[مصطفى كامل رشوان]

غزة ... ما بعد الطوفان

وبزغت شمس غزة
شاحبة الوجه مقطبة الجبين
تُشيِّعُ خيوط أشعتها مع جثامين الشهداء
متكسرة .. متهرئة تتسلل من بين الركام المنثور
تَجترُ دفأها من بين ثنايا الغيوم لتُهدهدَ أهل غزة
واستيقظت أرض غزة محدودبة الظهر مُشتتة الظنون بعد أن فُضَتْ بكارتها على مرأى العيون
فقد أثقل كاهلها حِملُ الأحمال ، بعد أن دُكت جنباتها بكل سلاح محرم
بعد أن جَثتْ فوقها بقايا بيوت كانت تزينها ضحكات أطفال وابتسامات شيوخ
بعد أن هزها زلزال الظلم وقنابل الفسفور الأبيض
استيقظت أرض غزة بعد أن هالها كابوس الدمار والقتل
على صراخ طفل فقد والديه ، ونُواحُ أم انتزعت يد الغدر أفلاذ كبدها أمام ناظرها
استيقظت الأرض على غير عادتها وقد عاثت يد الدمار والخراب أرجائها
فهدمت مسجداً ينادي صباح مساء الله أكبر
حرقت مصحفاً تزينت صفحاته بقوله تعالى: ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا .. ) وقوله تعالى : ( ولن ترضى عنك اليهود ..... ) .
استيقظت الأرض وقد دُكت منارات العلم فدمرت كتباً كانت تحوى جغرافيا تبددت معالمها وتاريخ سوف يضاف إلى تاريخها .
استيقظت أرض غزة وقد تشقق وجهها واحترق أديمها واخترق أحشاؤها صواريخ زلزلت ما بها .
استيقظت الأرض على أهل غزة بين شهيد وجريح ، بين مكلوم ومهموم ومصدوم ، بين نَاعٍ ومَنعِّي ،بين مُشَيَّعٍ ومُشَيِّع .
أما السماء فلم تكن أكثر حظاً من الشمس والأرض فقد هالها ما صار فأجهشت بالبكاء بعد أن أصابتها رعشة من برق مخنوق تحشرج بين دهاليز غيومٍ تجمعت فوق سماء غزة وكأنها أتت لتنعي الشهداء وتلملم الجراح وتذرف الدمع ماء ليختلط بدماءٍ زكيةٍ خضبت أرض غزة .
فماذا عنا نحن بني الإنسان بني البشر ؟؟؟