عرض مشاركة واحدة
قديم 29/10/2012, 01:53 AM   #4
محمد رفعت الدومي
شـاعـر
 





من مواضيعي

محمد رفعت الدومي is on a distinguished road
افتراضي

(12)

كان اليتم المبكر درعاً حمي أبي من البلاهة ، ولكن لم يحمه من الوقوع في مكائد العواطف المبتذلة ، ولا من تطلعات الذين يشاركونه شطر دمه الذكوري البعيد ، ويشبهونه أيضاً ، إلي إرثه الرحب ، الرحب بالنسبة إلي ضحالة ما يملكون طبعاً .
، وفيما بدا أنه حماية لأعشاش الحقد في صدورهم من استنكار الآخرين ، كانوا يروجون لزور ٍ يطال ميراثه ، ولا يتوقفون فوق الجذور لينظروا إلي الماضي البعيد ، ويرجمون بغابة ٍ من الشبهات أباه ، وعمه ، عقب رحيلهما بتعاقب ٍ غامض ٍ يكفي لجعل انخراط أيِّ أحد في الدهشة يعمل ، حزمة من الأسابيع العازلة أمنت لأبيه دخول مطلقه أولا ، روجوا أيضاً لعقاب إلهيٍّ لإساءة ما عظيمة ، كان السبب في موتهما ، وما زالوا ، واليوم لن أسمح بحدوث هذا ، فاليوم هناك أشياء كثيرة علي المحك .
ولقد تعتقت في جرة الفقد الهائلة السعة ، أحزان جدته بطول العمر ، وبعرض الحنين المرضيِّ ، حيث توقفت انطباعات السلوي إلي الأبد .
يروون لنا أن الجدة "عسكرية" ، قد سورت بعد رحيل ولديها حول طقوس حياتها الكثير من التابوهات الرائجة ، لقد آلت ألا تكتحل ، وألا تمشط شعرها ، وألا تلبي دعوة لحضور عرس ، والمدهش ، ألا تلبس حذاءاً حتي تلحق بفقيديها ، وأبرت ، برغم تلكؤها في الممر المؤدي إليهما غابة من الأعوام ، وربما بفضله ، وأقسم بالعطر علي هذا .
لقد كانت المرأة الدرع الأطول ، والأصلب ، الذي حصنت به القوي الإيجابية في الطبيعة يتمَ اليتيم لتؤمن له الحماية المنوطة ، حتي استطاع أن يحلّ تمائمه من تلقائه ، ويبتكرَ درعه العضليَّ الخاص بجهوده الخاصة .
لقد كانت المرأة عضلة هائلة السعة ، أسلمت الطامعين بانكسارهم الحاد إلي اليأس في الكثير ، وأسلمت المخاتلين الذين ينشطون ، أو يتظاهرون بالنشاط ، في مثل هذه الظروف ، إلي الحياد الكامل ، وأسلمت اليتيم إلي ميراث أجداده مخفضا بعض الشئ ،وهناك علي الدوام شئٌّ دقيقٌ للغاية ، ورقيقٌ للغاية يضيع .
كانت أمه أيضاً ، بإيماءة ضرورية ، درعاً إضافياً يتكئ علي غابةٍ من الدروع الذكورية العائلية ، ولدوا ليتشاجروا ، بل اتخذوا من تربية المعارك شعاراً عائلياً.
عمته أيضاً ، كانت ملجأً أميناً يتعهد ثباته حتي انهيارها المزري .
لقد أحببنه كثيراً . وهذا الحبُّ المسوَّرُ عليه ألحق بملحمته الضررَ أكثر مما أفادها ، وأعاق عثوره علي نقاط الانطلاق التلقائي سلة من الأعوام ، بل يمكنني أن أردَّ فوضي رغباته إلي ذكري هذه المرحلة ، لقد أسرفن في إجابة رغباته بكلِّ ما يعنُّ لهنَّ ، وأحطن أخطائه الصغيرة بتوترات المغفرة الطليقة . ولأمه النبضُ الأكبر في شرايين انحرافاته الطليعية ، لقد كانت تعتزل به في حوشنا إذا تعرضت له بالسوء إحداهنَّ ، ولو كانت أخته الوحيدة .
كانوا يؤكدون لنا إدمانه التدخين في عمر لا يصدَّق ، يزعمون سن السادسة ، وحتي وقتٍ قريب كان بباب بيتنا فجوة في أحد ألواحه أكدوا لنا أنها تعقيبٌ علي حجر قذف به الباب عندما رفضت جدته ، للمرة الأولي ، أن تشتري له السجائر .
هذا لا يمنع أنَّ بداياته الفردية كانت بكلِّ المعايير مذهلة ، فلم يكتفي بأن يسترد أرض أجداده كاملة ، بل ضاعف خلال حزمةٍ من الأعوام إرثه ، وتجاوز تراث العشيرة الفاشل ، وقوض بعض الأركان الركيكة ، وأمسك بجذور الأزمَّة العائلية بشكل ٍ رائع .
هذا نبه الكثيرين إلي نجمه اللائق فتعاونوا علي إطفائه مبكراً ، أو علي الأقل ، الحيلولة دون لمعانه أكثر ، وكان .
ويخيل إليَّ ، وأنا أقف الآن علي مسافة كافية من شخصية أبي ، وأقلب جوهرها الذي زاده الموتُ وضوحاً ، أنه لو تمكَّن من أن يجترح استبصاراته ، وأن يقدِّمَ مشروعه ، بعيداً عن رقابة القوي السلبية في الطبيعة ، لعمَّرَ تراثاً سمَّر اسمه فوقه يكترث لتعهده الكثيرون ، كانت يقظة ذهنه الشديدة للعلاقات بين الأرقام كافية لجعل الانخراط في الدهشة يعمل .
لم يعرض أبي شخصيته خارج الغموض الركيك إطلاقاً ، هذا جعله داخل تقديرنا تماماً ، وجعلنا نستطيع أن نرتِّب انزعاجاتنا الداخلية وفقاً لأي صدمة تتجاوز وجوده هو تحديداً ، وهذا أيضاً ، يدفعني إلي الظن المستدير بأنَّ وضوح الأب الممتلئ يشوِّه أعماق سلالته تماماً ، أو يصيبهم تدريجياً بالرخاوة الداخلية .
يخيَّل إليَّ أيضاً أن مساري الأزهريَّ تعقيبٌ علي مساره الأزهريِّ المبتور .
أخذني من يدي ، ذات صباح يتسكع منحنياً تحت قوس عصافيره الهابطة ، لم أكن بالطبع أدرك سبب الرحلة ، أو ما هي الأوراق التي في حوزته ، واقتحم بي بناءاً منتفخاً كالورم القديم ، وسألني الشيخ عن مذهبي ، نظرت إليه مشدوهاً ، ثم خمَّنتُ أنه يعني صفي المدرسي القادم ، وبصوت يخرج من خلال سخريتي السرية ، والسائلة ، من جهل هذا الشيخ بطريقة توجيه السؤال الشهيرة قلت مبتسماً :
- ساتة ابتدائي
قال أبي من بين ضحكاته :
- مالكي يا حمار !
لقد اختار لي مذهبه القديم أيضاً .
ثم خرج بالحمار إلي الشارع بعد أن قيَّده في دفاتر الأزهر ، وأخذ يسحبه في أزقة المدينة خلفه ، وصل الدرب أخيراً إلي مكتب الصحافة في قلب المدينة ، واشتري جريدته المفضلة التي ليس يزهد في طرحها أبداً ، وتسمَّرت عيناي ، فجأة ، فوق سلةٍ من الأحرف تفترش غلافاً جميلاً كزرقة قلب .
إنني أستطيع الآن أن أدرك أن النوايا المدبرة لا تؤدي علي الدوام إلي الهدف المعتني به تماماً ، وأن مسارات الكثيرين المحضة تنتج أحياناً عن تدبير وثبات الصدفة الحيوية .
وأشرت له إلي مسار تسبب له فيما بعد في الكثير من الألم ، أنا أيضاً ، وأعلنته برغبتي في حيازة الكتاب ، كان في ذلك اليوم سخياً إلي أبعد مدي ، ومشرعاً ، لكن حنانَ وجهه المدوَّر جادلني حول انخفاض مداركي ، واتساع الكتاب لمضايقتي ، وأنه لم يكتب من أجلي ، نظرت إليه كأنني ألومه علي هذه الإهانة ، كأنه يستهين بي كشاعر له قومية منتفعة من المتلقين الأطفال ، وأنهم معجبون كثيراً بأغنيتي التي سوف تغنيها وردة الجزائرية ، حبك يا حياتي عودني السهر ، وخلاني أبات ليلاتي أناجي القمر ، وسوف تصفق الجماهير !
تماسكت ، وتمسكت بمساري الخاطئ ، وأعلن سخائه ، فجأة ، وسأل البائع عن ثمن الكتاب ، تردد كثيراً في مواجهة السبع جنيهات ، كان المبلغ بحماية ذلك الوقت بالطبع ضخماً ، تابعت ضغطي ، فاشتري لي مخافة انفجار دمعي ، في ذلك الوسط المزدحم ، وغير المؤاتي ، رواية " أبو مسلم الخراساني " للسيد جورجي زيدان .
صدق توقعه تماماً ، لقد شعرت بالضيق منذ السطور الأولي للرواية ، وتملكتني رغبة عارمة في البكاء ، لكنني ، تحسباً لشماتته ، تظاهرت أمامه بالاستغراق ، وتقليب الصفحات ، وما تنطوي علي من الأغربة العصم وفق مدة معايرةٍ بلؤم شديد .
وفي ما بدا أنه ارتياب في حقيقة استغراقي انفجر ، فجأة ، في الضحك ، رج الخجل قامته في وجهي ، لكنني لم أرفع عن الأغربة العصم عينيَّ ، حتي حجبته الجريدة قليلاً ، فنهضتُ سراً ، ثم تسللت دون أن التفت ورائي ، وصعدت إلي سطح بيتنا ، وألقيت بالكتاب بلا مبالاة ، ونشطت ، فجأة ، ربما لأرمم جرحي ، للبحث عن كتابي المدرسي الحبيب ، والطيب ، " مغامرات عقلة الإصبع " .
لأعود إلي "أبو مسلم الخراساني " ، تقودني صدفة محضة ، بعد سلة من الأعوام .
كانت ملامحه قد شحبت كثيراً .

(13)

كانت جريدة " أخبار اليوم " هي اختيار أبي الأول ، لا تقاسمها عكوفه علي القراءة المتأنية بالاهتمام نفسه سوي تلك المطبوعات التي تتحدث عن كيفية تسخير الجان والعثور علي الكنوز والخبايا .
لا يمرُّ أسبوع إلا ويضيف كتاباً جديداً إلي مكتبته الغريبة هذه ، ليس للقراءة فقط ، بل لمطاردة الطرح العالق بها ، لكنه ، - وله الشكر- ، رفض منذ البداية أن يحاول أن يقتل بمساعدة خدام القسم خصومه ، وإن كان لا يمانع أحياناً أن يستعين بالجان لحبس بولهم ، وإشعال العداوة بينهم ، كنت أسمعه يردد أحياناً بصوت ٍ زاجر : الوحا الوحا ، العجل العجل ، الساعة الساعة !
ولقد سيطرت في أعوامه الأخيرة فكرة الكنز المؤجل علي أفق عقله بأكمله ، هذا دفعه كثيراً أن يؤلف سلة من العاطلين لاستنطاق الصحراء عن كنوزها ، في غيابٍ عن البيت قد يستمر أسبوعاً ، يعود في النهاية ببعض الحجارة العادية ، وكان ،ليفتت خجله ، ولتهدئة قلوبنا الثائرة أيضاً ، يدَّعي الخدوش الطبيعية علي سطحها كتابة هيروغلوفية ، ونتظاهر بالتصديق طبعاً ! .
لقد ازدادت وتيرة تلك الرحلات تدريجياً حتي لم يبق فوق دولابه موطأٌ لحجر ، ولقد مضي علي موته ثلاثة أعوام وبعض العام ، ولا نزال نتابع طرد أعشاشها من البيت دون جدوي ، لابد أن تتمسك أمي بالصبر قليلاً علي ما يبدو .
لم يكن به رغبة ٌ لأن يحصي كم من المال ، ولا كم من الوقت تبدد ، والكنز لا يظهر ، لقد كان هروباً من أنياب الواقع الحادة لا أكثر .
تلك المطبوعات التي تقتات علي تذكرة داود الأنطاكيِّ أيضاً ، وتآمر البالون وأصحاب الحدِّ الأدني علي تسميتها " كتب طب الأعشاب " .
كان يسألني أحياناً عن الإسم المعاصر ، وتناولات الصيدلة الحديثة لإكليل الجبل ، وخيار شمبر ، وتفاح الجن ، ولحم السقنقور ، والعديد ، وأجيبه بالطبع بمقاربات من صناعتي .
أتي يوماً من نجع حمادي يحمل كتاباً معنوناً " الثوم دواء اليوم " ، ودفعني ، بريق عينيه المنتظم خلال قراءته ، واستغراقه الممتلئ ، إلي الرغبة في أن أعرف هل هناك حقيقة في الظلِّ ، أم أن الأمر لا يزيد علي بالون مملوء بروث البهائم ، وانتهزت فرصة انشغاله بإعداد بعض الخلطات السهلة ، فوجدت رائحة الثوم ، التعبير عن قسوتها في كلِّ مكان ٍ في بيتنا ، وأدهشتني جرأة المقتبس علي الكذب الصريح ، بل المبالغة في صراحته إلي مدي بعيد ، بل الإحالة ، إلي مدي أبعد ، إنه يدَّعي قدرة الثوم علي الشفاء من السرطان فضلاً عن كلِّ الأمراض بالطبع .
كان الانطباع هو أنَّ الثوم أنفع للمرضي من مستشفي أم المصريين ! .
خفض من غلوائه ، وجعل الشفاء مشروطاً ، يشفي من السرطان بإذن الله تعالي ، نحيت المطبوعة التي لا تصلح إلا حكراً علي الخيار الأول لاستخدامات التواليت جانباً ، وأنا أعتذر لعينيَّ عن تلويثهما لبعض الوقت بذلك الروث البشريِّ .
إنَّ للكذب عادة أخلاقا .

(14)

تكسرت الشهورُ علي الشهور ، عادية حتي أنها خالية من الأحداث الممتلئة تماماً ، يبدو أن أبي راقب خلالها نموَّ مخاوفه من الانزلاق في شرخ المهانة ، وهتك أعراض بيوتنا .
لقد تزاحم رجال الجيب الغربيِّ من الدومة ، الخالي من المقاهي ، علي السهر في مقاهي الآخرين البعيدة ، وتبني قطعاناً من المآخذ المباشرة علي تهافتهم الركيك ، وتركهم أعصابَ بيوتنا عارية إلا من خفارة النساء وبعض العجائز ، وتبني أيضاً ، سداً لكلِّ الثغرات ، تعمير مقهي اعتباطي ، ككل مقاهي الدومة ، يفجرون بين جدرانه نزواتهم البسيطة ، ويكونون بين جدرانه في الوقت نفسه قريبين من كلِّ سطوحنا النائمة .
ورأينا في أحد الصباحات ، وفي منتصف بيوتنا تماماً ، ثلاثة أفرع من شجر السنط ، تنتصب كشواهد القبور ، تجاوز الرجالُ بجذورها قشرة الأرض السطحية ،إلي ظلمة الأرض الكثيفة ، تقاسمها فجوة ٌ ملائمة في جدار بيت الجد قنين الغربي ، أعباء حمل سطح من الجذوع الركيكة وغابة من أعواد الذرة الجافة ، حموها من أن تصير علفاً للرياح ، بالقليل من الحجارة علي سطحها ، الطين الثقيل أيضاً .
وانخرط الهدوء سريعاً في نومنا ، واختبأت أحلامنا الصغيرة ، بمأمن خلف أصوات الساهرين في حراستنا ، علي مقهي عصام أبو قنين .
كان اختياراً موفَّقاً ، ومعتني به تماماً ، فلم يمضي شهرٌ إلا واستدرج المقهي إلي جيبنا الغربي - لحراستنا الإضافية - الكثيرين من جيوب الدومة الأخري .

(15)

تغيرت ألوان الجدران ، وألوان الكلمات ، وألوان الأزياء ، وألوان الحاجات ، وألوان النجوم أيضاً تعقيباً علي سفر الكثيرين من رجالنا إلي تخوم بعيدة ، وثرية ، وازداد أهلنا بهمهمات الاكتفاء وعياً بأهمية المال ، لقد باشر الكثيرون تربية الكثير من الثروات اللائقة ، وبقي القلائل .. القلائل جداً يحرسون تراث العشيرة الفاشل .
تناسلت المقاعد الفارغة في كساد عصام ، وامتلأت نيته في نفس الوقت بضرورة البحث عن زوجةٍ ترتِّبُ له رغباته الآمنة ، وسلالته ، ووجهه القادم .
أصبح بعد سلة من الشهور الفقيرة أباً مؤجلاً ، لكنه ، وقبل أن يري الخيط الأول من سلالته أغلق المقهي وسافر إلي القاهرة للعثور علي الزاد في ظلِّ أعصابها العارية ، وتناسلت أيادي النساء في سطحها ، ليربِّين بأعواد الذرة نيران الأفران ، والكوانين .
كن يقفن بمأمن من الحجارة المتوقعة ، ويطعنَّ الحزم بجريد النخيل فتتدلي ، وتصبح علي ارتفاع ممكن لشدها دفعة واحدة ، الأطفال أيضاً ، حتي انهار تماماً .
طويت صفحة ذلك المنعطف من حياة عصام إلي الأبد ، وبقي تقليده المتزامن ، والخاص جداً ، في استدعاء سلالته حيَّاً في تراث الدومة طويلاً .
لقد أعلن المندهشين من حمل زوجته السريع بحيلته التي فطن إلي صلاحيتها للعمل .
إنه ينفخ في مهبل امرأته عقب كلِّ لقاء جنسيٍّ ، ثم يمسك بساقيها ، يرفعهما قليلاً ، ويرجُّ فجأة جسدها لبعض الوقت ، وهذا الجنون في اعتقاده الزائد عن الحد ، كان كافياً لجعل اشتعاله في متاعب السلالة يبدأ ، وهو ينصح الآخرين بتجربة هكذا جنون ، لتبدأ انطباعات الأبوة العمل سريعاً ، وكنت شاهداً علي نصيحته ، بل كنت شاهداً علي ميلاد ذلك التقليد الغريب ، بل استطعت أن أقتحم أعماقه ، وأمسك بجذوره تماماً .
لقد كان حالة ذهنية إلي مدي بعيد ، وربما وإلي مدي أبعد حالة الإيمان به .

(16)

يسافر الموجُ من صفر الطبيعة ، من تلقائه ، ويري ما لا يري الحجرُ
ويحرسُ الأرضَ ، من صفر الطبيعة ، من تلقائه ، وجذورَ الثابت الحجرُ
هذا إذا صدقنا أن للموج ، بالنسبة للخيال ، كلام ، وهذا صحيح ُ تماماً ، فإننا نستطيع بمجرد فعل إضافيٍّ أن نصغي في هدير الموج لتاريخنا غير المدون ، وأشجار عائلاتنا ، ونواح الفاشلين في الحب ، ودوافع المنتحرين ، ومتاعب المغامرين ، ومبررات القراصنة ، ودموع السراخس المحتجزة . وهمهمة الآباء الأوائل البعيدة .
فقط يلزمنا أن نصدِّق حقيقةً أنَّ المدَّ ، وأنَّ الجزر ، تعقيبٌ علي جاذبية القمر ، لا علي أنفاس الثور الذي يحمل الأرض ، فقط يلزمنا .
محمد رفعت الدومي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس