عرض مشاركة واحدة
قديم 27/04/2007, 11:00 PM   #13
د . جاسم الفهيد
البارق النجدي
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن الجميعان مشاهدة المشاركة
الحب عشق النفس المرهفة، تتسامى في علو حبها، وتسمو في عشق الهوى، وتكتم ما تلقى،
قصيدة من بحر الطويل، مع كثرة الزحافات..
المقطع الأول يتحدث الشاعر عن حبيبته،وهواه فيها، وعن الوصال معها،
وصالُ هواكِ في الهَجيـرِ ن‍َعيـمُ
وبَردُ ظِلالٍ في جَفـاكِ جَحيـمُ
وقُربُكِ حُلمٌ صيّرَ النفـسَ لُعبـةً
بكفِّ الأمانـي فالأمـانُ عَديـمُ
في البيت الأول، يبدأ الشاعر بكلمة تدل على الهوى، وعلى الحب، وعلى قربه من حبيبه، (وصال) تدل على كل الذي قلنا وأكثر، ثم يأتي بكلمة في جرسها خفة ، ونسبها إليها،(وصال هواك)..والهجير :شدة حر الظهيرة، فوصالها عند شاعرنا في الهجير، وهو لا يريد، ولا يعني ما يقول، بل هي كناية عما يختلج فؤاده من حب متضرم عليها، فحتى لو نادته في هجير والناس من لظى الشمس مستترون، فوصالها في هذا الوقت نعيم لديه، وهناك تقابل وتضاد، (وصال)..(جفاك)..(نعيم..جحيم..) هذه المتناقضات اللغوية، وظفها الشاعر ليدل على لهيبه التسعر في قلبه على محبوبته،
انظر لقوله(برد ظلال..) هناك (وصال هواك..)فهو يريد هذا الوصال وهذا الهوى، وهذا التركيب يؤدي المعنى الذي يريده، وهنا برد ظلال..لأنه جلب كلمة جفاك، فحذف برد ظلالك...فبرد أي ظلال، واينما كانت هي عنده في جفا الحبيبة، جحيم يأكله..ثم يدل على عظم هذا الحب، وكيف أنه اصبح لعبة في يديها، من حبه لها، ومن وجده عليها، وهذا ليدل على أي هى كان فيه شاعرنا لدى هذه المحبوبة...
وفي المقطع الثاني يتكلم عن حر الفراق، ولوعة الغياب، ولهيب الذكرى....
تغيبون عنْ عيني ولكـنَّ حبَّكـم
بقلبـيَ مـا رَنَّ الفـؤادُ مُقيـمُ
ويُقصِيكمُ عنّـي البِعـادُ مُعانِـدا
ولكنَّ روحـي بالجِـوارِ تَهيـمُ
وجاء بالجمع(تغيبون..) كأنه يريد أن يقول أن غيابها، غياب جميع، لا غياب واحد، ولكن هذا الغياب لا يغيب صورتكم، ولا ذكركم، ولا ذكراكم، فحبكم بقلبي موصول، لا يقطعه شئ، وحتى إن غابت الحبيبة عني، أو غيبني شئ، فإن الروح العاشقة الولهى، تهيم حول صورتها وجثمانها، و تجاورها فلا تبتعد عنها، فالفراق كان حائلا بيني وبينها يوما، بل لحظة...ثم يتساءل شاعرنا :
فما بالُ أحلامـي تفِـرُّ سريعـةً
كما فَرَّ مِن جرِّ الحبالِ سَليـمُ؟!
مستنكرا، متسائلا، حول أحلامه، التي تفر وتهرب منه سريعا، ولا تهنئه باللقاء، ويشبه فرارها، بفرار السليم، وهو هنا اللديغ الذي نهشته حية، فيظن أن كل حبل ثعبان، كما قال النابغة:
فبتُّ كأنِّي ساورتْنـي ضَـئيلةٌ من الرُّقْشِ في أنيابها السّمُّ ناقعُ
يُسَهَّدُ من ليل التّمام سلـيمُـهـا لحلْي النِّسَاءِ في يديه قَعـاقِـع
تَناذَرَها الراقونَ من سَوْءِ سَمِّها، تُطَلِّقه حِيناً، وحِيناً تُـراجِـعُ.
ثم تساءل أخرى،
أأبقَى وحيدا يَعجُمُ البينُ أضلُعـي
كأنّـي بعِيـدِ العالميـن يتيـمُ؟!
و العجم: العض الشديد بالأضراس كما في اللسان، والبين الفراق، فيتساءل، لم هذه الأحلام تفر منه وتهرب وتتركه وحيدا،يفترسه البين والوله والعشق..كمثل اليتيم في عالم الظلم…وهو تشبيه فيه الحنان و الحب والعطف، كأنها إشارة إلى حنان وعطف هذه المحبوبة..
ثم يتمنى أن يكون بقرب هذه المحبوبة، عسى يرتوي من كأس الهوى..
فليتَ الليالـي أسعدتَنـي بليلـةٍ
…ثم يتحسر
وليتكِ تُهدِيـنَ الفـؤادَ سُويعـة
ولكـنَّ (ليتًا)كالعجـوزِ عقيـمُ!
جميل هذه المعنى البديع…عجوز وعقيم، فلا خير فيها، ولا يأتي منها الولد أبدا..
ثم يجعل من قلبه لها سكنا ومأوى…
لقلبكِ في قلبي غديرٌ وروضـةٌ
إلى لأن يتساءل مستنكرا ، فمن يقدر على هذا؟
ومَن ذا على خفقِ القلوبِ يلومُ؟!
قصيدة جميلة عبر فيها الشاعر تعبيرا صادقا، وقد كانت تعابيره ملأى بالحب والوله كأن الحروف تنطق، و كأننا نحن نعيش هذا العشق

أخي الكريم/أبو قتادة

أشكر لك هذا الجهد النقدي المميز في إضاءة النص,
وأقدر لك الوقت الذي بذلته فيه.

ممتن جدا لما خطّه يراعك
وتقبل من محبك أعذب التحايا وأرقها

دمت بودٍّ
توقيع :  د . جاسم الفهيد

 

ديــــوان البارق النجــــدي


أسرجْ فرسَك ..... هنا!!

التعديل الأخير تم بواسطة د . جاسم الفهيد ; 27/04/2007 الساعة 11:03 PM.
د . جاسم الفهيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس