لا زالت الأمكنة ُ تحملُ ذاتَ الصوت ..
إلا أنّ شكلها يتغير ..
الشارعُ الضيقُ يُفضي إلى مائدةِ الحيّ ..
- هكذا كنا نسمي النافورة الكبيرة أنا وصديقي -
مائدة ُ الحيّ متسعة ٌ جداً ..
فـ هيَ تكفي لـ أنْ يسبحَ بها الفأرُ الجائع ..
رغمَ حجمهِ الهائل ..
وتكفي لـ أنْ يشربَ منها الحصانُ العنيد ..
لكنها لا تكفي لـ يكبرَ أصبعي الأخضر ..!
مائدة ُ الحيّ يومياً تلملمُ ما في جيوب المارّة ..
طلبها مُجاب ..
فـ ما إنْ تمدّ لسانَ مائها ؛ حتى يُصغي لها الجميع ..
ويُشيرونَ إليها ..
بعدَ فترةٍ ليست قصيرة ..
كسرَ أحدهم فمَ المائدة ..
صارَ لسانها يخرجُ بـ شكل ٍ عشوائيّ ..
أصبحتْ كلماتها تطولُ المارّة َ والمتجولين ..
- أغلقوها -
هذا ما هتفَ بهِ أحدهم ..
لكنها حزنت كثيراً ..
وأخذت تلملمُ لسانها الطويل ..
حتى اختفى ..!
مائدة ُ الحيّ متسعة ٌ كثيراً ..
لكنها خالية ٌ مما يجعلها على قيدِ الحياة ..!