الموضوع: أشيَاؤُنا ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 23/03/2009, 01:05 PM   #3
حوراء المُلا
كاتبـة
 
الصورة الرمزية حوراء المُلا
افتراضي


الشَخصُ الذِي لا أعرِفُ كَيفَ أصِفه، وَفِي أي قَالبٍ أحتَوِيهْ، يَحوِي الشَيءَ الكَثيرَ مِنَ الرَبيعْ، يختَزِلُ الفُصوَلَ كُلها فِي أصَابِعِه وَحِينَما يُدَندِن البيَانُو حَسَبَ رغبَتِهِ يَكُونُ حِينَها الفَرحْ ..؛ لأنَّ زِيد لَيسَ كأيَّ عَازِفٍ عادِي، فهُو قَبلَ كُل شَيءٍ عَربِيّ، يَقُودُ اوركِسترا عَظِيمَة، وَلهُ مِنَّ العُمر تسعَةً وَعشرونَ سَنَة تُنذِر بالفَرحْ. حِينَما يَعزُف، لا يَعزُفُ فَحسبْ، بل يَحكِي حِكَايَّة، بتَفَاصِيلِها الدَقيقَة، بكُل كَلِماتِها وَالروَائِح المُنبَثِقَة مِنها. وَعلى رُغم إنَّهُ عَازِف إلا إنَّ أصَابِعهُ حِينَما تُلامِس البيَانُو يَحضرَ الشِعر لِيَزُفَّ النُورْ.

لَقدْ اصبح جُزءاً من يَومِيَّاتِي، لمزجِهِ الشَرقِيَّة بالغَربِيَّة كَثَقافتِي المسكِينَة المُختَلطَة، أدمنتُ إدمَانَه، سَماعهُ لَيسَ كـ سَماع أي مُوسيقى فَهُو يَحفُر فِي جذُور المَاضِي فِينِي وَيسقِي وريقَات الحَاضر اخضِراراً، يَجعل حَياتِي أكثَر بَهجَةً وَأماناً وَروعَةً وَسكِينَه. يُحرِضُنِي جداً للكِتَابة، وَكُلما سَمعتُ لهُ عزفاً، دَخلتُ فِي حَالة غَرامٍ اسطُورِيَّة هستِيريَّة، لأنِي أعلم بأنَّهُ يُنَظِمُ كُل نوتَة، وَكُل آلة، وَكُلَّ حَرفٍ موسِيقِيّ، بدقَة. وَيُسَيّرُها مَع دَقَّاتِ القَلبْ بـ سَلاسَة، كـ حُبيبَاتِ اللؤلؤِ المُتَدَلِيَّة من أعنَاقِ العَذارَى.

هَذا الشَابْ، يستَطيع التَحكُم في حَالاتِ مِزاجِي، فَقد أصبَح يُرافِقُنِي فِي كُل مَكانْ، يَتَحَكَمُ بكُل لَحظَاتِي، وَردُودَ أفعَالِي، فهُوَّ ليسَ كَأيَّ عَازِفٍ يَأتِي وَبعدَها يَروحْ، مُوسيقَاهُ تَحفُر شَيئاً بداخِل الرُوح. فكل الآلاتْ المُستَخدَمَه فِي مَقطُوعاتِهِ قَريبَةٌ مِنِي جداً جِداً .

لَوكَانت أصابعهُ المَاسِيَّه هذِهِ بَينَ يَدِي لَرتَلتُها تَقبيلا .
حوراء المُلا غير متواجد حالياً