عرض مشاركة واحدة
قديم 02/12/2011, 11:24 PM   #5
دلال الشبلان
إملائيـة
 





من مواضيعي

دلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud ofدلال الشبلان has much to be proud of
افتراضي

***




مَرَّتِ الأيام تِلوَ الأيَّام
و المَرضُ ينتشرُ في جسد عائشة

كنتُ أحلمُ بـعودتها قريباً و أدعو لها في كُلِّ سجود
يا ربّ بارِك لنا في شعبان و بلِّغنا رمضان
و اشفِ عائشة فلا شفاء إلاّ شِفاؤك
يا ربّ إنّها أسعدتني فـأسعِدها .. و أكرمتني فـأكرِمها
و اشفِها و اشفِها و اشفِها يــــــااااااا ربّي أرجوك .


***


تباشَرَ المُسلِمونَ بحلول رمضان
كنتُ أبتسم مع زميلاتي و أخبئ حزني خلف ابتساماتي
لا أُصدِّق بأنْ أصوم رمضان بدونِ عائشة !
طلبتُ مِنْ معلِّمتي بأنْ أزور عائشة ؛ لأطمئنَّ عليها و أُبارك لها بالشَّهر
فــأخبرتني بأنّها لا تريد بأنْ ترُدُّ طلبي و لكنّ عائشة مُتعبة جدّاً و ممنوعة عنها الزِّيارات
و أنّـهُ بإذنِ الله إذا انتصفَ الشهر تكونُ قد تحسَّنت حالتها فـنزورها .
لم أتحمـَّــل مَنعها لي من زيارة عائشة و لا سيَّـما أن حالها كما تقول غير جيّد
بكيتُ أمامهنَّ و هنَّ يُـصـبِّـرنني
و لمْ أرعهُنَّ اهتماما
فــهـنَّ لا يعرِفــنَ ما معنى ( عائشة ) في نفسي !
و لا يَشعُرنَ بما أشعُـر ..
رجعتُ إلى غرفتي و رفضتُ العشاء
فــمَعدتي لا تشتهي الطَّـعام
أريدُ أنْ أنام و أغيب عنِ الدُّنيا ثمّ توقظني عائشة لأصلّيَ معها الفجر .
يا ربّ صبِّرني
يا ربِّ إنّكَ تعلمُ بأنِّي لم أعترِض على قضاؤكَ و قدرك
و لكنّــي أمَةٌ مِسكينة أحِبُّ عائشةَ حُبَّـاً عظيماً فيك
يا ربِّ فإنِّي حزينة .. يا ربِّ فأسعِدني بـشفائها
و ضاعِف لها الحسنات بـكُلِّ ألَمٍ يُصيبها
ربِّي إنَّكَ سُبحانكَ سميعُ الدُّعاء .


آآآه ما أثقلَ جسدي !
و ما أكبر همّي .. و ما أشدّ وحشتي
صدِّقيني يا أنا سَــــتعودُ عائــــشـة
سَــــتعودُ عائــــشـة ..


***


أتى اليومُ الخامِس عشر مِن رمضان
لم تتحـسَّـن حالُ عائشة
بل قال الطَّبيب بأنَّ المرض بلغَ رأسها , و أنَّ صحَّتها في تردٍّ مستمِرّ .
أصرَّيتُ على مُعلِّمتي بأنْ أزور عائشة و لو كانتْ جُثَّةً هامِدة
أريـــــد أنْ أراها و لا طاقةَ لي بالصَّبر
وافَقَتْ مُعلِّمَتي بعد مُحاولات .. فــصحِــبتُـها إلى المُستشفى
و حينما قَرُبنا مِن مقرِّ عائشة و شوقي يزيد
أحلمُ بــضمَّـةٍ مِنْ عائشة
أكادُ مِن فرحي أشُـقُّ الجدران إليها !
وَقَـفَــتْ مُعلِّمتي تتحدَّثُ مع الموظَّفاتِ تستأذِنُهُنَّ بالدُّخول
فأجابتها إحداهُنّ :
( عائشة ليْسَتْ موجودَةٌ هُنا , تعِبَتْ صباح اليوم تعباً شديداً
و هيَ الآن في العنايةِ المُركَّزة , و الزِّيارةُ ممنوعة إلاَّ لوالِدَيْها ) !
صرختُ بأعلى صوتي و انفجرَ مني البُّكاء
كذّبتها و أحسستُ بأنّهم يمنعوني منها
كانتْ مُعلِّمتي تُهدِّئني و إحدى المُمرِّضات .. و لم يُفِد معيَ شيء
فــلنْ يُهدِّئني غير رؤيتها
أخذنني حيث البوَّابة للخروج .. و كنتُ أصرخ أشيرُ إلى طريق غرفة عائشة
أخرجوني من المُستشفى , و وضعوني في السَّيَّارة
و أبعدوني عن عائشة
فـــحسبيَ اللهُ و نِعم الوَكيل .


***


عدتُ إلى الدَّار يَــسبـقني إليه صوت بُكائي
ركضتُ إلى غرفتي و أغلقتُ الباب و رميتُ جسدي على سرير عائشة
و أغرقتهُ بالدُّموع .
دَخَـلَـتْ عليَّ مُعلِّمتي تحاوِل تهدِئتي
و لكِن هيــــــهـــــــــــــات
ما دامَتْ عائشة بينَ أيدي الأطبَّاء يلاحقون المرضَ في جسدها و هُوَ سابقُهُمْ
فــالرَّاحةُ عنِّــي بعيد .
تُصبِّـرني مُعلِّمتي و لمْ ألتفِت إليْـها
دَعتني إلى الخروج للعشاء فــرفـضت
حاوَلَتْ بكلِّ ما تستطيع فــباءتِ المُحاولاتُ بالفشل .
قضيْتُ ليلةَ السَّادس عشر على سرير عائشة نسيتُ القيام مع المُسلِمين
نسيتُ حتَّى نفسي .. نسيتُ كُلَّ شيء إلاَّ " عائشة "
أُجفِّـفُ الدُّموع
أُرمِّم ما هَوَى مِن الصَّدمة و الحِرمان
أذّن الفجر فــصلَّـيتُ و صُمتُ بدون سحور .


و مَرَّتِ الأيَّام كــمرِّ السِّنين عندي
أعُدُّ السَّاعات بلِ الثَّواني
أخشى أنْ يحلَّ العيد و عائشة في مكانها تتوجَّـع
اشترتْ زميلاتي ثياب العيد
و اتَّفقنَ على برنامج العيد مِن مُسابقاتٍ و زِيارات ......
و أنا في غرفتي لا رغبة لي في مَلبسٍ و لا مأكل و مشرب
رغبتي و مَطلبي وحيد هُوَ أن تعود عائشة ..
حلَّتْ العشر , و انقضتْ ليلةُ القَدْر , و رحلَ رمضانُ بلياليه
و أتى العــيــد !
تضاعَفَ حُزني و اشتدَّ ألَمي يوم العيد
دخَلَتْ عليَّ مُعلِّمتي في غرفتنا تحمل ثوْباً جديداً لي هديةً منها
و طَلبتني بأنْ أخرج و أفرح معهنّ
و أخبرتني بأنَّ حالي لم يَسرُّهُنَّ , و أنْ لوْ علِمَتْ عائشة عنّي لَتضاعفَ مرضها أضعافاً كثيرة
لَبَّيتُ طّـلَـبَـهـا
و لَبستُ ثوبي الجديد على جسدٍ هدَّته الهموم
و خرجتُ معها إلى زميلاتي و معلِّماتي
فرِحنَ بي كثيراً
فـاحتفلنا بالـعيدِ , و حمدنا الله على أنْ بلَّغنا رمضان , و دعونا لأنفسنا بالخير
و خصَّـينا عائشة بالدعاء بأنْ يشفيها الله و يردّها لنا سالمةً مُتعافيَـة .


***


انتهى يومُ العيدِ الأوَّل
ثمّ الثاَّني
ثمّ الثَّالِث
و الرَّابــع و الخامِس
و في اليومِ السَّادس من شهر شوَّال نادتني إحدى المُعلِّمات في الدَّار إلى مكتبها
حيثُ عُرِفَت بـجمال الأسلوب و لين الجانب
اســتــغــربـتُ طــلَــبَــها !
كنتُ أظنُّ أنّها ســتُـناقشني في حالي و حُزني و عُزلتي
فــذهبتُ إليها أُرتِّب الكلمات في نفسي علِّي أقنعها بالجواب .
جلستُ عندها لوحدنا سلَّمَتْ عليّ و داعبتني , ثمّ سألتني :
مَن أفضلُ الخلقِ يا أمل ؟
أجبتها : نبيُّنا مُحمَّد ـ صلى الله عليه و سلَّم ـ
فـقال : أحسنتِ يا نبيهة , فـهل تظنين أنَّ الله يُحبه أم يُبغضه ؟
فـقُلت : حاشا لله ! بل يُحبّه و هُوَ أهلٌ أنْ يُحَبّ .
فـقالتْ مُبتـسِـمَة : ( باركَ اللهُ فيكِ يا حبيبتي
فـهل تعرفين يا أمل بأنَّهُ من أكثر الناس بلاءا ؟ لقد ابتلاهُ الله بأنواعٍ من المَصائب لأنهُ يُـحبّه
فالمُصيبة نعمةٌ عظيمة و خيرٌ كثير إن صبرنا و احتسبنا الأجر عند ربنا سبحانه .
المُصيبة يا أمل تُضاعف الأجر و للصابرين جزاءٌ لا يعلمهُ إلاَّ الله )
هَــززتُ رأسي بـــنعم , و قلتُ لها : أعلمُ ذلك يا سيِّدتي فـقد علَّـمـتـنـيهِ عائشة ـ شفاها الله ـ
ثمّ تبسَّمَتْ و قالت : ( ما أعظم أجرها عائشة ! و إنكِ لَــحسنةٌ مِن حسناتها
فـقـد ابتلاها الله في حياتها أنواع البلوى , و آخرها ما أصابها من المَرَض ..
أمل يا مؤمنة يا قويَّة أبشِّركِ قد أحسنَ اللهُ لِعائشة الخِتام فــقد ماتتِ البارحة و هِيَ تردِّد
آياتٍ مِن القرآن الكريم , ثمّ ختمَتْ حياتها بالشَّهادتين و هِيَ رافعة سبَّـابـتـها )
!
دَبَّ في جوفي رعبٌ شديد
فــاقتربتُ منها مِن شِدَّة الخوف و بكيتُ بُكاءاً لم أبكِهِ في حياتي
لا أريد أنْ أُصدِّق قولها .. يا ربِّ اجعلها كاذِبة أو مجنونة
يا ربِّ إنَّ عائشة حيَّة لأراها
يا ربّ يـــــااااااااا ربّ .




فـــــآآآآهٍ يــا عـذاباً
تـمـكَّـنَ مِـن حياتي
يُـفـتِّــتـها فـصارَتْ
رُفـاتـاً مـع شَـتـاتِ
فــلا أهـلٌ عـرفـتُ
و لا مـولـى لِـذاتي ..
وداعــاً يا عـظيمة
لكِ المَـكـنـونُ حنَّا
فـراقُـكِ أمُّ حُـزنـي
بعدتِ , رحلتِ عنّا
فـــعـوِّضها إلــهـي
بــرحْـماتٍ و جـنَّـة
دلال الشبلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس