتوضيح كامل تضحياتها فأكتفي بالإشارة وكانت علاقتي معها علاقةً حميميَّةً إزدادت مع كِبري و إنها في تطور مع مرور الأيَّام . و أما بخصوص الأب الحنون الحازم فلا تسألوا عما أنفقَ من أموالٍ و كم تعب لإحضار لقمة العيش و كان أحيانا يعمل بالليل ساهراً يُكابد الصقيع في الشتاءْ و الحرَّ نهاراً في الصيف و أنا و إخوتي نتنعم بثمرة كدِّه و سهره و علاقتي بأبي علاقة أخٍ مع أخيه ، نمزح دائماً و نحكي النِكات لبعضنا البعض . فأبواي رغم ما بذلوه فبالمقابل لا يريدونَ منَّا إلا أن ننجح في الحياة و نرفعَ رؤسهم شامخةً ، فأرجو من الله - سبحانه و تعالى - أن أكونَ عندَ حُسنِ ظنِّهِ و ظنِّهمْ ... آمينْ "

/

تحيَّةٌ طُفوليَّـةٌ تسرِي إليكم

توقيع :  أسامة بن محمد السَّطائفي
أسامة بن محمد السَّطائفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس