عرض مشاركة واحدة
قديم 04/04/2007, 10:49 AM   #26
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي

ليس أصعب على النفس من لحظات تجبل فيها على الانصياع إلا من ذاتها
وتسقط أوراق العمر كـ خريفٍ لم يرحم بقايا رجاء مكبلة الأيادي لا تقوى على الصراخ رفضاً للـ قيد
ترتمي على فسحات الأرض أصداء جسد أهملته السنين ، ونسته الحياة لـ حتى أرخى الليل عليه سدائله وتركه يتماوج مع وقع الألم المعزوف بـ ناي الموت
يمشي إلى قبره بـ تأودة ، فلمَ العجلة والقبر آخر مكان يحسب الوقت وينظر عقرب الساعة
كان مظلماً إلا من جبروت الوحدة ، تقرع على حافتة جحافل الغبار طبول الاحتضار الأخير ، وتتراقص الأشباح احتفالاً بـ الزائر الجديد ، كل ما في البيت الجديد جديد إلا هو عن نفسه قديم ولـ وضعه الأخير غير آبه
تذكره الأقارب ، تارة بـ الخير ، وأخرى بـ الذم
لـ حتى صار وقت من الزمن كـ شمّاعة تعلّق عليها الذنوب ، وكأنه حين هوى إلى مسكنه الأخير حمل معه ذنب البشر أجمعين وكأن قابيل حمّله ذنب قتل أخيه
ليس مهماً كيف تتآنس مع الوضع الجديد
المهم كيف يستأنس هو بك فلا يتركك لـ ألم الوحدة ترتع وحيداً وتتجرّع الأسى من معاناة وحدتك وتجترّ أذيال الخيبة كلما دقت الأجراس معلنة حفل فرح أنت عنه بعيد
هناك ، في زاوية المقهى ، رقد عجوز أكل الدهر منه وشرب ثملاً
تذكر صديقاً عنه رحل ، تأوه ، كنّا نشرب حتى نثمل ، ونتراقص على الأرض كـ فراش يحرقه اللهيب ،
على باب المقهى ، وقف يتيم بـ عناقيد وعقود ياسمين ، ينتظر الخارجين علّ عاشقاً يشتري منه عنقوداً للـ حبيبة فـ يضمن الفتى عشاء يومه أو ربما يعود غائب تعوّد أن يشتري منه كل العناقيد ويمضي بـ سلام
كان اليتيم يتسائل كثيراً ، ماذا يفعل ذلك الثمل بـ كل تلك العناقيد
هناك ، على حافة أحد القبور كانت مئات عناقيد الياسمين تتدلى وتعبق عطراً رغم ذبولها
وبينما كان العجوز يتذكر كان صاحبنا في قبره يحترق من تلك الذكريات ، ويموت
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس