02/12/2011, 11:27 PM
|
#6
|
إملائيـة
|
***
سمعَ كُلّ مَن في الدَّار بُكائي , و علموا بـعظيم حُزني
فــمَن يلومني ؟!
رغم الخوفِ و الحيرة و القلق يعـقبهُـنَّ موتُ الحبيبةِ و شمسُ الأمل
تحطَّمَتْ بعضُ أمنياتي
كنتُ أحلم أن أفوز بالدُّكتوراه بـامتياز تحضر حفلتي عائشة لأشكرها
و أخبرها بـأنَّـها السَّـبب بعد الله .
كنتُ أتمنّى أن أحضر يومَ زفافها و أراها بـفستانها الأبيض
لأُخبر زوجها بأنه قد أحسن الاختيار و الله
و أنَّهُ لو طاف الدُّنيا بأكملها لن يجد أفضل مِن عروسِه .
كنتُ أحلمُ بأنْ أرى أطفالها و أُقبّلهم و أعلّمهم كما علّمتني أمُّهـم
أريدُ أنْ أردَّ لها المَعروف
أريدُ أنْ أُسعدها بكُلِّ ما استطعتْ
أريـــــــــــــدُ و أريـــــــــــــــــــد ....
لكنّها مُستحيلة يا أمل فــقد "ماتت" عائشة
و ما أقسى هذهِ الجُملة على فؤادي , يكادُ مِنْ شدَّتها ينشقُّ و حُقّ له .
كنتُ في شهر وفاتها في أتعس حال
لم أحقِّق إنجازاً , و لم أزدد عِلماً و موهبة
بل كنتُ طريحة الفِراش تتناوب مُعلِّماتي على تمريضي و تعودني زميلاتي في الدَّار .
كانتْ معلمتي " سارة " تتردَّدُ عليَّ في غرفتي كثيراً
تـطمَئنّ عليّ , و تُـصبّرني , و تحاول أن تنسيني همومي بحكاياها و دُعابتها
كنتُ أبتسم , و لكن براكين حُزنٍ جـثَـت على صدري فـمنـعـتـنـي مِن صدق الابتسام .
رحَلَ شوَّال , و أتى ذو القعدة
تحسَّنتْ حالي بعض الشيء
انزعجَتْ معلِّمتي مِن وضعي و حزني , حيث لم تنفع فيّ كـلمـاتُـها المُصبِّرات
فـقالَت لي ذات يوم : ( يا أمل ما كنتُ مُتخيِّــلةً قط بأنْ فتاةً تربَّـتْ على يدِ عائشة
أنْ أُعلِّمها الصبرُ شهراً كامِلا ! فـعائشة سيِّدةُ الصَّبرِ و الإيمان )
!
دَكَّـتْ كلماتُها عروشَ قلبي
فــجَـلَــستُ على سريري و قلتُ لها :
( و ما أظنُّ مَن تربَّتْ على يدِ عائشة أنْ تصبر على موتها بعد غياب
فلا عيب حينئذٍ على الحزنِ لفراقها )
خرَجَتْ مِن عندي و ما زال أثرُ كلماتها باقٍ في نفسي , أُقلِّب ما قالتْ في عقلي
فــأيقنتُ بأنَّ الواجب أنْ أكون أكـثـرُهنَّ تأسيَّـاً بــمُربِّيتي
فــعلى عِظم ما أصابها مِن البلاء كانت مِثالاً في الصبر و الرِّضا
فلأصبرنّ على فِراقها و لو تراكمتِ الأحزان .
***
حاولتُ أنْ أُودِّع الحزن و الكدر
أخبرتُ مُعلِّمتي بـرغـبتي في العودة كما كُنتْ
فــحيَّـتني على عزمي , و شجَّـعتني جزاها الله خير الجزاء .
عدتُ مع زميلاتي نطلب العِلم و نتسابق على المَعرِفة
مَرَّتِ الأيَّامُ صعبة و ثقيلة
و كلَّما واجهَتني المَصاعِب تحدَّيتها بالصَّبر , و حوَّلتها إلى دوافع تشحذ همَّتي و التَّحدّي
فُزتُ على كثيرٍ منها و لله الحمد .
انتهى العام مختلفاً عن إخوانه مِن الأعوام السابقة , كان مختلفاً جدّاً
أستطيعُ أنْ أقول بأنّي حقّقتُ فيه إنجازاً كبيراً , و فوزاً عظيما
حيثُ تفوَّقتُ في الشُّهور الأخيرة و حصلتُ على شهاداتٍ كثيرات
بدونِ مُساعداتٍ مِن عائشة و كلماتٍ تحـفـيـزيَّـةٍ تشحن بها همَّتي .
يا عائشة نِـلْـتُ المُراد
رَبِـحـتُ كـأسَ الأمـنيَة
ثَبتتْ خُطايَ إلى المُنى
و لمْ تـزِل في الـهـاويَة
يا عـائشـة نِـلْـتُ المُراد
و وجَدتُ نفسي راضيَة
هـذا حـصـادُكِ قـد رَبَى
ثـمَـرُ الـنـخـيـلِ الـعـاليَة
ذهَبَ العَنا , رحلَ الحَزَن
فــــــأرضُ هـمِّـيَ خـالـيَة
|
|
|
|