[ريم محمد]

انسلخ وجهه المدينة , و غدت مدينة أشباح و شبيّحة , تتأرجح مأساتها على أوصال أسلاك الكهرباء المقطوعة,و تنفث دخانها الكريه في سماوات البيوت التي ظلت كشواهد القبور,انضوتْ جانبا ,تضع يدها التي أقفرتها التجاعيد على خدها,تلوك لسانها..بكلمات قليلة,ثم تمسح من عينيها دمعة لم تتشبث برمش عينيها,أرسلت مدامعها و هي تنظر إلى قطعان العسكر,المتربصة بأحياء المدينة المسكونة,هؤلاء .. قتلوا ولدها ..حين خرج ليشتري خبزا ,وهؤلاء اعتقلوا الآخر حين خرج ليصيح منددا بالمجزرة,هؤلاء أيضا فعلوا الأفاعيل ...احتلبت ماء فمها ,لعله يبلل عروقها ,نفد الماء .. و الطعام .. حوصرت في بيتها , لا تقوى على الخروج ,رفعت يديها مبتهلة ,و أخرج العسكر قوارير الماء ,تجرعوها بفرح ظاهر ,تيبس حلقها أكثر .. جرعة ماء تكفي لمدّها بالحياة ,رفعت يديها مستغيثة ,العسكر يرمقونها بنظرة , لم تعد تعرف مغازي النظرات,ماتعرفه أنها لم تذق طعم الماء مذ حوصرت في بيتها,الذي تحول إلى أجداث, حاولت أخرى أن تغسل شفاهها المتيبسّة بلسانها,فلم يعد يجدي .. تريد قطرة ماء .. العسكر هناك يتلاعبون بالماء , يشربون يغتسلون, ويلقون القوارير في الهواء قتذهب في القمامة التي خلف الدبابة,لم تعد تميز , تريد قطرة .. رفعت كفاها وهي تنهض بإعياء "يا الله .." ..تدافعت السماء فجأة .. و انهمر المطر..