عرض مشاركة واحدة
قديم 17/02/2011, 05:15 PM   #2
مَدى
موقوفة
افتراضي (1)

- بدايّة السرد : حنينُ حبيب .

هاتِ يديّكِ , هاتِ قلبكِ , هاتِ روحكِ فمازالت حقيبتي تتسعُ لِـ كُلِّ أشيائِكِ . . هاتِ بقايايّ , فما أنا فاعِلٌ بِ جسدٍ بِلا روحٍ وحدي !
عندما أسيرُ في شوارِعِ برلين , و صوتُكِ يأكُلُ قلبي كُلّه , فلا تتركينَ لي قلباً رطِباً يتجوّلُ في أزقهِ المدينة , في وجوهِ الصبيّات , خلفَ ضحكاتِ الأطفال , و فوقَ حكايا المُسنين , و تجاعيد المباني العريقة !
تأتينَ كـ الماءِ في ذاكِرتي , تغسلينني مِن حُزني و مِن مُخلّفاتِ هذهِ الغُربة , و تقعينَ عليّ كُلّي , فما أعودُ أعلمُ هل يتسربُ الماءُ إلى صدري مِن بكاءِ السماءِ أم من بُكائِكِ خلفَ جفني !
أعلمُ أنّ كُلّ الخرائِطِ لن تفسِرَ حجمَ المسافة الحقيقيّة بينَ قلبكِ و عيني , و أعلمُ جيّداً أنّي أقربُ مِن نبضِكِ لنفسِكِ , و لكنّي مُرهق يا حبيبةَ عُمري , وحيدٌ أقاسِمُ ملامِحَ وجهكِ مع فُنجانِ قهوتي , أشمُ رائِحتكِ في خُبزِ صباحي , و حديثُكِ لا يُغادِرُ صفحاتِ جرائِدي !
و أراكِ تتلونين في فصولِ هذهِ المدينةِ , و تتلوّنُ المدينةُ فرحاً بِكِ , و أنا أقفُ على إحدى الطُرقِ أتمنى لو أنّ المدينة كُلّها تتلوّنُ بِ لونِ عينيّك !
فأشتهي سماءها و أرضها , و أشتهي أزِقتها , و أشتهي النظرَ في سُكانها , كما كنتُ أشتهي تقبيلَ عينيّكِ في خيالي , لأرتسمَ أنا و قُبلتي كما الكُحل في عينيّكِ ,
و أراكِ على وجهِ الشمسِ تظهرين , فتذوبُ الشمسُ و تبكِ المدينة !
فأتمنى لو أنني بِ جناح , لِـ أصلكِ و أخوض عبوراً في ساحاتِ عشقكِ مرّة أخرى , فقط لو أنني أستطيعُ لمسَ كفّكِ , لكنتُ بأفضلِ حالٍ الآن !
كفّكِ تلكَ المُعجزة الإلاهيّة التي خُلِقت لِـ تكونَ منزلي , و وطني , و عُمري , و كُلّ أحلامي , و مُنايّ !!
لا أظنني بِ خيّر , فأنا لم أستردَ رُشدي بعد , مِن عناقِكِ الأخير ,
أبقيّتُ بِ " قُصيّ " كُلّهُ بينَ ذراعيّكِ , و سافرتُ بِ جسدي عنّكِ , ربما ظننتُ أنّي سأروّضُ هذا الجسدَ و أكسِرُ بِهِ حُزنَ الدُنيا , دونَ أن تمدي لي ذراعيّكِ كـ ملجأ ,
و أظنني فشلت .

أحبكِ , و أحبكِ كُلّما سكنت بحةُ صوتُكِ مدينتي !
.. انها تُمطر ,
تعالي إلى قلبي , قبلَ أن تسرِقكِ أماني المَطر , بعيداً عنّي !
أؤمنُ أنّ الأماني ستنطقُ يوماً و لكنّها تحتاجُ لِـ وقفةِ فرحْ , و أنا لستُ مكتظاً بالسعادة مِن بعدكِ , و هذا المَطر يُحرقني ببطء .. لهذا فـ أمنياتي حتماً لن تُصيب و أنا أتقاسمها معَ نفسي !
و كونكِ لستِ معي , فلا شيء يأتي بِ الدفء إلى صدري , و لا شمسَ تُشرِقُ في يومي , و لا مطرَ يبعثُ الفرحَ في نفسي , أشعرٌ بِ وعكة بسببِ غيابِكِ , و هذهِ المدينة تُرشِدني ممراتُها إتجاهَ إحتياجِكِ !
مازلتُ صامِداً أتخيّلُكِ تُطبطبينَ على الرجلِ الذي أحبّكِ و مازالَ يُحبّكِ , و أخافُ أن ينهارَ صمودي أمامَ صوتِكِ , فأنهار بِ بكاءٍ كـ الأطفال دونَ توقف , لهذا أنا لا أجرؤ على تحمّلِ صوتِكِ المسكوبِ مِن أسلاكِ هاتفٍ بارد !
تنامينَ على صدرِ مدينتي القديمة , تتوسدينَ أحلامنا القديمة , تستيقظينَ على صوتي في ذاكِرتكِ , توقظينَ السماءَ عندما تتفتحُ عينيّكِ و أنا في مدينتي هذهِ أتبعُ ظِلَ ظِلّي .. فلا يعبُرني ضوءٌ و لا أقعُ في شَرِّ ضحكتكِ المجنونة , فهل أبدو لكِ أنّي بخيّر !
ضحكتكِ كانت تسرِقُني مِن كُلِ الناسِ , فأتوّجُ ملِكاً في صباحٍ حملَ صوتَكِ . . تعالي و أنظري لِـ حالِ ملككِ , و هوّ يتقاسمُ ذاتَ الرغيفِ على أيامِ الشهرِ كافة , خوفاً من أن ينتهي الرغيفُ و تنتهي معهُ رائحةُ أصابِعكِ . . أنظري إليّ و أنا مريضٌ بِكِ , أشكو غيابكِ لِـ ستائر السهر !
و أخفيكِ في جيوبِ أمتعتي كُلِّها , حتى لا تسرقكِ الرياحُ كُلّما طرقت نوافِذي , حتى لا أنتهي من امتدادكِ داخلي !
و أسجلُ إعرافاتي كُلّها فوقَ نورِ القَمر , مازلتُ أتوجعُ كُلّما تذكرتُكِ و أنتِ تُقبلينَ قلبي , و أتوجعُ كُلّما ذكرتُكِ و أنتِ تُبدلينَ ثيابِكِ بِ دورانكِ بينَ أصابِعي , و أتوجعُ كُلّما ذكرتُكِ و أنتِ تتخذينَ مِن حُضني لكِ سريراً , و أتوجعُ جداً جداً كلّما ذكرتُكِ و أنتِ تُقبلينَ عينيّ بِ شفتين أرقَ مِن دمعِ النَدى !
و ايماني بِ أنّ لا طبيبَ و لا صديق , سيشفيني من هذا الوجع غيّركِ , و لا بشر سيخرِجُني مِن حالتي هذه كما تفعلينَ أنتِ , يزيدُ من وجعي !
منذُ أن وصلتُ لِـ هذهِ المدينة , و أنا لا أكمِلُ إرتشافَ كوبِ قهوتي , خوفاً من أن أبحثَ عنكِ في آخرِ الفنجانِ فلا أجدكِ !
و لا أرفعُ رأسي لأواجهَ السماءَ , خوفاً من أن أنتشي بِكِ حُلماً , فأقع في مصيدةِ عينيّكِ , أتشبثُ بِ رمشِكِ .. فألقي نظرة إلى داخِل عينكِ , و أظنُ أنّي دخلتُ الجنّة , فتسقِطُني دمعهُ شوق , و تُبعثِرني مع رياحِ هذهِ المدينةِ التي لا ترحم !


يتبع
توقيع :  مَدى

 

كيفَ برجلٍ مثلكَ أن يتسلل من حُلمي الى صدري , ليوقظَ برائحتهِ حُباً يَكتُبُني ! *

[/COLOR]
مَدى غير متواجد حالياً