عرض مشاركة واحدة
قديم 17/04/2007, 01:07 PM   #70
إيناس الطاهر
روح المـطر
 
الصورة الرمزية إيناس الطاهر
افتراضي


من يوميات طالبة


لست ممن يحسنّ الجلوس ساعتين متتاليتين في محاضرة دراسية، دخلت محاضرتي واتخذتُ المقعد الأمامي .. فتحت الكتاب ودخل أستاذ المادة ، انه دكتور جديد ، درس في الخارج ، حاصل على أعلى الشهادات .. عرفنا بنفسه ، بأسلوبه ، وقال : ملك القاعة أنا وانتم مواطنوها ، الصمت ما أريده .. كنا كما أراد ، ليس لأنه أراد ، بل لأن الجو و الملل من أراد !!

وبدأ المحاضرة ، موارد بشرية ، اقتصاد على إدارة ، كيف تحافظ على موارد بلدك وتستخدمها الاستخدام الأمثل ...هو يشرح وأنا أحيا مللاً بملل ، معدة تفكر بإفطار لذيذ وطيب خفيف ظريف !!! وعينان تحلمان بسرير ووسادة ، وقلب يدق مع دقات الساعة ويسبقها بدقتين ، دقة تعجل مرور الوقت ، ودقة تتوازن مع عجلة الزمن !! هكذا كنت ، و أظن كل من في القاعة هكذا كان .. والأستاذ مستمر بالشرح ، متعمق التفسير ، عاقد الحاجبين ، رافع الرأس بشموخ ، إلى أن ....

تنهد وقال ، لستم معي أدرك هذا ، قال أحد الزملاء : الدنيا رمضان يا أستاذ ، علينا وعليك خير!،

- ليست المشكلة برمضان .. أتعلمون أين المشكلة ؟؟؟ المشكلة أننا عرب ! ، نعشق البساطة ، لا نفكر ابعد من حدود النظر ، لماذا تقدم الغرب ؟ ولماذا بتنا من واد إلى واد اكثر عمقا ؟؟ لأننا شعب لا يعلم ما يريد ، وإذا علم صعب عليه المشوار ، وإذا مشاه ثقلت الخطى من وزن الغباء الذي يحمله ، وان وصل آخر الطريق رجع لضعف الذاكرة لديه ... نحن أمة فاشلة ، تحيا حياة السيطرة المغلفة بنداءات الحرية ، أمة ابتعدت عن دينها واشترت دنياها ، عبدت القرش والدينار ، وخافت الموت و أقدمت على الانتحار .. أمة همها بطنها ، وهل علت نفس اشترت الشبع !! يا طلابي استعدوا سنبدأ معا طريقا جديد ، طريق بدايته شائك لكنه النجاح ، ثقوا بي

خرجنا من المحاضرة ، وأنا أحلم بعقلية متفتحة عبقرية تعلمني وتزيدني من الشعر بيتا .. وانتظرت محاضرة إدارة الموارد البشرية على نار ، ويدخل الأستاذ ، يغلق الباب خلفه ، ويبدأ بأخذ الحضور والغياب ، يدخل أحد الطلبة بعد أن يطرق الباب يعتذر عن التأخر قائلا : كنت بالمصلى أعتذر ، نظر له وقال : كلكم تجعلون الصلاة حجتكم ، أخرج من المحاضرة ، لم يناقش الفتى ، حمل كتبه وخرج ، ولأنني أتعامل مع أستاذ متحضر قلت : أستاذ ، كان يصلي رأيناه يدخل المصلى حين حضرنا ، وأنت لم تبدأ بعد ، ما المانع ؟ ويبدو أنني كمن يضع الماء فوق زيت يغلي ، كالتنين الغاضب أخرج لهيبا من الألفاظ الإنجليزية تبينت بعضها وجهلت معظمها ...
وأضاف : أتدرون ما عيب العرب ؟؟ ، عيبهم أنهم يقللون من أهمية اللحظة ، ولا يعلمون أن العبقرية وليدة لحظة .. وبدأ المحاضرة ، ساعتان كاملتان ، وهو متعمق بالشرح ، لا يسمح لمشارك أن يقول ، ولا لسائل أن يستفسر ، وفوق كل ذلك ما سمعته ضرب إلا مثلا غربيا ، ولا تحدث عن الوظائف إلا من وجهة نظر غربية ، عربي بشهادة الميلاد ، معتز بسلوكيات الغرب ، بعيد عنا قريب منهم ..

وتتوالى المحاضرات ، يتحدث عن ( الديموقراطية ) ، وحرية الرأي ، لكنه متزمت برأيه !! ، متعصب لأفكاره ، يتحدث عن الاحترام ، ولا أسهل من إهانة كرامة الطالب لديه ، ويحين موعد الامتحان الأول .. نقدم الامتحان وأفجع به يساعد أحد الزملاء بأحد الأسئلة ، المصيبة رآه كل من في القاعة ، والكارثة سكوت كل من في القاعة .. أنهيت الامتحان وصعدت للتسجيل ، لقد قررت إسقاط المادة !! ملأت الاستبيان ، الرقم الجامعي ، التخصص ، السنة الدراسية والفصل الدراسي ، اسم المادة ، ثم وصلت لسبب الإسقاط .. نظرت للكلمة مليّاً وكتبت ، بشري صنعوه ببغاء ، غسل الغرب دماغه فعلموه أن يردد النظريات دون أن يفهمها ، كفة القول لديه تغلب كفة الفعل ، يبيع ولا يعرف الشراء ، يقص ولا يعرف الوصل ، مفرق الجماعة ، و مستقل في العرب البراعة ، باع ثوب الصوف واشترى ثيابا أوروبية مستعملة لفارق السعر .
ناولت مسؤولة التسجيل البيان وخرجت ..

في اليوم التالي ، كان على حائط الإعلانات ورقتين ، مشاركة من طالبة تحاكي فيها النفوس أن افخري يا نفس بقولك عربية ، ما هنت يا نفس لكنها العنصرية ، فينا العقول عقول لا طبول ، فلا تدعي يا نفس صدى العدا يقول ...

وعلى الجانب الآخر إعلان من مساعد العميد للشؤون الطلابية بتوجيه إنذار للطالبة المدعوة بسبب الاستخفاف بقوانين الجامعة !!؟؟ ، واستخدام الدعابة في قوانين محراب العلم !!

عجبي !! .
توقيع :  إيناس الطاهر

 

إيناس الطاهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس