عرض مشاركة واحدة
قديم 14/05/2010, 02:32 PM   #4
زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي
Cold Memories
افتراضي

صديقتي جميلة، من التفاصيل التي لا يمكنُ أن أنساها، والتي إنجرفتُ في بعض اللحظات للكتابة عنهاَ وأنا أعلم علم اليقين أنّ ما تعنيه لي ليس سوىَ سماء تدثّرُ ذرّةً صغيرة تُمثّلُ ما أعنيه أنا لها،
عرفتهاَ بالسنة الأولى لي بكلية الآداب، وكانت تدرسُ معي بنفس الفصل،
عرفتُهاَ من خلال صديقة أخرى وكنّا نجلسُ ثلاثتناَ على ثلاث مقاعد جنبًا إلى جنب في كل الحصص ،
لم تكُن جميلة مُقرّبةً إليّ بالبداية، بل كنتُ لا أطمئنّ لها، وأتحاشاهاَ في كثير من الأحيان،

وحدثَ أن هاتفتني تلك الصديقة لتخبرني بأنهاَ لن تكمل في تخصص الأدب الإنجليزي معنا، لأنّها إختارت التخصّص الأمنيّ بمدينتهاَ الأمّ بناءًا على رغبة والدها،
وظلّ مقعدهاَ بينناَ فارغًا ، ولا أدري كيفَ تغلغلتْ جميلة بي وكسبت ودّي إلى أن أصبحتْ هي الصديقة الوحيدة في السكن الجامعي والجامعة على حد سواء،

نجحتُ في تلك السنة بينماَ هي رسبت ، وفي العام الموالي كنتُ أدرس بالسنة الثانية بينماَ هي اضطرّت لإعادة السنة الأولى، ولكنناَ ظللناَ صديقتين، وهي رغم كثرة الصديقات حولهاَ لم أكُن أرى سواها حولي رغم كثرة الصديقات "العاديّات" ..
ومررتُ إلى السنة الثالثة بنجاح، لتجتاز هي السنة الأولى أيضًا بنجاح،
وإستمرّت صداقتناَ في ذلك العام أيضًا ،
لأمرّ إلى السنة الرابعة بنجاح ... بينماَ جميلة رسبت في سنتهاَ الثانية ،

وربما ما حدث كان هو نقطة التحوّل العظيمة في علاقتنا، فجميلة خاضتْ ضدّي مرحلة مقاطعة غريبة، وأوقفت إتصالاتهاَ بي في الإجازة الصيفية، وكلما حاولتُ الإتصال بها كانت تأبى الردّ علي !

ظننتُ أنّ رسوبهاَ هو السبب وقد عذرتهاَ وقلتُ في نفسي : "لابدّ أنها مُحبطة الآن!"

وظلّ السببُ الحقيقي رهين ظنوني التي كنتُ دائما أطردهاَ من رأسي حتى أحافظَ على صورة جميلة في ذهني بذات درجة البياض التي أحببتها بها،

كثيرات قُلن لي أن جميلة لا تشبهني في شيء ، وهي فعلاً لا تشبهني في أي شيء ،
فأناَ أميلُ إلى البساطة والإحتشام في مظهري بينماَ هي تهتمّ بإبراز جمالهاَ،
وهي تحبّ الإستمتاع بوقتهاَ خارج أسوار السكن الجامعي، بينماَ أنا لم أكُن أخوضُ سوى خطّ واحد بين الجامعة والسكن ، وإذا اقتضى الأمر أشتري ما يلزمني من الأغراض وأعود رأسًا إلى السكن ...

إختلافهاَ عنّي لم يكُن يشكّل أي عقبة، بل ربما نحن طبّقنا النظرية المغناطيسية والتي تقول بأنّ قُطبين متضادّين هما اللذان ينجذبان إلى بعضهما، والتشابه سببٌ رئيسي للنفور واللاإنجذاب ...

الآن، مضى على تخرّجي سنتان تقريبًا، وفي فراغي اليوميّ لا أحنُّ سوى إلى تلك الأوقات الجميلة ... وإلى جميلة !
توقيع :  زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي

 

لازلتُ مرشومةً على صدر الماء !
زَيْنَــبْ المَرْزُوقِي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس