[جوري جميل]

أفاقتْ بَعْدَ سُباتِها السَّنويّ في الليلةِ الأخيرة منَ السَّنةِ التاسِعةِ بَعْدَ الألفَين
لتَسْمَعَ حكاية مَا قَبَلَ النّومِ , كانتْ حكاية المطر
تَغْزُو مسَامِعَ العُقول والفِكرِ وَالأدبِ والجَمَال , حِكاية تتردَّدُ على ألسِنَةِ القَصَائِدِ وشِفاهِ الكلماتِ .

هُنا في هَذا المَكان الشّفّافِ تنْعَكِسُ أرْواحُنا , فتَذُوبُ كلماتنا , لتُجسِّدَ شكلاً منْ أشكال الإنسانِ .

هُنا مَعَ المَطرِ فَوقَ الغُيوم , بَينَ رذاذٍ رَطبٍ مُنْعشٍ , تَشكَّـلَ قوسَ قزح , وأبْهَرَ العَالمَ بِجَمَالِ ألوَانِهِ رَأتْهُ كلُّ العُيونِ , لمَسَتْهُ كلَّ القلوبِ
كفيف البَصَرِ قدْ رَآهُ.
هُنَا يَا أحبَّـتي ... أخْوَتي ... عَائلتي .. وُلدتْ حفنةٌ منْ ضوء كبرتْ بأيدِينَا , وترَعْرَعَتْ بتآلفنِا .

المكانُ الذي تَشْعُرُ بِهِ أنّـكَ إنْسَـانٌ , تصرُخُ بأعلى نَبْضِكَ , تُنَادي بِمِلء حُنجُرَتكَ , في داخلِي أشياءٌ وأشياء .
كُنتمْ يا أحبَّة المطر مِثالاً للأخوَّة , نَدىً يريحُ الزَّهرةَ المثقلة بالحنين والأشواقِ , حَنتْها قَطَراتُ المَطَر بعْدَ الضَّبابِ , مَا أجْمَلَهَا منْ قطرات.

سنةٌ مرَّتْ ونثرتْ فوقَ صفحاتِنَا حنينَ الوَداع وسَنة قادِمَة زَرَعتْ في أرْواحِنا الانتظار .

أشكركَ يا مَطَر , أشكركَ يا مُحِيي الرَّبيعَ , لولاكَ ما زادَ الرَّبيعُ اخضِرَارَاً , لولاكَ مَا تَفَتَّحتْ أزهارٌ وانتصبتْ الأغصان .
إملاءات المَطر : روحٌ تسري في شرايين الصَفَحاتِ , تعبق بعطر الكلمات , تنبضُ بالحياة والدفء.

وبدأ الوسنُ يتغلغلُ إلى طفولتها . بعدَ أنْ سمعتْ حكايتها السَّنويَّة , وغفتْ بانتظار حكايةِ جديدة للمطر
في الليلة الأخيرة من السنةّ العاشرة بعدَ الألفين , عادتْ لسُباتها آملة أنْ تصحو بعدَ اثني عشر شهراً لتكمل ما قد بدأ....
هي عيِّنة صغيرة قطفتُها من قلبي مبللة بعشق رُوحي , أمدُّها بين كفتي المطر , أزرعُ هنا كلمة

شكر وتقدير وامتنانٍ للمطر , راجية المولى أن يزيد نوركم نوراً وخيركم خيراً

أحبَة المَطر: سِيرُوا وعينُ الله تَرعَاكُمْ .