عرض مشاركة واحدة
قديم 09/04/2010, 02:51 PM   #16
مجد الأمة
كاتبـة
 
الصورة الرمزية مجد الأمة
افتراضي

رِسَالةُ الغِيابِ الرّابعة
:


وتُسَافِرِينَ وأظلُّ وحْدِي، أنْسُجُ مِنْ خُيُوط وِحْدَتِي وِشَاحَ حُزْنٍ يَخْنُقُ أشْواقِي إلَيْكِ، وتُسَافِرينَ وأبْقَى وَحْدِي وكُلّي أشْجَانٌ حبْلى بالبُكَاءْ
يَا أنّايَ الضّائِعة فِي زحَامِ الغِيَابْ، لقَلْبِكِ أسَطّرُ آخِرَ رَسائِلِي ، ومِنْ أجْلِكِ سيُضاجِعُ قَلَمِي أوْرَاقَ القَلْبْ،
فإلَيْكِ يَا مَنْ امْتَهنْتِ الرّحِيلْ، أرْفعُ أحْرُفِي المُلتصِقة بتنهُدَاتِ الوَجَعْ، فتقبّلِيهَا منّي كآخر هَدايَايَ الحبريَّة وكآخر مَا سأكْتُبُه إلَيْكِ

سَلامٌ مِنَ الرّحْمنِ ورحمةٌ منْهُ تغْشَاكُم

سَالَتْ أحْرُفِي جوْرًا عَلى هَذَا الوَرقْ
حَاوَلتُ الكِتْمَان مَا يَكْفِي
ولكنَّهَا أبَتْ إلاَ أنْ تَرْسُمَ نفْسَهَا لعلّهَا تَكُون قَدْ ترْجَمتْ
شيْئًا ممَّا يخالِجُ النفْس وأسْكَنَتْ مَشَاعِرًا تعُجّ فِي القَلْبِ وتَحْتَدِمْ

يَا أختًا فِي القَلْبِ قدِ اسْتَكَنت
ولأجْلِ عيْنيْهَا المَدامِعُ قدِ انْهَمرَتْ


ثَلاثة أعْوامٍ مُذْ لاَقيْتُكِ، كُنْتِ لِي فِيهَا يُنْبُوعَ صِدْقٍ وواحَة وفَاءْ، وكُنْتُ لكِ جنَّة صدَاقةٍ وتَرانِيمَ إخَاءْ
مَازلتْ أرْدِية الفَرحِ تُعَانِقُنِي كُلّما تبَادلنْا الحَدِيثْ، إلاّ أنّ كَلامَكِ الأخِير جَاءَ كصَاعِقةً جَعلتْ منّي فتَاة مذْبوحَة عَلى أعْتابِ المَساءْ ..
ذَات غسَقٍ حَزينٍ، أخْبَرتِنِي أنّكِ قرِيبَةٌ جدّا مِنْ ساعةٍ تحْمِلِينَ فِيها حقائِبكِ وتمْتطِينَ صهْوة الرّحِيلْ، فبَكَيْتُ حِينهَا بدَمْعٍ صامِتٍ، ثمَّ أخْبرتِنِي أنّني سأكُونُ أجْمَلَ ذِكْرَى ستُنْقشُ عَلى ذاكِرة الوَفاءِ فابْتسَمْتُ
قُلْتُ أنّي سأحْزَنُ كثِيرًا لفِراقِكِ وأنّي سأبْكِيكِ دَهْرًا بدُموعٍ واهِيَاتٍ وأحْقُن أمَلِي بكِ بِحُقنة صبْرٍ كثِيفة البَياضْ، وقُلْتُ الكَثِيرْ وقْتهَا، ولكنَّنِي أدْركْتُ أنَّهُ القَدر، وسُنَّة الحيَاة لِقاءٌ وفِراقٌ فعَلامَ سأنْدُبُ حظّي، ومَا كَان دُنوّكِ مِن مضْجَعِ الغِيابِ بيدِ كلَيْنَا، ولا كَان اقْتِناءُ الفراقِ مِنْ أرْفُفِ الرّحِيل ذَنْبكِ غيْر المُغتَفَرِ
ولكنَّها الحَياةُ منْ أطفأت جذْوة اللّقاءْ، فَيا لهَذِهِ الحَيَاةِ و مَا تفْعَل ..

ولأنّ حيَاتِي أمْست حَالكَةً كوْجْهِ الفَجْرِ فِي ليْلة شتَاءْ
ولأنّ جُرْحِي المُتوغّل بأعْماقِ عضَلتِي اليُسْرى ليْسَ لهُ تَوْأمٌ شَبِيهْ
ولأنّنِي امْرأةٌ كُتِبَ عَلْيهَا أنْ تعِيشَ الفِراقْ
وأنْ يَسْتبِيحَ جُلْمُوذُ البَيْنِ طُهْرهَا ويَرْمِي بهَا حيْثُ أوْطَان الرّفاتْ
ولأنَّ العُمْر لمْ يَبْقَى مِنْهُ الكَثِيرْ
فسأوَدَّعُكِ بدَمْعِ القَلْبِ قبْل حبْر القَلَمْ
وسأتوقَّفُ هُنَا فحَرْفِي ما عادَ بإمكانِهِ الصُّمودْ

إنَّ كلِمَاتِي جَاءَتْ مُثْخنةً بكُسْرٍ ووجَعٍ وفاجِعة قدَرٍ تسْتنْزِفُ الآهَ مِنْ رَحِمِ الغِيَابْ، ونَفْسُ الحُلُمِ بِي قدْ تلاَشَتْ وانْدَثرتْ فِي لُجَجِ الغُرُوب، ورُوح الأمَل قدِ انْثوت وبقِيتُ أنَا وَحْدِي عالقة عَلى ردَهاتِ الانْتِظَارْ، أتمسَّكُ ببَصِيصِ أمَلٍ يُسْعِدُ قلْبَيْنَا بمُزْنِ اللَّقَاءْ، فإنْ لمْ يأتِي لِقَاءٌ هُنَا فِي دُنْيا فَانِيَة، فلَنا لِقاءٌ قَرِيبْ فِي جَنَّة عَالِيَة، فأوصِيكِ بتَقْوَى الله، والعَملْ ثمَّ العمَل فإنّ سلْعَة الله غالِيَة
جَاءَ الرَّحِيلُ أخيّتي جَاءَ الرَّحِيلْ .. فلْتَذْكُرِينِي كُلَّ يَوْمٍ عنْدَمَا يَشْتَاقُ قلْبُكِ للأصِيلْ
ولكِ منّي عَهْدٌ كَبِيرْ بوَفاءٍ منّي كَثِيرْ، فمَا دَامَت فِي الجَسَدِ العَتِيق رُوحٌ تَسْري وقَلْبٌ ينْبِض، لنْ تُغَادِر صُورتُكِ مُخيّلَتِي ولنْ تبْرحَ ذِكْراكِ ذَاكِرَتِي، وستَبْقَى مآقِيَ مُمْتلِئةٌ بدَمْعِ الحَنِينْ، ولنْ يُغَادِرَ قَلْبِي شغَفُ اللّقاءْ

حَبِيبَتِي


لِقَلْبِكِ ودٌّ لا يَنْتَهِي، ولكُلَّكِ قُبْلةٌ دثّري بهَا نبْضكِ الأيْسَرْ
ومِنْ قَلْبِي لقَلْبِكِ دعَواتٌ صادِقاتٌ
أنْ يُسدّدَ اللهُ خُطَاكِ، وأنْ تَحُفَّكِ مِنْه رحَمَاتٌ وَاسِعَاتٌ

أحبُّكُم فِي الله يَا أحبّةَ الرُّوحْ

مَجْد الأمّة
كُتِبَتْ يَوم : 19\03\2010م
على السّاعة : 15:50


انتهى
توقيع :  مجد الأمة

 

لاَ تَحْسدّ مَنْ يَمْتَلِكُ إبْتِسَامَة شِفَاه، فَـ لَا يُجِيدُ الضَّحِك إلاَّ مَنْ تَعَدَّى / حُدُودَ البُكَاءْ
مجد الأمة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس