الموضوع: عندما أموت !
عرض مشاركة واحدة
قديم 30/05/2009, 01:21 AM   #2
حوراء المُلا
كاتبـة
 
الصورة الرمزية حوراء المُلا
افتراضي

- عِندما أموت -

وَسِدُوا خَدِي تُراباً مُقدَساً،
وَبارِكُوا عَينَيَّ بِهِ، وَصدرِي،
وَدَعُوا القَلبَ يَرتَاحُ بِه، لأنِي ..،
لَم أكُ أرتَاحُ يَوماً.. دُونَ تَمرِيرهُ عَلى قلبِي.

- عِندَما أمُوت -

انزِلُونِي بسكِينَةٍ فِي قَبرِي،
لأنِي كُنتُ أمَانَة، وَالآن أرتَحِلُ إلى رَبِي،
لا تَغلقُوا كَفيَّ، لأنّ الله فِي يُمناها، وَمُحمَّد فِي يسراها.
وسدُوها صَدرِي، وَلتَعلمُوا بأنِي آمِنَة بِها، لأنَها كَانت قُواي،
لأنهما.. كُل ما أملِكُ، وَكُلُ ما مَلكتُ فِي .. دُنيَايّ.

- عِندَما أمُوت -

ازرَعُوا قَبرِي مَشموماً،
لأنَّ رائحَتَهُ أشبَه بالجَنَّة.
وَلأنَّ عَينَيَّ مَا رأت وَرداً قبله،
لأنَّ أمِي الغَالِيَّة، زَرعتهُ كثيراً، وَ أحبته.

- عِندَما أمُوت -

أقرأوا عَلى رُوحِيَّ الفاتِحَه،
وَاهدُونِي كُلَّ ليلة جُمعَة سورَة ياسينْ،
وَرَتلُوا التِينَ وَالزيتُون، وَاعلَمُوا بأنِي باقِيّة.
لطُولِ سِنين.. أو يزِيدُونْ.

- عِندَما أمُوت -

لا تُخبرُوا أحداً، فمن لا يَعلم،
لا أريدَهُ أن يَحضر لتَأبِينِي، لتشيعِي،
لدَفنِي، أو رؤيَتِي مَرَةً أخِيرَة، وَتقبِيلِي.

- عِندَما أمُوت -

لا تَفجَعوا بِي أمِي،
لا تُحزِنُوا عَينَي أبِي،
لا تَبحثُوا فِي خزانَتِي،
اترُكُوها، وَألعَابِي الصَغيرَة،
ايضاً لا تَمسُوها، دَفاتِري،
لا تَفتَحُوها، لا تَنشرُوها، لا تَقرؤوها.
لوحَاتِي، علِقُوها فِي خِزَانَتِي، أو مزقُوها.

- عِندَما أمُوت -

وَقولوا للصَغيرَين، بأنِي،
ذَهبتُ إلى خَالقِي، ارتَحلتُ إلى رَبي،
وَإنِي فِي سَفرٍ بَعيد، وَلن أعُود، وَأريدُ منهُم،
أن يَذكُرونِي، أن يُضَعُوا صُورَتِي، بقُرب الفِراش،
ليرسلُوا لِيّ فِي كُل لَيلةٍ قُبلة، وَقبلُوهمَا عَنِي كُلَّ صباح.
وَبلغُوهُما، سَلامَ عَصافِير الجَنَّة، وَأخبرُوهُما، بأنّ رُوحِي،
قَد تَكَّورت، وَأصبَحتْ لَهُما نَجمَةً حَاميّة، فِي سماءٍ تَاسِعَة.
سَيريانِها، إذا ما أغمضا أعيُنهما عميقاً، وَ وصلا لِيَّ.. هُناك.
فِي عُمق رُوحِهِما .. البريئة.

- عِندَما أمُوت -

المصحَف الذِي بجَانب رأسِي،
أقرأوه، اقرأوا سورة البقرَة كُلَّ أسبوع،
لأنِي كُنتُ أفعل ذلكْ، لأنِي كُنتُ أحبُها جداً،
لأنها كَانت تُطهرُنِي من كُل شيء، وَتأخذنِي بعيداً.
وكُل أدعِيتِي الصَغيرة، تَراتِيلِي، والأحراز، اتركُوها.
قلادَتِي الفضيَّة. إن استَطَعتُم، بجَانِب جِيدِي فِي قبرِي ادفُنوها،
لأنها مَا كَانت لتفارقَنِي، وَأمّا العقيقَة المُرافقة لها، فـ مع مصحَفي،
اتركُوها، لأنَّها .. بسم الله الرحمن الرحيم، وَلأنَّها سرٌ .. كبير عظيم.

- عِندَما أمُوت -

اترُكُوا قيثَارَتِي السَوداءْ كَما هِيّ.
سَتذبُلُ لوحَدِها، سَتموتُ أوتَارها.
لأنها ستشتاقُ أصَابِعِي. لا تكسرُوها.
فقد كَانت تُؤنِسني جداً .. وَكَانَ أملِي بها.
كبيراً جداً.

- عِندَما أمُوت -

دَعُوا موسيقاَيّ،
وَلا تَسمعُوها، لأنها تحكِينِي،
لأنها ستبكِيني، وَلأنها تشبهني جداً.
إن أردتُم، تَذَكرُونِي، بأنِي لستُ إلا عزفَ solo
وَإنِي أحب الكَمان، وَإنَّ الساكسفون، خلدتهُ ليالِ بلودان.
وَأخبروا مُعلمِي فِي الموسيقى، بأنِي ممتنَةٌ لهُ جِداً، لتحقيق حُلمي.

- عِندَما أمُوت -

أخبرُوا صَديقَاتِي - فِي الجامعة - بأنِي أحببتهُن.
بأنَّ لاشيء كَانَ ليترُكَنِي، أتركَهن، وَاشكرُوهنَّ جداً.
عَلى كُل شيء، وَقولوا لَهُنّ .. بأنِي سَ، أعودُ .. كما الآن.
فِي أحلامِهن.

- عِندَما أمُوت -

أعلِمُوا استَاذ الحَضاَرة الإسلامِيَّة بأنِي تَعلمتُ منهُ كثيراً،
بأنِي سَخرتٌ منهُ كثيراً، وَأنِي كرهتهُ كثيراً، وَكنتُ استَهبلُ عند مكتَبهِ دونَ أن يدرِي،
دَعُوهُ يعلم، بأنَهُ كَانَ الأفضَل، وَإنِي كُنتُ أتمنى أن أكُونَ هُوَّ .. حينَما أكبُر.
أخبرُوه أنهُ من الأشخَاص النَادرِين جداً، وَأصحاب البَصماتِ الكبيرة فِي حياتِي،
وَأنهُ مميزٌ جداً .. وأني ممتنةٌ لهُ جِداً.

- عِندَما أمُوت -

- أخبروا حبيبي، بأنِي أحببتهُ جِداً، بأنَّ صَدرهُ كَانَ مأمَنِي،
بأنِي لَستُ نَادِمَةً لأنِي قضيتُ حياتِي مَعه، وَأنِي سأزورهُ كُل ليلَة،
وَسأكُونُ قريبة جِداً، أقرب من رَوحِه .. إليه. وإنهُ كانَ ظهري، والسنَدْ.

- قولوا لِـ فطومِـ (ي) بأنِي أحبها جِداً .. جداً،
وَأنها كَانت خير صديقة، وَإنِي تَمنيتُ دائماً ألا يَحرمنِي ربي منها.
وَإني أسمحُ لها .. بأخذ كُل ما تريد، مما تركت، إلا دفاتري ومدوناتِي،
فإنها ممنوعة من القراءة، ممنوعة من العرض، ممنوعة عن كل أحدْ.

- قولوا لحُسين، بأنَهُ علمني الكثير، وَأن روحِي معه كانت عظيمة،
وَإني سأبقى مجنونته، وَليعلم بأنه لا أحد، يستطيع مراقصتهُ مثلي،
ليعلم بأن ابنتهُ لم تكن جسداً ابداً ليموت، وانها كبيرة جداً.
لحدٍ .. قد يتقمّصه.

- قولوا لسُكَّر، بأنهُ كَانَ بدايَاتِي الجميلة.
بأنَّهُ كان يرسم أقواسَ قزح على حَاجبَيّ،
وإنّ كلماتهُ تبهجني، ويبقى هُوَّ النجمة التي سقطت بينَ كفيّ.

- عِندَما أمُوت -

قُولوا لأسماء .. بأنِي أحببتُها.
وإني علمت الكثيرَ عنها، بعدها.
كانت موسيقى قلبي، كانت عزفاً اسطورياً في روحي.
لا تَجعلُوها تَزورني.. حينَ موتِي، لأنها خذلتني،
وقولوا لها ألا تأسف. لأنها لم تقَابلنِي، ذلك اليوم.
أخبروها بأنِي ربما أكون حزنت، فلا تحزن، لأن الأمر لم يعد يستحق.
وَأنَّ الروح لم تعد تطلب رضاها، لأنها شَرت حزني .. بسلواها.
وَألا تَندَم، فأنا لستُ هيّ. وأنّ الحياة بي أو بدوني ماضيّة.
ذكروها.. بكل الموسيقَى التي كَنا نتشَاطرها. بكُل الجنون.
بكل الألوان، قولوا لها بأنِي أتذكر عنها كل شيء،
حتى التفاصيل العلوية للقميص، وَحتى حبة الخال،
النائمة بسكينة في وجهها، واني تعلمت الرسم.
إلا اني فشلت مراراً في رسمها، قولوا لها.
بأنّ دفاتري مليئة بها، لكني لا أريدها ان تقرأها.
وانا لا أريد منها، حتى حزنها.
قولوا لها أني صدقاً ان رأيتها لن أعرفها. فهيّ غريبة.
أحتاج أكثر من نظارة، لكن اقطعوا معها وعداً نيابة عني،
بأنِ لا تنسى كم .. كنت احبها.
أعلموها بأني اتذكر الموسيقى الصيفيّة، والعازف الكوري الذي احبته،
وانها في آخر الذاكرة، وأكرر، لا تحزن، لأني محطة عبور، ولأنه خطأي أنا.
وهيّ تعلم جيداً، بأني أتقنت فنّ التواري، وَتجاهلها لم يعد يجدي، لأنها تتذكرني كلما فَعَلت.
قولوا لها.. بأنها سريّاليّة. وأني كما عهدت خياليّة. أنا جوزائيّة، وانا ابنة سماءٍ .. رياحيّة.
لتتبسم، كثيراً.. لأني أحببتُ ابتسامتها، فكانت موسيقى تعبرُ قلبي. لأني اتمنى لها الأفضل.
وأرجوها.. ألا تحدث عني أحدا، فكنّا انا وهيّ. لا أحب أن يتدخل بيننا.. أحد.
وأخبروها.. ألا تبكي، فبكاؤها هيّ الوحيدة، التي كان يبكيني.
ودعوها.. تترك نقطة في آخر هذا السطر،
لأني لن أفعل

- عِندَما أمُوت -

قولوا لـ لطوفتي، بأني أحبها.
ولمنى روحي، بأني أيضاً أحبها.
وإني أسامحُنَّ على كل شيء .. فليسَامحنني،
وهدايايّ الصغيرة، وتذكاراتي، فلتكن مخفيّة في آخر الأدراج.
ولتعلم منى، بأني لازلت أحتفظ بورقة امتحان الرياضيّات، التي تركتها في درج المدرسة.
ورحت .. لألمانيا.

- عِندَما أمُوت -

كتُبي، وزعوها إن شئتم،
لكن تأكدُوا من خلوها من أي شيء.
إلا ديوانا السيَّاب.. وروايات كويلو، فإنها قريبة مني.

- عِندَما أمُوت -

دعُونِي بسلام،
وأعلموا أني براحة.
وَإنّ تناقض الجوزائيّة هذا.
سيزف نصفهُ إلى شهيد ..
وسأموت عذراء، كـ كساندرا.
لأني نذرتُ نفسي لبطلٍ .. أو اسطورة.
لن أموت هكذا. سأموتُ مدويّة.. كتفجر عنقودي.
سأموت مخلفة الكثير، سأموت بسلام، فقط لا تحكموا عليّ.
لا تخبروا هذا المجتمع المتهالك، لكيّ لا يطالب برؤية ابداعاتي،
لا يرى ما كتبتهُ في حياتي، فهو لم يكن ليهتم ..
لا تخبروهم، انا لا أريد عزاءهم..
ويبقى اثنان. اشكرهُما جداً.

وشخص .. احقد على غبائه كثيراً،
وستصب عليه اللعنات عميقاً .. لكن ليس مني.
فصبراًً جميلا.

- عِندَما أمُوت -

لن أكون ذكرى.
لن أكون صدى.

سأكونُ قمراً ..
تحملهُ سُنبُلة ..
بينَ أحضان السَحاب .
والظلال ... الزاحِفة .

- عِندَما أمُوت -

سأعُودُ أرقص في المطر،
وحينَما يكتَمِلً القمر.

- عِندَما أمُوت -

سأموت أميرة.
سأموت عجينة.
سأموت طرية.
سأموت صديقة.
سأموت عذراء.
سأموت .. وأنا.
حـــوراء.
حوراء المُلا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس