عرض مشاركة واحدة
قديم 20/10/2009, 04:39 AM   #3
محمد الفيفي
شاعر
 
الصورة الرمزية محمد الفيفي
افتراضي مزهرية ..

.









لاانتي وردة .. ولا قلبي مزهرية من خزف،
صدفه وحده جمعتنّا .. شوفي وشلون الصدف،
التقينا في مدينه .. وفرقتنا ألف مينا ،
اغفري للريح .. والموج .. والسفينة،
كانت الرحلة حزينة .. للاسف،،
........
كنت أحلم لما ناديتك بسافر،
مع عيونك في شعاع الفجر باكر،
والله اعلم إني صادق،
كنت أحلم إني عاشق،
لاأخاف ولا أضيع .. ولاأفارق،
ويش اقول غير إني آسف ويش اقول،
انا خانتني العواصف والفصول،
.............
آه .. ياتعب المسافر،
في أراضي الجرح و في بحر المحاجر،
مالهذا الحزن آخر .. او لهذا الجرح آخر،
ياشمسي الأخيرة .. في اللحظة الأخيرة،
أنا .. لي كلمة أخيرة،،،
إغفري لي إبتسامي .. قبل جرحي،،
حاولي تنسي كلامي .. قبل صمتي،،
ولو زعلتي .. ياأعز الناس إنتي،،



لا أنتي وردة ..
نفي .. والورده مكانها الغصن وإذا أردت أن تجعل من هذه الورده لمسة جمال تقطف الورده الجميله من الغصن لتضعها في مكام يليق بها .
والغصن هنا مكان نمو الوردة مكان ميلادها ونشأتها ورغم عمرها القصير في حساب الزمن ألا أنها ذو قيمه حسية تضفي إلى النفس ارتياح وقد يكون عمرها القصير هو سر قيمتها الثمينه .
ولاقلبي مزهريه من خزف ..
نفي الشاعر بأن يكون قلبه مزهريه والمزهريه عادةً هي مكان احتواء الوردة .. المزهريه فد تكون من النحاس وقد تكون من الحديد وقد تكون من الخزف .. الخ من الصناعات الجائزة ألا أن الخزف هو أرق المصنوعات لأنه سريع الكسر وقلب المحب والمشاعر قلب رهيف الحس قد يتأثر بأي خدش ولكن تخيل هذه المزهريه وهي تحتضن هذه الورده وتوضح في إحدى زوايا المكان فهناك جمال ينبثق من هذا التكوين .
بعد هذا التعريف للمحبوبه وقلب المحب نستشف بأن الشاعر ينفي أن يكون هناك انتماء طبيعي ومسبق أو أنهم كونوا وخلقوا لبعض فهو يراها شيء مختلف تماماً عن طبيعته وقد يكون هنا نفي للاحتكار كل شيء جائز .. ولكن صدفه واحده جمعتنا .. نعم جمعتهم الصدفه .
التقينا في مدينه ..
المدينه هي عنوان الاستيطان عنوان الحضارة عنوان الاستقرار الحيويه التعبير الحسي والمعنوي لنبض الحياة ، فقد جاز للشاعر أن يستعير هذه الكتابه تعبيراً لمواطنه الشعور ونبض الحياة .. ولكن نفى الإستقرار وهذا جائز لأنه ليس من الضروره أن يكون ساكن المدينه وقف عليها فقد يحق له الرحيل .
وفرقتنا ألف ميناء .. يلاحظ هنا بأن الشاعر فاجأ الذهن بأنه انتقل بنا إلى عالم الرحيل بعد أن كنا نشعر بالإستقرار أليست المدينه هي السكن . نعم ولكن شاعرنا قرر الفراق لم تكن هذه المدينه ملائمه لاستقراره ، فقد راء أن هناك ألف مينا بمعنى آخر هناك أكثر من موقع قد يستقر فيه فيه هذا الشعور ، إذاً ستبدأ الرحله عبر البحر ليرسي هذا المركب بمسافريه على ميناء يستوطن فيه .
تبدأ عملية الإبحار في الذهن ، في الاتجاهات والتعمق في الشخصيه الخاصه ويبدأ الخلاف بين البحاره كل يحاول أن يتجه إلى ميناء فكره ، ويقود دفة المركب إلى اتجاهه .
فالشاعر هنا بشفافية حسه ولباقة أسلوبه وإحساسه بهذه الوردة المبحرة أو شبيهة الورده يخاطبها خطاب المذنب الذي يرجو العفو وأن تصفح عنه أو تغفر كما قال : فالريح تثير الأمواج والأمواج تعبث في السفينه هي المركب الناقل إلى المينا أصبح مهدد بالغرق مهدداً بالإنكسار أو الاتجاه الإجباري . والمقصود هنا بداية الصراع الذهني أو النفسي أو قد يكون الاجتماعي فسّر كما تشاء . فتستنبط من هذه الصراعات وهذا الجدل بأن البحاره في سفرهم كانوا يعانون من المخاوف والشعور بالغرق قبل الوصول إلى الميناء .
إذا جاز للشاعر أن يصف هذه الرحله بأنها رحله حزينه ويأسف على أن تقترن رحلته بهذا الوصف .

الحلم هو مايغزو الذهن ويرحل بالفكر إلى عالم الخيال متجاوز الواقع والحلم قد يكون منطقي أو غير منطقي وكل إنسان يراء حلمه حسب تقديراته الشخصيه وقدراته الذاتيه فقد يحلم الإنسان بالمستحيل وهو يؤمن بتحقيقه وقد يكون العكس ، ولشاعرنا هنا تجاوزت أحلامه إلى أبعد من ذاته أو قد تكون هذه الأحلام تجاوزت حدود وقيود حتميه تفرض من واقع الجماعه لا من ذات الفرد ، فهو نادى بندى السفر كما قال في الأول إثنى إبحاره مع الأمواج في السفينه فهو دخل في أعماق الرفيقه وبدأ في أبعادها ومعتقداتها وفكرها وشعورها وكان يستشف قرائته من خلال عيونها ..
كما قال : كنت أحلم ..
لما ناديتك بسافر ..
مع عيونك ..
وكان ينظر بل يكشف سجف الغيب من هذه النظرات الحسيه أو المحسوسه وكأنه يقرأ المستقبل وأي مستقبل مستقبل منير ومشرق بدفء ويسقط بحرارة ويضيء بالأمل ليداعب هذا الحلم في قوله .. في شعاع الفجر باكر ، أليس الشعاع هو إلا إشراقه والدفء .. اليس الفجر هو الأمل وبداية الحياة واليس باكر هو المستقبل .
ثم بعد كل هذا وبكل استعطاف تلمس الخضوع الشامخ " الله أعلم .." نعم لقد قدم المبرر والعذر وأشهد الله على إنه صادق ، صادق في ماذا ، صادق في أنه كان يحلم بأنه العاشق .. هل يعني بأنه بعد هذا كله لم يعشقها إلى ابان ، نرى ..
لا أخاف .. ينفي الخوف في حلمه كان يصدق حلمه ويتبعه بدون حذر بدون تردد ولا أضيع الضياع هو ضد الرشد والهدى إذاً هو رغم أنه كان يحلم إلا أنه لم يتجاوز حدود الرشد والعقل والهدى ، ولاأفارق الفراق ضد الوصال إذاً هو لا يهجر وهنا نجد أكثر من باب ينفتح أمامنا ، أي هجر هل هو الهجر المباشر أي أنه على صلة فعليه معها أو أنه لم يهجرها في حسه في حسه في داخله أو أنه يبحث في فكره عن حلول لهذه الريح وهذا الموج العابث في السفينه ليحدد اتجاه الرحله ويصل معها الى ميناء واحد وثابت .. خذ ماشئت المهم أنه هو يعيد لنا جملة الاعتذار ويتسائل ، ويش أقول غير أني آسف ، آسف على ماذا ؟...
أنا خانتني العواصف والفصول ..
العواصف ؟.. نعم نحن عرفنا بأنه كان في سفينة وكان الريح له يد في اتجاه هذه السفينه إذاً لقد اتجهت سفينة شاعرنا الى الاتجاه المعاكس لإرادة أحد الطرفين هناك خلاف صراع في الفكر في الاتجاهات بين الطرفين وكان تيارات الزمن كما وصفها بالعواصف أقوى من إرادة الفكر أو تجاوز الظروف المفروضه .
والفصول : السنه هي السنه تبدأ بتاريخ معلوم وتنتهي بتاريخ معلوم وهنا كناية للإنسان هو الإنسان ولكن السنه السنه فصول فصول إذاً الإنسان اتجاهات أو بيئات أو مجتمعات أو أمـم ولكن كل وله خواصه واستقلا ليته حتى لو كان هناك ترابط في بعض المعتقدات إلا أن الاختلاف في البعض الآخر يرجح كفة الفرقه ، وهنا حلل ماتشاء في استخدام الشاعر لكلمة الفصول .
آهـ .. لفظ توجع وإحساس بكبت داخلي استوطن في عمق الشعور .. إذاً هناك مأساة انخلقت في قلب هذا الشاعر هل هي الندم على الحب أو الندم على الفراق ..
ياتعب المسافر .. إلى الآن لم يكشف لنا الستار عن هذه الآه ولكن يشعر بثقلها في رحلته الحزينه يشعر بأنها مأساته إثناء تعمقه فيها .
في أراضي الجرح .. آهـ .. الأرض هي المساحه أراضي الجرح جمع مساحة شيد فوقها الجرح وهذا يوحي لنا بأن الجرح كبير جداً برغم أنه جرح واحد فقط ، فليس هناك جروح ولكن هناك مساحات في دمع المحاجر .. صفة أخرى للتعبير عن المأساه فقد عبر بالاه تعبيراً محسوس ولكن عبر بالدمعه المنحدره من العين تعبير ملموس .
مالهذا الحزن آخر .. هو لايجيد نهاية لهذا الحزن .
أولهذا الجرح آخر .. يعود هنا وكأنه يفصل الحزن عن الجرح يقول أو .. ونستشف من الفصل بين الأثنين بأن الرحله كما قال حزينه فهو لايجد نهاية لهذه الرحله حتى أن يستوطن مع محبوبته ويوقف زحف السفر في هيجان الموج وعنف الريح والعواصف ، والجرح نتيجة توقف الرحله وعدم قدرة المسافر على وصول الغاية فهو لايستطيع أن يتجاهل هذه النتيجه وينتهي هذا الجرح ، فأصبحت مأساته حتميه .. وهنا أجاب على السؤال الذي خطر قبل عندما قال آهـ .. ياتعب المسافر كأن يشكو لأنه أحبها وعشقها فعلاً ولكن لايستطيع الوقوف معها على نهاية الميناء فالطريقان مختلفان .
ويؤكد لنا هذه النتيجه في قوله : ياشمسي الأخيره .. الشمس هي الدفء هي الحيويه والنشاط فقد قال ياشمسي فهو لم يقل يالشمس الأخيره .. بل قال ياشمسي والياء هنا تدل على أنه نسبها لنفسه إذاً هي دفء وحيويته ونشاطه ووضوحه بل بدايته إذا افترضنا أنها شمسه وهو النهار الذي بدأ فالشمس إعلان بداية النهار حسب العرف إذاً هي إعلان بدايته حسب عرفه وإحساسه .
الأخيره .. ماذا يعني هنا .. هل يقصد بأنه لن يعشق بعدها ، أستطاع الشاعر أن يجعلنا نضع هنا علامة استفهام قد ينتهي بغروب هذه الشمس ، ثم قال في اللحظة الأخيرة شعرنا بشيء من الإجابة ولكن تاه بنا في أكثر من أتجاه عندما اختار كلمة اللحظة .
فاللحظة هي جزء من الزمن فأي الأزمان يقصد شاعرنا هل يقصد زمن عمره الخاص أو أنه يقصد الرحلة التي أعلن توقفها عندما قال أفترقنا ألف ميناء ، أو زمن الحب في ذاته الشخصية . فالشاعر قد يكون تعمد هذا الإبهام ليكون للقارىء حرية الاتجاه حسب ما يراه ويتفق معه .
أغفري لي إبتسامتي قبل جرحي .. رجع هنا إلى مطالبته لها بالعفو ولكن بشكل آخر فهو يطالب أن تغفر له ابتسامة والإبتسامة هي لحظة السعادة ولحظة السعادة بالنسبة لهم هي لحظة اللقاء ثم ماذا قال .. قبل جرحي .. الجرح هو وليد ثورة العاصفه وتوهان السفينه .. ثم يؤكد ويطالبنا بأن تحاول أن تنسى كلامه قبل صمته ويقصد بكلامه هنا نداءه لها وإعلانه السفر مع عيونها واندفاعه وراء الأحلام أما الصمت
فهو لحظة الشعور بالعجز عن إيصال السفينه إلى بر الأمان .
وهنا مطلب ذكي جداً من الشاعر فهي لو غفرت لحظة اللقاء أي تجاوزت عن لحظة اللقاء
فمن الطبيعي بأنها ستتجاوز عن لحظة الوداع لأن لحظة الوداع لن يكون لها وجود فكيف يكون الوداع قبل اللقاء .
ثم يؤكد طلبه بذكاء آخر حاولي تنسى كلامي قبل صمتي ، فهي لو نست لحظة دعوته أو عبارات دعوته لها في الدخول في حبه مؤكد بأنها لن تذكر لحظة عجزه عن الاستمرار في الحب فكيف أطالب شخص بأن يستمر وهو لن يبدأ بعد كانت فلسفة جميلة من الشاعر .
ختاماً ماذا قال :
ولو .. رضيت ياأعز الناس .. أنتي .
ولو .. تسأل يوحي لك إستعطاف بالتمني لقبول مابعده .. رضيت .. ترضى على ماذا وعن ماذا .. هل ترضى بأن تغفر وتنسى أو ترضى بالمصير وتقف مثل مايقف في أراضي الجرح .. فهو يصفها بأعز الناس .. وبطبيعة المحب التضحيه وتأكيداً لهذه التضحيه أنه يطالبها بأن تغفر له ابتسامه وتنسى كلامه إذاً هو يطالبها بأن تعيش سعيدة رغم بقائه على الذكرى في هذا الجرح الذي ليس له آخر .








.
توقيع :  محمد الفيفي

 .

يعلو البكاءُ وما للمحسنين يدٌ
ويوغلُ الموتُ والأيامُ تنفينا



محمد الفيفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس