عرض مشاركة واحدة
قديم 22/08/2009, 02:05 PM   #3
سعد الحمري
كاتـب و ناقد
 
الصورة الرمزية سعد الحمري
افتراضي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرائعين رواد البراح أرجو من الله أن تكونو بخير وبمناسبة شهر رمضان الكريم تقبلو منى اجمل التهانى والتبريكات راجيا من الله أن يعيده عليكم دائما بالخير واليمن والبركه

وارجو أيضا ان تجدوا لى عذرا فى هذا الغياب الذى بات متكررا

نعود الى نصوص العزيز بدر عبدالله السارى



النص الابداعى إبان كتابته قد تتم كتابته نظرا لوقوع المبدع تحت تأثير ما (( خيبة ..وجع... ألم... حالة حب ...الخ))
لكنه ما أن يدخل الفضاء المقروء لا يستقر أمام تحديد الأطر التي ارتضاها له المبدع فهو ينسل خلسة مابين الفكرة والفكرة وتنمو به أفكار جديدة ويفقد هو أفكاره السابقة ليظهر غير الذي كتب
فكما نقول دائما كل يغنى على ليلاه ...من هنا تقف المفاهيمية عند حد معين متوازن بالدرجة الأولى وهذا الحد هو الإطار العام للعلاقة بين المبدع والمتلقي
ونصوص المبدع (( بدر عبدا لله الساري )) هي من النوع الذي يكتب ابناه بمعنى انه كتب تحت ظرف معين وتحت وطأة شعور معين لكن إذا ما دققنا في موضوع الردود حول مواضيعه سنكتشف إن اغلب القراء يسيرون تحت مذهب كل يغنى على ليلاه
ومن هنا يأتي النص بشموليته ومشروعيته. ذلك لإنه ومن خلال معاناته يضع يده على جراح بعض الكتاب الاخرين الذين تمسهم الفكرة على نحو ما

الملاحظة الثانية وهى ملاحظة عامة حول نصوص الرائع بدر عبدا لله الساري وهى هذا الكم المدهش من التلاعب اللفظي الذي تقبع تحت عبارة (( السهل الممتنع))وهو لئن دل على شيء فإنما يدل على قوة الثراء اللغوي الذي يتمتع به المبدع
وسأخذ بعض الاستدلالات كبيان لفظى

• وَالعَـطـَـش القـَابع فِي كبـِدِ الرّحيل
• مـَلِـيئـَـة هـِـي سَــمَوَات القـَلـَـق
• وَأسـْـقـَت كُلَّ وُدْيــَــانِ الـْوَجــَـع


ولو دققنا قليلا فى هذه التلاعبات اللفظية سنكتشف انها تندرج ضمن استعارات أتت اكلها للنص فعبارة العطش القابع فى كبد الرحيل.. لايقارن بأى عطش لما لهذا العطش من مرارة خاصة
وحين تكون سموات القلق مليئة فهى بلا شك تثقل كلهل المبدع
وهذه التلاعبات نجدها فى جل نصوص الرائع بدر عبدالله السارى
ذلك لما يحمله من مخزون تراكمى معرفى لغوى قل نظيره
وثانيا لأنه يستحسن الولوج الى عالم القارى من باب الدهشة التى يعول هو عليها كثيرا جدا

هنالك ملاحظة هامة فى نصوص السارى وهى ملاحظة جديرة بالانتباه ..
أنه لايبكى على اللبن المسكوب أنه يؤجل ادخال أحاسيسه هو ككاتب فى الموضوع يطرح الموضوع برمته دونما نزف من قبله
حتى لكأن الموضوع رغم خصوصيته قد تنتابك للوهلة الاولى انك امام موضوع عمومى لادخل له البتة بكاتبنا.




اقتباس:



اشْــتعـَل فــَتِيــل الـرّحـِيل
واَنسـَــابَت فِـي الثــّوَانِي أكـوَامٌ مِن توسُّـــلاتٍ مـُنهـَـكـــة
وكأنـّمــــا الهــَـــزائِـــم مَسْـــجُـونة فِي قــَارُورَة الوَقـت الأخِيـــر
كثـِـيرَة هِــي الحـَيْرة
ورُكـَام مِـن فـَوضـَى الـرُّوح يصْـرُخ فـِي وَجـهِ السـّـكون
المَســَافـة لاتهـَبُ خـُطـُوَات أخــرَى
وَالعَـطـَـش القـَابع فِي كبـِدِ الرّحيل يتمَادَى فِي لَحـَظـَـاتٍ هـَـشــّـة
يـَـصْبغـُهـَــا سـَـواداً وَيـُـقيـَّـدُ الأكثرَ مِن الصّمْـــت فِي الشّـفـَــاهـ
مـَلِـيئـَـة هـِـي سَــمَوَات القـَلـَـق
مُمْــطِـــرَة بـِـ أسْـــرَابٍ مِـن تفـَاصِــــيلِ الـْوَجـَ
وَالاغــتِرَاب قـَاب تلـْوِيحـَــةٍ أو أدْنـَـى
أكُـف الـَوَدَاع مُـنهـَـكـة
وَالصّــبر يتسَـــرّبُ مِـن ثقـُــوب الـرّوح
تـائِهـَــة هِــي الثــّوانِـــي الأخِــيرَة فـَاقِـــدَة بَوصَـلــــة العـَقـْـل
وكلُ الجهـَــات مُـدَثــّرة بالمَـرَارةِ وَلاشـيءَ يَـشـِــي بآخـَــر
تــَـرَهــَّــلَ الفـَـرَح وَاكتفـَـى بـِ البَعـِيــدِ مِن الذكــرَى
والخـَوفُ الـمـُرتقبُ شـَـاسـِــعَة هِــي فضـَــاءَاتـُه
وَالأكثر مِنهُ بَدأ القطـْـر


أنه هنا لايهبنا احاسيسه الخاصة بل يهبنا موضوع رائعا على الرحيل ورغم انه اى الرحيل موضوعه الشخصى الا أن هنالك نوع من المكابرة فى أن يسكب احاسيسه بل انه يسكبه على نحو شمولى وتلك الانفة تمنعه من ان يتوغل بتلك الاحاسيس الخاصة

فذاتية الكاتب لاتنسكب هنا بل تمنحنا نوع من الطمأنينة حيال الذات المبدعة التى تتوجع فى صمت دونما التورط فى سرد ذلك عبر النص الابداعى بأكمله
واذا فهى المكابرة يابدر وهى رائعة منك سيما وانا اضفت على العمل نوع من الشمولية التى نرتضيها لإنفسنا.

اقتباس:


ليـْـلة مـُــــرَّهـ
ليْـلـَـة إسـْـتـَـنـْفـَـرَت جُـمُـــوع الخـَيْبـَــة
وَأسـْـقـَت كُلَّ وُدْيــَــانِ الـْوَجــَـع
كَبـَحـَت جـُمُوحَ الأمـَـــل
وَأزاحَــت الأمْـنِـيــَـات المُؤجـَّلة عـَلى جـَبـِيــنِ الغـَـد
ليلـَـةٌ لـَـــمْ يَـتـَسـَــيَّدهـَــا سـِـوَى الصـّمْــــت
وَكـَلِمــَـــاتٌ تـَمُــوت قـَبـْـلَ أن تـُـولـَــد
وَمَسـَـــافـَةُ تـِيـــهٍ تـتــَّســِــع
وَدَوِّي ألــَـــمٍ صـَـــداهُ يـَمـْلأ أرْجـَاء الــرّوح
ليـْلةٌ رَحـَل كـُل مِنـَّـا إلـِى عـُمقِِ ذاتــِـه
يُـفـَتـّش عـَن مـَلـْجــَـأ وَلامـَلـْجــَـأ
يخبــَّـيءُ وجــْهـَـهُ عـَنِ المَـــرَايــَـا
ويخنـُقُ الأنـِـين المـَفـضـُوح بـِشـَـهـقـاتٍ لاتخـْجــَـل
ليْـلـَةٌ تسـَــاقـَط فـِيهـَــا البَهـــَـاء مَنـْحـُــوراً
وأثـْكِـــلَ اللَّيـــْـل الـْ بـــَـدْر
واسـْــتـَفـَاق الغــُـرُوب الغـَـــافـِي فِي ليْـلِِ الحُــلـُم
وأمْطـــَـرَت سـَحـَابـَةٌ حُـبْلى بـِوجــَعٍ جـَـم
لـَيـْلـَة شـَـحُـبَ فِيــهــَا الإِخـْضـِـرَار
وتســَـوَّلَت الصـُّدور أنـْفـَاسٌ أخــرَى
فـَـ الـَرِّيــْح لـَمْ تعــُد تـَحْـمِــل مَايـَكـفـِي مِـن أنـْفـَاسِ الحـَيـَاة
وَمـَلامـِحُ العَـطَش تـَزرَع نـَفـْسـُهــَا فـِي الـْمَـــلامِــح
ليْلـَـةٌ أطـَـلّ فـِيهــَـا الرّحِيــل يَغـْرِسُ أنيـَابَ الشــَّـقاء
ويـُمَـزق مَسـَــاءاتٍ تـَوشـَّحت باليَاسـَمِين
وَيـَنثـُر التـَّشـــَـرد فِـي أنفـَاسِ الوقـْت وَالمَسـَـافة
وَالغـِيَابُ شـَهـْــوَة العَـــذابْ

فى هذا النص سنكتشف ان ذات المبدع قد انسكبت فى جزئية مواربه جدا
لاتفى بالغرض ولكنها زينت النص بتوهج لانهائى مقارنة بحالة الصمت المطبقه
اقتباس:


ليـْلةٌ رَحـَل كـُل مِنـَّـا إلـِى عـُمقِِ ذاتــِـه
يُـفـَتـّش عـَن مـَلـْجــَـأ وَلامـَلـْجــَـأ
يخبــَّـيءُ وجــْهـَـهُ عـَنِ المَـــرَايــَـا
ويخنـُقُ الأنـِـين المـَفـضـُوح بـِشـَـهـقـاتٍ لاتخـْجــَـل


فهذه الشطرة هى جل ماقدر للمبدع طرحه ليخبرنا بأن ذاته المكابرة التى تأبى البكاء هى موجودة فى عمق النص الابداعى ولم تخرج منه
لكن هنالك نوع من التعالى عن طرح هذه الاحاسيس التى يبدو أنه يخشى فضحها وبالتالى يحتفظ بها بينه وبين نفسه وان مررها سيمررها بمواربة بسيطة جددا كالمقطع أعلاه


ايها الاعزاء هذا البراح لكم فأرجو أن لانكتفى بالتلويح من بعيد بل ارجو منكم ان تغوصو فى الموضوع وان تناقشوه
ولكم من القلب كل الامنيات الطيبه

رمضان كريم ايها الاعزاء


توقيع :  سعد الحمري
سعد الحمري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس