الموضوع: ماهو النقد
عرض مشاركة واحدة
قديم 26/06/2010, 04:13 PM   #9
مضاوي الروقي
شـاعـرة و كــاتـبــة
افتراضي

فالنظرية التي جعلت المؤلف أفقا لها شملت مناهج خارجية في دراسة العمل الأدبي وهي المنهج التاريخي، والنفساني، والاجتماعي.
فالمنهج التاريخي في دراسته للأدب ركز ،كما يرى بيف، على:
ـ دراسة الأديب فكريا من خلال الاطلاع على جميع مؤلفاته.
ـ دراسة الأديب جنسيا من خلال معرفة أصله وعائلته.
ـ دراسة الأديب بيئيا واجتماعيا للتعرف على المؤثرات الطبيعية والاجتماعية، وتأثير ذلك على توجهه وسلوكه.
ـ دراسة الأديب نفسيا للاطلاع على معاناته، وهمومه وانشغالاته العاطفية.
ـ استخلاص السمات العامة لثقافته، وتحصيله العلمي من خلال التعرف على أساتذته، ومدى تأثره بهم .
وبعد أن يتحصل للناقد كل هذه الدراسات، يقيم العمل الأدبي، ويحدد شخصية الأديب؛ إذ إن فهم الشخصيات يؤدي إلى فهم انتاجها وتفسيره، فهو يؤمن بالعلاقة التي تربط شخصية الأديب بأدبه .
إن هذا المنهج الذي وضعه سانت بيف، يشتمل على حقيقة جوهرية، مفادها أن الأدب لا يعدو كونه في النهاية نتاجا لشخصية الفرد الخالق . فالفنان يخلق فنه تبعا لقوانين كيانه الخاص، وهذا الكيان نتاج لجميع المؤثرات الخارجية .
ويرى (تين) أن الأديب فرد يعيش داخل إطار منظومة القواني الطبيعية، ويخضع لجريها، وينشيء أعماله داخلها؛ لذا فهو يبحث عن هذه القوانين التي يخضع لها الأديب، وهي لا تخرج عن عوامل ثلاثة: الجنس والبيئة والعصر، فهذه العوامل مجتمعة لها الدور الفاعل في تكوين الأدباء، وتميزهم واحدا عن الآخر .
فالأدب بناء على ذلك مثل الطبيعة لا يعرف مجالا للقوانين الفردية، والأدباء جميعا يخضعون لقوانينه العامة؛ لذا لفهم الأدب فهما صحيحا ينبغي الرجوع لهذه العوامل التي أعانت على انتاجه .
على الناقد، حسب (كارليل)، أن يفهم غرض الشاعر عن طريق العطف والتقدير، ثم يحكم بعد ذلك على عمله .
أما المنهج النفساني فإن المشتغلين به قد فسروا العمل الأدبي من خلال اللاوعي، ففيه تختزن التجارب البعيدة، التي يراد نسيانها، إذ لا يمكن التعبير عنها؛ لأن المجتمع يرفضها، لكنها تبحث عن قناع تظهر من خلاله، فتتخذ الأحلام مجالا لذلك ، من هنا يصبح للحلم لغته الرمزية مثلما للسلوك الغامض لغته المعماة، وهذه اللغة تستدعي الكشف عنها وفهم دلالاتها، وتحليلها .
يمكن أن ندرك الصلة بين العالمين النفسي والأدبي من هذه النقطة؛ إذ إن تجارب النفس المكبوته تظهر من خلال الأحلام، فالأخيلة والأوهام لدى الكاتب المبدع، تسعى إلى الظهور من خلال قوالب أدبية، وهنا تكمن براعة الأديب على غيره من المكبوتين، إذ يعبر عن كبته بطريقة مقبولة وشائقة، يسعى المجتمع إلى معرفتها، وينجذب إليها، ويشجع عليها .
والأديب المبدع يشبه الطفل، عند فرويد، في أنه يخلق لنفسه عالما من الوهم ويعامله بغاية الجدية والاهتمام، ويودعه كل ما لديه من عاطفة، وبفصله عن العالم الواقعي المحسوس، وكذلك يفعل الطفل في لعبه .
يعتبر فرويد الحياة الجنسية بمنزلة الصدارة في كل نشاط فني، فالشعر والموسيقى وغيرها من الفنون، ليست إلا أشكالا للحب في جميع صوره، إنه التصعيد والتعويض والتحويل، هذه هي الوظائف الأساسية للفن . وحتى يتحرر الفنان من كبته لابد أن يفجره على هيئة عمل فني، وهو بذلك يخفف من عذاباته، إذ يجد في إعجاب الناس التعويض عن حرمانه .
لقد بالغ فرويد في التركيز على الدوافع الجنسية من بين الدوافع الغريزية التي تقف وراء تشكل العمل الإبداعي لدى الفنان .

يتفق (يونج) مع فرويد في إرجاع الإنتاج الأدبي إلى اللاشعور، لكنه يخالفه في هذا اللاشعور، فهو يرى أنه موروث من أسلافنا البدائيين، نتيجة لما تركته فيهم تجارب الحياة . وهو بذلك يخرج اللاشعور من كونه فرديا إلى اللاشعور الجمعي، متمثلا في الأساطير التي تتجذر في المجتمعات في شكل رواسب نفسية موروثة من تجارب الأسلاف .
يأتي بعد ذلك (أدلر) الذي يتفق مع فرويد في فكرة حب الظهور، والتعويض عن النقص، لكنه يخالفه في تفسيرها، إذ إن فرويد يرى أن الإبداع نوع من التنفيس عن كبت جنسي يعاني منه المبدع بينما يرى (أدلر) أن عقدة الجنس لا تفلح في تفسير الإبداع، بل إن النقص لدى المبدع ومحاولة تعويضه هي الفكرة الأكثر قبولا ومنطقية.
لذا فإنه يبحث عن مظاهر التعويض عن النقص في أنواع الفن. فهو بذلك ينظر في عاهات المبدعين وعقدهم ونواقصهم، ويربط بينها وبين مظاهر الإبداع ويفسرها في ضوء المعرفة المتحصلة عن الأديب أو الفنان .
وآخر المناهج التي تعاملت مع المؤلف بوصفه أفقا للدراسة هو المنهج الاجتماعي، الذي ينطلق من النظرية التي ترى أن الأدب ظاهرة اجتماعية وأن الأديب لا ينتج أدبا لنفسه إنما ينتجه لمجتمعه، منذ تفكيره في الكتابة وفي أثناء ممارسته لا وعقب انتهائه منها، فالقاريء حاضر في ذهن الأديب، وهو وسيلته وغايته في آن معا .
يعامل (لوكاتش) الأعمال الأدبية بوصفها انعكاسات لمنظومة ظاهرة، ولابد للعمل الواقعي أن يكشف التناقضات التحتية في النظام الاجتماعي .
توقيع :  مضاوي الروقي

 لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

مضاوي الروقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس