عرض مشاركة واحدة
قديم 17/08/2009, 01:12 PM   #5
ابتسام آل سليمان
شـاعـرة و كــاتـبــة
 
الصورة الرمزية ابتسام آل سليمان
افتراضي


لعلنا نذكر هذي في أيام الدراسة الخوالي فلنعيرها تأملا ولعلي أعود :
قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف اضرب لي مثل الرجل العجلان في أمره من غير روية ولا نظر في العواقب قال الفيلسوف : إنه من لم يكن في أمره متثبتا لم يزل نادما ويصير أمره إلى ما صار إليه الناسك من قتل ابن عرس وقد كان له ودودا .قال الملك : وكيف كان ذلك ؟قال الفيلسوف : زعموا أن ناسكا من النساك كان بأرض جرجان . وكانت له امرأة صالحة لها معه صحبة . فمكثا زمنا لم يرزقا ولدا . ثم حملت بعد الإياس فسرت المرأة وسر الناسك بذلك وحمد الله تعالى وسأله أن يكون الحمل ذكرا، إن المرأة ولدت غلاما جميلا ففرح أبوه وبعد أيام حان لها أن تغتسل فقالت المرأة للناسك : اقعد عند ابنك حتى أذهب إلى الحمام فأغتسل وأعودثم إنها انطلقت إلى الحمام وخلفت زوجها والغلام فلم يلبث أن جاء رسول الملك يستدعيه ولم يجد من يخلفه عند ابنه غير ابن عرس داجن عنده كان قد رباه صغيرا فهو عنده عديل ولده . فتركه الناسك عند الصبي وأغلق عليهما الباب وذهب مع الرسول . فخرج من بعض أجحار البيت حية سوداء فدنت من الغلام . فضربها ابن عرس فوثبت عليه فقتلها ثم قطعها وامتلأ فمه من دمهاثم جاء الناسك وفتح الباب فالتقاه ابن عرس كالمشير له بما صنع من قتل الحية . فلما رآه ملوثا بالدم وهو مذعور طار عقله وظن أنه قد خنق ولده . ولم يتثبت في أمره ولم يترو فيه حتى يعلم حقيقة الحال ويعمل بغير ما ظن من ذلك . ولكن عجل على ابن عرس وضربه بعكازة كانت في يده على أم رأسه فمات . ودخل الناسك فرأى الغلام سليما حيا وعنده أسود مقطع , فلما عرف القصة وتبين له سوء فعله في العجلة لطم على رأسه وقال : ليتني لم أرزق هذا الولد ولم أغدر هذا الغدرودخلت امرأته فوجدته على تلك الحال فقالت له : ما شأنك ؟ فأخبرها بالخبر من حسن فعل ابن عرس وسوء مكافأته له . فقالت : هذه ثمرة العجلة لأن الأمر إذا فرط مثل الكلام إذا خرج والسهم إذا مرق لا مرد له . فهذا مثل من لا يتثبت في أمره بل يفعل أغراضه بالسرعة
من كتاب كليله ودمنه ، لبيدبا فيلسوف الهند ، ترجمة ابن المقفع .

توقيع :  ابتسام آل سليمان

 

ابتسام آل سليمان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس