عرض مشاركة واحدة
قديم 05/12/2008, 06:13 AM   #48
حوراء المُلا
كاتبـة
 
الصورة الرمزية حوراء المُلا
افتراضي

وَضمنَ اكتِضَاض الأجسَادِ فِي المَطار، كُنتُ أنا أقِفُ بِلا وَعِي أو إدراكْ، تَلتَقِي عَينَايَّ بأعيُنِ الآخرِينَ، وَ تعُودُ لتَسبَحَ فِي الفَضاءِ مَرَة أخرَى، بِداخِلِي مُنَاجَاةٌ عَنِيفَة، وتَضَاربٌ شديدْ. تغمُرُ الدُموع شطآنَ عَينَايّ وَلكِنِي أكَابِر، أكظِمُ الغِيرَة فِي نَفسِي، وَأعَاوِدَ تَقلِيبَ الوُجوهُ وَترتِيلَ المَلامِح، عَينَايَّ تَغُورانِ فِي بَيَاضٍ لُجيّ، لا أذكُرُ مَتَى كَانت آخرَ مَرَةٍ حَددتُهُما بالكُحل، وَأنا التِي لا تَعِيشُ دُونَ هَذا الإسوِدادْ.
جَميعُهم مُغادِرونَ إلى أمَلِي .. إلى حُلمِي .. إلى ما أحيَا لأجلِهِ وَلا آبَهَ للمَوتِ بَعدِهِ دُونِي، النِسَاء يَتَحدَثنَ، يُثرثِرنْ، تتَداخَل المُفردَات فِي دِمَاغِي وَتتَضَارَبُ الأفكَارْ، أبدُو مُنكَسِرَةً جِداً مُحتَاجَةٌ جِداً، بَعضُ الأيدِي تَمتَدُ لمُصَافَحتِي فأمُدُ يدِي دُونَ حَتى إلقَاءِ نَظرَة، تحمَّرُ المآقِي.
تَتَلفَظُ إحدَى النِسَاءِ بإسمٍ جَعلَنِي أشهَقُ شَهقَةً كَادَت تَأتِي بأجَلِي، نَظرنَ لِي بإستِغرابْ، عَصَفَ بِيَّ النَشِيجْ، تَدَاعَى سيلُ الحَياءِ وَانهَمرت مِن أطرافِ عَينِي الدُموعْ، تَارَةً تَخُطُ مَسيرَها عَلى الخَدْ وَتَارة تَسلُكُ الاتِجَاه الآخرْ.
تسَمَّرتْ أعيُنِ إحدَى النِسَاءِ فِينِي، التَفَتتْ لأمِي قَائِلَة : لَو أرسَلتُمُوها مَعنا. تَبَسَمتْ أمِي، عَانَقتُ الجَميع طَالبَةً منهُنَّ الدُعاءْ، فسألونِي المِثل، خَرجتُ من المَطَار وَعينَايَّ غائِرَتَانِ فِي لُجّةٍ من أسى.

بَدوتُ مُنكَسِرَة .. وَلازِلت .
حوراء المُلا غير متواجد حالياً