الحَمدُ لله على عَودتكِ بكاملِ الصِّحَّةِ وَ البَهاءْ ، و أنا كذلكَ أستمتعُ عندما أصحبكم بينَ أزِقَّةِ تفاعلنا وَ أدبنا فما أطيبها من رِحلةٍ وَ هَـدفْ ..
بِالنِّسبةِ لسؤالكِ الأوَّلِ ، قد أفاجئكِ إن قلتُ لكِ أنَّني لم أتابع ذلكَ البرنامجَ قَطُّ و هذا ببساطةٍ لأنَّنا في البيتِ لا نملكُ جِهازَ استِقبالٍ رَقمِيّ
..
المُهِمُّ في الأمرِ ، أنِّي اطلعتُ على ماهِيَّةِ البرنامجِ في موقعهِ الرَّسمِيِّ فعرفتُ بعضَ الأمورِ عنهُ ..
أمَّا إن كانَ يوجدُ في عصرنا هذا من قد يَنوبُ عن
أميرِ الشُّعراءِ أحمد شوقِي ؟ فلا أظنُّ ذلكَ يحدثْ و لا أقول بانَّهُ مُستَحيــلْ ..
لِما ؟ لأنَّ أحمد شوقِي ظاهرةٌ فَذَّةٌ يَندرُ تِكرارُها في مَسارِ الشِّعرِ هذا من جِهة و من جِهةٌ أخرى ففي زمانِهِ قد قلَّدهُ كِبارُ الشُّعراءِ أنذاكَ ذلكَ الوِسامَ وَ الشِّعار أي كما يَقولُ بعضهم :
لا يعرفُ الفضلَ لأهلِ الفضلِ إلاَّ ذَوو الفضلْ ..
فأينَ أمثالُ :
حافظ إبراهيم وَ خليل مطران وَ بِشارة الخُورِي ، لكي يَشهَدوا وِلادةَ أميرٍ جَديدٍ للشِّعر ، اعتقدُ برأيي المتواضع أنَّ فكرةَ أميرِ الشُّعراءِ من أصلها لن تتكرَّر ، إذ يُمكنُ
- بل وَ قد حَدَثَ هذا - أن يظهرُ شُعراءُ نابغونَ و حاذِقونَ و متمَرِّسونْ ، و لكن ليسَ لدرجةِ أن يكونوا بدرجةِ شَوقي فيحتلُّوا مكانهُ ..
رأيٌ خاصٌّ قاصِرٌ ، بِطَبيعةِ الحالْ ..
إنَّ النَّصَّ مهما تَشابهت فكرتهُ وَ تَطابقت موضوعاتهُ يَبقَى لهُ كما قلتِ تماماً أبٌ شَرعِيٌّ ألاَ وَ هو كاتِبُهُ ..
فمهما كانَت سِعةُ الكاتبِ وَ الشاعرِ المَعرِفِيَّة وَ لمستهُ الإبداعِيَّة ، تبقى لكلِّ واحدٍ بصمتهُ الخاصَّة وَ أسلوبهُ الفَريد . قد يَقولُ أحدهم : ربَّما يسرِقُ لِصٌّ فكرةً ما لكاتبٍ ما ، و يَكتبها بعِباراتهِ هُوَ ثمَّ بعدَ ذلكَ ينسِبُ كلَّ ذلكَ لنفسهِ ، فأقولُ لهُ : كيفَ سرقَ تلكَ الفكرة ؟ هل تأثَّرَ بفكرةِ كاتبٍ ما كانَ قد كتبها بأسلوبهِ ، فأخذَ هوَ الفكرةَ و كتبها بأسلوبٍ مُغايرٍ لكاتبها الأصلي ؟ أم أنَّهُ سرقَ الفكرةَ من قبلِ أن يُدَوِنها صاحبها على الوَرَقِ ، و عبَّرَ هو عنها بعِباراتهِ ؟ فالأمرُ كما تلحَظونَ مختلفٌ في كِلاَ الحالتينْ ..
ففي الأولى لم يسرق الفكرة أصلاً ، و في الثانية قد سرقها مع سبقِ الإصرارِ و التَّرَصُّد ..
و قد تتشابهُ الأفكارُ عندَ الكاتبينَ إلى حَدٍّ ما ، وَ لكن ليسَ لدرجةِ التَّطابُقِ بينَ كلِّ جوانبها من حيثُ أفكارها وَ ما ترمِي إليه . وَ أسوأُ السَّرقاتِ الأدبية تِلكَ التي يَسرِقُ الِّصُّ فيها الفكرةَ مع الأسلوبِ وَ التَّراكيبْ ، فإنَّ صاحبها سيُفتضحُ و لو بعدَ حِيــنْ ..
و قد رأيتُ على سبيلِ المِثالِ في منتدىً آخر ، أنَّ أحدهم قامَ بسرقةِ أبياتٍ و بعضِ الأشطرِ من قصيدةٍ لِشاعرٍ سُعودِيٍّ ، و وضعها في قَصيدةٍ لهُ ثمَّ ادَّعى ذلكَ السارِقُ أنَّ القَصيدةَ لهُ . لكنَّ الله لم يَشأ أن يَبقى ذلكَ الأمرُ مُستتراً ، فعلمَ صاحبُ النَّصِّ الأصلِيِّ بذلكَ وَ قامَ بنشرِ قصيدتهِ وَ أبدى بالدَّليلِ القاطعِ حُجَّتهُ في دَعواهُ على ذلكَ اللِّـصِّ بعدَ التَّرَيُّثِ وَ عدمِ الإستِعجالِ في اتِهامِهِ ، فافتُضِـحْ ..
نسألُ الله السَّلامةَ وَ الهِدايَــة ..
كانَ ذلكَ منذُ أمدٍ ليسَ بالبَعيد ، و رَغمَ ذلكَ كانَ في عهدِ الإستِعمارِ و بَعدهُ من قامُوا بالدِّفاعِ عن العربيةِ وَ نافحوا عنها و عن الإسلامِ وَ لا ضيرَ من ذِكرِ بعضهم تِبياناً لما أقولُ و عِرفاناً لهم ، كمشايخِ جمعية العلماء المسلمين [ عبد الحميد بن باديس ، محمَّد البشير الإبراهيمي ، الطَّيِّب العثقبي ، العربي التبسي ، أبو اليقضان ، مبارك الميلي ] وَ كذا الشعراءُ وَ الكُتَّابُ أمثال : محمَّد العيد آل خَليفة ، حَمُّود رمضان ، الرَّبيع بوشامة ، عبد الكريم العقون ، أحمد رضا حوحو ، أبو العيد دودو ، وِممَّن أتوا بعدِ الإستِقلالِ و تركوا بصماتٍ لا تزالُ آثارها إلى اليوم ، مثل : زهور ونِّيسي ، عبد الحَميد بن هدوقة ، الجِيلالي خلاَّص ..
أمَّا اليوم وَ قبلَ عِقدينِ من الزَّمنِ تقريباً ، فقد عرفتِ الثورةُ الأدبية الجزائريَّةُ المكتوبة باللُّغة العربيَّة نَفَساً جَديداً وَ ظهوراً أكيداً على الصَّعيدِ الدُّولي وَ العربي عموماً و المَغاربي بوجهٍ خاصّ ، و ما بُروزُ أسماءٍ لأدباءَ وَ أديباتٍ وَ شُعراءَ و شاعراتٍ مرموقةٍ و معروفةٍ إلاَّ أكبرُ بُرهانٍ على حُصولِ ذلك ..
و أيضاً ساعدَ تَعميمُ الشَّبكة العنكبوتية على خلقِ ممرَّاتٍ للتواصلِ وَ التَّفاهمِ انعكست إيجاباً على تَصحيحِ وَ تغييرِ النَّظرة الفرنكوفونية التَّي كانت تُعرفُ بها الجَزائر عندَ أشِقَّائِها العَــربْ ..