عرض مشاركة واحدة
قديم 02/12/2011, 11:38 PM   #8
دلال الشبلان
إملائيـة
 





من مواضيعي

دلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud of
افتراضي

***




أذَن الفجر بعد ليلةٍ من أجمل الليالي
صلّيتُ لله ثمّ استغفرته و سبّــحته , و ذهبتُ لطُلاَّبي في الحلقة
فــعلَّمتهم مما علّمني الله .. أتعجَّبُ مِن ذكائهم و أتلذّذ بـتحبيرهم للقرآن .

حانَ موعدُ صلاة الجُمُعة
ذهبتُ إلى غرفتي و صلَّيتُ الظهر , و قرأتُ بعض آي القرآن
ثمّ خرجتُ إلى مُعلِّمتي " سارة " فإذا بها تنتظرني للـذهاب إلى المَحكمة

وصلنا إلى المَحكمة , و دخلنا على القاضي
كانَ جالِساً في مكتبه كـهيئة ملك , و حولهُ رجال
دبَّ في داخلي الخجل مِن هـيـبة المَكان
جلستُ و معلِّمتي أمامهم مُحجَّــباتٍ لا يظهر مِن أجسادنا شيء .
سلَّمَ علينا , ثمّ ناداني : أمل
فأجبتهُ بــصوتٍ مُنخفض : " نعم "
فـقال :
مرحباً بكِ , نريدُكِ يا فاضِلة أنْ تُكمِلين معنا بعض الأوراق إذا أنّنا بدأناها مع عائشة ـ رحمها الله ـ
و كنّا نطلُبها أنْ تحضركِ معها لكنّها كانتْ ترفض ؛ حِفاظاً على مشاعرك
و كانتْ تتمنّى أن تُنهي القضيَّة و لكنّها رحَلَتْ
فاليوم نحتاجُكِ و بإذنِ اللهِ أنّكِ قادرة , و ظنّنا فيكم حَسَن .
هززتُ رأسيَ بــنعَمٍ على خجل !
ثم قال لي : كما تعلمينَ أنَّ سبب وجودكِ في الدَّار هُوَ يُتمكِ و موتُ أهلك
إذ لم يبقَ منهم سوى عائشة ابنةُ خالتك ـ رحمها الله ـ
القضيَّـةُ يا أمل أنّهُ قبل دخولكِ الدُّنيا كانتْ هناكَ خصومةٌ بينَ رجُلينِ مِن ذوي رحِمك مع أهلك
نزغَ الشيطان بينهم , و سكنَ الحسَد جسد هذينِ الرَّجُـليـن
حيثُ كانا يحسدانِ أبويكِ على ما آتاهُما الله مِن فضلِه
بقـيَـتِ الشحناء بينهم سنوات
كانا والديْكِ صالِحَيْنِ كُلَّما حاولا الصُّلح و العفو شبَّ الرَّجُـلينِ نارُ الفتنة
و وَقودهما رجزُ الشيطان
ردَّهُما أهـلُهُما و لكِن دونَ جَدوى
و بعد ولادتُكِ بأشهرٍ قلائل كَـبُـرَتِ الخصومة و اشتدَّ النِّزاع
حاوَلَتْ خالتكم ـ أمُّ عائشة ـ أنْ تُصلِح , و لكن طاعة الشيطان و عدم التعقُّل عند الغضب
حالَ بينهما و بينَ الصُّلح
فأحرقا منزلكم بالنَّار و كنتم في جوفِه أموات , و بعد تـفـقُّـدِ الجُـثث عُثِر عليها جميعاً
إلاَّ أنتِ و خالتك .
و قد سكَنَتْ عائشة الدَّار ؛ لـفقدها والدتها و يُتمها
و بعدها بــسبعة أعوام ثمّ القبض عليْهِما حيثُ وجدناكِ طِفلة معهما
فألحقناكِ بـعائشة في الدَّار و قد سُرَّت بكِ كثيراً .
أمّا خالتك فلا زِلنا في البحث عنها إذ أنَّ المُجرِمَيْنِ يزعمانِ أنَّهُما لا يعرِفانِ عنها شيئاً .

فكيفَ كانتْ حياتُكِ معهما في سنواتُكِ الأولى يا أمل ؟
! عَدَّلتُ مِن جلْستي بعدَ أنْ دبَّ في داخلي شيءٌ عجيبٌ لا أعرفه ! و قلت :
و اللهِ ما عِشتُ مع رجُلين قط , و لا أعرِفُ الرِّجال
مُقدِّمة حياتي كانت مع الصحراء و الخيمة , و عجوزٍ غامضة لا أعرفُ عنها شيئاً
إلاَّ أنَّ عهدي بها يومَ جاءنا اثنين غريبين فـفجَّرا مِنْ رقبتها الدِّماء
و جَثُّــوا عليها منَ التُراب , و أبعدوني عنها , و لا أعلمُ إنْ كانت حيَّةً أم ميِّتة !
ثمّ سكَتُّ !
بكَتْ معلِّمتي سارة بجانبي , و حوقلَ كلُّ مَن في القاعة
و سكتَ الشيخُ برهةً ثمّ رفعَ رأسهُ إليَّ و قال :
و هل لو رأيـتـيـهـِما تعرفينهما ؟
!
تحيَّرتُ في الجواب و قلتُ مُتردِّدَة : رُبَّما
فالتفتَ إلى أحدهم و قال له : نادِهِما يا أحمد .
فأتى بِهِما و رأيتُهما !
رأيتهما قد هدَّتهُما الذُنوب , و غشيهما حُزناً أشدّ من حزني
نظرتُهما و كأني أنظر عجوزي تموتُ بين سكّينتهما .
نظرتُهما و كأنّي أرى أهلي يحترقونَ وسط نيرانهما .
نظرتُهما و كأنّي بعائشة تموتُ بعدَ أنْ ربى العذاب فيها مِن ظُلمِهِما .
نظرتُهُما و كأنّي أراني طِفلةً بريئة أبكي في سيَّارتهِما .
نظرتُهُما و أيَّامٌ في ذاكرتي تسري .
لم أتحمَّل النظر فيهِما
أخفضتُ رأسي و أغضضتُ طرفي , و أنا أسمعُ معلِّمتي تشهقُ بالبُكاء
و هِيَ تُردِّد : حسبي الله و نعم الوكيل , حسبي الله و نعم الوكيل
و لم أنطق و لا بـحرف .
سألني الشيخ : هُم يا أمل ؟
فأجبتهُ بـصوتٍ مُنخفض : نعم .
ثمّ أمرهما بالخروجِ و كأنَّ روحي خرجتْ مع خروجهما !
ثمّ رتّبَ الشيخُ أوراقهُ و قال :
إذاً يا أمل ســنبحثُ عن جُثّة خالتك و بإذن الله ســنجدها , و ســتعيشين مع أهلُكِ في الدَّار
أمّا هؤلاء فــســـأدعُ لكِ يوماً كامِلاً تُقرّرينَ الحُكم فبما أنّكِ صاحبة الحقّ
فلكِ الحكمُ و الأمر إمّا القصاصُ و إمّـا العفو .
قاطَعَــتهُ معلِّمتي قائلة : بلِ القصاصُ تعذيباً , كيفَ العفو ! و قد قتَّلوا و يتَّموا و عذّبوا ...... ؟!
فــتـبسَّـمَ الشيخُ مِن قولها و قال :
ترَيَّــثـي يا سيِّـدة الحكم لأمل , مَنَــعَـتـنا عائشة مِن قصاصِهِما سنين
و غداً بعد صلاة الظُّهر تحكمُ أمل بما تريد و علينا التنفيذ ـ بإذن الله ـ .

خرجنا مِن عندهم
أجرُّ همومي مع جسدي إلى الدَّار
كانتْ معلِّمتي مُمسِكة بي بـيمينها , و يسارها على وجهها تمسحُ الدُّموع
أمّا أنا فــفي عالم التفكير بعيداً عنها
أُترجُم الماضي , و أُفسِّر الأحداث
ما أقبح صنيعهما و الله !
أيّ فائدةٍ ربَحَا ؟ و أيّ مُستقبلٍ حقّقا ؟
ما جرَّ الحسدُ إلاّ المَرض , و ما سَحـبَـتِ العجلةُ إلاّ الندامة , و ما أورثتِ الذّنوب إلاّ ظلاما .
فـيا لَغبائهما و الله !



يــا هُمومي أخبريهِم .. فـتـَّــتوا كبدي حُطامـا
يـتَّــمـوني بـعدَ أهلي .. جَـرَّدونـي مِـنْ أمَـانـي
أخبرِيـهِم يا هُـمومي .. مــا تـوَاصَـــوْهُ حراما
مــا يَـجُــرُّ الذَّنبُ إلاَّ .. ظُـلـمَـةٌ طـولَ الـزَّمانِ
ما تَجُـرَّنَّ الـمعاصي .. غـيــر ذُلٍّ و نــدامَـــة
فـجزائي بعد صبري .. مِنْ إلــهــي في الجِنانِ
عندَ ربِّي , عندَ أهلي .. بـعــدَ حَـشْـرٍ و قِـيـامَة
دلال الشبلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس