عرض مشاركة واحدة
قديم 17/05/2008, 06:05 PM   #12
سودة الكنوي
شاعرة الأوركيد
 
الصورة الرمزية سودة الكنوي
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سليمان منذر الأسعد مشاهدة المشاركة
عودة إلى ما أثارته سودة..

أخشى أنني تورّطت في الحديث بصرامة وجدّية بعد أن كنت أميل إلى السخرية، فالدراسات النظرية حول هذه المسائل كثيرة جداً بحيث لن أضيف إلى هوامشها حرفاً. لكنني أحب أن أوضح رأيي الخاص في بعض ما قالته سودة، وهو أنني لا أرى الحداثة شراً مطلقاً، ولا خيراً مطلقاً!. مع أن التسمية نفسها تحمل خللاً اصطلاحياً لا مجال لتفصيله في مقام كهذا.
لا بعقل أن نظل إلى الأبد قابعين في خيمة امرئ القيس، ومتلحفين عباءة الأعشى بحجة أننا متعلقون بالتراث.
ولا يعقل في المقابل أن نستورد حضارة لم نشارك في بناء أركانها، ولا تناسب أصلاً دعائم حياتنا الاجتماعية والثقافية والدينية، ولا تصل أصلاً إلى مستوى مكتسباتنا التاريخية...
وكان علينا إذن أن نبني حداثة على مقاس حاضرنا دون أن نستعلي على تراثنا..
أما شعر التفعيلة يا سودة فلم يكن خروجاً مارقاً على بحور أبي الخليل.. بل كان تطويراً لها.
فهو لم ينقض تفعيلات الشعر العربي مقترحاً بدائل جديدة. بل انتزع تفعيلة واحدة ليبني عليها شطره الحرّ. وهذه الطريقة خلّصت الشعر من الحشو الذي يكتبه الشاعر ليتمم شطره دون معنى. كما أنها أتاحت للشاعر أن ينشئ "شطره" الشعري تبعاً لنفَسه وإحساسه الخاص..
وتلك كانت ثورة في عالم الموسيقى الشعرية لا بد أن نشكر السياب ومجايليه على إبرامها في أدبنا، لأنها قدّمت لنا منذ منتصف القرن الماضي نصوصاً جميلة ما كان لنا أن نبلغ سحرها لولا تفعيلتهم...
وفيما يتعلق بـ "الجنس الثالث" من الشعر، أو ما يسمى اصطلاحاً قصيدة النثر، فتلك مسألة تحتاج إلى كثير من التفصيل.. لكنني أيضاً سأحاول أن أدلي برأيي الشخصي إن كان هناك من يعبأ به.
كثير مما يكتب باسم قصيدة النثر لا يرقى إلى مستوى الأدب الرفيع، وكثير أيضاً يقترب من روح الشعر، وبعضه يصل إلى مستوى الإدهاش.. لكنّ افتقاره إلى الموسيقى العروضية يجعل تسميته شعراً مسألة شاقة علي، رغم ما يحكى عن موسيقاه الداخلية التي لا أشعر بها مطلقاً!.
لكنني - رغم كل ما قلتُ - أقدّر كل الأجناس الأدبية وليس لمثلي أن ينتقص من كتاب قصيدة النثر فبعضهم أصدقائي وبعضهم روّاد وأساتذة كبار أتضاءل أمام هامتهم، وعليّ أن أعتمد المقياس الجماليّ لا الشكلي للتفريق بين الكلام الجميل والرديء..
فالشعر المترجم هو قصائد نثر بطريقة أو بأخرى، ومن ينكر أن قصائد لوركا أو بيرون أو غيرهما قصائد رائعة؟ كما أنني أقرأ لموهوبين من أبناء جيلنا يكتبون النثر بطريقة ساحرة، لكنني أشعر أنهم يواجهون تحدياً أمام قرائهم لإثبات شاعريتهم، وهو أن يكتبوا قصيدة واحدة -على الأقل- تثبت تمكنهم من البحور العربية. وهو ما لا يفعله معظمهم!.

الحديث يطيب معك يا سليمان..
و ما أسعدني بالالتفاف حول طاولة النقاش مع كاتب
ذي حصيلة معرفية و مخزون ثقافي واضح و فكر واعي متيقظ..
نحن لا ندعو للتشبث بموروث امريء القيس مضمونا و لكن قيمةً و جودة!
و هناك فرق بين التجديد في الشعر و هو أمر غير مرفوض و بين مسخ الشعر
و وأد اللغة و هو الأمر الذي لا يقبله ذو لب..

أخي الأسعد (الحداثة) شر مستطير و خطر لا بد من التحذير منه
و التنبه لعدم الخلط بينه و بين الشعر الحر أو شعر التفعيلة
هو مصطلح قائم بذاته و قد ذكرت تعريفه من خلال مداخلتي
وهو مذهب أدبي فكري مدروس ويواكب الايدولوجيات ،يعرف مخططاته و أهدافه من يعرفها

و دونكم بعض تعاريف الحداثة بمعناها الاصطلاحي:
أما ما تعنيه الحداثة اصطلاحا فهي : " اتجاه فكري أشد خطورة من اللبرالية والعلمانية والماركسية ،
وكل ما عرفته البشرية من مذاهب واتجاهات هدامة ، ذلك أنها تضمن كل هذه المذاهب الفكرية ،
وهي لا تخص مجالات الإبداع الفني ، والنقد الأدبي ، ولكنها تخص الحياة الإنسانية في كل مجالاتها المادية
والفكرية على حد سواء " ، وهي بهذا المفهوم الاصطلاحي

" اتجاه جديد يشكل ثورة كاملة على كل ما كان وما هو كائن في المجتمع "
المصدر، الحداثة في الأدب المعاصر ـ هل انفض سامرها ، د . محمد مصطفى هدارة
مجلة الحرس الوطني ربيع الآخر 1410 هـ .

ويقول أحد الباحثين في معرض حديثه عن الحداثة كمنهج فكري يسعى لتغيير الحياة
" إن من دعاوى أهل الحداثة أن الأدب يجب أن ينظر إليه من الناحية الشكلية والفنية فقط
بغض النظر عما يدعوا إليه ذلك الأدب من أفكار ، وينادي به من مبادئ وعقائد وأخلاق ،
فما دام النص الأدبي عندهم جميلا من الناحية الفنية ، فلا يضير أن يدعو للإلحاد أو الزنا
أو اللواط أو الخمريات أو غير ذلك "
المصدر، عوض القرني ، الحداثة في ميزان الإسلام ص 47 .

ويقول د . عدنان النحوي في كتابه الحداثة من منظور إسلامي ص 13 : " لم تعد لفظة الحداثة في واقعنا اليوم
تدل على المعنى اللغوي لها ن ولم تعد تحمل في حقيقتها طلاوة التجديد ، ولا سلامة الرغبة ، إنها أصبحت
رمزا لفكر جديد ، نجد تعريفة في كتابات دعاتها وكتبهم ن فالحداثة تدل اليوم على مذهب فكري جديد يحمل
جذوره وأصوله من الغرب ، بعيدا عن حياة المسلمين ن بعيدا عن حقيقة دينهم ، ونهج حياتهم ،
وظلال الإيمان والخشوع للخالق الرحمن " .


و النصوص و التعريفات في هذا كثيرة

إذن فلم يكن التجديد في بناء الشعر
أو ما شمي بــ الشعر الحر أو التفعيلة هدفي..
و لي مع شعر جويدة و رقته و شفافيته وقفات تذوقية و تأملية كلها
إعجاب و إشادة..
فالشعر الحر و شعر التفعيلة موضوع قائم بذاته يعرفه بتوسع كل من قرأ مجموعة
نازك الملائكة و تفصيلها للتغييرات التي أدخلتها على البناء الخليلي
لكسر القيد دون القضاء على الموسيقى
و قد جعلت للشاعر مندوحة لكي يقف حيث انتهى به الكلام
دون الحاجة إلى الحشو لاتمام التفعيلة و إن تمَّ المعنى، كما هي الحال في الشعر العمودي..

فأنا أطرب لشعر التفعيلة ذو الموسيقى الخارجية
أما عن الشعر المترجم فليس كله قصيدة نثر
فلو تتبعنا النتاج الشعري للشاعر الكبير
وليام شكسبير(عدا لا حصراً) لوجدنا أنه اعتنى بالوزن و القافية اهتماما
و أولاهما عناية و لا ننسى أنه واضع بناء القصيدة(sonnet)
و قد اهتم الكثير من شعراء الغرب بالموسيقى الخارجية
و تناغم الصوت في المقاطع و الفواصل في كل (stanza)
و لا أخفيك أن فيه مساحة رحبة للتعبير أرحب بكثير
من مساحة الشعر العمودي..


الحديث قد طاب جناه

شكراً لفكرك الواعي وثقافتك الواضحة
و على العموم فقد كان لب الموضوع السخرية من رديء الشعر
و فعل المتشاعرين، و لكن قضية قد أثارت قضية إذ أن موضوع الحداثة من الأمور التي يجب أن نهبَّ
جميعاً لتبيانها و توعية أجيالنا الواعدة بخطرها
فالناشئة أكثر الناس إعجاباً بشعر الحداثة و أشد انسياقاً و راءه
/

/

/

للحديث بقية
سودة الكنوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس