عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13/07/2010, 03:16 AM
الصورة الرمزية زياد محمد
زياد محمد زياد محمد غير متواجد حالياً
إكسير الحياة
 



زياد محمد has a spectacular aura aboutزياد محمد has a spectacular aura about
افتراضي الأول في نعيمه و الآخر في جحيمه ..!


الأول في نعيمه و الآخر في جحيمه ..!

أخذني التجوّل في إملاءات الحبيبة , فكنت تائهاً ما بين صدر الغمام و جدائل المزن ، أقرأ ما كتبه المحبين و العاشقين ، أفرح لفرحهم و أحزن لحزنهم .. حتى يأخذني العشق لمكان ألفته هو منابر فوق السحاب به تهدأ أنفاسي ... لم يدوم هذا التجوّل فقد فسد طعمه , و غاب لونه , و هذه المنابر القريبة للنفس فارقت النفس ... و سبب هذا صديق لي اسمه فهد ، صديق الطفولة . تأنس النفس به , و يلين الجنب له ... و من يدري قد يكون أخاً لي لم تلده أمي ،، وهو كذلك ..

قدّر الله لهذا الفهد أن يتزوّج زوجة تأخذه لجِنان الدنيا , و تنشد له كما تغرد الطيور على أغصانها , و تبتسم في وجهه في كل صباح كما تتفتح الزهرة و تخِر عليها النحلة ... و إني - و الله - لا أحسده على هذا النعيم الزائل في حياةٍ فانية . ولكني أناشد فؤاده بأن لي مكان فيه كما لها مكان فيه , و إن أقداري في هذا الفؤاد حالة قبل أقدارها ... و على هذا كُلِه فأنا مؤمن بأن الزواج سنة الحياة , و هذا الإيمان لا يطفئ لهيب نار أحرقة أضلاعي و أفسدت نظارتي , من نعمة تمنيتها أن تكون فأصبحت نقمة عليّ نعمة لها ..

كنتُ له عضداً أعيد له ثباته و أرسم له دنياه بلوح جميل و بألوانٍ جميلة , بالرغم من أن حياته أفضل من حياتي . إلا أني أظنه أحوج للسعادة مني , فلم أغفل عن صدمة تغيّر ملامح وجهه , أو من سعادة تنقله لمنازل السعداء . و إنما صرت له عضداً يتكئ عليه متى شاء . لا أرفع من قدري فما أنا إلا أمرؤ بسيط ، و ما هذا إلا دور كل واحد منكم يملك بين أضلاعه صديق يُعيده لرشد الحياة و يرفعه عن كل هفوة و كل سقطة و هذه الصداقة ... لم أنتظر في يوم أن يعرض صور المدح و الثناء ، و إنما أنتظرت منه نظرة تُعيدني لذكرى خالدة كانت بيننا , لتأخذني هذه النظرة لحياة كُنا فيها أجمل مما نكون و أفضل مما تتصورون , رغم ما يُحيط بها من ألم و ما يُعرقل خطاها من جُرح ينزف . إلا أن لهذه الذكرى حلاوة علقت بالذاكرة ... أو بإبتسامة تُعيد أمل يحتضره الموت ..

أيُّها العابرون من هذا الحزن :
إني أحدثكم و الحال من هذا الفهد يُرثى له . فأي عضد أتكئ عليه و تلك الزهرة منحنية عليه . منه يستقيم قوامها و يعود ثباتها .. فمن يكون لي فهداً أكون له عضداً لن تفسده الحياة و لن تكسره مصائبها بأزماتها و نكباتها ..

إن لهذا النعيم ملل يُنتظر , و إن لهذا الفهد عودت مُنكسر , و إن لهذه الزهرة أوراق تذبل ... فلن تصفى لهم حياتهم و لن تصفى لي حياتي و لن تصفى لكم حياتكم . ولكنه سكر الزواج الذي أفسد الأغنياء و الفقراء و الأدباء و الوجهاء و فهد أحد هؤلاء . فلن يكون أول عاشق أو آخر مُحب ... و لكنه درس من دروس الحياة العِظام ، يؤخذ بما فيه جميله و قبيحه ..

من المتعظ من هذا الموقف لحياة كانت بين صديقين أخوة في سرائهم و ضرائهم . قبل عبق الزهرة كانت حياتهم صورة تُحلق عليها نظرات كّل معجب . و بعد أن حل القدر و تفتح الزهر و صابنا عبقه . أصبحت هذه الصورة موقف للتأمّل لحياة كانت بين قلبين الأول في نعيمه و الآخر في جحيمه ..!


بعض الأحيان تتحدث الجِراح عن جرحها ، فنفقد السيطرة ..!


بحفظ الرحمن ...
 
توقيع :  زياد محمد

 

بين أحضان الأمل ..!
رد مع اقتباس