عرض مشاركة واحدة
قديم 08/10/2010, 01:14 PM   #3
مريم الظاهري
إملائية
 
الصورة الرمزية مريم الظاهري
افتراضي

.
.
في جهةٍ أخرى من العالم , كان سلطان مستلقياً يفكر و متجاهلاً رنين الآي فون الخاص به , كان يفكر في شيء أهم و حلم أكبر تجلى في حياته ثم أختفى , كان يفكر في قلبه و نبضه , كان يفكر في أشياء كثيرة و أهم تدور حول محور حياته و حيببة قلبه . . , فقد كان الصباح لا يزال في بزوغه الأول و لم يكتمل حتى الضحى العود إلى الآن . .:
.
.

ويحكِ يا فتاة ! , كل هذا يخرج من البريئة التي أحببتها ! , كل هذا الجرم قد أقترفته يداي ؟ , أتدرين للتو كنت عائداً لشقتي و أفكر فيكِ و في ما قاله لي والدكِ اليوم , كنت متجاهلاً رنين الرسائل الإلكترونية المتصاعد من هاتفي لأني فقط أريد تخيل الصبية المتعجرفة التي عرفتها ! , لا تجزعي من التشبيه فأنتِ بالفعل كنتِ كذلك و لكن كل الصور تبددت حين تقربت و عرفتكِ , كل ما يشغلني الآن هو إتخاذ قرارٍ مصيري بالنسبة لي و بالنسبةِ لكِ أيضاً ستعرفينه فيما بعد .
هذه المرة الأولى التي أكتب فيها بالفصيح فمالي و مال الفصيح , أنا لا دخل لي فيه أبداً أبداً و لكني أعرف أن ردي بالفصيح سيعني لكِ كثيراً و سيريكِ كم تغيرت و صرت كما كنتِ تريدين , أنا شاعر و ابن شاعر و أجدادي شعراء , و هذا ما أخذت منهم فقط , لا بل أخذت وسامتهم و روحهم , لكني لم أستطع التمسك بكل أخلاقهم , أعرف أني أحياناً كثيرة كنتُ مخزياً لحد العار لكن بُعدي عنهم رحمهم من القيل و القال , لم أكن كما تمنى أبي , رجل أعمال ناجح و بدوي متمسك بالعادات و التقاليد مثلما هم إخوتي , و لا كما تمنت أمي طبيباً تفخر به , بل أصبحتُ كما أريد , مهندساً و أكملتُ دراستي العليا و أكد على نفسي أيضاً , لا أنكر بأنهم يفخرون بي كثيراً الآن رغم عنادي و إصراري على البقاء هنا و إكمال حلم العمر و العمل في ملبورن , و الفضل يعود لمن كانت تساندني و تدعمني و زرعت في داخلي حب الحياة بعدما كنت بائساً و وحيداً , كل إمتناني للزهرة التي ألتقيتها صدفةً عندما عدت للعين و ظننت أني سأنساها حين أغادر كما نسيت غيرها و لكني في غضون أسبوعين وقعت في غرامها و صرت عاشقاً يمطر الحب شعراً لأجل "داعجة العين" .
دعيني أروي لكِ ما حدث و أبرر كل التهم الموجهة إلي , على الأقل إن لم تكوني تريدين العودة لي صدقيني فأنا كذبت كثيراً و الآن صادقة مشاعري أكثر من أي وقتٍ مضى , سأعترف كما لم أعترف قبلاً و سأقول ما لم أقله لأي أحد , سأعدع قلبي ينساب على لوحة المفاتيح و يبوح بما يريد دون تدخلي , فأسمعيني للمرة الاخيرة .
عندما ألتقينا في لأول مرة كنتِ تغنين و لمحيد حمد ( يا الكوس يا المطلي قوم شلي , و إنته لي المندوب , إنصى ديار الخلي لا تزلي و أقطع قصير دروب ) و كنتِ الوحيدة التي نهضت عندما أتيت و الوحيدة التي لم تعرني إهتماماً , و حتى عندما لحقتكِ متعللاً أني سأساعدكِ في حمل صينية الفوالة كنت أريد التقرب منكِ , و بلا شعور مني كي أعرف لم تتجاهليني , لم يكن الموضوع سهل و لكني أستطعت , أحس عمير بما يجول في خاطري فحذرني و هددني ( إلا أختي يا سلطان , دور على غيرها عشان تعلب , أختي لا تقرب منها , تراها ما تتقارب.! ) و لكنه سرعان ما عرف صدق شعوري و إعجابي و لم يعد يرمقني بنظرات التهديد كلما جلست أتأملكِ , عرفتُ أنكِ تدرسين إدارة الأعمال لأنكِ و منذ الصغر أرضعتِ إدارة الأعمال من كثرة اصطحاب والدكِ لكِ للشركة و جلوسكِ معه في المكتب لساعات طويلة و تراقيبنه كيف يعمل , كنتُ دائماً أحكي لأصدقائي عن حبي و إعجابي و حتى عندما يرن هاتفي و يروني أبتعد عنهم يتضاحكون و يتهامسون و يقولون لي أنهم سيخبرونكِ عن عبثي و علاقاتي الأخرى , كنت أعرف أنكِ تعرفين عني و عن حياة اللهو التي اقترنت بسنين الجامعة , و ماذا عساي أن أفعل و أنا الوسيم آسر قلوب العذارى؟ , و الله و الله لم يشغل بالي سوى كيف ألقاكِ, و لم تعشق عيناي سوى رؤية محياكِ , و لم تدخل القلب من الغيد سواكِ , و لو كنت مع من لا أفكر إلا بكِ و أحسب الثواني لأتصل أو تتصلين كي تتطمني عن حالي , كتمتُ شعوري و حبي شهوراً طويلة , بل أنكرت كيف وقعتُ في حبكِ دون سابق إنذار , و كيف هوى قلبي روحكِ و لم يقبل لإنكاري أية أعذار , فضلت الصمت طويلاً و لكن نيران الغيرة تأججت بداخلي و أحرقتني بل بخرتني حين تروين لي مغامراتكِ في الجامعة , لم أتقبل أنكِ تدرسين في جامعة مختلطة أتذكرين حين كنت أقول : ليش رابعه دبي تدرسين العين مافيها جامعات ؟ , و كنت تردين بغنج شديد : بن عمي تدري أنه أمريكية دبي غير و تدري بنات خالوه هناك يعني ما تثق في أخلاقي ؟ , لم أكن أستطيع الرد أو إنكار أني لا أثق فيكِ لأني كنت أثق فيكِ أكثر من ما أثق في نفسي حتى , كنت دائماً (أحاتي) كلما أتخذت الطريق من دبي للعين في نهاية الأسبوع أو العكس , كان يجن جنوني حين تقولين لي : سلطان أسمحلي , اليوم ما بقدر أكلمك عندنا برزنتيشن و بضطر أشتغل ويا القروب , و حين أسئل من هم شركاؤكِ في المجموعة تردين علي : محد , فلان و فلان و فلانه و أنا , و حين أسأل من هما فلان و فلان تقولين و كأن الموضوع جد عادي : فلان هاكِ اللي قلت لك عنه ولد قوم الـ . . اللي قلت لك عنه البنات متخبلين عليه , و هاك و الله ما أعرفه توه ياي من جامعة ثانيه , كنت أتساءل لم الكل يفضل أن يعمل معكِ و الجميع يتهافتون كي يكونوا معكِ و ظل هذا السؤال يؤرقني كثيراً حتى عرفت إحداهن من (الفيس بوك) و ظلت تثرثر عن الجامعة و البنات فيها و الحياة بداخلها و حين أستدرجتها في الحديث عرفت كل شيء و فهمت كل شيء بل و أحس قلبي بالفخر لأنه حين إختار عرف من يختار , قالت لي إنكِ عنيدة و (نحيسه ) بل و ( عوفه ) أيضاً !, لا أحد يجرأ أن يقترب منكِ إلا و وخزتيه بنظرات شرسة و أسلوب حمل بين طياته رسالة معناها ( خطر , ممنوع الإقتراب ) , كل هذه الإشياء جعلتني أحبكِ أكثر فأكثر و لكني لم أكن قادر على ترك ما أريد و التمسك بالبنت التي أصبو لها و أريدها , كنت أبغي و لا أبغي و كنت مقتنع و غير مقتنع , كنت أتصرف بعكس ما أحس و لا أستطيع كبت شعور التمرد عليكِ و على حبك , و لكني لا أنكر إن ابتسامتكِ تذيبني و تجعلني أطاوعكِ و أسمع زعقيكِ و أنتِ تنهرينني على أفعالي أو إهمالي لدراستي أو دوائي , كنت أعرف أني أخسركِ يوماً ما , و أنكِ ستتركينني إن تماديت أكثر , و لكن فلتعرفي أني لم أتركِ لأني سمعت من تلك الغبية أنكِ لم توقفي ذلك الشاب عند حده و قبلتِ وروده و هداياه , فجن جنوني أكثر كنت أعرف أنكِ لم تقصدي شي فعل شيء مخزي , و لكن اعلمي أني عندما فجرت كل شيء فيكِ لأني كنتُ عائداً من الطبيب تواً و قد أخبرني عن الصداع المزمن الذي يلازمني منذ ثلاثة شهر أني هناك ورم ينمو بداخل دماغي و سوف أغادر الدنيا عما قريب , و أول قرار أتخذته هو ترككِ و الإبتعاد عنكِ , نعم , كان أول قراراتي هو ترككِ , فلم أكن أود أن أعلقكِ بي أكثر و أنا لا أستحقكِ لذا قررت إيداع قلبي بين أضلاعك , و إإتمانكِ على روحي و حين تركتكِ لم ألبث وحيداً لحظة واحدة , و وجدت نفسي أوقع على أوراق العملية و أدخلها وحيداً , و لا أدري كيف أصبحت بخير و لا أدري كيف عدت للوعي ولا أعرف عن أي شيء , ما أعرفه هو أني عدت لممارسة حياتي الطبيعة و لم أستطع , لم أتخيل أني سأمضي ما تبقى وحيداً بلا صوتكِ و لا ضجة صوتكِ و صوت الهرمونيكا التي تحبينها , لا أدري كيف ينبض قلبي أو كيف أعيش و لكني حقاً أعيش .! , حين عدت كنت أريد مصاحتكِ علك تسامحنني وتصفحين عني , و لكنك سافرتي و أسرعتي بالهروب مني , عرفت أن لا فائدة فقررت العودة لمزاولة عملي علي ألتهي و أسلى عنكِ , و لكن والدكِ أتصل بي و حدثني , قال لي أنه هناك من طلب يدكِ للزواج و هو يريد أن يعرف رأيي هل سوف " أرخصج " أو لا , كنت في كلتا الحالتين سأقول دعوها تختار و لكنكِ بدأت بالخروج عن صمتكِ و بدأتي بالعتاب , فهل ستقبلين بي يا ابنة العم من جديد ..؟؟
العاشرة صباحاً . .
Melbourne.
توقيع :  مريم الظاهري

 

[ . . الصدى . . ]
,
مجرد صدى صوت قادم من حيث لا صوت ..!!
إلا ..
صوت الألم ..
بعض الآهات و الأنين ..
و كثيرٌ من الوجع الممزوج بالصرخات المكبوتة ..!!
مريم الظاهري..
مريم الظاهري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس