عرض مشاركة واحدة
قديم 11/12/2008, 10:13 PM   #56
حوراء المُلا
كاتبـة
 
الصورة الرمزية حوراء المُلا
افتراضي

بُتُ مَليئَةً بالصَردْ \ بالسَردْ ..}

فِي وَقتٍ ما؛ قَبل أن تَتَفَتَح بَراعِمَ العُمر لتَكشِفَ عن وَجهِهَا الجَميل المُفعَم بالحَيَّوِيَّة؛ قَبل أن يَتَبَسَّمُ لِيَّ الفَجر مُؤذناً بالجَوزاءِ مُغنياً \ فرحاً هُطولِي الآثِمَ مِنَ السَماء، وَقبلَ أن تَزُفُنِي مَلائِكَة العُمر إلى قَعرِ هَذا الجُحر الذِي قُيدتُ برَغبَتِي فِيه؛ كُنتُ شَاعِرَة.
وَفجَاة؛ بَقيَّ كُل شَيئٍ عَلى حَالِه؛ لكِنِي لم أعُد أكتِبُ شِعراً، بتُ شتاءَ روحٍ يمتَلئُ بالتَجاعِيد، وَخَدٌ غَيِّرتَهُ الأخَادِيدْ؛ أصبَحتُ جَدَةً للحَيَاه؛ أختَزِنُ بدَاخِلِي آلافَ الكَلِمات؛ آلافَ التعابِير، وَقالَت لِي إحدَى الصَديقاتِ بأنهُ يَجدُرَ بِي كِتَابَةِ روَايَّةٍ ما؛ لَم أفرح لِقَولِها كَثيراً، فَقد كُنتُ يوماً ما صَاحِبَة نَفسٍ طَويل لحِيَاكَةِ الشِعر النَثرِي عَلى الرُغمِ من أنِي لم أعتَرِفُ بِهِ يوماً، وَلا أعتَقد بأنِي سَأعتَرِفُ بهِ أبداً.
تَرنُ المُوسيقى فِي أذنِي؛ كُل هَؤلاءِ العَازِفِين الذِينَ عَرفتُهم؛ كُل ادَواتِ العزفِ التِي حَلت تَحتَ رَحمَةِ يَدِي؛ كُل شيءٍ يَتَعلَقُ بالمُوسيقى يَجعَلُ الحَياةَ أكثَر إشراقاً؛ أكثَر حَيوِيَّة وَأحداثاً، تَعلَمَ الكَثيرُ منِي، لكِنَهُم لَم يَدروا عَن قَصدِي، الموسيقَى لَيست أغنِيَّة وَلم تَكُن لِتُغَنى؛ المُوسيقى هيَّ حَالة النَبض، دَورانُ الأرض، الايقَاعاتْ؛ وَيتَعلقُ بها أيضاً الرَقص؛ قبل الأغنِياتْ؛ قَبل الكَلِماتِ التِي لا تَرقَى لمُستَوى البَوحِ المُوسيقي. لنَكُن وَاقِعيين وَنقُول بأنَّ هُناكَ العديد مما يَليق؛ لكِن لَيسَ كُل شيء؛ وَليسَت كُل مُوسيقى تُغَنى. المُوسيقَى هيَّ التِي أكسَبتنِي هَذا الجُمود؛ المَلامِح البَارِدَة، وَالأسى الوَردِيّ. وَفِي المُقابل جَنَبتنِي التَفكِير في الكَثير مما لا يَنبَغي؛ وَالعَدِيدَ من الذِي لا يَعنِينِي، حتماً لم أعُد كَالأخرَياتْ، وَاحياناً أسأمُ من سُبل التَفكِير الأخرى مُتسَائِلة يالله هَل يُعقل أنهُ هناكَ من يُفكِر بَهذِه الطَريقَة؛ بعضُ الأفكار التِي تَشُوب؛ لا وُجودَ لها، تَحتَلُ مَساحَاتِها النُوتات وَأشياء أخرى.
الشِعرَ الشعر؛ بلى الشِعر هُوَّ الذِي يَنبُتُ فِي جَنائِن الرُوح، رٌبما هُوَّ أيضاً المَدينَة الغارِقَة فِي أعمَاقِ الأدب؛ وَالقابِعَة بلا زَحزَحَةٍ فيه؛ يالله كَم أهوَى أن أقرأ وَكم أشتَقتُ لِذَّة القِرَاءَة، بَاتت كُل النُصوص التِي أقرَأُها إجبَاريَّة وَطعمُ القِرَاءَة القَسرِيَّة مُراً على لِسَانِي.

لحظَة؛ لا أذكُر حَتى من أينَ بدأت؛ فعلاً أنا مليئَةٌ .. بالسردْ ..!
حوراء المُلا غير متواجد حالياً