عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23/04/2007, 04:23 PM
عبدالرحمن الجميعان عبدالرحمن الجميعان غير متواجد حالياً
كاتب و ناقد
 



عبدالرحمن الجميعان is on a distinguished road
افتراضي فقدت نفسي..إذ فقدتك...!

عندما يكون الموت نقف إجلالا له وخوفا...و عندما يكون الموت لعظيم أو أديب أو فقيه عندها يعظم الخطب، ويكبر الجلل، وتهون الدنيا، أما عندما يكون الموت لحبيب أو قريب أو صاحب..عندها يكون الوجع، ويكون الألم، ويكون الأنين، والحشرجة، والضيق، وتعظم المصيبة، وتحط البلوى رحالها، فلا تبرحه، وتنزل الشكوى فلا تفارقه، وتأتي الدموع لتغسل كل هذا، ويكون الدمع دما سحا أو مسفوحا على تراب القبور.....كما قال ذلك الشاعر الجاهلي عندما سمع نبأ موت خاله..
(خبر ما نابنا مصمئل جل حتى دق فيه الأجل
قذف العبء علي و ولى أنا بالعبء له مستقل..)
جاءني خبرك، فتوقف في جسدي كل شيء، فلم تستطع يدي حراكا، ولم تطق قدمي على حملي، حتى قلمي استعصى على الكتابة، وانتفض القلب كمدا وحزنا، وانفجرت المآقي بكاء حارا لا يتوقف كما قال الشاعر:
لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع
...توقف كل شيء بالنسبة لي، لم يعد في الحياة حلو ومر، لم يعد بها قبح وجمال، لم يعد فيها شيء مذاقه حلو فاستطعمه، قد تساوى كل شيء، الليل والنهار،الموت والحياة...الظلمة والنور.. أهكذا في مثل يقظة الوسنان، ونعسة العجلان، وكحسو الطائر، وبدأت أتساءل:
أحقا تعطل القلم! ..........
أحقا توقف الحرف!...................
أحقا توقف الشلال الهادر!...............
فقدتك وحدي إذ فقدك الناس..ماذا أقول! كيف أترجم حزني كلمات، هل نطلب مستحيلا يتحقق! وهل تترجم المشاعر كلمات!؟..ومتى كانت اللغة تعبر عن مكنون الصدور؟!...وعن نفثة المصدور، وهموم المحزون....!
فقدتك ففقدت فيك اليد الحانية، والقلب الرءوم، و البسمة الرقيقة، واليد الماسحة للهموم و الكربات..!
أنت تحت الثرى لك - بإذن الله روح وريحان- وهنا فوق الأرض أتلظى وحدي بنار الفراق ، ولهب الوحشة، وأنين القلب، و وحشة الطريق..!
لم أفقدك بل فقدت الدنيا بأسرها، فقدت الطريق اللاحب الذي ضاق، وفقدت النفس التواقة، والهمة العالية، والأمل المعقود........
إن كنت لست معي فالذكر منك معي يراك قلبي و إن غيبت عن بصري
العين تبصر من تهوى وتفقده وناظر القلب لا يخلو من النظر
لمن أكتب!
ألنفسي فنفسي عندي هينة بعدك! وهي تعرفني، وبل هي تحرقني بذكراك الأليمة، وصورتك التي لا تكاد تفارقني..!
أم للناس... فهم أقدر على التعبير مني، وهل أنا معبر عن دواخلهم، وعن بواطن أقلامهم وفكرهم...!
إنما أكتب لأعبر عن نفس طاشت في نبأ الوفاة...واهتزت من مصيبة الموت....و شالت الهم من لهيب الفراق، وألم البعد، و صورة الماضي...!
ولكن....
وما نحن إلا مثلهم غير أننا أقمنا قليلا بعدهم و تقدموا  
رد مع اقتباس