الموضوع
:
اسهار بعد اسهار
عرض مشاركة واحدة
29/10/2012, 02:04 AM
#
15
محمد رفعت الدومي
شـاعـر
من مواضيعي
*
اسهار بعد اسهار
*
ذبحتك جومانا أخيرا بشرياني
*
روعة
*
جومانا
(54)
يقلُّ المهنئون بعيد الأضحي مخافة الاتهام بالحرص علي الفوز بنصيبٍ من لحم الأضحية التي يزيِّن بها المكتفون من الدوميين وبعض المرائين ذكري فداء اسماعيل تماشياً مع الأسطورة العالقة ، وتتجاوز الأسطورةُ المبالغةَ إلي الإحالة المؤكدة إذ تؤكد أن الكبش يعود إلي قربان هابيل الذي (تُقبِّلَ منه) ، ويصدق هذا الجاهلون ، وليس الجهل تعبيراً محميِّاً .
يصدق الجاهلون أيضاً أن ذلك الكبش الأسطوريَّ قد ادّخر في الجنة يرعي من أعشابها تكريماً لخلافٍ عائليٍّ ، تطوَّر إلي قسوةٍ ممتلئةٍ من أبٍ يتوقع الطاعة ، بل الصمت ، وابنٍ لا يتجاوز ظلا شاحباً من العدم .
ذلك أنَّ إسماعيل بالتأكيد الزائد عن الحد ، شخصية أسطورية ، نمَّي تراثُ الرمل الضوء في اسمه وأحاطه بأفعال قداسة ٍ حتي أصبحت أسطويته في حد ذاتها أسطورة ، ولا أعتقدُ أنَّ أحداً يستطيع أن يصلَ بنسب قريش إلي اسماعيل المفترض دون أن يقف علي حافة الخلق الشهيرة .
يقول القلقشندي في مؤلفه الشهير (نهاية الأدب في معرفة أنساب العرب ) ، في محاولة من الرجل لترميم الخلل في نسبة قريش إلي اسماعيل :
( وكان إسماعيل بن إبراهيم ، جده الخامس عشر ، أو العشرين ، أو الأربعين ) !
ولابد أن نلاحظ أن هذه هي نهاية الأدب ، وليس لديَّ علمٌ ببدايته ، ربما كانت :
كان إسماعيل بن إبراهيم جده الصفر ، أو الصفر ، أو الصفر .
لقد كان ورع المسلمين الأوائل ضاراً ، لقد عطلوا العقول ، وصعدوا بحماسةٍ صلبةٍ علي جذوع الخرافة حتي ذروة النقطة ، تحت قافية لا تزال حية حتي اليوم ، نكذب له لا عليه .
لا تعجبني نظرة البالين وأصحاب الحد الأدني ، إلي العقل كزائدة من الزوائد اللحمية لا أكثر ، كالحسنة ، أو السنطة ، أو الثألول !
كأنَّ التاريخ يجد التعبيرَ عنه في كذبةٍ تمَّ التفاق عليها كما اقترح نابليون تماماً .
إسحق أيضاً ، يقول جريرُ في مدح الزنوج :
ويجمعُنا والغرُّ أولاد سارةٍ ، أبٌ لا نبالي بعدَه من تعذَّرا !
لابدَّ أنَّ البيت تعقيبٌ علي ذكري غامضة ، وإلا فلماذا قاله ؟ .
وإلا فلماذا غمره الزنوج بالعطايا ابتهاجاً بنسبتهم إلي السلالة المباركة ؟ .
ربما يفسِرُ هذا البيت ، وجود يهود الفلاشا بتصرفات مرتفعة في أثيوبيا .
كما أنَّ ذكري انهيار الحاجز الضخم بمحاذاة جبل طارق ، الذي كان يفصل مياه المحيط الأطلسيِّ عن الأرض التي .. سميت بعد انهياره البحر المتوسط ، وصلت إلينا بالشكل الذي تبني اليهود انحرافه من حقيقة مؤكدة إلي خرافةٍ أتمَّت امتلائها ، طوفان نوح ! .
إنَّ الذين يعرفون اليهود أكثر يردون سحنة اليهوديِّ المميزة ، أو ما يسمونه بتعبير الجيتو إلي التعصب للعزلة والنظر إلي الآخر نظرة دونية .
ولكن الذين لا يعرفون اليهود لا يعرفون أنَّ المأزق ، تعبير من تعابير الجيتو أيضا ، فلايمكن أن يغيِّر اليهوديُّ خندقه إلا إذا احتفظ بمأزقه ، ولقد غيَّر عبدالله بن سبأ خندقه ، أو ادعي الإسلام علي وجه الدقة ، وكان التشيّعُ مأزقه الشهير ، وظلَّ مأزقه يكبر ، ويراقب الآخرين نموَّه في سلبية ، حتي تجاوزت العلاقة بين المذهب الشيعيِّ والمذاهب الأخري ، كل الثوابت التي تحكمها ، وحتي باتت سلامة الفكرة نفسها هدفاً للشك .
وكان مأزق عبدالله بن سبأ جرحاً تناسل في دمه الكثير من اليهود بعده .
وهب بن منبه مثلاً ، أو الرجل الذي خلق أسطورة الثور الذي يحمل الأرض ، والحوت الذي يحمل الثور ، ومقطف رقيق رقيق ، والكلبة تحلق في الطريق ....ويروح يجيبها وهب بسبع قرون .
وقد انتبه بعض الحاذقين في اصطياد الثروات ، في كل زمان ٍ وكلِّ مكان ، إلي بلاهة البالين وأصحاب الحدِّ الأدني ، وإيمانهم الطليق بكلِّ ما دوّن المغامرون الأوائل في التراث ، فباشروا تربية الكثير من الثروات الطائلة .
ولقد ظهر مؤخراً في سوق الدواء المصريِّ ، عقارٌ يحمل اسم " زيت كبد حوت البهموت " ، يبدو الأمرُ عادياً ، وفي إطاره أيضاً ، ولكن لابدَّ أن نأخذ في الاعتبار قبل الانزلاق في شرخ اللعنة ..أن اسم البهموت هو الاسم الذي اقترحه وهب بن منبه للحوت الذي يحمل الثور الذي يحمل الأرض ! .
هذا يحرضني علي ابتكار عقار يحمل اسم " خلاصة طحال الثور كيوثا " ، الفكرة جديرة بالاحترام ومؤهلة للرواج ، وربما صادره البالون من الأسواق في سلةٍ من الساعات لا أكثر ، لا يهم حول أيِّ محور مرضي يدور ، بل المهم ما سيحصلون عليه من بركة ، خصوصاً أن " كيوثا " هو الاسم الذي اقترحه وهب نفسه ، للثور الذي يحمل الأرض ، ولتكن دواعي استعماله هو تنقية العقول النقية من شوائب التفكير في غير الجحيم وعذاب القبر ، وليس له بالطبع من آثار جانبية ، سوي الإسهال .
سأبدأُ العمل علي الفور ، ولكن المعوقات كثيرة . للأسف !
لكن ، وإن كنت أشك في حقيقة اسماعيل ، لا أشك في أنَّ الكثيرين .. الكثيرين جداً يحظون علي شرفه بمائدةٍ موسميَّةٍ نادرة .
محمد رفعت الدومي
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى محمد رفعت الدومي
البحث عن المشاركات التي كتبها محمد رفعت الدومي